الأربعاء   
   03 12 2025   
   12 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 10:02

الصحافة اليوم: 3-12-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 3 كانون الاول 2025 العديد من الملفات والمواضيع المحلية والاقليمية والدولية…

الاخبار:

نتنياهو في واشنطن للمرّة الخامسة: الحرب لم تقُل كلمتها الأخيرة

يُعقد خلال الأسبوعين المقبلين، بحسب الصحافة الإسرائيلية، اجتماع بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، هو الخامس من نوعه منذ تولّي الأول السلطة قبل 10 أشهر. وجرى الترتيب للاجتماع الجديد خلال مكالمة هاتفية بين الرجلين، تمحورت حول سوريا – وفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو -، وتُعدّ هي أيضاً واحدة من عشرات المكالمات التي تمّت بينهما خلال الفترة نفسها؛ علماً أن ترامب واكبها بمنشور على منصته «تروث سوشيال» يطلب فيه من مُحدّثه «عدم التدخّل في (مسار) تطوّر سوريا إلى دولة مزدهرة».

وإذا كان تطوُّر الأوضاع في الشرق الأوسط خلال تلك الفترة، قد يبرّر هذا الكم من الاجتماعات والاتصالات بين الرجلين، إلا أن طابع العجلة للدعوة الجديدة التي وجّهها ترامب إلى نتنياهو، لا تفسّره إلا احتمالات تدهور الوضع مع إيران وحلفائها في المنطقة في المرحلة المقبلة. ومن هنا، يصبح ما لم يتضمّنه البيان الإسرائيلي، أهمّ مما ورد فيه، ولا سيما في ظلّ التهديدات المتزايدة بين تل أبيب وطهران، وفي ظل سياسة الخداع التي مارسها الرجلان قبل حرب الـ 12 يوماً على إيران في حزيران الماضي.
من الواضح أن كلّ التحرّكات الدبلوماسية الأميركية الحالية في المنطقة تستهدف تطويق إيران، وإضعاف نفوذها أينما كان موجوداً، ولا سيما في المحيط المباشر لإسرائيل. ولذلك، فإن الضغط الأميركي الأقوى يمارَس، في هذه الأثناء، في ساحتين أكثر ممّا يُسلَّط في غيرهما – هما العراق ولبنان -، على أمل أن يؤدّي إلى تغييرات تُغني عن الحرب.

ما يريده ترامب، في الواقع، هو إحكام السيطرة على هذه المنطقة تماماً؛ وهذا له مدخل وحيد هو الضغط على إيران لإجبارها على التنازل، بما في ذلك من خلال الحرب التي تستهدفها مباشرة أو التي تستهدف حلفاءها، إذ تأمل واشنطن، من خلال تلك الأدوات، إفساح المجال أمام تغيير جوهري في ميزان القوى الإقليمي، وفق ترتيبات مختلفة ترعاها هي، وتتضمّن سوريا والسعودية وغيرهما من الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا، على أن يكون محورها ترسيخ حكم الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع.

جلّ الحركة الدبلوماسية الأميركية في المنطقة يتركّز على إضعاف إيران

وإذا كانت الأطراف المذكورة لا تستطيع السير في أيّ مشروع من هذا النوع، من دون التوصّل إلى حلّ مقبول لديها لقطاع غزة، يُخرِج حركة «حماس» من الحكم – إنما بطريقة مختلفة، وببدائل مغايرة لتلك التي تريدها إسرائيل -، فإن حسابات نتنياهو تبدو في مكان آخر تماماً. فهو يريد أن يكون الأمر كلّه بيد إسرائيل، وبيده شخصياً، وذلك لاستكمال حروبه، وتحقيق الأهداف التوسّعية والأمنية التي وضعها لها، وهو ما يتطلّب، حتماً، المحافظة على التحالف الذي يشكّل الحكومة، أقلّه حتى الانتخابات المقبلة، التي يعتقد «بيبي» أن الوضع الحالي يضمن له الفوز فيها.

على أن المُتغيّر الكبير الذي تحصل في ظلّه زيارة نتنياهو، هو الهزّة السياسية الكبرى التي تسبّب بها طلبه من رئيس الدولة، إسحق هيرتسوغ، إصدار عفو عنه في قضايا الفساد التي يُحاكم فيها؛ وهو طلب كان ترامب نفسه تقدّم به خلال زيارته لإسرائيل في تشرين الأول الماضي، إذ سيكون لهذا التحوّل تأثير كبير على مسار الحروب الدائرة حالياً، كونه يضع نتنياهو في موقع أضعف لتنفيذ برنامجه الخاص، ويجعله قابلاً للمساومة أكثر من ذي قبل، ما يتيح للبرنامج الأميركي في شأن سوريا وغزة أن يتقدّم خطوة على برنامج نتنياهو وحكومته اليمينية.

أما الوضع مع إيران ولبنان والعراق، فهو أكثر غموضاً؛ فالأميركيون يلوّحون يومياً للبنانيين بالعصا الإسرائيلية، إذا لم يتمّ نزع سلاح «حزب الله»، وذلك كجزء من السعي لإضعاف طهران. وفي العراق، استدعى الأمر زيارة من المبعوث الخاص إلى سوريا، والمُكلّف بملف لبنان، توم برّاك، إلى بغداد لنقل تهديد بضربة إسرائيلية قد تتعرّض لها الأخيرة إذا تدخّلت الفصائل العراقية لمصلحة «حزب الله»، الذي تستعدّ إسرائيل، بحسب ما سُرّب عنه، لتوجيه ضربة وشيكة إليه. وبالإضافة إلى ما تقدّم، يعتقد دبلوماسي أوروبي نقَل تصريحاته موقع «واينت»، أن إسرائيل قد تشن حرباً جديدة على إيران، خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وهي مدّة انتهاء ولاية نتنياهو، إذا لم تجرِ انتخابات مبكرة، وفي حال لم يطرأ أيّ جديد يحول دون ذلك في المفاوضات المتوقّفة حالياً بين واشنطن وطهران.

