ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم السبت 8 تموز 2017 على مواضيع عديدة كان ابرزها الشأن الداخلي اللبناني وتحديداً حول ملفات ثلاثة تتعلق بعودة النازحين الى سوريا، والمداهمات التي نفذها الجيش اللبناني في عرسال، والعملية العسكرية المرتقبة في الجرود.
* الاخبار
خلافات على النازحين والجيش وتحرير الجرود: بوادر أزمة عونية ـ حريرية
الحريري «مصرّ على رفض أيّ تواصل رسمي مع النظام السوري»
بعد مظاهر الألفة التي طغت على العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، منذ ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، يراقب الجميع ما يبدو أنه عودة إلى التوتر بين الطرفين، وتحديداً حول ملفات ثلاثة تتعلق بعودة النازحين الى سوريا، والمداهمات التي نفذها الجيش اللبناني في عرسال، والعملية العسكرية المرتقبة في الجرود.
ورغم أن التعبير عن الخلافات بين التيارين لم يصل إلى تبادل الهجمات علناً، إلا أن مجالس كل منهما تعبّر عن احتقان كبير متصل بالملفات الثلاثة. فالتفاهم الرئاسي لم يغيّر من اقتناعات العونيين بشأن بذل كل ما يجب لحل أزمة اللاجئين السوريين، وتحرير الأرض التي يحتلها المسلحون في جرود عرسال، والدفاع عن المؤسسة العسكرية. أما تيار المستقبل، فلا يزال متمسكاً بـ«ثوابته»: السعي إلى الاستفادة القصوى من وجود النازحين في وجه الدولة السورية، والعمل على محاولة منع تحرير الأرض المحتلة في الجرود وتركها عبئاً أمنياً على المقاومة، وتقييد حركة الجيش.
وتؤكد مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر أن أزمة النازحين يجب أن توضع على سكة الحل، ولو من باب التفاوض مع الدولة السورية، لافتة إلى «عدم جواز الانتظار حتى نهاية الحرب السورية التي قد تطول». في المقابل، تقول مصادر المستقبل إن الرئيس سعد الحريري «مصرّ على رفض أي تواصل رسمي مع النظام السوري».
الخلاف العوني ــ المستقبلي يظهر على شاشات قناتَي «أو تي في» و«المستقبل»، لكن من دون أن يوجّه أحدهما سهامه المباشرة باتجاه الآخر. ويوم أمس، أطلق النائب عقاب صقر موقفاً ضد المؤسسة العسكرية، أبرزته «المستقبل» في مقدمة نشرة أخبارها. وفيما طالب نائب زحلة بتحقيق مستقل لتحديد سبب وفاة أربعة موقوفين في عهدة الجيش، قال إن «تغطية الحقيقة عار على الجيش اللبناني». وأشار إلى أن «الحديث عن التقديس والمقدسات لا يسير بلبنان، وثقافة عبدة (الرينجر) شبعنا منها أيام الوجود السوري ولا نقبل أن تكون في لبنان». وربط صقر عودة النازحين إلى سوريا بانسحاب حزب الله منها!
وعلى النقيض، وقفت قناة «أو تي في» لتؤكّد أن «كثيرين حسموا خيارهم خلف دولتهم وجيشهم وأهلهم. هؤلاء سجلوا انتصارات كثيرة وهم ذاهبون الى انتصارات جديدة آتية، فهل تكون سيادة عرسال بدايتها؟»، في ظل المعلومات عن قرب قيام المقاومة بعملية عسكرية لتحرير جرود عرسال.
ورغم التوتر بين التيارين، فإن مصادر على صلة بهما تؤكد أن الخلافات ستبقى محكومة بسقف الائتلاف الحكومي، ولن تفجّر العلاقة بينهما.
من جهة أخرى، وفي زحمة الملفات التي تضغط بثقلها على القوى السياسية، يبدو أن البلاد ستكون على موعد مع «صفقة» جديدة مؤقتة في الحقل المالي، تؤجل مرة جديدة إقفال حساب المالية العامة. فالتيار الوطني الحر يقترح تعليق المادة 87 من الدستور التي تقول بأن «حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة».
وتعليق هذه المادة يسمح بإقرار الموازنة العامة، بمعزل عن مصير الموازنات السابقة التي لم تصدر أي منها بقانون منذ 11 عاماً. كذلك فإن التعليق يؤدي إلى عدم منح الحكومة براءة ذمة بشأن الحسابات المالية السابقة، أي من دون إقرار «قطع حساب» السنوات السابقة. وتتحدّث مصادر التيار عن أن التعليق سيكون لمدة ستة أشهر أو عام، ريثما تتمكّن الحكومة من إنجاز قطع الحساب. ودون «قطع الحساب» عقبات سياسية ودستورية، متصلة بالنظرة إلى شرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بين عامَي 2006 و2008، فضلاً عن مشكلة الـ 11 مليار دولار التي اتُّهمت تلك الحكومة بإنفاقها من دون سند قانوني.
وفي الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، سيكون على رئيس الجمهورية اقتراح تعديل دستوري يهدف إلى تعليق المادة 87، ليقره مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين ويحيله إلى مجلس النواب ليوافق عليه أيضاً بأكثرية الثلثين. وفيما يُتوقّع أن يفتح الاقتراح سجالاً سياسياً، وخاصة من زاوية التصويب على التيار الوطني الحر الذي رفع سابقاً شعار «الإبراء المستحيل» لحكومة السنيورة، قالت مصادر التيار إن هذا الإجراء يهدف حصراً إلى تسهيل إصدار الموازنة، وتأجيل بت قطع الحساب أشهراً معدودة، و«لن يتم إبراء ذمّة الحكومات المتعاقبة، وبالتالي الإبراء مستحيل».
الجميّل: لا مفر من الحوار مع سوريا لإعادة النازحين
يقلل الرئيس امين الجميل من ذريعة بعض افرقاء الداخل، القائلين بأن الحوار مع الدولة السورية في ملف عودة النازحين يعوّم نظامها. ذريعة كهذه يراها غير مجدية: «مَن يصدّق ان شرعية النظام السوري تتوقف على موقف لبناني من هنا او هناك؟»
نقولا ناصيف
في رأي الرئيس امين الجميل ان هدف اعادة النازحين السوريين الى بلادهم يتقدّم بكثير الجدل الدائر في الداخل حيال شرعية نظام الرئيس بشار الاسد: «لا احد يسألنا عن شرعيته، ولا تسألوا لبنان عنها، بل الدول العظمى واولها الاميركيون والروس ثم الدول الاخرى وصولا الى الدول الاقليمية الكبرى المعنية بالحرب الدائرة هناك. هؤلاء يثبتونها او ينزعونها».
