يستمر ملف النازحين السوريين دون بوادر حلحلة ملقياً بأثقاله الاقتصادية والاجتماعية على البلد المثقل اصلا بالازمات، وسط التأخر الداخلي بالملف مع الضغوط الخارجية لا سيما الاميركية التي تعرقله والتي اتى تصريح المتحدث باسم الخارجية الاميركية امس ليعكس جزءا منها. وتستمر مع كل ذلك موجة النزوح الجديدة، في وقت تظهر فيه مؤشرات امنية مقلقة متعلقة بمخيمات النزوح.
في جديد مواجهته عمليات التهريب للنازحين اعلن الجيش اللبناني اليوم ان وحدة من الجيش “أحبطت في منطقة حارة السماقة – جرود الهرمل محاولة تهريب 90 سوريًّا إلى لبنان بطريقة غير شرعية، وأوقفت المواطن (ح.ن.) المسؤول عن عملية التهريب”، واضاف “بوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص”.
في آخر التصريحات الغربية حول النازحين قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية سامويل ويربيرغ، إن بلاده لا تعتبر أن الظروف اليوم مواتية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم لكنها لا تقبل بوضعهم في لبنان.
وفي حديث تلفزيوني قال المسؤول الأميركي إن واشنطن “تشكر لبنان دولة وشعبا على استضافتهم اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، وعلينا مع الأمم المتحدة والدول الأخرى تقديم الدعم المالي للبنان بسبب تحمله هذه الأعباء لفترة طويلة”.
عرقلة العودة مستمرة
وتعليقا على ما أعلنه المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية سامويل ويربيرغ بأن “الظروف غير مؤاتية لعودة النازحين السوريين الى بلادهم” لفت مصدر سياسي لـ”البناء” الى أن هذا الكلام كشف حقيقة الموقف الأميركي الذي يعمل بالتعاون مع الأوروبيين على عرقلة عودة النازحين الى بلادهم والعمل على إبقائهم في الدولة المضيفة ودمجهم فيها. وهذا ما قرره المجلس الأوروبي منذ أشهر قليلة”. أما السبب وفق المصدر فهو “إبقاء الأزمة مستمرة لاستنزاف الاقتصاد السوري واللبناني والضغط السياسي على الدولة السورية وعلى لبنان وتحويل المخيمات الى ورقة أمنية “.
وحذر المصدر من أن “ربط عودة النازحين الى سورية بالحل السياسي في سورية، يعني تأجيل عودتهم الى سنوات طويلة الأمر الذي سيفاقم الأزمات في لبنان على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية”. وحمّل المصدر الحكومة اللبنانية ورئيسها بالدرجة الأولى مسؤولية المماطلة بمعالجة الأزمة قبل تفاقمها من خلال رفض التواصل الرسمي مع سورية على مستوى حكومة للتنسيق من أجل عودتهم وذلك استجابة للإملاءات الخارجية كما حمّل القوى السياسية التي شجعت وسهلت دخول النازحين الى لبنان منذ العام 2013،
وتساءل أي داتا المعلومات عن النازحين التي تسلمتها الحكومة والأجهزة من مفوضية شؤون اللاجئين؟ وهل فعلاً تمّ تسليمها؟ وأين أصبح تنفيذ القرارات الأخيرة التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته مطلع الشهر الحالي للحد من النزوح السوري الى لبنان؟
يشار انه في 15 تموز الماضي ظهر مجددا ان سياسة الدول الغربية بالضغط والحظر ضد سوريا والاستغلال السياسي لأزمة النازحين وعرقلة عودتهم هي سياسة متواصلة.. خلال مؤتمر بروكسل بعنوان “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” برزت مواقف اوروبية تناقض المناخات العربية الايجابية تجاه سوريا، ومواقف تدلّ أن تسهيل عودة النازحين الى بلدهم ليست السياسة الاوروبية في هذه المرحلة.
ورد الرئيس السابق العماد ميشال عون عبر مواقع التواصل على جوزيب بوريل قائلا: إن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيد “جوزيب بوريل” لا يريد التطبيع مع النظام السوري، وهذا شأنه، أما حديثه عن إبقاء النازحين في الدول المضيفة وربط عودتهم بالحل السياسي فهذا شأننا ومصير وطننا، ونرفضه جملة وتفصيلاً، ونرفض ان يدفع لبنان ثمن الحرب التي شُنَّت على سوريا.
