تناولت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح السبت 11-6-2022، مستجدات ملف ترسيم الحدود البحرية، وذلك بانتظار ما سيصدر عن الاجتماع الذي سيُعقد في قصر بعبدا بينَ الرئيسين عون وميقاتي لاستكمال البحث في الموقف الذي سيتُم تبليغه للوسيط الأميركي آموس هوكشتين المتوقع أن يصل إلى بيروت الأحد. الموقف الرسمي المنتظر ترافقه الرسائل التي اطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باتجاه العدو الاسرائيلي، في حال استكمل الأخير أعماله في حقل كاريش الذي يقع جزء منه في منطقة متنازع عليها.
الأخبار
الترسيم البحري: تناغم الدولة والمقاومة
لبنان ينتظر هوكشتين: موقف رسمي يستند إلى تحذير المقاومة
«معامل الليطاني»… كهرباء للطوائف فوق قدرة الإنتاج
في مستجدات موضوع ملف الترسيم البحري، كتبت “الأخبار” ” يعود الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و«إسرائيل» يوم الاثنين المقبل لتحريك الملف على إثر وصول السفينة اليونانية للتنقيب عن النفط في حقل «كاريش». تأتي هذه العودة تحت وطأة الضغط اللبناني والتحذير من عواقب الأمور في حال استكمل العدو الإسرائيلي أعماله في هذا الحقل الذي يقع جزء منه في منطقة متنازع عليها”.
وتابعت الصحيفة “حسم المسؤولون في بيروت أمر وصول الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المُحتلة عاموس هوكشتين عصر الاثنين المُقبل، في زيارة يسعى من خلالها إلى إلزام لبنان تقديم جواب خطي نهائي على المقترح الذي قدّمه في شهر شباط الماضي. ومن المفترض أن يلتقي عدداً من المسؤولين في منزل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في الرابية، قبل أن يجول على المسؤولين ابتداء من الثلاثاء المقبل، حيث يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون، وكلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي”.
وأضافت “وفي انتظار ما سيحمله الموفد الأميركي، سيكون لبنان اليوم على موعد مع الاجتماع الذي سيُقعد في قصر بعبدا بينَ عون وميقاتي لاستكمال البحث في الموقف الذي سيتُم تبليغه لهوكشتين، فيما لم تحسَم بعد مشاركة الرئيس بري في اللقاء، إذ إن الأخير نزعَ عنه تلقائياً المهمة من خلال التأكيد على ضرورة العودة لاتفاق الإطار. وفي هذا السياق تسربت معلومات في الساعات الماضية تؤشّر إلى أن لبنان، تحديداً عون، يرفض تلبية «إملاءات» هوكشتين بكتابة ردّ خطي، وأن هناك نقاشاً حول إمكانية التلويح بتحويل الخط 29 إلى خط حقوقي في حال أظهر هوكشتين سلوكاً سلبياً ورفض القيام بإجراءات تمنع العدو الإسرائيلي من استكمال الأعمال”.
وفيما كانت الأنظار موجهة إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي قدّم مقاربة الحزب للنزال البحري القائم وفرضَ معادلات جديدة تشمل كل حقل «كاريش» وليسَ القسم الشمالي منه، قالت مصادر مطلعة إن القيادات الرسمية تتصرف على أساس أن موقف نصرالله يمثل ورقة قوة بيد المفاوض اللبناني. وقالت المصادر «صحيح أن السيد نصرالله ثبّت التزام المقاومة بوجهة الدولة وقرارها، إلا أن الموقف الذي أطلقه أول من أمس سببه قطع الطريق على أي مناورة تفاوضية من شأنها استهلاك الوقت بينما يستكمل العدو الإسرائيلي مشاريعه النفطية والغازية. إذ لا يُمكن للبنان القبول بتنييم الملف مجدداً من خلال إلهائه بأفكار وطروحات جديدة وإعطاء وقت إضافي للجانب الإسرائيلي لفرض أمر واقع”.
وأشارت المصادر، بحسب “الأخبار” إلى “اتفاق جرى بين حزب الله والرئيس بري بأن يتوّلى الأخير أمر التفاوض انطلاقاً من العودة إلى اتفاق الإطار ليكون هو القاعدة التي يجب الالتزام بها، وذلك لتثبيت مبدأ التفاوض غير المباشر»، مشيرة إلى أن «رئيس مجلس النواب يسعى جاهداً لمنع أي خطوة من شأنها أن تكرس مبدأ التفاوض المباشر مع إسرائيل أو القيام بأعمال مشتركة مثل الاستعانة بشركة للتنقيب في مكامن مشتركة». وعلمت «الأخبار» أن رئيس المجلس يسعى إلى تنظيم الخلاف بين عون وميقاتي وقوى سياسية أخرى من ضمنها النائب وليد جنبلاط، بما يُتيح بلورة موقف موحد يهدف أولاً إلى تثبيت الحقوق، ومن ثم البحث عن شركات عالمية تبدأ بالتنقيب على غرار ما يفعل العدو الإسرائيلي. علماً أن لبنان لم يلتزِم بأي خط نهائي مراعاةً لعملية التفاوض، لكنه غير مستعدّ، وفقَ المصادر، لـ «التخلي عن الهامش ما بينَ الخطين 23 و29 وترك الآف الكيلومترات سائبة ليستفيد منها العدو الإسرائيلي”.