إسرائيل تواصل التهديد والبابا لم يكن بعيداً عن الضغط لـ«الحوار»: عون قرّر إبلاغ واشنطن تكليف سالم بمحاورة إسرائيل

ما إن غادرت طائرة البابا لاوون الرابع عشر بيروت، بعد زيارة استمرّت ثلاثة أيام تحت شعار «طوبى لفاعلي السلام»، حتى وجد اللبنانيون أنفسهم في حالة استنفار جديد بانتظار شبح حرب يلوّح بها العدوّ الإسرائيلي منذ أسابيع، مع تحديد نهاية الشهر الجاري موعداً محتملاً لبدء جولة تصعيد جديدة، فيما نقلت تسريبات أن احتمال اندلاع الحرب يبقى قائماً في أي لحظة بعد مغادرة البابا.

هذه الأجواء القاتمة تعزّزت مع إعلان وزير خارجية العدوّ جدعون ساعر أن «حزب الله هو من ينتهك السيادة اللبنانية، وأن نزع سلاحه يبقى مسألة أساسية لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل». وفي ظل هذا المناخ، يترقّب لبنان اليوم اجتماع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم)، بمشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي وصلت إلى تل أبيب أمس والتقت رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس.

وفي سياق الحملة المفتوحة على حزب الله، تبيّن أن ما تحدّث عنه زوّار العاصمة الأميركية قبل مدة، لجهة اعتبار الحزب «خطراً على المجتمع اللبناني»، لم يكن سوى صافرة انطلاق لحملة جديدة أطلقتها إسرائيل أمس، ويتوقّع أن تتوسّع بمشاركة قنوات إعلامية عربية وسياسيين وإعلاميين لبنانيين. وتتركّز هذه الحملة على تصوير الحزب كمنظمة إجرامية خارجة عن القانون، والدفع نحو المطالبة بحظره بالكامل.

وفي هذا الإطار، نشر جيش الاحتلال أمس ما قال إنها «معلومات» حول قيام حزب الله بتصفية شخصيات لبنانية «تمتلك معلومات» عن دوره في انفجار مرفأ بيروت. وقد جاء البيان ركيكاً ومليئاً بالثغرات، حيث عرض صور أربعة لبنانيين قُتلوا في ظروف غامضة خلال العقد الأخير، مدّعياً أن «وحدة سرية في حزب الله» نفّذت عمليات قتلهم لأنهم «عرفوا أكثر مما يجب عن انفجار المرفأ». وأشار البيان الاحتلال إلى أن الأربعة هم جوزيف سكاف الذي قُتل عام 2017، ومنير أبو رجيلي الذي قُتل في كانون الأول 2020، والمصوّر جو بجاني الذي اغتيل في الشهر نفسه، إضافة إلى الناشط لقمان سليم الذي قُتل في شباط 2021.

عودة التوتّر السياسي
وما إن غادرت طائرة البابا، الذي حثّ اللبنانيين في بيروت على الحوار ونزع السلاح من القلوب، حتى عادت قضية المفاوضات مع إسرائيل إلى الواجهة. فقد علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية جوزيف عون سيُبلغ أورتاغوس رسمياً بأن لبنان «اختار بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لتمثيله في المفاوضات»، وأنه سيكلّفه بعقد اجتماع مع مندوب إسرائيلي برعاية أميركية لإطلاق المسار التفاوضي.

وكشفت مصادر متابعة أن قرار عون الذي التقى سالم قبل أيام من زيارة البابا، «أحدث توتراً بين بعبدا وحارة حريك، وأثار استياءً في عين التينة»، لا سيما أن لبنان لم يحسم بعد آلية التفاوض، وطبيعة الوفد المفاوض، ولا شكل المفاوضات، ولأن عون «اتخذ القرار منفرداً، من دون التشاور مع أحد، حتى في اختيار سالم، ومن غير الواضح إذا كان التفاوض سيتم عبر الميكانيزم أو عبر قناة أخرى».

وتوقّعت المصادر أن تتّسع الهوّة حول هذا الملف، خصوصاً أن عون، الذي تحدّث خلال زيارة البابا عن «السلام بين أبناء إبراهيم»، سيستند إلى ما قاله البابا لدعم قبل مغادرته لبنان، بأن «الأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوار فتبني».

انتقل العدو إلى مرحلة جديدة من الحملة على المقاومة بالتناغم مع برنامج أميركي لشيطنة الحزب وتحويله إلى منظمة إجرامية

وبعد وصوله إلى روما، نقل موقع «سكاي نيوز» عن البابا قوله إن «الفاتيكان سيواصل السعي لإقناع الأطراف في لبنان بالتخلّي عن السلاح والعنف والالتزام بالحوار». ونقلت المؤسسة اللبنانية للإرسال عن البابا، في ردّه على سؤال لـLBCI حول إيصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساهمة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية، قوله: «تواصلت وسأتواصل مع القادة لإحلال السلام».

وفي السياق نفسه، تردّدت أمس معلومات عن دور يقوم به السفير البابوي في لبنان، المونسنيور باولو بورجيا، في ملف المفاوضات. ونقلت شخصيات لبنانية التقته في اليومين الماضيين أنه «طمأنها بأن لا حرب في المدى المنظور»، وأن البابا «سمع كلاماً واضحاً من المسؤولين اللبنانيين، وسيجري اتصالات إقليمية ودولية بهدف خفض التوتر والدفع باتجاه مفاوضات جدّية».

وفي موازاة ذلك، تحدثت «القناة 14» الإسرائيلية، القريبة من نتنياهو، عن «وساطة تعمل عليها القاهرة بين إسرائيل وحزب الله لمنع اندلاع مواجهة واسعة»، مشيرة إلى أن «حزب الله يرفض حتى الآن هذه الوساطة بحجة أنه لا يريد تجاوز الحكومة اللبنانية». وأضافت القناة أن «دخول مصر على هذا الخط يُعدّ إشارة واضحة إلى مدى اقتراب الوضع في الشمال من الانفجار».

