الأربعاء   
   16 07 2025   
   20 محرم 1447   
   بيروت 03:57

العدوان على لبنان.. “الفيتو” الخارجي يمنع تسليح الجيش

ذوالفقار ضاهر

“من يتحدّث عن صداقته للبنان، فليُعطِ جيشنا سلاحًا دفاعيًا ليحمي الوطن في وجه العدو الإسرائيلي. نحن من أوائل الدعاة إلى الدولة اللبنانيّة، ولا نشكّك في وطنيّة أحد، والجيش هو جيشنا، ولكن هناك فيتو خارجي يمنع تسليح الجيش”، هذا هو النداء الذي أطلقه عضو كتلة “الوفاء للمقاومة”، النائب إبراهيم الموسوي، في كلمته خلال الجلسة النيابية لمساءلة الحكومة التي يترأسها نواف سلام.

وكلام الموسوي يفتح الباب أمام سيل من التساؤلات، خاصةً تلك التي تُوجَّه إلى الجهات الدولية والإقليمية، ومن يقف خلفها في الداخل اللبناني، والتي لا تتوقّف عن التعرّض لعناصر قوّة لبنان في ظلّ الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، وتواصل طرح المطالب الأميركية–الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة، لا سيّما ذاك الذي يُشكّل خطرًا على كيان العدوّ الصهيوني. وهذا ما أعلنه المبعوث الأميركي توم باراك، الذي يُفترض أن تكون بلاده ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وكان الأجدى بها أن تمنع العدو وتضغط عليه لوقف اعتداءاته على بلدنا.

والواقع يُظهر أن الأميركي منحاز بشكل كامل للعدو، ويُغطي عدوانه على لبنان، ما يؤكّد المؤكّد: أن الأميركي هو وسيط غير نزيه، ويعمل لتأمين مصلحة العدو وأمنه واستقراره، ولا يُعيره أي اهتمام للبنان ومصالحه. فكلّ ما يهمّه هو نزع كلّ عناصر القوّة من لبنان، طالما أنها تُشكّل تهديدًا على كيان العدو، وبعد ذلك لا يهم الإدارة الأميركية إن تمّ الاعتداء على لبنان وانتهاك سيادته وقتل شعبه، كما يجري يوميًا منذ ما يقارب تسعة أشهر، وكما يحدث في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

بالمقابل، لم تُقدّم الولايات المتحدة أي شيء يضمن للبنان حماية أمنه وسيادته واستقراره. فالأميركي يطلب فقط، ولا يُقدّم سوى خطابات إعلامية ودعمٍ صوري، غير قابل للصرف في عالم الواقع، ولا في ميادين الأمن والعسكر. فماذا قدّمت الإدارة الأميركية للبنان منذ ما قبل العدوان الصهيوني الأخير؟ هل ساعدت في منع العدوان أو في إيقافه؟ هل منعت قتل وجرح آلاف اللبنانيين على مرأى ومسمع من العالم كله؟ وهل، بعد وقف العدوان، عملت الولايات المتحدة للضغط على العدوّ لمنعه من استئناف اعتداءاته؟ هل قدّمت الإدارة الأميركية أي دعم عسكري حقيقي للجيش اللبناني، سواء في مجال الدفاع الجوي، أو سلاح الجو، أو غيرها من تقنيات المواجهة الضرورية لأي عدوان؟ أم أنّ على لبنان أن يواجه العدوانية الإسرائيلية بالكلام والبيانات، والتسوّل على أبواب السفارات وأعتاب الدول الغربية والإقليمية؟

والحقيقة أن أميركا لا تكتفي بمنع تسليح الجيش وتقوية لبنان في مواجهة العدوانية الصهيونية، بل تتناغم إدارتها مع العدوّ في تنفيذ اعتداءاته، عبر استخدام أساليب الترهيب حينًا، والترغيب أحيانًا أخرى. والواقع أنها تُغطي العدوان وتُساهم في تنفيذه بمختلف الأشكال؛ فهي تواصل تسليح العدو بأقوى أنواع الأسلحة، وتُقدّم له كلّ الدعم الاستخباراتي والسياسي والإعلامي، كما تنخرط فعليًا في تنفيذ المشروع الإسرائيلي لإخضاع لبنان وتركه لقمة سائغة أمام المجرم الصهيوني المتوحّش.

وكأحد تجليات سياسة “العصا والجزرة” الأميركية تجاه لبنان، قال توماس باراك خلال زيارته إلى بيروت مؤخرًا: “لبنان ما زال مفتاح المنطقة، ويمكن أن يكون لؤلؤة المتوسّط، ويمكنكم أن تكونوا القادة، خصوصًا أنكم كنتم سويسرا الشرق”، وأضاف: “لكن لن يأتي أحد إلى لبنان إن كنتم في حرب. لقد حان الوقت، واليوم لديكم رئيس أميركي (ترامب) يقف إلى جانبكم، لديه شجاعة كبيرة، ولكن ليس الصبر الطويل…”.

وفي هذا الإطار، قال حزب الله في بيان له، الثلاثاء 15-7-2025: “الولايات المتحدة الأميركية التي تتهرّب من التزاماتها كجهةٍ ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، وتلتفّ عليه اليوم بمبادرات لا تراعي إلا مصالح العدوّ الإسرائيلي وأمنه، محاولةً إيهام اللبنانيين بأنها الحريصة على استقرار لبنان وأمنه ووحدته، وأنها الداعمة له، فيما هي تُطلق العنان لهذا العدوّ الصهيوني المتوحّش ليعيث دمارًا وقتلًا في لبنان”.

ويبقى الإشارة إلى أنّ الشعب اللبناني، وتحديدًا بيئة المقاومة، لن يخضع لكلّ هذه الضغوط، أيًّا كان شكلها ومصدرها. وكما أكّد حزب الله في بيانه: “الشعب اللبناني المقاوم، الذي لم ينم يومًا على ضيم، سيزداد ثباتًا وصلابة، وتمسّكًا بخياراته الوطنية، المقاومة كخيار لازم لمواجهة العدو وكبح عدوانه، وصون كرامة لبنان وسيادته”.

المصدر: موقع المنار