و”أثار كلام السيد نصرالله الأخير ردوداً، إذ جرى تسريب معلومات، نقلاً عن مصادر ديبلوماسية، بأنّ «اليونان احتجت على كلام نصرالله وأبلغت بذلك السفارة اللبنانية في اليونان، وأعلنت أن السفينة (الموجودة في حقل كاريش) ليست يونانية، وغير مملوكة للدولة، وتعود حصصها لمجموعة من الشركات الدولية، واليونان تملك حصة صغيرة منها»، بينما قالت مصادر مطلعة أن «الشركة هي يونانية – بريطانية»”، بحسب “الأخبار”.
من جهة ثانية، وتحت عنوان «معامل الليطاني»… كهرباء للطوائف فوق قدرة الإنتاج، كتبت الصحيفة اللبنانية ” مرشّحون كثر خاضوا الانتخابات النيابية الأخيرة على «حساب» المصلحة الوطنية لنهر الليطاني. وعود كثيرة أُطلقت بربط مزيد من البلدات بمحطات التغذية من الطاقة الكهرومائية، من دون اعتبار لعدم وجود إمكانية لذلك. مطالب سياسية – طائفية مستحيلة تقنياً وأكبر من قدرة الإنتاج والمحوّلات”.
وتابعت “الأخبار” “المطالبة بربط مزيد من القرى في الجنوب والشوف والبقاع بالطاقة الكهرومائيّة التي تنتجها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وتحديداً معملي ابراهيم عبد العال (قرب بلدة مشغرة في البقاع الغربي) وبولس أرقش (قرب بلدة بسري في صيدا)، تملأ وسائل التواصل الاجتماعي. مطالب انتخابية – شعبوية لا يمكن «تقريشها» عملياً. كل حزب يُحاول إدخال القرى المحسوبة عليه طائفياً ضمن القرى والبلدات التي تتغذّى من الليطاني (عددها حالياً نحو 200): التيار الوطني الحر يريد ضم 8 قرى في جزين، ما استفزّ الوزير السابق وئام وهاب الذي طلب في المقابل إضافة بعض قرى الشوف وإقليم الخروب (تحديداً شحيم) اإيها، قبل أن ينضمّ نائب الاشتراكي عن الإقليم بلال عبدالله إلى البازار. علماً أن حزب الله وحركة أمل طالبا سابقاً بربط بعض القرى الشيعيّة في إقليم التفاح وإقليم الخروب بمعمل أرقش”.
وأضافت “الأمر نفسه ينسحب على القرى البقاعيّة. قبل الانتخابات، خاض نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي «حرب» ضم جب جنين إلى البلدات المستفيدة من كهرباء الليطاني. فيما يغرّد النائب حسن مراد، بين حين وآخر، مطالباً بحق القرى السنيّة بالتغذية الكهربائيّة.
طروحات شعبويّة غير قابلة للتنفيذ، لكنّ أهواءها السياسية قد تأسر أحياناً مؤسسة كهرباء لبنان. فرغم إدراك المدير العام للمؤسسة كمال حايك أن مثل هذا الربط سيؤدي إلى أعطال تستلزم تكاليف باهظة، إلا أنّ كلاً من الأعضاء الجدد في مجلس الإدارة يحاول شدّ اللحاف إلى الطرف الذي ينتمي إليه. علماً أن غالبية خطوط الربط موزّعة طائفياً. ففي محطة بولس أرقش، مثلاً، 3 خطوط: الخط الرقم 1 للمسيحيين، والخط الرقم 2 مشترك للسنة والمسيحيين، والخط الرقم 3 للشيعة!”
تحذيرات “الليطاني”
في المقابل، لمصلحة الليطاني رأي آخر. أكثر من كتابٍ رفعتها إلى المعنيين، آخرها في 27 تشرين الأول الفائت إلى وزير الطاقة والمياه وليد فياض حذّرت فيه «كهرباء لبنان» من ربط أي بلدة أو قرية أو حي أو أي وضع حمولة إضافيّة على محطّات التوتر التابعة للمؤسسة والمربوطة بمعامل توليد الطاقة الكهرومائيّة التابعة للمصلحة، ونبّهت إلى أن ربط البلدات بمحطّة عبد العال «بدأ يأخذ منحىً انتخابياً – سياسياً حيث يتم إطلاق الوعود التي يستحيل ترجمتها فنياً في ظل محدودية الإنتاج وضعف قدرة المحوّلات». وفي كتاب آخر أرسلته إلى «كهرباء لبنان»، حذّرت المصلحة من «التلاعب بالأمن الكهربائي للبقاع الغربي وجزين ومن تعريض سلامة منشآتهما والعاملين لديهما».