التهديد الإسرائيلي المتواصل
ومع توالي التقارير الصادرة في الأيام الأخيرة عن وسائل إعلام أجنبية وإسرائيلية حول احتمال تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة ضد بنى حزب الله في لبنان، وسط ما تصفه تل أبيب بـ«التعاظم الخطير والمتسارع» لقدرات الحزب بعد وقف إطلاق النار نهاية عام 2024، نقل موقع «والاه» الإسرائيلي عن «مصادر أمنية وسياسية» قولها إن «احتمالات التصعيد باتت مرتفعة، وإن صبر إسرائيل شارف على النفاد، فيما يواصل حزب الله إعادة بناء قوته العسكرية بوتيرة كاملة».

وبحسب الموقع نفسه، فإن «القيادة السياسية في إسرائيل وجّهت رسائل تهديد واضحة إلى لبنان عبر الوسطاء، محذّرة من أنّ استمرار سباق التسلّح الذي يقوده حزب الله سيدفع إسرائيل إلى خطوات أكبر وأكثر تشدّداً».

وأضاف الموقع أنّ تل أبيب «كانت تعتقد أن الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب خلال عملية سهام الشمال بين أيلول وتشرين الثاني 2024 ستمنح الحكومة اللبنانية والجيش فرصة فعلية لفرض سلطة الدولة في الجنوب، لكنّ النتائج جاءت معاكسة». ووفق «والاه»، فإن «حزب الله، بقيادة أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، استأنف عملية إعادة بناء قوته على نطاق واسع، وشمل ذلك تعزيز منظومات الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وتطوير قدرات قتالية جديدة، وإنشاء مراكز قيادة وغرف عمليات وبنى تحت الأرض، فضلاً عن تدريب عناصر جدد ورفع مستوى التأهيل العسكري».

وأضاف الموقع أنّ «الجيش الإسرائيلي كان قريباً من تنفيذ ضربات تحذيرية داخل بيروت، غير أنّ تلك العمليات جُمّدت مراراً تحت ضغط الإدارة الأميركية، قبل أن يُسمح الأسبوع الماضي بتخفيف بعض القيود، ما أتاح تنفيذ عمليات نوعية في مناطق لبنانية عدّة باستثناء العاصمة».

وفي هذا السياق، أكّد دبلوماسي أوروبي في حديث إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «ثمّة خطراً متزايداً من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية عقب اغتيال أحد قياديّي حزب الله»، مشدّداً على أنّ «من حقّ إسرائيل أن تتحرّك إذا حاول الحزب استعادة نشاطه في جنوب لبنان». وكشف الدبلوماسي أنّ «إسرائيل قد تُقدم على توجيه ضربة إلى إيران خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة»، لكنه أشار في المقابل إلى أنّ «واشنطن لن تسمح لإسرائيل في المدى القريب بشنّ هجوم واسع على إيران، حفاظاً على خطّتها المتعلقة بغزة».

ضغوط أميركية «شكلية» على إسرائيل | نتنياهو لا يتراجع: نريد «منطقة عازلة»

يُظهر تمسّك نتنياهو بفرض «منطقة عازلة» في الجنوب السوري حدود الضغوط الأميركية الشكلية، في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام أميركية أن مسؤولين في الإدارة الأميركية انتقدوا نهج نتنياهو في سوريا.

على وقع التصعيد الإسرائيلي المستمرّ في الجنوب السوري، بما فيه الاعتداء على منطقة بيت جن على أطراف دمشق، والذي ذهب ضحيته 14 شهيداً وأُصيب آخرون، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمسّكه بموقفه المعلن حول إقامة منطقة عازلة في الجنوب، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالمناطق التي احتلّتها إسرائيل بعد سقوط النظام السابق، بما فيها قمة جبل الشيخ ومنابع المياه العذبة. وجاءت تصريحات نتنياهو بعد تداول تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية عن وصول المفاوضات مع دمشق إلى طريق مسدود، لتكون بمثابة ردّ مباشر على الدعوة التي وجّهها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لـ«الحوار بين دمشق وتل أبيب».

وكان ترامب قال، في منشور له على منصته الخاصة «تروث سوشيال»، إنه يجب «أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وصادق مع سوريا»، معتبراً أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، «يعمل بجدٍّ لضمان تحقيق النتائج الإيجابية»، مضيفاً أن «هذه الجهود تمثّل فرصة تاريخية لتعزيز علاقة طويلة ومزدهرة بين سوريا وإسرائيل». ولفت إلى أن «هذه الخطوة تأتي ضمن النجاحات التي تحقّقت من أجل بلوغ السلام في الشرق الأوسط»، معرباً عن رضى بلاده التام عن النتائج التي أُنجزت في سوريا. وبعد ساعات من منشوره، دعا الرئيس الأميركي، نتنياهو، خلال اتصال هاتفي بينهما، لزيارة البيت الأبيض في «المستقبل القريب».

وفي ردّه، قال نتنياهو، في أثناء زيارة لجنود جرحى، إن «ما نتوقّعه من سوريا هو، بالطبع، إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح من دمشق إلى المنطقة العازلة، بما في ذلك مداخل جبل الشيخ وقمة جبل الشيخ». وأضاف: «نحتفظ بهذه المناطق لضمان أمن مواطني إسرائيل، وهذا ما يلزمنا (…) عبر النية الحسنة وفهم هذه المبادئ، يُمكن التوصّل إلى اتفاق مع السوريين، لكننا سنتمسك بمبادئنا في جميع الأحوال»، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

تأتي زيارة برّاك بعد يوم واحد من إعلان «سنتكوم» تنفيذ عملية مشتركة مع السلطات الانتقالية ضد «داعش»

وأتى ذلك في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام أميركية أن مسؤولين في الإدارة الأميركية انتقدوا نهج نتنياهو في سوريا. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين وصفهم بـ«الكبار»، قولهم إن واشنطن أعربت عن قلق متزايد من الغارات والهجمات التي تنفّذها إسرائيل داخل الأراضي السورية، محذّرة من أن هذه التحركات قد تُعرّض الاستقرار في سوريا لـ«الخطر»، وتُقوّض الجهود الجارية لدفع اتفاق أمني محتمل بين دمشق وتل أبيب. وأشار أحد المسؤولين إلى أن الولايات المتحدة تحاول إيصال رسالة «واضحة» إلى نتنياهو بوقف العمليات «التي ستقوده إلى تدمير نفسه سياسياً»، مضيفاً أن استمرار تلك العمليات «قد يحوّل الحكومة السورية الجديدة إلى خصم، ويُفشل فرصة دبلوماسية نادرة».