يقوده ذلك الى دعم الرأي المنادي بالحوار مع دمشق لإعادة النازحين الى بلادهم، مع تحبيذه إدارته بشراكة الامم المتحدة.
يشجع الجميّل ــ وهو يحرص على القول انه موقف شخصي لا يعبّر عن سياسة حزب الكتائب ــ على التذكير بأكثر من سابقة خبرها لبنان في ملفات الارهاب، اهمها المفاوضات التي اجراها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في السنوات الاخيرة من الحرب السورية بازاء مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا واطلاق عسكريين خطفتهم «جبهة النصرة». معظم هذه الوساطات ــ يقول ــ اوصلت الى الهدف المتوخى، الا انها حتمت ليس الحوار مع النظام السوري فقط، وانما ايضا مع معارضيه الذي تسببوا في خطف اللبنانيين في اعزاز وفي خطف الراهبات والجنود، وكان الحوار ضروريا معهم كما مع دول اقليمية اضطلعت بالوساطة كتركيا وقطر.
يقول ايضا: «سوريا اليوم ليست كلها بين ايدي النظام، بل تقاسمه اياها التنظيمات المعارضة الاخرى. لأجل ذلك ينبغي التحدث مع كل مَن هو معني او صاحب دور».
يضيف الجميّل: «يقتضي ان ننظر الى عودة النازحين على انها الاولوية الملحة وقدس الاقداس لأسباب شتى، منها اوضاعهم الانسانية غير الطبيعية التي يمرون فيها، ومنها تفادي تكرار تجربة خبرها اللبنانيون عقودا طويلة مع النزوح الفلسطيني الذي ادى في نهاية الستينات الى تدمير لبنان، مع ان حال النزوح السوري أخطر بكثير من الحال السابقة نظراً إلى الانتماءات المختلفة للنازحين مذهبياً وعقائدياً وتنظيمياً، وهو مصدر الخطر الرئيسي على البلاد، كما على النسيج الاجتماعي والوضعين الاقتصادي والامني. ما يزيد في الامر خطورة هو الدعم اللامحدود الذي توفره الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بمدهم بكل انواع المتطلبات المالية والسياسية والمعنوية دونما الاخذ في الحسبان مصلحة لبنان واستقراره بشقيه الاقتصادي والامني. من هذا المنطلق ينبغي ان نقوم بكل ما في وسعنا لتحقيق عودة النازحين، والحؤول دون بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه والذي ينبئ بمضاعفة الاخطار. في سبيل ذلك علينا ان لا نقف امام حساسيات وعُقد».
الا انه يعوّل على دور ما للامم المتحدة «نظرا الى موقعها القانوني وامتلاكها الداتا الكاملة وقدراتها اللوجيستية على حشد الطاقات والامكانات للمساعدة في الوصول الى هذا الهدف. واذا صحّ ان الجمرة لا تحرق الا في موضعها، الا ان الامم المتحدة كما المجتمع الدولي لا يقاربان مشكلة النزوح السوري على انه في سلم الاولويات، وقد لا يدخل في حساباتهما، فكيف عندما تعرّض هذه المشكلة الكيان اللبناني للخطر في الوقت الحاضر وكذلك في المستقبل. امام لبنان طرق عدة للتوصل الى حل: إما تعاونه مع المجتمع الدولي ومصارحته بغية حضه على اهتمام اكبر، وإما ان تعمد الحكومة اللبنانية الى وضع خطة انقاذية ودراسة ميدانية يلتقي من حولها الافرقاء جميعا في معزل عن اي اعتبار عاطفي او سياسي ضيق، وإما الانفتاح على الاشقاء والاصدقاء بغية تبني الخطة اللبنانية. مع ذلك لا مفر من التعاطي مع سوريا لبلوغ هذا الهدف، لأن من غير المنطقي الاعتقاد بامكان اعادة هؤلاء الى بلادهم دونما التنسيق مع حكومتهم من نواحي مختلفة، سياسية وامنية ولوجستية».
على ان الجميّل يلفت الى «ضرورة مقاربة ملف النزوح بحذر لتجنب جعل سوريا تستغل اي مبادرة لبنانية حيالها بغية توظيفها لمصلحتها، من دون ان نصل الى الهدف المطلوب. في ما نحتاج اليه في الحوار مع سوريا حزام امان متين، فلا نقدم على خطوة تفضي الى نتائج سياسية، ولا نترك النظام السوري يستثمر ما نرمي اليه ويُدخلنا في نفق مفاوضات لا مخرج منها، فنضيع في المتاهات. هدفنا في الاصل ان نصل الى انهاء ملف النزوح على ارضنا وفي مجتمعنا. تجربتنا نحن اللبنانيين في التفاوض مع سوريا، كما تجربتي الشخصية معها إبان ولايتي الرئاسية، مليئة بالشواهد والامثلة. انا ادعو الى الاقدام على مبادرة لبنانية، من الافضل اقترانها بتعاون وثيق مع الامم المتحدة الراعية شؤون النازحين. ما نريده منها ان تكون معنية، لا بل فريقا اساسيا في معالجة المشكلة».
مع ذلك يلاحظ ان مهمة اعادة مليوني نازح سوري الى بلادهم «ليست سهلة وإن لم يرجعوا جميعا دفعة واحدة. نحن نعاني من مشكلة نزوح وفد إلينا من كل الانحاء السورية التي لا تخضع كلها للنظام الحالي ولا لحكومته».
يتوقف الرئيس السابق للجمهورية امام انقسام مجلس الوزراء بين مؤيد للتواصل مع دمشق ومعارض له، ويقول ان الطريقة التي يتبعها المسؤولون ومجلس الوزراء في هذا الفريق او ذاك واستنادهم الى مواقف مسبقة «لن تقتصر على الإضرار بالمصلحة الوطنية والعامة، بل سيقودنا نهج كهذا الى يوم نصحو على النازحين السوريين وقد تأقلموا مع الحياة على الاراضي اللبنانية، وحوّلوا مخيماتهم الى مقار سكنية ثابتة مبنية، وانخرطوا في دورة الحياة اليومية للبنانيين، ما يحيل النزوح الى اقامة دائمة مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج مدمرة للنسيج الوطني اللبناني اولاً، وللنسيج الاجتماعي ثانياً، وللتركيبة الاجتماعية الحساسة اساسا ثالثاً. كلما طال الوقت وتأخرنا في الوصول الى حلول، تصبح هذه اصعب واقسى بتداعياتها علينا، وتتطلب عندئذ تنازلات كبيرة وخطيرة».
