خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي ينظمه حزب الله في مدينة النبطية بمشاركة وحضور مسؤول منطقة جبل عامل الثانية في حزب الله الحاج علي ضعون، ولفيف من الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية، وعلماء دين، وعوائل الشهداء والجرحى، وحشد غفير من الأهالي، ألقى الوزير والنائب السابق محمد فنيش كلمة سياسية وجدانية، استلهم فيها معاني عاشوراء وربطها بالواقع السياسي الراهن والتحديات التي تواجه لبنان والمنطقة.
في مستهل كلمته، أضاف فنيش أنّ المقاومة خاضت حرباً قاسية انتهت بمبادرة أميركية لوقف الأعمال العدائية، مشدداً على أنّ هذه المبادرة لم تكن منّة من أحد، بل جاءت نتيجة صمود المقاومة وصبر اللبنانيين والتفافهم حول خيار الدفاع عن الوطن ، وأكد أن الحكومة اللبنانية آنذاك قبلت بهذه المبادرة بوعي كامل، وحرصاً على مصلحة لبنان، إدراكاً منها أن وقف الأعمال العدائية، وتنفيذ العدو الإسرائيلي لالتزاماته بالانسحاب، يصبّ في خدمة المصلحة الوطنية العليا.
ولفت فنيش إلى أنّ المقاومة، ومنذ اللحظة الأولى، التزمت بكل ما نصت عليه اتفاقية وقف الأعمال العدائية، وتعاملت معها بإيجابية ومسؤولية، بينما العدو الإسرائيلي، الذي يحظى بالدعم الأميركي الدائم، لم يلتزم بأيّ من تعهداته، وواصل خروقاته للسيادة اللبنانية، مستنداً إلى غطاء سياسي وعسكري دولي.
وأشار إلى أنّ التجربة أثبتت بالدليل القاطع أن العدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يلتزم بأي اتفاق دون وجود قوة رادعة تفرض عليه احترام سيادة لبنان وحقوقه، وأضاف أن هذا الواقع يتكرر اليوم مع ما جرى ويجري على مستوى المنطقة، وخاصة مع الحرب الأخيرة التي شنها العدوّ على الجمهورية الإسلامية في إيران.
وفي مقاربته للعدوان على إيران، رأى فنيش أنّ الذريعة المعلنة كانت منع إيران من امتلاك السلاح النووي، لكن الحقيقة هي أعمق وأخطر، وهي محاولة كسر إرادة الجمهورية الإسلامية، وإضعاف قدرتها على دعم حركات المقاومة في المنطقة، وفرض معادلات سياسية جديدة تخدم المشروع الصهيوني والأميركي.
وأردف أنّ إيران، التي لطالما أكدت حقها المشروع في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وأثبتت التزامها الكامل بكل المعايير الدولية وبالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واجهت هذا العدوان بردّ قويّ، نوعي، ومدروس، استهدف مراكز حساسة للعدو، وكشف هشاشته وضعفه.
وشدد فنيش على أنّ العدو الإسرائيلي، رغم اعتماده على شبكات الدفاع الجوي المتطورة، والدعم المباشر من العديد من الدول الغربية، وحتى من بعض الأنظمة العربية المجاورة لفلسطين المحتلة، لم يتمكن من صدّ الضربات الإيرانية التي كانت دقيقة ومؤلمة، وبلغت أهدافها الاستراتيجية داخل عمق الكيان.
ولفت إلى أنّ العدو حتى هذه اللحظة يتكتم على حجم خسائره الحقيقية، ويخشى الإعلان عنها، خوفاً من تداعيات داخلية وأمنية وسياسية، وهو ما اضطره إلى الاستنجاد بالتدخل الأميركي العاجل لوقف التصعيد، تجنباً لانزلاق الأمور إلى حرب شاملة لا يستطيع تحمل تبعاتها.
أما في الشأن اللبناني، جدد فنيش التأكيد على موقف المقاومة الثابت، الرافض لأيّ طروحات أو تفاهمات جديدة تتعلق بسلاح المقاومة، قبل التزام العدو الإسرائيلي الكامل بما نصت عليه اتفاقية وقف الأعمال العدائية، وقبل استعادة لبنان لجميع حقوقه السيادية، من أرض ومياه وثروات.
وأوضح أنّ المقاومة ليست في نزاع مع الدولة اللبنانية، بل حريصة على التنسيق والتفاهم معها، وتفويضها متابعة تنفيذ الاتفاقية، ولكن من دون التفريط بحقوق لبنان الوطنية، وأكد أن أي حديث عن دور المقاومة أو مستقبلها يجب أن يكون ضمن سياق مصلحة لبنان العليا، وضمن شروط واضحة، أبرزها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووقف كلّ أشكال الخروقات والانتهاكات للسيادة اللبنانية.
وأردف فنيش قائلاً: “نحن لا نخضع لأيّ ضغط خارجي، ولا نسمح لأيّ جهة خارجية، سواء كانت أميركية أو غيرها، أن تملي على اللبنانيين كيف يحمون وطنهم وكرامتهم”.
وشدد على أنّ محاولات بعض الأطراف اللبنانية المحلية ترديد مواقف تتماهى مع الطروحات الأميركية والإسرائيلية، لن تجدي نفعاً، بل ستضر بمصلحة لبنان،ودعا هؤلاء إلى الاتعاظ من تجاربهم السابقة، وعدم تكرار أخطاء الماضي، وعدم التحول إلى أدوات في خدمة المشروع الصهيوني.
وقال فنيش: “نحن في المقاومة سنظل أوفياء لقضيتنا، لقضية الشهداء، لقضية الإمام الحسين وكربلاء، التي علمتنا أن نصمد، أن نثبت، وأن نقدم التضحيات في سبيل كرامة أوطاننا وحريتنا”.
وختم كلمته بالتأكيد على أنّ المقاومة، برغم كل التضحيات، ماضية في أداء واجبها الوطني، وستبقى الضمانة الحقيقية لسيادة لبنان واستقلاله، ولن تتراجع عن هذا الدور، لأن حماية لبنان وشعبه أمانة في أعناقها.
المصدر: العلاقات الاعلامية