على أن الموقف الإسرائيلي بشأن فرض منطقة عازلة، لا يُعدّ أمراً طارئاً على ملف المفاوضات بين السلطات الانتقالية السورية وتل أبيب؛ إذ سبق أن وافقت إدارة الشرع على هذا الطرح خلال مفاوضات سابقة كان يُفترض أن تمهّد لتوقيع اتفاقية أمنية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي. وتضمّنت مسوّدة الاتفاقية التي تمّ تسريبها، حينها، ثلاثة مستويات أمنية في الجنوب السوري، تشمل منطقة عازلة وحظر طيران. غير أن الاتفاقية لم تُبرم آنذاك بسبب ما قيل إنّ إسرائيل أضافت بنداً يتيح فتح طريق إمداد في اتجاه السويداء، الأمر الذي رفضته دمشق. وعقب ذلك، أعلنت السلطات الانتقالية رغبتها في انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلّتها بعد سقوط النظام، وهو ما ساهم بدوره في تعقيد المشهد، لتردّ إسرائيل عليه بمزيد من التصعيد في الجنوب، بالإضافة إلى زيارة أجراها نتنياهو لمناطق محتلة حديثاً، وتأكيد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تمسّكها بالبقاء في تلك المناطق، بما فيها قمة جبل الشيخ.
وفي موازاة هذه التطورات، زار المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، دمشق، حيث التقى الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني. وبينما لم يتسرّب الكثير عمّا تمّت مناقشته خلال اللقاء، ذكرت «وكالة الأنباء السورية» (سانا) أن برّاك بحث مع الشرع والشيباني المستجدات الأخيرة في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك. ويلعب برّاك، الذي يشغل منصب سفير بلاده في تركيا، ويعمل على بناء تحالف تركي – خليجي في سوريا، دوراً بارزاً في إدارة الملف السوري وفق توجّهات البيت الأبيض الداعمة للسلطات الانتقالية، كما يلعب دوراً مماثلاً في تنظيم الحوار بين دمشق وتل أبيب.

وتأتي زيارة براك بعد يوم واحد من إعلان القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم»، تنفيذ عملية مشتركة هي الأولى بعد انضمام السلطات الانتقالية إلى «التحالف الدولي ضد داعش». وذكرت «سنتكوم» أن العملية، التي نُفّذت بالتعاون مع وزارة الداخلية السورية جنوبي البلاد بين 24 و27 تشرين الثاني، استهدفت أكثر من 15 مستودع أسلحة تابعة لتنظيم «داعش»، معتبرة ذلك «خطوة مهمة» ضد محاولات التنظيم إعادة تنظيم صفوفه في المنطقة. وبالتوازي، أعلنت وزارة الداخلية السورية تنفيذ ثلاث عمليات أخرى في عفرين في ريف حلب واللاذقية وإدلب، قالت إنها استهدفت خلايا تابعة لـ«داعش».

… وكأن الانتخابات حاصلة حتماً!

نحو ستة أشهر لا تزال تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان. في الأحوال العادية، قد لا تُعد هذه الفترة طويلة قياساً بحاجات القوى السياسية والمرشحين للتحضير للحملات الانتخابية. إلا أن هذا الاستحقاق يكتسب هذه المرة بعداً خاصاً، نظراً إلى وجود مساعٍ سياسية، داخلية وخارجية، لإحداث تغييرات كبيرة في طبيعة المجلس المقبل، في ظل تغير مواقع النفوذ نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وإذا كانت الولايات المتحدة، ومعها السعودية، قد نجحتا في فرض رئيسَي الجمهورية والحكومة في الأسابيع التي تلت إعلان وقف إطلاق النار العام الماضي، فقد كانتا تنتظران أيضاً تغييراً أوسع على الصعيد الداخلي، بحيث تكون الانتخابات النيابية مرحلة مفصلية تفتح الباب أمام تعديل ميزان القوى داخل مؤسسات السلطات، بما يشمل فرض قواعد عمل جديدة، خصوصاً في ما يتعلق بملف الصراع مع إسرائيل.
يعلم اللبنانيون أن الجانبين الأميركي والسعودي عملا بشكل مكثف منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري على محاولة إضعاف حضور حزب الله وحلفاء سوريا في المجلس النيابي. إلا أن التعقيدات الداخلية، إلى جانب الزخم الذي اكتسبه حزب الله وحلفاؤه بعد حرب 2006، حالت دون تحقيق هذا الهدف، سواء على مستوى المجلس النيابي أو الحكومات المتعاقبة.
وما يثير قلق واشنطن والرياض اليوم، أن كل ما حدث منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة لم يظهر أي إمكانية لتقليص التمثيل الشعبي لحزب الله وحركة أمل، وأن البحث في مستقبل رئاسة المجلس النيابي لا يزال عالقاً أيضاً. ولذلك، فإن الاهتمام الخارجي لم يعد محصوراً في جعل ثنائي أمل وحزب الله من دون حلفاء في المجلس المقبل، بل في تحقيق اختراق في التمثيل الشيعي يفتح الباب أمام إدخال تعديل على هوية رئيس المجلس أيضاً.
غير أن هذا التوجه لا يحظى بإجماع من القوى التقليدية. إذ إن قوى بارزة مثل الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وتيار المردة وشخصيات مستقلة من طوائف مختلفة، تحذر من أن السير في مثل هذا البرنامج قد يؤدي إلى انفجار سياسي كبير، في مقابل رفع سقف المواجهة بقيادة «القوات اللبنانية» التي تسعى إلى السيطرة على غالبية التمثيل المسيحي، سواء مباشرة أو عبر حلفاء، بينما لا يزال الوضع في الشارع السني غامضاً إلى حد كبير.
وسط هذه الأجواء، ومع الحديث المتكرر عن احتمال عودة الحرب الإسرائيلية على لبنان وما قد تخلفه من آثار سياسية، عاد ملف تأجيل الانتخابات إلى الواجهة. ورغم أن النقاش عن التأجيل لا يزال في إطار التسريبات، تشير مصادر جدية إلى حوار أولي حدث بالفعل، وأن المطروح فكرة تدعمها واشنطن والرياض بتأجيل الانتخابات لمدة عام، ريثما يكون العدو قد أجهز على حزب الله، مقابل تأييد ضمني من الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام لتأجيل لمدة عامين. لكن المصادر نفسها تنقل عن رئيس المجلس نبيه بري تأكيده رفض الثنائي أي تأجيل، وأن أمراً من هذا القبيل يجب أن يحظى بإجماع القوى السياسية البارزة، وأن يكون لولاية كاملة.
في غضون ذلك، يعمل الجميع على افتراض أن الانتخابات ستجري في موعدها، وقد بدأت ملامح التحركات الانتخابية لدى القوى الرئيسية تتضح في مختلف المناطق. كما بدأ بعض الإعلام اللبناني يسعى إلى نيل حصته من التمويل الخاص بالمرشحين، استعداداً لهذا الاستحقاق.