بيد انه يتفادى الخوض في تفاصيل الحوار مع سوريا، ويشدد على ان «اي تواصل يقتضي حمايته بحزام امان يقيه من الانعكاسات الخطيرة»، ويدعو الى العمل على «اطلاق مبادرة اعادة النازحين تحرج الداخل والخارج في آن. قد تتذرع الامم المتحدة بالاوضاع السائدة في سوريا، وهي تبدو في اعتقادي غير مستعجلة على العودة تلك. لكن ذلك لا يعفينا من عدم التحرك لإعادتهم الى مناطق باتت آمنة دونما انتظار ضوء اخضر من هنا او هناك. نعيدهم اليها تدريجا، الا ان ذلك لن يحصل من دون تنسيق مع الدولة السورية والامم المتحدة في آن».
* الجمهورية
تذمُّر من غياب الديبلوماسية اللبنانية عن الأحداث العربية والدولية
في الوقت الذي بدا أنّ قمّة هامبورغ بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين فتَحت الباب أمام تفاهمٍ بين واشنطن وموسكو على حلّ للأزمة السورية دلَّ إليه إشرافٌ عسكريّ مشترَك على وقفٍ للنار سيطبّق بدءاً من غدٍ الأحد في أجزاء من سوريا، بدت «أجزاء» الطبقة السياسية اللبنانية، المشارِك منها في السلطة وغير المشارك، غارقةً في البحث عن مصالح ضيّقة انتخابية، وربّما مادية أيضاً، خلف المواقف التي تتّخذها من قضيّة النازحين، رافضةً البحث في شأنها مع النظام السوري، أو حتى مع جامعة الدول العربية، ومطالبةً بتركِها فقط للأمم المتّحدة التي وعَدت منذ آذار 1949 بقرارها الرقم 194 بإعادة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شُرّدوا منها، ولكنّها لم تُعِدهم إليها حتى الآن. في الوقت الذي يتزايد عبء النازحين على كاهل البلاد السياسي والأمني والاقتصادي والمالي والمعيشي، خصوصاً أنّ عدد النازحين الفعلي يتجازو رقم المليون ونِصف المليون إلى ما يفوق المليوني نازح، حسب التقديرات غير الرسمية. وإلى ذلك، لاحَظ المراقبون عودةَ بعض القوى السياسية إلى توسّلِ الخطاب الطائفي والمذهبي، واللعبِ على الغرائز الطائفية والمذهبية التي تهدّد بتمزيق النسيج الوطني والسِلم الأهلي من أجل غايات التجييش الانتخابي، ما يشير إلى انعدام المسؤولية الوطنية لدى هذه القوى وفشَلها في كسبِ تأييد الناخبين سياسياً، خصوصاً أنّها في ما مضى نَكثت بوعودها ولم تحقّق لهؤلاء الناخبين أياً من الوعود التي قطعَتها.
فيما تبدو الحكومة اللبنانية منهمكة في جدل بيزنطي يعطّل قراراتها، يستمرّ الاشتباك السياسي حول موضوع النازحين السوريين، والعجز عن معالجة ملف عودتهم الى بلادهم والغرق في متاهات التنسيق مع الحكومة السورية أو عدمه.
ويتمثّل عجز الحكومة بفشلِها في تحقيق وعودها للمواطنين بوقفِ الهدر ومحاربة الفساد، وتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة على 24، وتحسين شبكة الطرق وتخفيف زحمة السير الخانقة، وضبطِ الأمن المتفلّت، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وخلقِ أجواء مؤاتية لصيفٍ واعد، خصوصاً أنّه تبيّن أنّ هناك تضخيماً لأرقام السيّاح الوافدين الى لبنان.
وها هم اللبنانيون على موعد جديد اليوم مع مشهد إطلاق النار «الابتهاجي» مع صدور نتائج شهادة الثانوية العامة واحتمال سقوط ضحايا جرّاء هذه العادات الجاهلية والقبَلية التي تسيء الى صورة لبنان الحضارية.
من جهةٍ أخرى، سألت مصادر سياسية: أين هو لبنان اليوم، حكومةً ووزارةَ خارجية، ممّا يجري في مدينة هامبورغ الألمانية حيث تنعقد اعمال قمّة مجموعة الدول العشرين التي تضمّ قادة العالم الكبار، وأبرزهم الرئيسان الاميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، للبحث في قضايا الشرق الاوسط، خصوصاً أنّ أيّ قرار يتعلق بسوريا أو العراق أو الخليج، ستكون له تداعيات على الوضع اللبناني؟.
وأشارت المصادر إلى أنّه «في كلّ لقاء مع سفراء الدول تسمع تذمُّراً من غياب الديبلوماسية اللبنانية عن كلّ الاحداث والتطوّرات العربية والدولية، حتى أصبح النأيُ بالنفس غياباً عن الأحداث».
أبي نصر
وقال النائب نعمة الله أبي نصر لـ«الجمهورية»: «لقد سبقَ لدولة رئيس الحكومة سعد الحريري أن حذّرَ أمام المحافل الدولية من أنّ لبنان يقترب من نقطة الانهيار بسبب ضغوط استضافةِ مليون ونصف مليون لاجئ سوري.
هذا الكلام هو قمّة الشعور بالمسؤولية، الأمر الذي يفرض اتّخاذ القرارات المطلوبة لفتحِ قناة الاتّصال مع الدولة السورية والأمم المتحدة في آنٍ واحد، على اعتبار أنّ الجهتين مسؤولتان عن برمجة عودة النازحين إلى بلادهم، وهي حقّ لهم، وواجبٌ علينا».
وأضاف: «إنّ استمرار الصمتِ في ملف النازحين يَطرح على بساط البحث الهدفَ من إنشاء وزارة لهم. ففي مفهومِنا هي وزارة لتأمين عودتهم، وليس لإدارة شؤونهم أو تثبيتِ بقائهم وتجذّرهم على أرض الوطن المهدّد في كيانه وديموغرافيته، في اقتصاده وأمنه وهجرةِ أبنائه»…
ترّو
ورفضَ عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب علاء الدين ترّو الردَّ على مواقف السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وقال لـ«الجمهورية»: «هناك أصول متَّبعة للسفراء، ووزارة الخارجية هي المعنية بالاتصال بهم وبتوجيه رسائل إليهم».
وأضاف: «نحن مع عودة النازحين الى مناطق آمنة في سوريا برعاية الأمم المتحدة وبالتنسيق معها، ونحن ضدّ التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لأنّ مَن أوجَد مشكلة النازحين هو النظام السوري الذي هجَّرهم، وحين تهجَّروا لم يكن هناك لا تنظيم «داعش» ولا «جبهة النصرة»، بل إنّ النظام هو من بدأ الحرب على المعارضة المعتدلة والسلمية، ولاحقاً صار شريكاً مع «داعش» و«النصرة» في تهجير السوريين وقتلِهم».
