مدة التبريد ترفع حرارة السجال في الكيان الصهيوني
استمر السجال حول صلاحيات الجيش الصهيوني في ظل الحكومة الجديدة داخل الكيان حيث عبر الخبراء والمعلقون عن رفضهم القاطع للقوانين التي تحاول الحكومة اقرارها ولا سيما القوانين المتعلقة بالجيش وصلاحياته ، سياسيا لا يزال السجال منذ اتصال كوخافي بنتنياهو بين داعم لكوخافي كغانتس ولابيد ومهاجما له كسموتريتش وبن غفير ، بينما غابت التصريحات المباشرة على المستوى العسكري ليبرز مكانها تصريحات نقلا عن مصادر عسكرية فقط .
سجال سياسي مستمر
أدلى وزير الأمن المنتهية ولايته بني غانتس بتصريحات على خلفية الإتفاقات الإئتلافية ولاسيّما القوانين الجديدة التي قضمت من صلاحيات رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الصهيوني، وقضمت من مكانة المفوّض العام للشرطة. وأعرب غانتس عن قلقه حيال الحكومة الجديدة، التي يتوجّب عليها أن “تردع إيران، وليس رئيس الأركان أو المفوض”. وأضاف غانتس، الذي كان رئيساً للأركان سابقاً، أنّ “سموتريتش وبن غفير يَجُرّان الحكومة الجديدة باتجاهات متطرّفة للغاية، سيدفع المتديّنون المتعاونون معهما ثمن ذلك بأنفسهم”. وحذّر غانتس من أنّ الإتجاه الذي تسير نحوه إسرائيل “متطرّف وخطير أمنياً.”
ولفت غانتس إلى أنّه وافق بالتشاور مع رئيس الحكومة (السابق)، يائير لابيد، لرئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الصهيوني، الفريق أفيف كوخافي، ( الليكود يتراجع لن يتم الوفاء بالاتفاقات ) بالتواصل مع رئيس الحكومة الجديد، بنيامين نتنياهو، “نظراً لخطورة التصريحات المتلاحقة من جانب مُركّبات الإئتلاف وآخرها التلويح بتمديد فترة الإنتظار للعاملين في المؤسّسة الأمنية الساعين للإلتحاق بالعمل السياسي” (في إشارة إلى دعوة رئيس حزب الصهيونية الدينية، بتسلئل سموتريتش، لتعديل مدّة التبريد التي يُمنع خلالها على رئيس الأركان من ممارسة العمل السياسي بعد تركه منصبه، بحيث تصبح 10 سنوات، عوضاً عن 3).
وبدوره، حذّر عضو الكنيست من معسكر الدولة الذي يرأسه غانتس، غادي آيزنكوت (رئيس أركان سابق أيضاً) من أنّ إخراج تعيين الحاخام العسكري الرئيسي من يد رئيس الأركان ووزير الأمن يضرّ بالجيش الصهيوني كجيش رسمي وموحّد. وانضم إليه أيضاً عضو الكنيست السابق عن حزب ميرتس، نائب رئيس الأركان سابقاً، يائير غولان، في التحذير من المسّ بالجيش الصهيوني، وقال إنّه يوجد محاولات لمهاجمة إستقلالية الجيش في السياق المهني، داعياً ضبّاط الجيش وقادة الشرطة وقضاة المحكمة العليا، للإستقالة إذا تلقّوا أوامر أو مرّرت قوانين تشلّ قدرتهم على العمل من أجل مستقبل الكيان
الموقف العسكري
غاب الموقف العسكري الرسمي عن السجالات الحاصلة على المستوى السياسي والاعلامي حول التعرض لصلاحيات الجيش الصهيوني ن حيث لم يصدر عن المسؤولين الصهاينة من المستوى العسكري- الأمني، أيّ موقف “مباشر وعلني” .
اما المواقف والتصريحات فكانت منسوبة لجهات ومصادر عسكرية وامنية ، والتي تحدثت عن اقتراح نقل تعيين الحاخام العسكري الرئيسي في الجيش من يد رئيس الأركان إلى لجنة مشتركة مدنية– عسكرية معتبرة انه سابقة خطيرة ستمس بالقيادة العسكرية الصهيونية ، فالوحيد في الجيش الذي يعيّن ضبّاطاً رفيعي المستوى هو رئيس الأركان العامّة، ومن المناسب بقاء الأمر على حاله”.