القنوات التلفزيونية والمنصات: صراع على التمويل الانتخابي!
في كل موسم انتخابي، تستعد القنوات التلفزيونية اللبنانية لجني مبالغ كبيرة تُصرف تحت عنوان الحملات الانتخابية. وخلال العقد الماضي، حصدت هذه القنوات ملايين الدولارات، واعتمدت آلية شبه متجانسة في تقديم خدماتها.

إلا أنه في الاستحقاق الماضي، أُثير نقاش حول إمكانية التوصل إلى تفاهم بين هذه القنوات على قواعد مشتركة، بحيث تقدم «باقة خدمات» موحدة للمرشحين، سواء كانوا منفردين أو ضمن لوائح.

غير أن ذلك لم يحل دون وقوع خلافات، ليس بسبب ارتفاع «تسعيرة» إحدى القنوات، بل على العكس. إذ اتهمت قناتا «المر تي في» و»LBC» قناة «الجديد» بتقديم عروض أسعار متدنية، ما أدى إلى مطالبة بقية القنوات بخفض أسعارها. علماً أن الباقة لم تقتصر على مقابلات أو تغطية إخبارية عادية، بل شملت شكل الظهور الإعلامي للمرشحين في برامج سياسية متعددة، مع تسعيرات تختلف بين البرنامج الصباحي والبرنامج السياسي الأبرز، مروراً بالتقارير في نشرات الأخبار، ووصولاً إلى فتح هواء البرامج غير السياسية للمرشحين تحت عنوان «تظهير الجانب غير السياسي» من حياتهم. وكانت قناة «المر» الأكثر «سخاء»، إذ استغلت شبكة برامج المنوعات التي تحصد نسب مشاهدة عالية لاستضافة مرشحين يقبلون شراء «الباقة الكاملة».

مصالحة بين الـmtv و»القوات اللبنانية» دون الضرر بمصالح الصحناوي

ومن جهة أخرى، يبرز دور الرعاية من جهة معينة لبعض المرشحين. فالمصرفي أنطون صحناوي، الذي يخصص موازنة كبيرة للموسم الانتخابي، لا يقتصر دعمه على الحملات الشعبية في مناطق المرشحين فقط، بل يشمل الحملات الإعلامية أيضاً. ويسعى صحناوي إلى توقيع عقود مع القنوات الثلاث، بحيث يدفع مبلغاً كبيراً على أن يتحكم في كيفية إنفاقه، ما يتيح له دعم مرشحين مغمورين إعلامياً من دون تكاليف إضافية.

كما يسعى صحناوي دائناً إلى تنظيم الاتفاق مع ميشال المر، صاحب «المر تي في»، ولا سيما بشأن برنامج مارسيل غانم، الذي يعدّ الأكثر مشاهدة بين اللبنانيين والمغتربين، إذ يسعى كل طرف إلى الاستفادة القصوى من البرنامج: المر لتحقيق نسب مشاهدة عالية، وصحناوي باعتباره شريكاً في تمويل الإنتاج الأساسي وبناء الاستوديو، إضافة إلى عقد العمل القائم بين مؤسسات الصحناوي وغانم نفسه.

في هذا السياق، تحدث بعض المسؤولين في القنوات عن ضرورة قيام الحكومة بتنظيم عمل المنصات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً إلى أنها تتحول إلى منافس قوي، مع انتشار واسع وأساليب إثارة تجذب المشاهدين وتقلص من حصة البرامج السياسية التقليدية، إضافة إلى احتمال أن تستقطب جزءاً من التمويل الانتخابي المخصص للقنوات، رغم أن بعض المنصات تدّعي تمويل نفسها من عائدات «يوتيوب»، التي تبقى محدودة جداً.

في الوقت نفسه، تتجه القنوات الثلاث إلى اعتماد سياسة تحييد تجاه جميع المرشحين، وفتح الهواء أمام كل الراغبين بالظهور، ما يفرض معالجة بعض المشكلات المستجدة، مثل العلاقة المتوترة بين المر والقوات اللبنانية، التي وصلت إلى حد مقاطعة القناة للاحتفال السنوي لـ«شهداء القوات» في الحرب الأهلية.

لكن الاتصالات أسفرت عن اجتماع مصالحة بين المر وسمير جعجع الذي وعد بمنع زوجته، النائبة ستريدا جعجع، من التدخل في ملف العلاقة بين الطرفين، خصوصاً أن أحد أسباب التوتر يعود إلى خلاف شخصي سابق بين المر والنائبة جعجع. فيما يعتبر المسؤولون في القناة أنه لا يمكن أن تكون علاقتهم بالقوات عبر رئيس جهاز التواصل فيها شارل جبور، بل يجب أن تكون العلاقة مباشرة مع جعجع نفسه. وقد حرص المر على نفي أي علاقة للصحناوي بملف العلاقة بين القناة و«القوات»، لإبعاد نفسه عن الخلاف بين الصحناوي وجعجع والذي يتخذ بُعداً أكثر تشدداً كلما اقتربت الانتخابات النيابية.