ما تخشاه مصلحة الليطاني هو زيادة الحمولة من دون العودة إليها، إذ إن مؤسسة كهرباء لبنان غير ملزمة بمراجعتها في هذا الشأن. فمنذ إنشاء معملي ابراهيم عبد العال وبولس أرقش، في ستينيات القرن الماضي، أُنشئت محطة توتر متوسط 15 ك. ف. في كل منهما لتغذية القرى المجاورة. وتنحصر مهمة المصلحة في تشغيل المحطتين وصيانتهما، فيما تتولى «كهرباء لبنان» إنشاء شبكات التوزيع في القرى والبلدات المُجاورة وإدارتها وصيانتها. ومُذَّاك، أنشأت المؤسسة خطوطاً وتفريعات من دون أي مخطط توجيهي، ما أثّر سلباً على مستوى الاستثمار والصيانة. وعليه، باتت حمولة خطوط التوتر المتوسط تهدّد سلامة المعملين. فعلى سبيل المثال، تبلغ قدرة الخط الرقم 2 (راشيا) 10 م. ف. أ.، ما يعني أن قدرته القصوى هي 362 أمبير، فيما اعتمدت الفرق الفنية المتخصّصة في «كهرباء لبنان» عيار 380 أمبير. ورغم تخطي الحمولة المسموح بها فنياً، رضخت «كهرباء لبنان» للمطالب السياسية بزيادة الحمولة على الخط الرقم 2 لتغذية بعض البلدات والأحياء البقاعيّة، ما يهدد بتعطيله وحرمان مناطق واسعة من التغذية بالتيار.
الحل (غير) موجود
من «يُحشر» سياسياً في القرى المجاورة للمحطتين التابعتين لمصلحة الليطاني، يُسارع إلى استغلال الملف شعبوياً بعيداً عن الشق التقني، علماً أن المدير العام لمصلحة الليطاني سامي علوية يؤكّد أن هناك حلولاً ذكرها في كتبه المُرسلة إلى وزير الطاقة و«كهرباء لبنان».
أول هذه الحلول تم الاتفاق عليه مع «كهرباء لبنان» بتأهيل محطة التوزيع في معمل أرقش على حساب المؤسسة باعتبارها محطّة توزيع. وبالفعل، أصدر مجلس إدارة المؤسسة، في أيار 2017، قراراً في هذا الشأن، وألحقه بمذكّرة تنفيذيّة… لكنّ شيئاً لم يُنفّذ. يؤكد علوية أن تنفيذ القرار يوسّع محطة أرقش الجديدة من 3 إلى 6 خلايا، ما يؤّمن التغذية اللازمة لمناطق أوسع تضم قسماً من شرق صيدا وآخر من إقليم الخروب، إضافة إلى تأمين الحماية اللازمة للشبكة العامّة وخفض نسب أعطالها، لأن الحمولة ستتوزّع على 6 خطوط بدلاً من 3.
قرار المؤسسة نصّ أيضاً على إنشاء محطّات توزيع توتر متوسط عائدة لها في البقاع الغربي وجزين لتأمين الطاقة الكهربائية المطلوبة وعدم الاعتماد على معملي عبد العال وأرقش، كونهما معملي إنتاج لا توزيع. وبعد كثير من الأعطال في المعملين واجتماعات عام 2019، فُتح باب المناقصات بحسب دفتر الشروط المتفق عليه من قبل الطرفين. لكنّ المناقصات لم تصل إلى غايتها المنشودة بسبب تحفّظ العارضين عن أشغال الهندسة المدنية التي يجب أن تُنفّذ لتأمين المساحة اللازمة للمحطة والمعدات الجديدة. وفي ما يخص معمل عبد العال، قضى الاتفاق باستبدال المحول الرقم 2 والمحوّل الخاص بخط سحمر، وهما بقدرة 10 م. ف. أ.، بمحوّلين بقدرة 20 م. ف. أ. لتغطية الحاجة وزيادة الطلب، إلا أن ذلك أيضاً لم يُنفّذ.
إلى ذلك، عرضت المصلحة زيادة عدد البلدات المربوطة بالشبكة مقابل خفض ساعات التعذية الكهربائية (بين ساعتين و3 ساعات) ما يتيح عدالة أكثر في التوزيع. وتؤكد المصلحة أن كلفة الحلول المطروحة غير عالية، إذ إن ربط 20 بلدة بمحطة أرقش لا يكلف أكثر من 500 ألف دولار، يمكن أن تُموّل من ثمانية ملايين ونصف مليون دولار متبقّية من هبة قدّمها الصندوق العربي للتنمية بعد حرب تموز، ومودَعة في مصرف لبنان. وتعرب مصادر مطّلعة على الملف عن خشيتها من أن يؤدي البازار السياسي الطائفي المفتوح وعدم الجدية في تأمين الحلول إلى إفشال المعامل الكهرومائية للوصول إلى ما يطالب به بعض السياسيين من خصخصة هذه المعامل المنتجة.