«حزب الله»
وجدَّد «حزب الله» دعوته إلى التواصل مع الحكومة السورية لمعالجة ملفّ النازحين، داعياً إلى إخراج هذا الملف من البازار السياسي. واتّهَم نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي بمنع عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا.
وقال: «سمعتُ من مسؤول أوروبّي رفيع المستوى أنّه قال إنّ عودة النازحين السوريين إلى بلدهم تعني أنّ نظام الرئيس بشّار الأسد نظام يستطيع أن يديرَ دولةً وأن يحميَ الأمن وأن يستقبلَ هؤلاء ليعيشوا ضمن رعايته، وهم يريدون القول إنّ هذا النظام لا يمكن أن يعيش في كنفِه أحدٌ، وإنّ النزوح في لبنان أحدُ أشكال إعطاء الدلالة على عدم قدرة النظام السوري على أن يحميَ مواطنيه».
في معراب
وإلى ذلك، حضَر ملفّ النازحين في اجتماع بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ووزير الثقافة غطاس خوري الذي زار معراب أمس موفداً من رئيس الحكومة سعد الحريري.
وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» إنّ رئيس «القوات» وضَع خوري «في تفاصيل مبادرته التي تقضي بأن تتّخِذ الحكومة اللبنانية قراراً سيادياً بعودة النازحين وتُبلغه إلى الأمم المتحدة وتطلب منها التعاونَ من أجل ترجمةِ هذا الأمر على أرض الواقع بما يخدم مصلحة الشعبين اللبناني والسوري».
وكشفَت هذه المصادر «أنّ مبادرة جعجع تَلقى تأييدَ تيّار «المستقبل» الذي كان قد واجَه و«القوات» محاولة إمرار التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وأظهرا مجدّداً أنّهما في المفاصل الوطنية الأساسية يتموضَعان في الموقف والخط والمسار نفسِه».
* اللواء
أسبوع الخلافات: ترنُّح «وثيقة بعبدا» بانتظار زيارة واشنطن
دعوة لجنة النازحين للإجتماع الثلاثاء .. ومجلس الوزراء في السراي الأربعاء بلا تعيينات
يطوي الأسبوع ساعاته الأخيرة على إعادة الأولوية للملفات الخلافية الشائكة ذات الطبيعة الإقليمية – الدولية، كملف النازحين السوريين، وما أثاره من تباينات في مواقف المسؤولين من كيفية المقاربة لجهة عودة هؤلاء إلى بلادهم: عبر تنسيق بين الدولتين أو الحكومتين اللبنانية والسورية، أم عبر رعاية الأمم المتحدة التي تتولى التنسيق مع نظام الرئيس بشار الأسد، على أن تكون المخيمات المقترحة داخل الاراضي السورية بضمانات دولية، وفقاً لما اقترحه الرئيس سعد الحريري أمس الاول.
وقبل هذا الملف البالغ التعقيد وبعده تتداول الأوساط السياسية، استناداً إلى معلومات أمنية ان مسألة «تحرير جرود عرسال» باتت مسألة ساعات، بتقدير جهات سياسية وحزبية.
وتحديد المواعيد، على هذا النحو، يثير سلسلة أسئلة في مقدمها: ما الصلة بين «الكلام الاعلامي» عن عملية عسكرية في جرود عرسال والتحضيرات التي بدأت لإعداد ملفات زيارة الوفد الحكومي – النقدي – العسكري – الوزاري إلى الولايات المتحدة الأميركية برئاسة الرئيس سعد الحريري، والذي سيرافقه الوزير جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي طمأن الى سلامة الوضعين المالي والنقدي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي طمأن إلى إمساك الجيش والقوى الأمنية بالأمن، وأخد زمام المبادرة في ملاحقة وتفكيك الخلايا الإرهابية، أياً كان مصدرها.
وفي هذا الإطار، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد اجتماع عقد في سراي صيدا مع الفصائل الفلسطينية اننا اتفقنا مع الفصائل الفلسطينية أن ما بعد تسليم الارهابي خالد السيّد ليس كما قبله، معلناً انه بعد إنهاء الملفات الأمنية ننتقل إلى الملفات السياسية.
في هذا الوقت، سعى الفريق الحقوقي المتعاطف مع النازحين السوريين إلى مواصلة حملته على الجيش اللبناني، ومحاولات تصوير لبنان كدولة بوليسية.
وفي آخر فصول المعلومات أن المحامية داليا شحادة عن أهالي الموقوفين السوريين، الذين قضى بعض ابنائهم، حصلت على اذن قضائي من قاضي العجلة في البقاع، بالحصول على عينات من الجثث، واجراء الفحوصات للتثبت من اسباب الوفاة.
وذكرت شحادة انها تعرّضت لضغط لتسليم العينات التي تمّ أخذها من الجثث قبل اجراء الفحوصات، وتم تسليم العينات للجيش بناء على اتصال من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، الذي اعتبر ان الجهة القضائية المخولة منح اذن للحصول على العينات هي مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.
أزمة النزوح السوري
وبانتظار انعقاد جلسة الحكومة الأسبوع المقبل، والمرجح أن تتم في السراي الكبير، وتوزيع جدول اعمالها اليوم، والذي يتوقع أن يخلو من تعيينات في المراكز الادارية الشاغرة، بسبب غياب التوافق على شيء بهذا الخصوص، قبل حسم مسألة الالية التي تعتبر في نظر كثيرين غير دستورية.
وبانتظار عودة الرئيس نبيه برّي من اجازته خارج البلاد، لتحريك عجلة المجلس النيابي، والبدء بإقرار مشاريع القوانين المحالة إليه، وأبرزها الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، بقيت أزمة النزوح السوري واجهة الاهتمامات الرسمية والتجاذبات السياسية، نظراً للانقسام السياسي حولها، من دون أن تتبين لها مخارج في سياق المعالجات الكثيرة والنظريات المتضاربة، خصوصاً بعد أن تأكد ان لا صحة لوضع الملف في عهدة رئيس الجمهورية، وانه لم يتم تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بأي مهمة للتواصل مع دمشق في موضوع عودة النازحين، وهو شخصياً لم يشأ أن ينفي او ان يُؤكّد ذلك، لافتاً الى ان هذا الحديث هو بتصرف السلطة السياسية، وانه مستعد للتحرّك عند صدور التوجيهات بذلك.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة ان اي اطار لمعالجة ملف النازحين لم يتحدد بعد، وان اي جهة لم تكلف باجراء اي تواصل مع السلطات السورية في هذا الشأن.
