لم يساهم التحسن الذي شهدته قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، منذ طي صفحة السجال بين أنقرة وواشنطن الشهر الماضي، في حماية الشركات التي تعاني مما تصفها “بلومبرغ” الأميركية بـ”المزيج السام”.
والمزيج السام، وفق المصدر نفسه، يتمثل في الديون الباهظة وأسعار الفائدة، الأمر الذي يؤثر سلبا على توقعات النمو الاقتصادي في البلاد.
وفي وقت سابق هذا العام، انخفضت الليرة بشكل كبير على وقع التوترات بين تركيا والولايات المتحدة، والقلق بشأن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاقتصادية.
وحينها أدت أزمة العملة التي بلغت ذروتها في شهر أغسطس، وارتفاع أسعار الفائدة التي أقرها البنك المركزي في سبتمبر، إلى شل بعض الشركات، مما قلل الطلب على القروض والاستثمارات الجديدة.
ومن المحتمل أن يعرقل هذا الركود، إلى جانب ضعف الطلب الاستهلاكي، النمو في الربع الثالث، كما سينتج عنه انكماش اقتصادي في الربع الرابع، وربما يتجاوز ذلك، وفقا لما قاله الخبير الاقتصادي في شركة نومورا إنترناشيونال في لندن إنان دمير.
وأضاف دمير: “شهدت الليرة مراحل انتعاش سابقة بعد مرحلة ركود، لكن الاختلاف هذه المرة هو أن الاقتصاد التركي ليس قويا بما يكفي”.
وقالت “موديز” في تقرير لها، في نوفمبر الماضي، إن الاقتصاد التركي سينكمش على الأرجح خلال النصف الأول من العام المقبل.
وتوقعت موديز نموا بنسبة 1.5في المئة في عام 2018، يليه انكماش بنسبة 2 في المئة في عام 2019.
كما توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض معدل النمو إلى 0.4 في المئة في عام 2019، من 3.5 في المئة هذا العام، بسبب ضعف الليرة، وارتفاع تكاليف الاقتراض.
ومن المقرر أن ينشر مكتب الإحصاءات التركي بيانات نمو الربع الثالث في 10 ديسمبر.
الانتخابات المحلية
وبالتأكيد لا يريد الرئيس رجب طيب أردوغان اقتصادا راكدا قبل الانتخابات المحلية في مارس المقبل، التي ينظر إليها باعتبارها مؤشر على دعم سياساته.
فقديما، بنى أردوغان نجاحه السياسي على النمو الاقتصادي، مدعوما بالتسهيل الائتماني وقوة ميزان الطلب، لكن بعض الاقتصاديين يصفون هذه السياسة الاقتصادية بـ”استراتيجية نمو غير مستدامة، وأنها انتهت فعليا”.
ورغم ذلك، لم تتراجع حكومة أردوغان عن هذه السياسة الاقتصادية. ومؤخرا خفضت الضرائب على السيارات وأدوات المطبخ الكبيرة حتى نهاية العام، فيما يبدو أحد حوافزها قبل الاقتراع.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة بيلكنت في أنقرة رفت جركناك: “لقد شهدنا في السنوات السابقة دفعة لتعزيز ميزان الطلب من أجل تحقيق نمو يفوق إمكانات الاقتصاد. الآن نحن ندفع ثمن ذلك القرار”.
وتوقع جركناك ارتفاع معدل البطالة، الذي يبلغ الآن 11.1 في المئة إلى مستويات قياسية.
المصدر: سكاي نيوز