الجمهورية
لبنان على مفترق التصعيد أو التبريد .. ميقاتي: الرئاسة متأخرة.. واللجان بلا تغييريّين
وعن ملف الترسيم ايضاً، كتبت “الجمهورية” “باتَ لبنان على مفترق بحري صعب، لا يُعرَف في أيّ اتجاه ستبحر به سفينة الحفر اليونانية التي لا يُعرَف حتى الآن ما اذا كانت راسية في المنطقة البحرية المتنازَع عليها بين لبنان واسرائيل، او على بُعد قريب منها، او على حدود ما بات يُعرف بالخط 29؟”.
وأضافت “على ما تَشي الوقائع البحرية التي تلاحقت في الايام الاخيرة، فإنّ مصير المنطقة مُحددة وجهته بحسب الوجهة التي ستسلكها تلك السفينة، إمّا في اتجاه التوتير وتصعيد وفتح المنطقة على تداعيات دراماتيكية، واما في اتجاه التبريد وعودة الاطراف الى طاولة المفاوضات لحسم الخطوط النهائية للحدود البحرية للبنان، وكذلك المنطقة التي تقول اسرائيل انها خاضعة لها. والفصل في هذا المجال ينتظر ما قد يحمله معه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، الذي يفترض أن يصل الى بيروت يوم غد الاحد، وربما قبل ذلك، على حد ما يتوقع معنيون بملف الترسيم”.
غليان بحري
الاجواء السابقة لوصول هوكشتاين الى بيروت مُلبّدة باحتمالات شديدة الخطورة، وضعت الحدود البحرية على نار الغليان، مع خشية حقيقية لأن يبلغ هذا الغليان حَد «فوران» تتأتّى منه حرائق تمتدّ من البحر الى البر، في ظلّ اللغة الحربيّة التي تصاعدت من الجانبين في الايام الأخيرة، عبر التهديدات المباشرة التي اطلقها العدو الاسرائيلي، وما قابَلها من تهديدات مماثلة من الجانب اللبناني وآخرها ما صدر عن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله.
إحتواء التصعيد
وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” فإنّ القنوات الديبلوماسية شهدت في الساعات الاخيرة زخماً ملحوظاً، وتحرّكت في الإتجاهين اللبناني والاسرائيلي، ولم يكن الاميركيون او الاوروبيون بعيدين عن هذا التحرّك، والهدف الاساس منها احتواء اي تصعيد، على اعتبار انه لن يكون في مصلحة اي طرف، والتأكيد على اولوية العودة الى طاولة مفاوضات الترسيم، مع التأكيد على انّ مصلحة كل الاطراف هي في الوصول الى اتفاق سريع.
وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» انه على رغم من التصعيد السياسي والاعلامي، فإنه لا توجد اي مؤشرات تعزّز احتمالات التصعيد، ولا نعتقد انّ الاميركيين يرغبون في تطور الامور البحرية الى حد الصدام العسكري، وهذا ما تمّ نقله عبر رسائل مباشرة وغير مباشرة الى المسؤولين في لبنان.
مفاوضات أو تعقيدات
وبحسب مطّلعين على أجواء هذا التحرّك فإنّ «التقييم الديبلوماسي للوضع البحري المُستجد يشدّد على حاجة الطرفين اللبناني والاسرائيلي الى دفع مفاوضات الترسيم بينهما الى الامام، ويحذّر من انّ بديل ذلك هو الانزلاق وبوتيرة سريعة، نحو تعقيدات اكبر، وربما الى تصعيد مفتوح لا مصلحة لأي طرف في بلوغه».
الأشد حساسية وخطورة
على أنّ مرجعاً مسؤولاً يُبدي حذراً شديداً حيال التطورات البحرية الأخيرة، ويؤكد لـ»الجمهورية» انّ «ملف الترسيم بين لبنان واسرائيل وصلَ الى مرحلة هي الاشد حساسية وخطورة، اي مرحلة اللاعودة الى الوراء، وليس أمام لبنان سوى الاصرار على حقه بثرواته النفطية والغازية والتمسّك بسيادته الكاملة على برّه كما على كامل حدوده البحرية الخالصة، وعدم الرضوخ الى أي ضغوط تمارس عليه استغلالاً لوضعه ومعاناته من أزمته لحَمله على التنازل والقبول بأي حلول على حساب لبنان، عبر عروض او طروحات تمسّ بسيادته وحقوقه».
ولفت المرجع الى «انّ موقف لبنان ثابت حيال حقوقه وحدوده، وهو ما جرى إبلاغه لكل الوسطاء الاميركيين، وآخرهم هوكشتاين، وهو سيؤكد عليه لبنان امام الوسيط إن حضر، وخلاصته لا نريد سنتيمتراً زيادة على حدودنا البحرية الخالصة، كما لا يمكن ان يقبل بأن ينتقص ولو سنتيمتر واحد من حدودنا».