«الحرم» السعودي يشمل أولاد سعد: ممنوع التحالف مع «المستقبل»
يبدو الحرم السعودي على تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري مستمراً. وتؤكد كل التسريبات فشل محاولات إماراتية ومصرية لإقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بفك أسر «الزعيم الأبرز للسنة في لبنان»، فيما تشير آخر الأخبار الواردة من الرياض إلى «رسالة» جديدة بعثت بها إدارة المملكة إلى الحريري، تمثلت في تجميد عمل شركة حديثة أسسها نجله حسام، وهو ما كان يُعتقد أنه قد يشكّل باباً لإعادة استئناف العلاقة.

ويوضح زوار العاصمة السعودية أن منع حسام الحريري من العمل كان خطوة ضرورية من جانب الحكومة لإيصال رسالة واضحة: الحرم المفروض يشمل الأصل والفروع، ويطال الجانب السياسي في لبنان. إذ تعتبر السعودية أن أي محاولة من شخصيات تيار المستقبل للترشح في الانتخابات النيابية بمثابة تحدٍّ لها، وهو ما دفع بمقربين من الرئيس الحريري إلى الحديث عن أنهم غير معنيين بالمشاركة في هذا الاستحقاق أيضاً.
ويعوّل السعوديون على أن هذه الانتخابات، في حال إجرائها، قد تكون آخر محطة لفريق الحريري لإظهار قدرته على تحريك الشارع. ولهذه الغاية، بدأوا خطة احتواء شملت إبلاغ القيادات السنية والمرشحين المحتملين بأن التحالف مع التيار الأزرق «ممنوع، سواء فوق الطاولة أو تحتها»، وأن هذا القرار يسري على كل لبنان وليس بيروت فقط.

حذرت السعودية جميع المرشحين من التحالف مع الجماعة الاسلامية في كل لبنان

كذلك كان لافتاً أن الوصي السعودي يزيد بن فرحان لفت انتباه سياسيين لبنانيين إلى أن «أخبار بيروت تصل بالتفاصيل المملة» إلى الرياض، مع نصيحة بـ «عدم التشاطر»، في إشارة إلى بعض النواب الذين يحاولون صياغة موقف وسطي لتجنب غضب المملكة، مع الحفاظ على إمكانية التواصل مع قواعد الحريري لكسب أصواتهم.

النقاش انتقل أيضاً إلى التحالفات مع القوى الأخرى. فقد جدّد الجانب السعودي رفضه لأي تحالف بين شخصيات سنية وحزب الله في كل لبنان، وكذلك رفض أي تحالف مع الجماعة الإسلامية، سواء في بيروت أو في بقية المناطق، مع تشجيع المرشحين على الانفتاح على جمعية المشاريع الخيرية (الأحباش)، باعتبار أن هذا التيار قادر على جذب أصوات بعض القواعد الاجتماعية المشتركة مع المستقبل أو مع الجماعة الإسلامية.

وفيما لم تصدر الجماعة الإسلامية أي موقف حول الانتخابات النيابية، توسع النقاش مع قرار الولايات المتحدة تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية، وإشارته إلى الجماعة في لبنان كفرع محلي لتنظيم «الإخوان». وأشار متصلون بالجانب الأميركي إلى أن القرار بمعاقبة الجماعة يعود إلى أنها تعمل وفق الخط الذي تقوده حركة حماس، وتتعاون مع حزب الله في لبنان وخارجه.

في هذه الأثناء، يتوقع أن تشهد الانتخابات المقبلة معركة حامية الوطيس بين من يسعون إلى كسب رضا الجانب السعودي، في أكثر من منطقة لبنانية. وتسعى المملكة إلى جمع كل النواب السنة في محافظة الشمال ضمن تحالف واحد، حتى لو حصل الترشح على أكثر من دائرة.

كما يجري البحث مع الحزب التقدمي الاشتراكي لعدم التحالف مع الجماعة في الشوف والبقاع الغربي، في وقت يقود النائب فؤاد مخزومي حملة ضد الجماعة في بيروت، معتبراً أن القرار الأميركي سيطيح بحوالى 6 آلاف صوت من لوائح خصومه. ويشير مخزومي إلى أن قيادات في تيار المستقبل قد تحاول تجيير أصوات قواعدها في بيروت لمصلحة خصوم المملكة، ويتحدث عن عمليات بيع للأصوات، مع تركيز خاص على النائب نبيل بدر، الذي يعتبره حلفاء السعودية «رجل قطر» في لبنان.

حزب الله وأمل: تفاهمات على الحصص والتحالفات
يبدو أن النقاش الأولي بين حركة أمل وحزب الله حول الانتخابات النيابية قد بدأ بالفعل. ويتركز البحث ليس فقط على آلية التعاون في المرحلة المقبلة، بل أيضاً على تثبيت الحصص المخصصة لكل طرف في اللوائح، إضافة إلى درس التحالفات المحتملة مع بقية القوى.
وأشار مطلعون إلى أن الرئيس نبيه بري ليس في وارد إدخال تغييرات كبيرة على أعضاء كتلته النيابية، ربما باستثناء مقعد واحد فقط.

وهو أبلغ حزب الله أنه لن يتخلى عن النائب علي عسيران، ولا ينوي إجراء مقايضات في أكثر من دائرة. في المقابل، لم يحدد حزب الله بعد أسماء مرشحيه النهائيين أو ما إذا كان سيجري أي تعديلات، في ظل أجواء داخل الحزب تشير إلى احتمال عزوف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، عن خوض الانتخابات بسبب المهمات الجديدة الملقاة على عاتقه في قيادة الحزب.

كذلك أبلغ بري سائليه أنه لن يرشح الوزير ياسين جابر عن مقعد النبطية، لكون الأخير ملتزماً بقرار حكومة الرئيس نواف سلام التي نص بيانها الوزاري على عدم ترشح أي عضو من الحكومة للانتخابات. وجاء ذكر جابر في معرض الحديث عن أن المقعد الوحيد الذي يفكر بري بتعديله، هو الذي يشغله حالياً النائب ناصر جابر، وسط تقديرات بأن بري يتحسب لموجة ضغوط خارجية تريد أن يكون الوزير جابر نائباً في المجلس، مع وجود اعتراضات داخل حركة أمل خشية أن يصبح جابر المرشح المقبل لرئاسة المجلس النيابي.