وكشفت انه في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء طلب بعض الوزراء من الرئيس ميشال عون ان يتولى هذا الملف، فوافق لاختصار النقاش، لكن ذلك لا يعني ان الملف بات في عهدة رئاسة الجمهورية، مع انه مسؤول عن سائر ملفات الدولة.
الا ان المعلومات المتوافرة لـ «اللواء» تفيد ان الرئيس الحريري دعا اللجنة الوزارية الخاصة بملف النازحين السوريين الى اجتماع سيعقد الثلاثاء المقبل للبحث بالملف من زاويته السياسية، اي الزاوية المتصلة بتوفير ضمانات دولية، والمعطيات التي يجب ان تتأمن للعودة الآمنة لهؤلاء النازحين، من خلال التنسيق مع الامم المتحدة.
ويفترض ان يبحث الاجتماع الذي سيعقد عند الخامسة والنصف من عصر الثلاثاء، في ورقة عمل سبق لوزير الخارجية جبران باسيل ان سلمها لرئاسة الحكومة في 5 نيسان الماضي، وهي عبارة عن استراتيجية وخطة تنفيذية لحل معضلة النازحين، بدءا من وقف النزوح الذي لا يزال قائما حتى اليوم.
وفي ورقة باسيل تنبيه الى ان سياسات دولية ما تزال تدعو الى اندماج النازحين في اماكن وجودهم ما يحتم تطبيقا تدريجياً لخطوات عكسية تؤدي الى تشجيع السوريين للعودة الى بلدهم، والتمهيد لهذه العودة بطريقة مطابقة مع الالتزامات الدولية.
ولان الامر بات يتطلب وضع خطة شاملة، فقد اقترحت الورقة، مجموعة خطوات، من ابرزها: رفض توطين النازحين واللاجئين، والتأكيد على ان الحل المستدام والوحيد لازمة النزوح هو في عودة السوريين الآمنة الى المناطق الممكنة داخل سوريا، والعمل مع الجهات المعنية لتهيئة ظروف هذه العودة، من دون ان تتحدث عن التنسيق مع الحكومة السورية، وتغيير المقاربة في التعاطي مع المجتمع الدولي لفرض ضرورة حماية وتحصين المجتمع الدولي لفرض ضرورة حماية وتحصين المجتمع المضيف، عملا بمبدأ تقاسم المسؤوليات المكرس في القانون الدولي، واشتراط تقديم المساعدات المباشرة للسلطات الرسمية اللبنانية مقابل قبول دخول مساعدات مباشرة الى النازحين على قاعدة متساوية، وفق التجربة الاردنية.
وفي المعلومات ان ورقة باسيل لا تتعارض الا في بعض التفاصيل والنظرة الى التعامل مع الامم المتحدة مع الورقة التي اعدها وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، والتي لم تقر في اللجنة الوزارية بسبب اعتراضات من اكثر من طرف على غير نقطة، بحسب ما اوضح لـ «اللواء»، لافتا إلى أن مسألة عودة النازحين مسألة معقدة لانها تتعلق بأكثر من طرف اقليمي ودولي وبتوفير الضمانات للعودة الامنة لهم، مشيرا الى ان ما يمكن ان يقبله النظام قد لا تقبله فصائل المعارضة او اي جهة اقليمية او دولية ممن يسيطر على الارض.
واكد المرعبي ان الجهة الوحيدة المخولة متابعة ملف العودة هي الامم المتحدة وهي تقوم بما عليها من اتصالات، لكن يفترض ان يتم تحديد المناطق الآمنة اولا وسبل العودة وتوفير سلامة العائدين لانهم اصلا هربوا من الموت الذي يلاحقهم من كل الجهات، لافتا الى ان الملف يتحرك وهو غير مجمد، لكن المزايدات والتعطيل الحاصل من بعض الاطراف هي التي تعطل التوصل الى نتيجة.
تنسيق مستقبلي قواتي
وفي السياق، لفت الانتباه زيارة وزير الثقافة غطاس خوري لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، موفدا من الرئيس الحريري، والتي أدرجتها مصادر «القوات» في اطار تكثيف التنسيق بين المستقبل والقوات لمعالجة ازمة عودة النازحين، ومن اجل وضع تصور مشترك ينطلق من المقاربة التي قدمتها القوات، في هذا الشأن ووافق عليها تيار المستقبل.
ولفتت هذه المصادر الى ان المقاربة القواتية تقوم على مبدأ اساسي يقضي بأن تتخذ الحكومة قرارا سياديا بعودة النازحين على ان تبلغ الامم المتحدة بذلك والطلب منها ومن المنظمات الدولية الاخرى التعاون لترجمة هذا القرار على الارض، مشيرة الى ان هذه المقاربة اسقطت اي محاولة لاعادة تعويم النظام السوري والتنسيق بين الحكومتين، انطلاقا مما اشار اليه الرئيس الحريري وهو اننا لا يمكننا ان نسلم الجلاد ضحيته، بحسب ما قال الوزير خوري بعد لقاء جعجع.
ومن جهته، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر ان للاجئي السوري حقوقا دولية وحقوقا اخوية علينا، واصفا الحديث عن التنسيق مع الاسد لاعادة النازحين الى سوريا «بالمضحك»، متسائلاً: «كيف يمكنني ان انسق واعيد النازح الى جلاده»؟
وقال في حديث لتلفزيون «المستقبل» انه يمكن اعادة النازح بوساطة اممية وبمظلة عربية لكن التواصل مع حكومة الاسد يعني انني أنفذ اعدام جماعي بالنازحين السوريين.
وفي موقف لافت، اعرب صقر عن اعتقاده بأن هناك خطأ حصل من قبل الجيش اللبناني في عرسال، وهذا الخطأ يتحمل مسؤوليته من قام به أفراد أو ضباطاً، وليس الجيش، داعياً إلى ان يكون هناك تحقيق شفاف مستقل للوصول إلى الحقيقة في ما حصل في عرسال وما بعد عرسال.
إلى ذلك، توقعت مصادر مطلعة ان يعاد طرح موضوع آلية التعيينات في أقرب فرصة ممكنة بعد أن يعمد الرئيس سعد الحريري إلى دراسة الخيار الواجب اعتماده لا سيما بعد أن برز اتجاهان في مجلس الوزراء الأول يقوم على اعتماد الآلية المعتمدة أي أن تمر الطلبات عبر اللجنة اما الثاني فيقوم على تعليق العمل بها فيقدم كل وزير اقتراحه، مؤكدة أن الكل متفق على أهمية تحريك هذا الملف سريعاً.