وعمّا يتردد عن انّ الوسيط الاميركي آت ليستمع الى ما لدى الاطراف، لا ليقدّم مخارج حلول، قال المرجع: لا نريد ان نستبِق ما قد يحمله هوكشتاين في جعبته، ولكن اعتقد ان الجميع باتوا يدركون مع الخطوات الاستفزازية التي تقوم بها اسرائيل، انّ أمن المنطقة بأسرها بات مربوطاً على ظهر سفينة، ولبنان لا يطلب من الوسيط الأميركي سوى ان يكون وسيطا نزيها، ولا يتبنّى الطروحات الإسرائيلية، وإن توفّرت هذه النزاهة والاندفاع في اتجاه ضمان حقوق الاطراف كما هي، عندها فقط تتوفر الضمانة بأن لا خوف على امن المنطقة. ولكن إن عدنا الى المسارات التي سَلكها ملف الترسيم منذ بداياته نرى لدينا مجموعة من التجارب التي اثبتت انّ كل الوسطاء الاميركيين لا يرون الّا بالعين الاسرائيلية فقط.
وعمّا قيل انّ الموقف التصعيدي الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله يشكّل عامل إرباك ولا يخدم الوصول الى حل لملف الترسيم، قال المرجع: لبنان في موقع الدفاع عن النفس وعن الحقوق، وقبل ان ننظر الى ما يصدر من مواقف من لبنان ينبغي النظر الى الجانب الإسرائيلي، إنْ تجاه التحركات الاستفزازية التي يقوم بها على هذا الصعيد عبر استقدام سفينة حفر وتلويحه العلمي والصريح بالحفر في المنطقة المتنازع عليها، او تجاه التهديدات المتتالية عن المستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية بتدمير لبنان وتسويته بالارض. انّ لبنان لا يريد اكثر من حقوقه، هناك شرارة أشعلتها اسرائيل في البحر، وفي استطاعة هوكشتاين وإدارته إطفاءها، عبر دفع الامور الى التبريد وليس الى التصعيد والانتقال سريعاً بمفاوضات الترسيم الى الاتجاه الذي يحفظ حق لبنان بثرواته من النفط والغاز، ولا يمس بسيادته على حدوده البحرية الخالصة.
الموقف الاسرائيلي
الى ذلك، تبدو الصورة في الجانب الاسرائيلي مشوبة بإرباك، عكسته وسائل الاعلام الاسرائيلية، التي اظهرت ان اسرائيل تأخذ تهديدات امين عام «حزب الله» على محمل الجد. وكشفت قناة «كان» الاسرائيلية امس «أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية متخوفة من الوصول لمواجهة عسكرية مع لبنان على خلفية أزمة ترسيم الحدود». ووفقاً للقناة الاسرائيلية «فإن تهديدات نصرالله تؤدي إلى تفاقم الأوضاع». وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت امس ان الجيش الإسرائيلي رفعَ من درجات التأهب في محيط المنطقة المتنازع عليها قرب حقل كاريش، ويستعد لرد من قبل «حزب الله» على نشاط منصة الحقل المذكور.
ونقل موقع «والا» الاسرائيلي عن مسؤولين امنيين: «نحن نستعد للاستفزازات من قبل «حزب الله» حول منصة حقل التنقيب كاريش، وتحقيقاً لهذه الغاية، خصّص الجيش قوة لجمع المعلومات الاستخبارية المركزة، وزيادة عدد الطائرات بدون طيار في المنطقة. وجولات أمنية حول منطقة الحقل من أجل التحذير مما قد يحدث وإحباط أي حدث أو الرد بسرعة.
وبحسب الموقع فإن «المسؤولين الامنيين الاسرائيليين حثّوا الجيش الاسرائيلي على الاستعداد لسيناريوهات متطرفة بدءاً من محاولة مهاجمتها بطائرة مسيرة أو محاولة استهدافها مباشرة من خلال خلية أو حتى ضربها بصاروخ».
يتزامن ذلك مع ما اشار اليه الموقع الاسرائيلي نفسه من انه «على الرغم من التحذير الواسع النطاق من وقوع هجوم ضد الحفارة اليونانية، بدأت انتقادات داخل الجيش «الإسرائيلي» حول مدى استعداد البحرية للسيناريوهات الأمنية المحتملة». ونقل الموقع عن مصادر عسكرية اسرائيلية وصفَها بـ»المُطّلعة على خطة الحماية» التابعة لجيش الإحتلال في منطقة المنصة «خوفها من أنّ «حزب الله» ينوي الاحتجاج على القرار الإسرائيلي بالبدء في استخراج الغاز في المكان».
وعدّدت المصادر السيناريوهات المختلفة التي يستعد جيش الإحتلال للتعامل معها، فأشارت في البداية الى «إطلاق النار من سلاح خفيف للتخويف»، أو اقتراب قطع بحرية بطريقة تشكل تهديدًا، وصولًا الى محاولة تخريب الأعمال». ووفقًا للموقع، فإنه «على الرغم من حالة التأهب الواسعة، بدأ سماع انتقادات داخل جيش الاحتلال حول مدى استعداد البحرية للسيناريوهات الأمنية المحتملة.
