عَبَرت منذ ساعات حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس أبراهام لينكولن” قناة السويس، ومعها مجموعتها الهجومية من المُدمِّرات، بذريعة ورود تقارير الى الإستخبارات الأميركية، عن تحضيرات إيرانية لإستهداف مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا حرج لدى أميركا في ابتداع الذرائع طالما أن الإستفزاز الإستعراضي الذي تُمارسه ضدّ إيران، يهدِف الى الإبتزاز المالي للسعودية، والذي أصبح في عهد دونالد ترامب علنياً، لا بل وقِحاً لدرجة أن الملك السعودي بات أضحوكة الجماهير في افتتاحيات الحملات الإنتخابية المُبكِرة لرئاسة البيت الأبيض.
وتزامناً مع عبور الأساطيل، صَدَر عن ترامب موقفان، الأول، أنه ينتظر اتصالاً من القادة الإيرانيين لإعادة البحث في بنود الإتفاق النووي، والثاني، إعلانه أن الولايات المتحدة غير راضية عن الإطلاق الصاروخي الأخير لكوريا الشمالية التي يبدو أنها غير مستعدة للتفاوض.
في تصريح ترامب عن إيران، “براغماتية” عجيبة غريبة، لا بل مُضحكة، وهو في الوقت الذي شدَّد فيه العقوبات عليها لجهة وضع قيود على استيرادها للحديد والصلب – بعد أيام من تصميمه إيصال صادراتها النفطية الى الصفر- يقول أنه ينتظر اتصالا من قادتها، ويتَّهم وزير الخارجية الأسبق جون كيري بأنه يحرِّض إيران على عدم التفاوض، وتصريحه عن كوريا الشمالية غير مُستغرب، طالما أنه خلال لقائه الأخير مع زعيمها كيم جونغ أون، قال عنه أنه زعيمٌ عظيم وبعد أقل من ساعتين على فشل المفاوضات قال أنه أكثر رجُل كاذب!
وبالعودة الى حركة الأساطيل، نذكُر في عُجالة نقطة القوَّة الوحيدة لدى أميركا، وثلاث على الأقل من نقاط ضعفها إستناداً الى التجارب السابقة لإستعراضات “صيد السمك” في مياهٍ ليست دافئة لأميركا لأن في جوفها الكثير من البراكين.
نقطة القوَّة الأميركية، أن ترامب سيحصل على “بدل أتعاب” زيارة “لينكولن” من السعودية، وسوف يتَّصِل بالملِك، وهو” يُحِب الملِك”، والشعب الأميركي مأخوذ بترامب، لأن لا رئيس أميركي أقدم على ابتزاز الملِك، والجواب عند ترامب، “لأنهم أغبياء”.
نقاط الضعف الثلاث قبل أن تُلقي “لينكولن” مرساتها هي التالية: أولاً، إذا كان دور “لنكولن” أن تكون شرطي مرور على مضيق هرمز أو باب المندب، لمراقبة ناقلات النفط وبواخر التموين، وإعطاء إذن مرور لهذه الناقلة أو تلك الباخرة دون سواهما، فإن إيران لن ترضى أن تُحاصر في عقر دارها وفي جوارها الإقليمي، والمسألة غاية في الخطورة، وليس المُهمّ من يُطلق الصاروخ الأول لإشتعال المواجهة، بل الأهم هو وجهة توزيع الصواريخ بدءاً من الخليج ونزولاً الى “إسرائيل”.
ثانياً، إذا كانت طبيعة الأنظمة الخليجية لا تحتمل لهب الحروب، إستناداً الى تاريخها مع صدام حسين، وإذا كانت إسرائيل عاجزة عن مواجهة قطاع غزَّة لأن شعبها أجبن من أن يتقبَّل مواجهة صواريخ القطاع المتواضعة لأيام، فهي لن تصمُد على المستوى الشعبي لساعات، أمام صواريخ هي تعرف أنها مُدمِّرة لأرضٍ أرادتها ثكنات ترسانات عسكرية ومستودعات أمونيا.
ثالثاً وأخيراً، لا الأمم المتحدة ولا روسيا ولا الصين ولا الإتحاد الأوروبي راضون عن مغامرة دونالد ترامب، ولا حتى البنتاغون يرى أن الحصاد سيكون لمصلحة الولايات المتحدة، والمُحصِّلة المتوقَّعة أن “لنكولن” لن يكون دورها أهمّ من كل الأساطيل السابقة، ووجودها لا تأثير استراتيجي له على ميزان القوى وتوازن الرعب في الشرق الأوسط، وبالتالي، لن تعود لنكولن الى قواعدها بأكثر من أكلة سمك، وبضعة مليارات جديدة من عرش سعودي يجيد ترامب ابتزازه ليستمرّ في حُبّ الملِك وحلب البقرة السعودية السائبة حتى آخر قطرة…
المصدر: موقع المنار