جنبلاط يدعم محفوض
نقابياً، تحولت انتخابات نقابة المعلمين في المدارس الخاصة الى متاهات سياسية من التحالفات. فبعد لائحة احزاب السلطة برئاسة المعلم العوني رودولف عبود، والمدعوم من المستقبل وحركة «امل» والتيار الوطني الحر وحزب الله والقوات اللبنانية، اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، دعمه للائحة غير المكتملة التي شكلها نقيب المعلمين الحالي نعمة محفوض مدعومة من حزب الكتائب واللواء اشرف ريفي..
* البناء
للقاء الأول بين الرئيسين الروسي والأميركي ساعتان وربع بدلاً من نصف ساعة
بوتين وترامب ينجحان بكسر الجليد: البدء بوقف نار في جنوب سورية
القوميون غداً في الأونيسكو لتحيّة زعيمهم… وقيادتُهم زارت ضريحَهُ في ذكراه
كتب المحرّر السياسي
كانت العيون شاخصة إلى هامبورغ من أنحاء العالم كلها بانتظار خبر يسمح بالاستنتاج او الإيحاء حول ما سيكون عليه حال الاجتماع الأول للزعيمين الأوسع تأثيراً ونفوذاً في العالم، الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الرئيسان اللذان يملكان تخفيض نسبة التوتر وبلورة التسويات وتحشيد القدرات لمواجهة الأخطار التي لا تفرق بين الناس على أساس الجغرافيا أو القومية أو الدين أو اللون أو اللغة، والعالم في أسوأ ظروفه الأمنية والاقتصادية والمناخية، بينما مقدراته وقراراته مكرّسة للحروب ومستنزفة في غير الأماكن التي يحتاجها الناس.
ليس هذا زمن المعجزات ولن تحلّ الأخلاق مكان المصالح، ولا النصائح بدلاً من الحسابات الدقيقة، لذلك كان الناس يأملون أو يتألّمون، وقلة منهم كانوا يأملون، والأمل هنا ليس بصحوة ضمير ولا بكرم أخلاق، بل بأن تكون الأكلاف الناجمة عن العناد والإنكار للمخاطر قد بلغت حد عدم الاحتمال، وأن تكون المصالح الكبرى للكبار قد أملت التلاقي مع الأحلام الصغيرة لمن يدفعون حياتهم وأرزاقهم وأعمارهم وأحلامهم ثمناً للامبالاة بالتآكل الذي يصيب كل شيء على سطح الأرض من حجر وبشر وقيم وغذاء ومناخ.
اللقاء الأول كان مقرّراً له في برنامج الرئيس الأميركي الحذر من اتهامه بالتنازل للرئيس الروسي نصف ساعة فقط، لكنه دام لساعتين وربع الساعة، ووفقاً لوصف أحد أعضاء الوفد الياباني الذي كان ينتظر موعداً مع الرئيس الروسي لساعة وأكثر برفقة رئيس وزرائه، تسنّى له الاستماع لاعتذار بوتين عن سبب التأخّر ووصفه للقاء بأنه كان حاراً كسر الجليد في دقائقه الأولى وسينعكس بالإيجابية على الملفات الدولية العالقة.
بداية التفاهمات جاءت، كما أعلنها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بالإعلان عن وقف لإطلاق النار في جنوب سورية تُشرف على تطبيقه الشرطة العسكرية الروسية. وهو ثمرة مباحثات جرت بالتوازي مع اجتماعات استانة في عمان وضمّت خبراء عسكريين ودبلوماسيين روس وأميركيين وأردنيين.
وفقاً لمصادر متابعة لمسار مناطق التهدئة في سورية، التفاهم كان موضوع تنسيق روسي سوري خلال الأسابيع الأخيرة منذ بدء اجتماعات عمان، وهدفه وفقاً لرؤية موسكو تحييد المساعي للحل السياسي في سورية عن المداخلات «الإسرائيلية» بصورة رئيسية ومسرحها الجنوب، ما يتيح لواشنطن مناقشة هادئة للملفات الأخرى كالتنسيق في الحرب على الإرهاب ومستقبل الحل السياسي ومسارات جنيف وأستانة، وكيفية إدارة التجاذب التركي الكردي شمالاً، خصوصاً الحرب الفاصلة مع داعش المتوقع أن تجري في دير الزور، حيث لا بدّ من التعاون بين القوى المتلاقية على أطراف المدينة وجوارها وهي موزّعة مناصفة بين واشنطن وحلفائها، خصوصاً الأكراد، وسورية وحلفائها وفي مقدّمتهم حزب الله ومن ورائهم روسيا وإيران.
هل يشكّل الإعلان دفعاً للتقدّم في سياسة التفاهمات أم مجرد هدنة للمناقشة الهادئة واستكشاف فرص الحلول في التسويات؟
الطريق المسدود الذي بلغته واشنطن في الرهان على رسم خطوط حمر في سورية، خصوصاً حول الحدود السورية العراقية أمام الجيش السوري وحلفائه من جهة، وانزلاق معارك داعش إلى مناطق وجود وقوة الجيش السوري من جهة أخرى، والتجاذب التركي الكردي الذي يزداد خطورة، عوامل تحفز التوقع بالسير على طريق التفاهمات، لكن البطيئة والمتدرجة، مقابل الضغوط «الإسرائيلية» والسعودية التي لا ترى قبالتها إلا القلق من تعافي سورية وعودة دولتها موحدة وقوية بقيادة رئيسها، تجعل للقلق والحذر أسبابهما، بينما سربت واشنطن معلومات عن استراتيجية جديدة نحو سورية تقوم على ثنائية القبول ببقاء الرئيس السوري والتسليم بالرعاية الروسية لإمساك الدولة السورية بجغرافيتها الموحّدة من ضمن حل سياسي يبدأ بحكومة موحّدة وينتهي بالانتخابات، مقابل عدم ظهور الحضور الإيراني بصورة تشكل تحدياً للأميركيين واستفزازاً لحلفائهم.
الفترة الفاصلة عن مواعيد أستانة للرعاة وللمشاركين نهاية الشهر المقبل ستتيح المزيد من الاختبارات لتظهير ما ستكون عليه العلاقة الروسية الأميركية وفرص التفاهمات الجدية في الملفات العالقة، ومنها سورية.
