الثلاثاء   
   09 12 2025   
   18 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 00:08

فيديوغراف | طريق التنمية الاستراتيجي في العراق.. مشروع محوري بين الخليج وأوروبا

يمثّل طريق التنمية أحد أضخم مشاريع البنى التحتية في العراق والمنطقة، إذ يهدف إلى ربط ميناء الفاو الكبير في البصرة بالحدود التركية عبر ممر برّي وسككي يعيد تموضع العراق كمركز تجاري ولوجستي بين آسيا وأوروبا، في إطار رؤية لتحويله إلى محور جيو–اقتصادي إقليمي بديل أو مكمّل لمسارات قائمة مثل قناة السويس.​

يمتد مشروع طريق التنمية من أقصى جنوب العراق عند ميناء الفاو في البصرة وصولاً إلى الحدود مع تركيا في الشمال، عبر مسار يدمج طريقاً دولياً سريعاً مع شبكة سكك حديدية مزدوجة، مروراً بمحافظات رئيسية مثل البصرة، والنجف، وكربلاء، وبغداد، والموصل، قبل الاتصال بالشبكة التركية ومن خلالها بالأسواق الأوروبية. ويُقدَّر طول هذا الممر بنحو 1,200 كيلومتر، مع تصوّر مستقبلي لربطٍ أوسع يمتد من الخليج حتى الموانئ الأوروبية، ما يعزز موقع العراق كحلقة وصل في سلاسل التوريد العالمية.​

افتتح رئيس الوزراء العراقي المقطع الأول من هذا الطريق الذي يربط بين ميناء الفاو وطريق البصرة الدولي، في خطوة رمزية تؤشر إلى انتقال المشروع من خانة التخطيط إلى التنفيذ المرحلي، ومن شأنها تعزيز ثقة المستثمرين الإقليميين والدوليين بجدية بغداد في إنجاز هذا الممر.​

يرتكز طريق التنمية على حزمة مشاريع كبرى في ميناء الفاو، أبرزها الأرصفة الخمسة التي أُعلن إنجازها بالكامل، والقناة الملاحية التي اكتمل تنفيذها تقريباً، وساحة مناولة الحاويات التي بلغت نسبة إنجازها مستويات تجاوزت 90 في المئة، ما يجعل الميناء مرشحاً ليكون نقطة استقبال وتوزيع أساسية للبضائع القادمة من آسيا. هذه البنى التحتية البحرية تشكّل بوابة المشروع على الخليج، وتمنحه القدرة على جذب خطوط ملاحية تبحث عن خيارات أقل كلفة وأسرع زمناً مقارنة بالمسارات التقليدية.​

أما “النفق المغمور” تحت خور الزبير، فيُعدّ من أكثر مفاصل المشروع حساسية ورمزية، فهو أول نفق من نوعه في المنطقة بطول إجمالي يقارب 2,444 متراً، منها أكثر من 1,200 متر مغمورة تحت الماء، وبعمق يقارب 28 متراً، وبنسبة إنجاز قاربت أربعة أخماس العمل.

صُمّم هذا النفق ليكون ممراً مزدوجاً للمركبات والقطارات، رابطاً ميناء الفاو الكبير بالطريق الدولي، وبذلك يشكّل عقدة الوصل بين البوابة البحرية ومسار النقل البري نحو الداخل العراقي ثم تركيا وأوروبا.​

يقدَّم طريق التنمية على أنه محور جيو–اقتصادي إقليمي، يربط مياه الخليج بعمق السوق الأوروبية عبر ممر بري–سككي يمكنه تقليص زمن وكلفة نقل البضائع قياساً بالمسار البحري التقليدي الذي يمر عبر باب المندب وقناة السويس وصولاً إلى الموانئ الأوروبية.

دراسات عدة تشير إلى أن الممر المقترح يمكن أن يخفض زمن العبور بين آسيا وأوروبا بما بين 10 و15 يوماً مقارنة بالمسارات البحرية الحالية، ما يمنحه ميزة تنافسية في ظل المخاطر المتزايدة على طرق الملاحة البحرية العالمية.​

هذا الترتيب يجعل من طريق التنمية منافساً أو مكمّلاً محتملاً لقناة السويس، من خلال توفير “قناة يابسة” تربط الخليج بأوروبا، مع ما يرافق ذلك من إنشاء مناطق لوجستية وصناعية على طول المسار، يمكن أن تعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية للعراق وتزيد من وزنه التفاوضي في توازنات الطاقة والتجارة الإقليمية.​

المصدر: موقع المنار