وحول تفاصيل خطة الحماية، ذكر مصدر عسكري اسرائيلي «أنّ الجيش لم يضع ما يكفي من القوات حول المنصة التي تحوّلت في لحظة الى «ذُخر» استراتيجي إسرائيلي على مسافة 80 كيلومترًا عن سواحل حيفا»، معتبرًا أن هذا حدث مُركّب ومعقّد للغاية، يستوجب تفكيرًا عسكريًا ودبلوماسيًا.
وأكد المصدر أن هذا يحثّ جيش الاحتلال على الاستعداد لسيناريوهات «متطرفة» من طائرة مُسيّرة هجومية، في محاولة هجوم مباشرة، وصولًا الى هجوم بصاروخ، موضحًا أن «مسافة المنصة عن سواحل الأراضي المحتلة تُصعّب جدًا المهمة، وهذا الحدث يستوجب حماية خروج السفن والمروحيات التي تهبط على المنصة.
وقال «في هذه المرحلة سفينة صواريخ وسفن من نوع «دبورا» تعمل في منطقة الحماية البحرية، إلى جانب سفينة الحماية (ساعر 6) التي تهدف الى الدفاع عن المساحة البحرية الاقتصادية لإسرائيل، مشيرًا إلى أنها لم تعمل بعد بشكل كامل كما هو مخطط ويلزم أيضًا تركيب منظومات منوعة عليها.
وفي ما يتعلق بملف الاستشارات النيابية الملزمة لتحديد الشخص المكلف تأليف الحكومة، ذكرت “الجمهورية” أنه ” لم يطرأ جديد في ملف الاستشارات النيابية الملزمة في انتظار ما سيقرره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا المجال، علماً انه اشار الى انها ستحصل خلال الايام المقبلة، ولكن من دون ان يحدد موعداً لها.
قنبلة ميقاتي
وفي الوقت الذي يغرق فيه لبنان في التكهنات حول الشخصية التي سيرسو عليها الخيار في الاستشارات الملزمة لتشكيل الحكومة، فجّر رئيس حكومة تصريف الاعمال من الاردن، قنبلة سياسية مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي.
وقال ميقاتي في لقاء حواري بدعوة من «معهد السياسة والمجتمع» في العاصمة الاردنية، ردا على سؤال عن امكان اعادة تكليفه تشكيل الحكومة: «في المبدأ يتهيّب كل مطلع على الوضع اللبناني، وأنا منهم، صعوبة المرحلة وتعقيداتها، ولذلك فإنني اقول انني لست ساعيا الى هذا الامر، واتمنى ان يسرع المجلس النيابي في اختيار مَن يراه مناسبا، وان يكون التشكيل الحكومي سريعا من دون شروط وتعقيدات يضعها اي فريق في وجه الرئيس المكلّف». واشار الى انّ «لبنان على مفترق طرق، ومن المستحيل أن نستمر على النهج ذاته الذي كان سائدا، من هنا يجب الانطلاق من اتفاق الطائف وتدعيمه والبناء عليه وتطوير ما يحتاج إلى تطوير منه».
وفي ملف انتخابات رئاسة الجمهورية اكد الرئيس ميقاتي «من خلال تركيبة المجلس النيابي الجديد باتَ من الصعب على اي فريق ان يعطّل الانتخابات، وبالتالي فإنّ امكانية إجراء الانتخابات باتت اكثر احتمالا مما كانت عليه قبل اشهر». وتابع رداً على سؤال: “قد تتأخر انتخابات الرئاسة ولكنها ستحصل”.
وفي ملف ترسيم الحدود البحرية اكد ميقاتي “الحرص على حل الخلاف عبر الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين»، لافتاً الى «تشديد جميع المعنيين على اولوية الحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان”.
إكتمال اللجان وغياب “التغييريين”
مجلسياً، اكمل المجلس النيابي امس تأسيس مطبخه التشريعي، وكان لافتاً للانتباه انّ الكتل النيابية الكبرى تقاسمت اللجان برؤسائها ومقرريها، والغائب الاكبر عنها كان «نواب التغيير».
البناء
معادلة نصرالله تُربك الداخل والخارج والتداعيات مستمرّة لترتيب الأوراق عشيّة زيارة هوكشتاين
انقسام داخليّ بين أولويّة وقف الاستخراج الإسرائيليّ وتسريع الوصول الى تسوية
تبرؤ يونانيّ من السفينة… وانقسام إسرائيليّ بين دعوات المواجهة والتريّث… والأميركي يدعو للتهدئة
صحيفة “البناء” تناولت في افتتاحيتها ملف الترسيم، وكتبت “داخل الكيان إرباك كبير مع تهديدات السيد نصرالله بالتدخل ما لم تنسحب الباخرة انرجي باور، التي أنكرت اليونان ملكيتها، فيما كشفت تقارير تجارية أنها ملك مجموعات اسرائيلية مسجلة في اليونان وبريطانيا، بينما داخل الكيان ينقسم الكلام السياسي والإعلامي بين الحديث عن الاستعداد للمواجهة والدعوات للتريث وعدم استسهال خطورة الوضع الجديد الناجم عن معادلة السيد نصرالله.”