بانتظار ذلك، وبينما تتلاشى المواقف العدائية للدولة السورية ورئيسها، تحت ضغط الوقائع والمصالح، على مستوى الدول الأوروبية وأميركا، وتتغلّب لغة الوقائع ومواجهة الأخطار، يعاقب بعض المسؤولين اللبنانيين بلدهم وناسهم، بوضع العربة قبل الحصان ويتمسّكون بالماضي الذي نأى بهم عن الواقع والوقائع، فيتوهمون عجلة سورية للتواصل مع الحكومة اللبنانية ينتزع منها اعترافاً بشرعية الدولة السورية، كما يتحدث وزراء تيار المستقبل ورئيسه رئيس الحكومة سعد الحريري، فيما تؤكد مصادر متابعة للعلاقات الحكومية بين البلدين، أن سورية تترك للبنانيين أن يأخذوا وقتهم حتى تنضج مواقفهم بوضوح ورغبة صادقة وجريئة وصريحة بلا مواربة بالتواصل الذي يشكّل تعبيراً عن احترام متبادل لعدم التدخل في شؤون البلد الآخر، كما يشكل تعبيراً عن حاجات الشعبين الشقيقين في مناقشة الهموم والاهتمامات المشتركة، ولا تعتقد أن الحلول المواربة والالتفاف على العلاقات الصريحة يشكل جواباً مناسباً، وهي غير مستعجلة، وفيما يتعلق بملف النازحين تقول المصادر إن الكثيرين منهم يعودون بشكل فردي ويقومون بتسوية أوضاعهم عبر السفارة السورية أما السير بحلول جامعة، فبقدر ما يشكّل نقلة نوعية بالتأكيد، فإنه يستدعي مستوى من الجدية والوضوح والشجاعة أكبر من البحث عن مخارج تحلّ أزمات المرتبكين، لكنها لا تحلّ أزمات البلدين ولا تحقق مصالح الشعبين.
القوميون الذين يقفون منذ عقود طويلة في الخطوط الأمامية، حاملين مشاعل نهضتهم، بوجه أخطار الاحتلال والعدوان «الإسرائيليين»، من جهة ومخاطر التقسيم والتفتيت بوجهيه التكفيري والطائفي، من جهة مقابلة، يتوجّهون غداً إلى قصر الاونيسكو لتحية زعيمهم ومؤسس نهضتهم أنطون سعاده في ذكرى استشهاده لتجديد العهد لمسيرتهم من أجل حماية وحدة بلادهم واستقلالها ونهضتها، بعدما زاروا الضريح أمس، يمثلهم وفد قيادي ترأسه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو.
إبراهيم: مستعدّ للتحرّك عند صدور التوجيهات
بينما تنتظر البلاد البتّ في ملف التعيينات الإدارية والتشكيلات القضائية وغيرها من الملفات الملحة الحياتية منها والمالية والاقتصادية في مجلسي الوزراء والنواب، بقي الانقسام السياسي حول ملف النزوح السوري يظلّل المشهد الداخلي في ظلّ رفض رئيس الحكومة وفريقه السياسي فتح قنوات اتصال رسمية مع الحكومة السورية، بينما المستغرَب والمستهجَن والمضحِك في آن، هو إصرار وزراء المستقبل على رفض أي تواصل مع الدولة السورية تحت ذريعة تعويم نظامها الذي اعترفت بشرعيته معظم دول العالم، ولا يزال يحتل مكانته وموقعه في أغلب المنظمات الدولية!
وفي وقتٍ لم ينفِ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولم يؤكد تكليفه بـ«التواصل مع دمشق في موضوع عودة النازحين السوريين»، لفت إبراهيم في حديث تلفزيوني أمس، الى أن «هذا الحديث هو بتصرّف السلطة السياسية ومستعد للتحرك عند صدور التوجيهات». غير أن مصادر قناة «أو تي في» أكدت أمس، ما كانت «البناء» أوردته قبل يومين بأنه «لم يتم تكليف اللواء إبراهيم بعد بالتواصل مع سورية في ملف النازحين»، مضيفة: «لكن تكليفه بأمرٍ رئاسي، وليس حكومياً، موضوع مطروح».
..وضغوط سياسية ودبلوماسية على الحريري
وقد بدا واضحاً أن الأزمة مرشحة للمزيد من التأزيم بعد موقف الرئيس سعد الحريري الأربعاء الماضي في مجلس الوزراء وحلفائه «الآذاريين»، كما موقفه أمس الأول في حفل تخريج طلاب الجامعة العربية، حيث رمى الكرة الى ملعب الحكومة السورية، ودعا حلفاء سورية، إلى «أن يضغطوا على النظام لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، ومخيمات بإشراف الأمم المتحدة تستوعب النازحين العائدين من لبنان، بدلاً من الدعوة الى توريط الحكومة اللبنانية باتصالات نتيجتها فتح باب جديد لابتزاز لبنان من دون أي معالجة حقيقية لتداعيات النزوح».
وقد علمت «البناء» أن رئيس الحكومة يتعرّض لضغوط دبلوماسية كبيرة من السفارتين الأميركية والسعودية في لبنان للاستمرار في موقفه الرافض للتواصل مع الدولة السورية، وسياسية من فريق 14 آذار، حيث علمت «البناء» أيضاً أن «رئيس القوات سمير جعجع اتخذ موقفاً متشدّداً يصبّ في هذا الاتجاه بناءً على توجيهات سعودية، حيث رفض جعجع أي مخرجٍ يتفق عليه رئيسا الجمهورية والحكومة، كإرسال موفد رئاسي الى سورية للتفاوض في ملف النازحين. وما زيارة مبعوث الحريري وزير الثقافة غطاس خوري الى معراب أمس إلا دليل على ذلك».
سورية جاهزة للتفاوض الرسمي
مصادر رسمية مطلعة على ملف النازحين وعاملة على خط العلاقات اللبنانية السورية، ردّت عبر «البناء» على كلام الحريري، مشيرة الى أن «الحكومة السورية مستعدّة للتعامل والتفاوض مع المدير العام للأمن العام أو أي مسؤول لبناني آخر مكلف بشكلٍ رسمي من رئيس الجمهورية أو من الحكومة اللبنانية لصياغة حلول لأزمة النازحين السوريين».
وأضافت المصادر: «إذا كانت الحكومة اللبنانية جادة في حل الأزمة، فلتبادر إلى التواصل مع الحكومة السورية لوضع خطة مبرجمة واضحة لإعادة النازحين الى بلدهم»، مشددة على «أن الحل يبدأ بطلب الحكومة اللبنانية لتأليف لجنة مشتركة من الدولتين وليس مبادرة من الحكومة السورية، لأن حل الملف يحتاج الى آليات للعودة، والأمر ليس عملية ترحيل، بل يتطلب تسوية أوضاع عددٍ كبير من النازحين والتثبت من أوراقهم الشخصية وتحديد المناطق التي نزحوا منها والمناطق الآمنة التي سيعودون اليها وتوفير المنازل المناسبة والمساعدات اللازمة لهم. وبالتالي الدولة اللبنانية لا تستطيع القيام بكل هذه المهمات». ولفتت الى أن «الحكومة السورية أطلقت أكثر من مبادرة باتجاه لبنان وأجهضت في العهد الرئاسي السابق».