وبحسب ما هو متداول، فقد اتفق حزب الله وحركة أمل على أن التحالف ممكن مع قوى وشخصيات بحسب كل منطقة، وأن بري شدّد على أهمية تثبيت التحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي في الجنوب والبقاع الغربي وبيروت وبعبدا. كما ناقش موضوع المقعد الدرزي في حاصبيا مع النائبين السابقين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، وأبدى تأييده لتوافقهما على إعادة ترشيح المصرفي مروان خيرالدين، رغم تأكيد الأخير أنه غير مستعد لهذا الأمر. ولم يتضح بعد موقف حزب الله من هذا الترشيح، خصوصاً أن قواعد الحزب كانت قد عبّرت عن رفضها للأمر في الدورة السابقة.

ويولي الثنائي أهمية لأن تشمل التسوية مع جنبلاط مقعد أرسلان في عاليه، ويتردد أن بري طلب من أرسلان الترشح شخصياً عن المقعد، بدلاً من ترشيح نجله مجيد، وهو ما يمثل تحدياً أمام جنبلاط لإقناع ابنه النائب تيمور جنبلاط بهذا التحالف، في ظل مشكلات بدأت تطلّ برأسها، من بينها قرار جنبلاط الابن الاستغناء عن النائب مروان حمادة، وعدم الأخذ بطلبه ترشيح نجله كريم مكانه عن المقعد الدرزي الثاني في الشوف. كما يجري الحديث عن نية جنبلاط نقل النائب فيصل الصايغ إلى عاليه، وترشيح شخصية جديدة في بيروت.

أما بالنسبة إلى التحالف مع التيار الوطني الحر، فإن بري يوافق حزب الله على أهمية التحالف مع التيار في جزين وبيروت والبقاع الغربي وبعلبك – الهرمل، على أن يتم البت لاحقاً بملفي بعبدا وجبيل، خصوصاً أن الثنائي يشترط عدم إبعاد مرشحهما عن جبيل قبل أي اتفاق على دائرة بعبدا، حيث يحتدم التنافس بين النائب آلان عون ومرشح التيار المحتمل فادي أبو رحال.

التيار الوطني الحر: كيف نحافظ على عدد النواب؟
قرّر النائب جبران باسيل منذ شهور بأن يقضي كل الوقت المتبقي قبل الانتخابات النيابية في العمل الميداني في كل المناطق التي سيخوض فيها التيار الانتخابات. ويستند باسيل في ذلك إلى كوادر التيار والمرشحين المحتملين لتعزيز الحضور الشعبي في جولاته، ويسعى إلى معالجة الصدع التنظيمي في بعض المناطق.

وفي الوقت الحالي، لم يحسم باسيل أسماء المرشحين النهائيين، طالباً من الراغبين في الاستمرار بالعمل من أجل مصلحة التيار أولاً، ثم مصلحتهم الشخصية، علماً أن استطلاعات الرأي التي يعتمدها التيار في مراحل معينة من أجل اختيار المرشحين، قد رست على عدد من الأسماء.

ورغم أن باسيل ليس معنياً اليوم بإحداث تغييرات كبيرة في الدوائر التي ستشهد معارك قوية، فإنه يركز على إنتاج مرشحين جدد لمواجهة النواب الذين أعلنوا خروجهم من التيار، ولا سيما في بعبدا والمتن الشمالي، فيما يعتقد أن معركته في جبيل تبقى الأكثر سهولة، وخصوصاً أن المرشح المحتمل وديع عقل يقود حملته الانتخابية منذ مدة ويحظى بدعم غالبية المستمرين في التيار، في حين أن النائب الحالي سيمون أبي رميا لم يحسم بعد ما إذا كان سيواصل خوض المعركة النيابية.

وبحسب التقديرات، فإن باسيل يبحث في سبل تعزيز حضور التيار في دوائر أساسية مثل بيروت الثانية وعكار وجزين، حيث يرى أن التيار أمام معركة تثبيت مقاعد واسترداد أخرى انتُزعت منه نتيجة أخطاء في الإدارة الانتخابية السابقة. وهو يعوّل على تحالف انتخابي مع حزب الله وحركة أمل في جزين وبيروت الثانية، كما يعتبر التحالف قائماً ومستمراً معهما في زحلة والبقاع الغربي وبعلبك – الهرمل، فيما ينتظر موقف الحزب خصوصاً في دائرتَي بعبدا وجبيل.

أما في المتن الشمالي، فيرى باسيل أن التيار أمام اختبار كبير لإثبات حضوره، والعمل على استعادة المقعدَين الماروني والأرثوذكسي اللذين يشغلهما حالياً النائبان إلياس أبو صعب وإبراهيم كنعان، مع اعتماد كبير على المرشح أدي معلوف عن المقعد الكاثوليكي، الذي يحتاج إلى قوة كبيرة لمواجهة المرشح الأبرز لـ«القوات» النائب ملحم رياشي.

وفي الشمال، يدرس باسيل كيفية خوض معركة صعبة في دوائر البترون وبشري وزغرتا والكورة، مع ميل واضح إلى التحالف مع تيار المردة والنائب طوني فرنجية والحزب السوري القومي الاجتماعي، على أن يجري مقايضة مع هذه الأطراف في دوائر أخرى.

لكن المشكلة الرئيسية تتمثل في حسم هوية أحد المرشحين عن المقعد الأرثوذكسي في عكار، حيث يتنافس النائب الحالي أسعد ضرغام مع الرئيس السابق لبلدية رحبة فادي بربر، فيما يسعى النائب جيمي جبور إلى تعزيز علاقاته مع القوى السنية التقليدية في الدائرة نفسها.

يُشار إلى أن التيار الوطني الحر يشهد نقاشات إضافية بشأن تمويل الحملة الانتخابية، وسط تقديرات بضرورة الحصول على دعم مالي جدي في هذه المرحلة. وتنفي أوساط التيار ما تُشيعه «القوات اللبنانية» عن وجود علاقة خاصة بين التيار ودولة قطر، وأن الدوحة وعدت بدعم باسيل في الحملة الانتخابية.