وتابعت “ألقت مواقف الأمين العام لحزب الله بظلالها على المشهد الداخلي المزدحم بجملة من الاستحقاقات والملفات والأزمات، والمتوقع أن تفرض إيقاعها على الموقف الرسمي اللبناني وجدول أعمال الوسيط الأميركي في ملف الترسيم آموس هوكشتاين الذي يصل الى بيروت غداً، فيما يستبق رئيس الجمهورية ميشال عون الزيارة باجتماع رئاسي تشاوري يعقده في بعبدا يضمّه الى جانب رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فيما أفيد أن برّي قد يعتذر عن حضور الاجتماع”.
ويؤكد مصدر مطلع على موقف بعبدا لـ”البناء” أن «لبنان يترقب ويتطلع من الوسيط الأميركي أن يقدّم مقترحات عادلة ومنطقية للنزاع مع «إسرائيل» على الحدود البحرية والنفطية بما يحفظ حقوق لبنان السيادية في الغاز والنفط»، لكن في الوقت عينه، ويشدد المصدر على أن «الاجتماع الرئاسي الذي سيعقد في بعبدا سيحسم الجدل والنقاش ويرسم اطاراً واضحاً للتعامل مع مقترحات الوسيط الأميركي ومسار مواجهة أي عدوان إسرائيلي على الثروة الغازية». ويلفت الى أن «الرؤساء محكومون بالتوافق على موقف ورأي موحّد قبل وصول هوكشتاين»، كاشفاً أن الموقف اللبناني بات جاهزاً في أعقاب المشاورات التي حصلت خلال الأيام القليلة الماضية بانتظار وضع اللمسات الأخيرة في اجتماع اليوم». ويوضح أن «المعادلة التي سيتم إبلاغها إلى هوكشتاين هي لا غاز في قانا مقابل لا غاز في كاريش”.
ويرفض المصدر تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية عدم توقيع مرسوم 6433، فلا يوجد خط رسمي اسمه 29، والخط المسجل في الأمم المتحدة هو 23 ولم تذكره أية حكومة سابقة، مكرراً بأن الخط 23 الخط الرسمي الوحيد المدرج في الأمم المتحدة وحكومة العدو الاسرائيلي تتصرّف في الملف وفق هذا الأساس. وهذا الخط رسمته الحكومات اللبنانية المتعاقبة وليس رئيس الجمهورية، مذكراً بأن المرسوم وقعه رئيس الحكومة السابق حسان دياب لكن الحكومة حينها كانت مستقيلة آنذاك وهذا أحد الأسباب الذي أعاق توقيعه من قبل رئيس الجمهورية.
كما سأل المصدر: “هل هناك إجماع لبناني على توقيع المرسوم؟ هل يوافق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؟ فليطرح مشروع تعديل الحدود البحرية على التصويت في مجلس النواب وهناك مشروع قانون سيقترحه النائب حسن مراد لتعديل الحدود اللبنانية فليذهب المجلس النيابي الى تعديله. وحذّر المصدر من أن «الإسرائيليين يناورون في الحديث عن الخطوط ويعملون في الحدود الدولية التي يعترفون بها والمعترف بها في الأمم المتحدة». وختم المصدر بالإشارة الى أن موقف لبنان يجب أن يوازن بين الحفاظ على حقوقه السيادية والحصول على المساحة الأقصى في المنطقة المتنازع عليها، وبين الحفاظ على المفاوضات وإنجاح الوساطة الأميركية وإبعاد كأس الحرب قدر الإمكان”، بحسب “البناء”.
ولفتت وسائل إعلام الى أنه “خلال المحادثات بين النائب الياس بو صعب والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، جرى التوافق على عدم صياغة أي رد كتابي بانتظار الوصول الى قرار نهائيّ وحاسم، وعند التوصّل الى أي خلاصة يجري الردّ الكتابيّ». وأشارت الى أن «العودة الى مفاوضات الناقورة قد تكون بديلاً عن فشل مهمة هوكشتاين»، مؤكدة أنه «لا تجوز كتابة أي نص قبل الخلاصة النهائية، لأن المكتوب لا رجوع عنه”.
وأكد ميقاتي “الحرص على حل الخلاف عبر الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين»، لافتاً إلى «تشديد جميع المعنيين على أولوية الحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان”.
وكان وقع كلام السيد نصرالله ثقيلاً على كيان العدو الاسرائيلي الذي تلقف رسائل نصرالله على محمل الجد، إذ نقل إعلام العدو أن «الجيش الإسرائيلي يستعدّ لردّ من قبل حزب الله على نشاط منصة “كاريش”.
