بوضوحٍ تامٍّ باتَ تشخيصُ المرضِ في لبنان، وسريعاً ظهرت كلُّ عوارضِه وأوجاعِه السياسةِ والماليةِ والاقتصاديةِ والامنيةِ وحتى الاعلامية. فالجائحةُ التي تَفتِكُ بجسمِ الوطنِ ولا تزال، لم يَعُد بالامكانِ اِخفاؤها، حتى ظَهَرت بكلِّ وضوحٍ على الشاشاتِ وفي البيانات، اِنها الولاياتُ المتحدةُ الاميركيةُ المتمثلةُ بمندوبتِها السامية في لبنانَ دوروثي شيا..
السفيرةُ التي انكشفت وبلادَها، خَرَجت مذهولةً برميِ الاتهامات، فاصابت نفسَها وادارتَها وسيادِييها اللبنانيينَ الواقفينَ عندَ امرِ الطاعةِ والولاء. واللافتُ لم يكن وقاحةَ شيا فحسب، بل وقاحةَ كلِّ ادواتِها..
السفيرةُ المثيرةُ لكلِّ انواع التحريضِ والفتنِ والتهجمِ على اللبنانيينَ وتأليبِ بعضِهم على بعض، والمتنقلةُ بينَ الصالوناتِ والشاشاتِ بتصريحاتٍ واوامرِ عمليات، لم تَجِد من يضعُ لها حدّاً، فانبرَى قاضٍ جادٍّ بضميرٍ حُرّ، متخذاً حكماً قضائياً مُعلَّلَ الدوافعِ والاسباب، حفاظاً على السلم الاهلي والاستقرار، مالئاً فراغَ القرارِ الوطنيِّ الـمُفْتَرَضِ لوضعٍ حدٍّ لبوقِ الفتنةِ وراعيةِ الفساد، فَسَبَّبَ للبعضِ حرجاً ولآخرينَ حَنَقاً، فاستشاطوا ببياناتٍ ومواقفَ واستضافات، يَتَباكَوْنَ على استقلاليةِ القضاءِ باستنكارِهم حُكماً قضائياً.
فلو قرأوا القانونَ اللبنانيَ والقوانينَ والاتفاقاتِ الدولية، لا سيما اتفاقيةَ فيينا التي تَخرِقُها شيا كلَّ يومٍ بالتدخلِ السافرِ بكلِّ الشؤونِ اللبنانية، فضلاً عن انها لم تُخفِ هي ولا اسيادُها في الخارجيةِ الاميركيةِ اَنهم هُم من يحاصرُ لبنان، ويتهجمونَ على مؤسساتِه الدستورية، ويتحكمونَ باداراتِه المالية، كما كانوا منذُ عقودٍ من الزمن. ومع ضعفِ موقفِهِم كان بيانٌ للخارجيةِ الاميركيةِ يمعن بانتهاك السيادة اللبنانية ، يهينُ القضاءَ اللبناني، ويتَهَجَّمُ على القاضي محمد مازح الذي اصدر الحُكم.
فهل هذه هي السيادةُ يا سادة؟ وهل الاستقلالُ والحريةُ التي تَدَّعُونَ كصَنَمٍ من تَمْرٍ متى شِئتُم عبدتموهُ ومتى جُعتُم أكلتُمُوه؟.
ولشيا ومواقفِها صدىً مُدَوٍّ اليومَ في المياهِ الاقليميةِ اللبنانية، كَشَفَت بعضاً من اهدافِ الحربِ التي تخوضُها ادارتُها ضدَّ اللبنانيين ، فاَعلنت تل ابيب قراراً بالتنقيبِ عن الغازِ قرب المياه اللبنانية ، ظناً انها تستطيعُ الاستثمارَ اكثر بالضغط على لبنان في الوقتِ الذي يُضَيِّعُهُ أهلهُ في ذُروة الانقسام.
المصدر: قناة المنار