اضاف إن مشروع دمج النازحين في المجتمع اللبناني هو تدمير ممنهج للبنان؛ وأسئلة مشروعة لا بد وأن تُطرح حول دور فرنسا وألمانيا في هذا الشأن: من منحهما حق التلاعب بمصير لبنان؟ لأجل ماذا؟ ولمصلحة من؟ وأي “مستقبل” لسوريا ولبنان تريدون “دعمه” وانتم تسعون لتخريب نسيج البلدين وضرب مقومات وجودهما؟!.
واشار إن مشروع الدمج يلغي عودة السوريين الى بلادهم وأرضهم مع ما يحمل ذلك من تداعيات على لبنان وعلى سوريا على مختلف الصعد، والتنسيق بين الدولتين ضرورة من أجل تحقيق العودة الكريمة والآمنة.
التنسيق مع سوريا
في هذا الوقت لا يزال الملف ينتظر ترجمة قرارات الحكومة اللبنانية التي اتخذت في 13 ايلول الجاري خطوة للتواصلِ معَ سوريا في ملف النازحين ، وجرى بعدها اتصالٌ بين الوزيرين عبد الله بوحبيب وفيصل المقداد تمهيداً للِّقاءِ بينَهما قريباً في دمشق.
وجدد المقداد التأكيد على أن سورية ترحب بعودة جميع اللاجئين السوريين إلى وطنهم وتقدم كل ما بوسعها لتسهيل عودتهم، مشدداً على أن ما يعيق عودتهم هي العواقب الناجمة عن استمرار الاحتلال التركي والأمريكي لشمال سورية الغربي وشمالها الشرقي ونهب ثرواتها، إضافة إلى الآثار الكارثية لاستمرار تطبيق الإجراءات الاقتصادية غير الشرعية المفروضة على سورية من قبل الدول الغربية المعادية للبنان وسورية.
بدوره أشار بو حبيب إلى أنه سيترأس وفداً رسمياً لبنانياً لزيارة سورية خلال فترة قصيرة لبحث قضية اللاجئين السوريين، معبراً عن حرص حكومة بلاده على التنسيق والتعاون مع سورية في هذا الإطار.
في الاسابيع الماضية كشف وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عصام شرف الدين، أن الدولة السورية مستعدة لاستقبال 180 ألف نازح كمرحلة أولى.
وأكد شرف الدين، في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن “الدولة السورية قدمت تسهيلات أكثر مما طلبت وزارة المهجرين اللبنانية بما يخص عودة النازحين السوريين، حيث سيتم استقبال 180 ألف نازح كمرحلة أولى، ومن ثم سيتم استقبال 15 ألف نازح كل شهر قابلة للزيادة”.
محاذير امنية
في المحاذير الامنية المتعلقة بالمخيمات السورية ذكرت صحيفة الاخبار ان منطقة بعلبك في البقاع الشمالي شهدت اشتباكاً مسلحاً بين نازحين سوريين داخل مخيميْن، استعملت فيه أسلحة حربية من سلاح رشاش ومسدّسات.
الإشكال وقع بين مخيّم الحماصنة ومخيّم أبو راس في سهل مجدلون. وعلى الأثر، حضرت قوة كبيرة من الجيش اللبناني. وخلال محاولتها توقيف المتورّطين، تعرّضت لإطلاق نار من داخل سيارة حاولت الفرار من المخيم وتبين أن بداخلها مطلوبين سوريين ومطلوباً لبنانياً وأسلحة، وسرعان ما أوقفهم الجيش.
وكانت كتبت الصحيفة تحت عنوان في مخيّمات النازحين أسلحة متوسّطة و«درونز» وأمن ذاتي!: تتكرّر عمليّات التوقيف داخل مخيّمات النازحين السوريين بمعدّل 10 أشخاص يومياً لارتباطهم بارتكاب أفعال جرميّة، إضافة إلى توقيف أكثر من 200 سوري يومياً من الذين يدخلون الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعيّة. اضافت: ارتفاع العدد ليس الأمر اللافت الوحيد في المداهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني، وإنّما نوعيّة المضبوطات، بعدما تكرّر العثور على مسدّسات تركية وأسلحة رشاشة متوسطة بحوزة الموقوفين، حتّى أضحت مداهمات بعض مخيّمات النزوح محفوفة بالمخاطر.
المصدر: موقع المنار +مواقع ووكالات