ويشير خبراء في الشؤون الاستراتيجية لـ”البناء” الى أن “كلام نصرالله قلب المعادلة في ملف الترسيم وفرض واقعاً سياسياً وتفاوضياً وميدانياً جديداً على العدو الإسرائيلي وعلى الوسيط الأميركي، فضلا عن قوة الدفع الذي أعطاه للموقف اللبناني الرسمي والشعبي»، وشدّدوا على أن «المستويات العسكرية والأمنية في جيش العدو ستجري ترتيبات جديدة عسكرية وتقنية في محيط الباخرة بعد تهديدات نصرالله، أما المستوى السياسي في حكومة العدو سيعيد حساباته ويتريث في البدء بأعمال التنقيب خشية استهداف حزب الله للباخرة». وتوقع الخبراء أن ترسل المقاومة مسيرات فوق الباخرة لاستطلاع ورصد المعلومات عن تحرّكات الباخرة لتحضير ساعة الصفر لاستهدافها عندما تبدأ بسحب النفط من المنطقة المتنازع عليها”.
ونشر الإعلام الحربيّ للمقاومة الإسلامية في لبنان فيديو مصوّر من الحدود اللبنانية – الفلسطينية لرصد آليات دفاعيّة بحرية للجيش “الإسرائيلي”.
في سياق ذلك رأت أوساط سياسية لـ”البناء” أن «كلام نصرالله أعاد تصويب البوصلة في طريقها الصحيح وأكد على معادلة الغاز في كاريش مقابل الغاز في قانا، وأعطى دفعاً لموقف الدولة اللبنانية»، وتساءلت: لماذا توقفت الشركة الفرنسية «توتال» عن أعمال التنقيب عن النفط في البلوكات اللبنانية غير المتنازع عليها؟ مشيرة الى أن ذلك وسيلة للضغط على لبنان للتنازل في البلوكات الحدودية لمصلحة «إسرائيل» تحت معادلة لا استخراج للغاز والنفط في كل بلوكات لبنان اذا لم يحل ملف ترسيم في الحدود لمصلحة «اسرائيل».
وشدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على ضرورة أن «تعلم تل أبيب والمبعوث الأميركي أن موضوع الثروة النفطية هي قضية حياة أو موت، ولبنان اليوم ارتطم بالقعر، ويعاني من كارثة وجودية، والحلّ ليس صندوق النقد ولا التسوّل الدولي، بل بالثروة النفطية الجوفية، فتكون المعادلة اليوم حقل كاريش قضية وطنية عظمى لا يمكن لأحد أن يتنازل عنها». وأضاف: «إذا كان نفط كاريش كنز لبنان فإن المقاومة ضمانة كنزه»، معتبراً أن “لبنان اليوم مأزوم للغاية، ولا يمكن إنقاذه إلا بتشكيل حكومة قرار سياسيّ قوية، فعجّلوا لأن لبناننا يحتضر، وترك لبنان لحيتان الأسواق ودهاليز التجار ولعبة الاحتكار هو إعانة لوضع لبنان على مقصلة إعدامه، ولذلك على الدولة أن تضرب بيد من حديد قبل أن نذهب الى جهنم الفوضى”.
وسارعت حكومة اليونان للتبرؤ من «باخرة كاريش» واحتجّت على كلام السيد نصرالله وأبلغت بذلك السفارة اللبنانية في اليونان، وأعلنت أن السفينة (المتمركزة في حقل كاريش) ليست يونانية، وغير مملوكة للدولة، وتعود حصصها لمجموعة من الشركات الدولية، واليونان تملك حصة صغيرة منها.
وبانتظار دعوة رئيس الجمهورية الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس لتشكيل حكومة، توقعت مصادر «البناء» أن يدعو عون الى الاستشارات مطلع الأسبوع المقبل، مشيرة الى أن المشهد الحكوميّ لم يتضح حتى الساعة في ظل تحفظ أبداه رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على عودة ميقاتي الى رئاسة الحكومة نظراً للخلاف على ملفات عدة على رأسها خطة الكهرباء والسدود وحاكميّة مصرف لبنان وخطة التعافي المالي وقانون الكابيتال كونترول والودائع، فضلاً عن عدم حماسة حزب الله لتكليف ميقاتي.
إلا أن المصادر شدّدت على أن ملف الترسيم والمواجهة المقبلة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية ستفرض نفسها في عملية التكليف والتأليف، فأي رئيس للحكومة يجب أن يقدم ضمانة لجهة التمسك بحق لبنان والعمل لردع العدو من سرقة النفط اللبناني بالوسائل كافة بما فيها المقاومة.
وأشار ميقاتي خلال لقاءٍ حواري في الأردن، إلى أن «الانتخابات الرئاسية قد تتأخر ولكنها ستحصل»، لافتاً إلى أنه «من خلال تركيبة المجلس النيابي الجديد بات من الصعب على أي فريق أن يعطل الانتخابات، وبالتالي فإن إمكانية إجراء الانتخابات باتت أكثر احتمالاً مما كانت عليه قبل أشهر”.
وعن إمكان تكليفه مجدداً أوضح أنه «في المبدأ يتهيب كل مطلع على الوضع اللبناني، وأنا منهم، صعوبة المرحلة وتعقيداتها، ولست ساعياً إلى هذا الأمر، وأتمنى أن يسرع المجلس النيابي في اختيار مَن يراه مناسباً، وأن يكون التشكيل الحكومي سريعاً من دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق في وجه الرئيس المكلّف».
المصدر: الصحف البنانية