وأبدت المصادر استغرابها حيال طلب البعض توسيط الأمم المتحدة للتفاوض بين البلدين، مؤكدة أن «الحكومة السورية ترفض وساطة الأمم المتحدة من منطلق أن لبنان وسورية دولتان شقيقتان وتربطهما اتفاقيات مشتركة وتمثيل دبلوماسي، ويمكنهما حل الملف بالتفاوض المباشر الرسمي بينهما، وبالتالي لا يحتاجان الى وساطة الامم المتحدة التي تحصل بين دولتين عدوّتين». وتساءلت المصادر: لماذا تنسق الحكومتان في الأمن والاقتصاد وغيرها من الملفات ولا أحد يرفض في الوقت الذي تقوم قيامة البعض عند طرح التواصل بين البلدين في موضوع النازحين؟ وحذّرت المصادر من «وجود أسباب سياسية وأمنية داخلية وخارجية تقف خلف رفض فريق لبناني إنهاء الأزمة وإبقاء النازحين في لبنان وتحويل أزمة اللجوء السوري واقعاً مشابهاً لأزمة اللاجئين الفلسطينيين».
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري خوري في تصريح أن «التواصل مع الحكومة السورية من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى سورية هو موقف سياسي ذو خلفيات سياسية تصبّ في مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني».
هل يُغلَق منفذ «داعش» الوحيد؟
على صعيد الجبهة العرسالية، تقترب نهاية تنظيم «داعش» في السلسلة الشرقية للبنان وفي الموصل بشكلٍ نهائي، بحسب ما أشارت مصادر عسكرية لـ«البناء»، وأضافت: «في حال تم الاتفاق بين الأفرقاء اللبنانيين، ستغلق جميع المنافذ بوجه التكفيريين ويُعتبر حالياً معبر الزمراني المنفذ الوحيد لداعش بين الجرود وبلدة عرسال، وعليه لا بد أن يعمد الجيش اللبناني الى إغلاق هذا المعبر شريان الحياة بالنسبة لداعش الأمر الذي سيضع عناصر داعش بين أحد خيارين: الاستسلام أو شنّ هجوم بكامل قواهم لإعادة فتح المعبر، حيث سيكون الجيش اللبناني وحزب الله بانتظارهم والقضاء عليهم بشكلٍ كامل».
وإزاء الحديث عن حملة عسكرية يحضّرها حزب الله لتطهير الجرود العرسالية من المسلحين، نفت مصادر عسكرية لـ«البناء» هذه المعلومات التي «يراد منها إذكاء نار الفتنة المذهبية»، مشيرة الى أن «الحزب قام بدوره بتطهير المساحات والمناطق الحدودية التي يستطيع الدخول اليها من الإرهابيين وسلّمها الى الجيش اللبناني الذي يستطيع استكمال تحرير باقي الجرود، بينما تشكل المقاومة قوة احتياط للمساندة عند الحاجة ولن تدخل مساحات تشكّل حساسية مذهبية».
«المستقبل» يواكب الضغط الخارجي على الجيش
وفي سياق آخر، ومواكبة للضغط الخارجي، اشتدت الحملة الداخلية على الجيش اللبناني لا سيما من «الفريق الأزرق» مع دخول النائب المتورط بقضية تزويد المجموعات المسلحة السورية بالسلاح، عقاب صقر، والمقرّب من الحريري، على خط التهجم والتحريض والتشكيك بالجيش والتمييز بين عناصره، مدعياً بأن «هناك أفراداً في الجيش أخطأوا بحق النازحين السوريين تجب محاسبتهم».
ويبدو أن الفئة التي ارتهنت للخارج وناصبت العداء للبنان وجيشه ومقاومته وشعبه المعادلة الذهبية ، تستمر بعدائها ضد أركان هذه المعادلة وتوزع الأدوار بينها لا سيما بعد الغطاء السياسي الذي وفره رئيس البلاد العماد ميشال عون للجيش، وبعد تزخيم فعاليته وحجم انتشاره وإنجازاته مع وجود العماد جوزيف عون على رأس قيادته ورفع اللبنانيين درجة التفافهم حول جيشهم. هذا المشهد أغاظ أعداء الجيش والمقاومة وعادوا الى نغمة مناصبة الجيش العداء والنيل منه، واللافت هذه المرة أن بعض الذين التزموا تجهيز الإرهابيين وإرسالهم الى سورية تحت عنوان تأمين الحليب والبطانيات الكاذبة عادوا اليوم الى لبنان ليمارسوا وظائفهم المأجورة من باب التصويب على الجيش واستفراد أفراد فيه.
وقال مصدر سياسي مطلع لـ«البناء» في معرض وصفه لهؤلاء، بأن «ما يقولونه يشكل عدواناً موصوفاً على المؤسسة الوطنية الكبرى ومرتكبيه يجهلون أو يتجاهلون عن حمق، أن الجيش أقوى مناعة مما يتصوّرون ولديه شعب يحتضنه وقيادة سياسية تؤمن له الغطاء اللازم وله الركن الثاني في المعادلة، المقاومة التي تسانده، وأن مناورة التصويب عليه لن تثنيه عن القيام بواجبه في مكافحة الإرهاب ولن تكلل بالنجاح في الفرز بين ضباط أو عناصر الجيش الذي يتسلّح بعقيدة وطنية خلافاً لدواعش السياسة».
لقاء إبراهيم و«الفصائل»
أمنياً أيضاً، أكد اللواء عباس إبراهيم خلال اجتماعه بممثلي الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية في سراي صيدا الحكومي في لقاء هو الأول بعد عملية تسليم المطلوب خالد السيّد في مخيم عين الحلوة، أن «ما فعلتموه هو خدمة كبيرة للأمن الفلسطيني واللبناني»، لافتاً الى أن «مرحلة ما قبل تسليم خالد السيد تختلف عمّا بعدها». وشدّد إبراهيم على ضرورة عدم اعتبار «مخيم عين الحلوة ملجأ للإرهاب والتعاطي مع هذا الملف على أنه سياسي إنساني وليس ملفاً أمنياً».
من جهتها، أجمعت القوى والفصائل على أن «قرار تسليم خالد السيد هو قرار فلسطيني اتخذ لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان وخطوة تصبّ في مواجهة العدو الإسرائيلي». وشدّدت القوى والفصائل على تسليم باقي المطلوبين الموجودين في المخيم والتزامها بالتعاون مع الأمن العام وباقي الأجهزة الأمنية لما لذلك من مصلحة لأمن لبنان».
سلامة: الأوضاع النقدية تتحسّن
في الشأن المالي، أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خلال لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا، تحسُّن الاوضاع النقدية خلال شهر حزيران الماضي، وقد ترجم ذلك بارتفاع موجودات المصرف.
المصدر: صحف