نقلت تقارير إسرائيلية أنّهم في الجيش الإسرائيلي لا يحبّذون التلميحات بأنّ “الحكومة هي التي تشرّع، وعلى الجيش الإمتثال”. ولفتت التقارير إلى أنّه في الجيش الإسرائيلي حالياً، كلّ ضابط “يقيس كلماته ويحترس في كلامه. فكلّ كلمة تفحص داخل عقله لأنّه يعرف أنّ المسافة بين النيّة وإخراجها من سياقها تقوم على كلمة واحدة ليست في محلّها، في أيام تشهد غير قليل من محاولات إدخال الجيش إلى الخطاب السياسي، وواضح لكلّ من يلبس الزيّ العسكريّ أنّه آخر من يريد دخول هذه المعركة”.
و أفادت المصادر أنّهم في الجيش الصهيوني يقدّرون أنّه بعد أن تنال الحكومة الثقة، وبعد أن يتسلّم رئيس الأركان الجديد، هرتسي هليفي، منصبه (بعد أسابيع قليلة)، “سيحصل حوار مثمر بين المستوى السياسي والجيش، لتسوّى الأمور، ومن بينها مسألة صلاحيات التعيينات”.
رفض الخبراء الامنيون لقوانين الحكومة الجديدة
تصدّى عدد من الخبراء الصهاينة لما عدّوه خطراً على الجيش الصهيوني وأمن الكيان، فقال الرئيس السابق لشعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش – امان ، اللواء إحتياط عاموس يدلين، في مقابلة مع إذاعة صوت إسرائيل، إنّ ما يجري من سنّ قوانين خاصّة بـ بن غفير وسموتريتش، في الكنيست، هو إلغاء لموازين القوى، و”هذا أمر وضع إسرائيل في المكان، الذي يريدها فيه جميع الأعداء، بحيث ظهرت أنّها دولة عنصرية، غير ديمقراطية، وهذا يُلحق الضرر بالأمن القومي لإسرائيل”.
وبدوره، حذّر رئيس سابق آخر لـ”أمان”، اللواء إحتياط عاموس مالكا، في مقال كتبه في صحيفة “إسرائيل هيوم”، من أنّ إخضاع هيئات الجيش الإسرائيلي لوزراء مختلفين، ستكون له آثار بعيدة المدى. وأشار مالكا إلى وجود فارق جوهري بين بناء القوّة وبين تفعيل القوّة، حيث يوجد في تفعيل أيّ قوّة تنفيذية قاعدة حديدية، هي أنّ “كلّ قطاع عملاني، له قائد واحد تخضع له كلّ القوّات المخصّصة لهذا القطاع”. وأضاف مالكا أنّه “في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، تعمل تحت قيادة قائد المنطقة الوسطى قواتٌ تأتي من أجهزة مختلفة وفق منطقٍ عملاني واحد: قوّات برّية، جوّية، إستخبارات، شاباك وحرس حدود. وكلّها لها قائد تنفيذي واحد، وهو القائد العسكري”.
وانتقد مالكا تعيين الحاخام العسكري الرئيس في الجيش من قبل جهات مدنية وسياسية، وقال إنّه يوجد خطر في نقل مسؤولية تعيين لواء في الجيش الإسرائيلي إلى خارج صلاحيات رئيس الأركان، فالحاخام العسكري الرئيسي يترأس وحدة الحاخامية العسكرية، التي تضمّ مئات الضبّاط والعناصر. وحذّر مالكا أيضاً من أنّ هذا الوضع يثير قلقاً جوهرياً، من أن تجرّ هذه السابقة الخطيرة خلفها إجراءات مشابهة حيال النائب العام العسكري الرئيسي أو ضابط الطِب الرئيسي.
وخلص مالكا في ختام مقاله إلى ضرورة أن يكون الجيش الصهيوني، الذي هو جهاز موحّد، تحت قيادة واحدة ومسؤولية واحدة.
في الخلاصة فان القوانين التي تحاول حكومة نتنياهو تمريرها ، تظهر شرخا كبيرا بين المستوى السياسي والمستوى العسكري داخل الكيان المؤقت ، وتدل على وجود خللٍ عميق في البنية الأساسية للتنسيق بين الجيش والحكومة ، وحذّر اعلاميون من أنّ الجيش الصهيوني سيُفرَض عليه الإذعان لتعليمات مباشرة من وزيرين متطرّفين (سموتريتش وبن غافير)، تَستمِد عقيدتهما مصادرها من أيديولوجية دينية– قومية، رأت طوال سنوات في الجيش الصهيوني على أنّه “جهة معادية”، يخدم حكومات غير مناسبة هدفها إفشال مشروع الإستيطان.
أخيرا وبحسب معلقون صهاينة فان ما يظهر مدى سخرية الوضع هو “قانون درعي ” إذ في الوقت الذي يَسنّ فيه الكنيست “قانون درعي”، الذي يسمح لمجرم مُدان بأن يكون وزيراً، يسعى الكنيست نفسه إلى إطالة مدّة التجميد التي تُفرض على رؤساء الأركان.
المصدر: قناة المنار