اللواء:

البابا مغادراً: دعوة إلى السلام ونزع السلاح.. والفاتيكان يتواصل مع البيت الأبيض

عون: شعبنا قرَّر الصمود بالمحبة والحق.. وأورتاغوس تحمل شحنة تهديدات من تل أبيب
قبل أن يُنهي البابا لاوون الرابع عشر محطاته التاريخية في اليوم الثالث لرحلته الى لبنان، ويعلن أن السلام هو عنوان زيارته ومحادثاته، كانت المسيَّرات الاسرائيلية المعادية تنغِّص على اللبنانيين الآمال المعلَّقة على دور للفاتيكان في السعي مع اصدقاء لبنان من اجل سلام في الداخل ومع المحيط، وإبعاد أيادي الشر عن العبث مجدداً بالاستقرار اللبناني، وتخريب الفرصة المتاحة أمام البلد للنهوض من جديد..

على أن الأنكى شحنة رسائل التهديد والوعيد التي جاءت بها الموفدة الاميركية مورغن اورتاغوس مساءً، على ان تشارك في اجتماع «الميكانيزم» اليوم حول وقف الاعمال العدائية، بعد أن التقت طاقم الحرب والدبلوماسية والامن في اسرائيل.
وبدا المشهد منحصراً بين التطلع الى السلام الدائم في لبنان وتطلع اسرائيل على لسان مسؤوليها لحرب جديدة او اقله لضربات تشمل كل لبنان للضغط على الدولة اللبنانية لتحديد مواعيد لما تسميه اسرائيل «نزع سلاح حزب لله» ضمن مهل امنية، اقصرها نهاية الشهر الجاري.
ومع اتساع النشاط الاميركي من سوريا الى لبنان، وبدء محادثات اميركية – اسرائيلية حول غزة وسوريا ولبنان، بدأ من زيارة رئيس الاركان زامير التي أُرجئت الى الزيارة المرتقبة لنتنياهو نهاية الشهر لعقد قمة خامسة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان زيارة الحبر الأعظم الى بيروت انتهت انما مفاعيلها لم تنتهِ لاسيما انها منحت جميع اللبنانيين جرعات من الأمل وأظهرت تقدير البابا لمعاناة اللبنانيين وتوقهم الى السلام والأمان، مشيرة الى ان هذه الزيارة التي حفلت بمحطات متعددة ومواقف تدعو الى نبذ العنف والتعايش والحلم بالمستقبل، سيتابعها الحبر الأعظم بعدما حمَّله رئيس الجمهورية تمنياته بحمل القضية اللبنانية في عظاته والتأكيد ان الشعب اللبناني يرفض الموت والرحيل.
واعتبرت هذه المصادر ان البابا لاوون الرابع عشر دخل في التفاصيل اللبنانية الدقيقة ووصلت إليه أصداء عن الواقع اللبناني وعلى ما يبدو فإنه سيعمل على اجراء الاتصالات اللازمة في سياق وضع الملف اللبناني في أولويات المتابعة.
الى ذلك أوضحت المصادر ان مواكبة رئاسة الجمهورية لهذه الزيارة أدت الى نجاحها على مختلف المستويات، وهذا الامر يُسجل في عهد الرئيس عون.
ومن روما، نقل عن البابا لاوون قوله انه تواصل وسيتواصل مع القادة، في اشارة الى ترامب وسواه، لوضع حدّ للاعتداءات الاسرائيلية وإحلال السلام.
وفي حين قال الرئيس عون في وداع البابا: «سمعنا رسالتكم، وسنستمر في تجسيدها»، نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله ان زيارة البابا كانت ايجابية في مختلف النواحي، ولبنان يحتل مكانة كبيرة في اهتمامات البابا، والفاتيكان لن يترك لبنان، مشيراً الى ان ما فعله البابا خلال 48 ساعة يحتاج الى عمل وانتاجية الى 40 يوماً.

وتوجه الى البابا قائلاً: إن اول معجزة اقدم عليها السيد المسيح في صور، جنوب لبنان، هذا هو الجنوب الذي تعتدي عليه اسرائيل.
كتب الرئيس نواف سلام الذي رافق البابا في وقفته في المرفأ، على منصة «إكس»: «العدالة لشهداء وضحايا انفجار المرفأ، العدالة لبيروت وكل أهلها، العدالة للبنان». وقال سلام في مداخلة متلفزة: «نحن كلّنا مع المحبة والشراكة في لبنان ومع السلام في المنطقة بأكملها ودائماً هناك خوف على لبنان ولكن نقوم بكلّ ما يجب من أجل منع أي تصعيد أو حرب».
البابا: متابعة قضايا لبنان
انهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته للبنان وغادر بيروت بعد رسالة لشعبه أكد فيها انه سيتابع قضاياه وسيصلي له، وسط معلومات عن اتصالات اجراها وسيجريها مع الدول المعنية لا سيما اميركا والكيان الاسرائيلي لمنع التصعيد، ووعد للرئيس نبيه بري بناءً لطلب الرئيس بأن تشمل زيارته المقبلة للبنان منطقة الجنوب. ووصل البابا الى روما مساء امس، وقال على الطائرة التي نقلته من بيروت ردًا على سؤال عن ايصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الاميركي ترامب ونتنياهو للمساهمة في وضع حد للاعتداءات الاسرائيلية: تواصلت وسأتواصل مع القادة لإحلال السلام. وسنسعى لذلك من خلال علاقات الفاتيكان مع معظم دول العالم.
اليوم الثالث
وفي اليوم الثالث للزيارة، وصل البابا صباحاً الى مستشفى دير راهبات الصليب في جل الديب، ثم قصد موقع انفجار مرفأ بيروت واقام صلاة على نية شهداء الانفجار.
والمحطة الابرز كانت عند الواجهة البحرية لبيروت، حيث ترأس قداساً، شارك فيه الرؤساء عون ونبيه بري ونواب سلام، وما لا يقل عن 150 الف مشارك.
وامام المحتشدين، اعلن البابا: ارفع شكري لانني قضيت هذه الايام معكم، وانا احمل في قلبي آلامكم وآمالكم، واصلي من اجلكم، علينا جميعاً ان نوحد جهودنا لكي تستعيد هذه الارض بهاءها.

وقال: نحن جميعاً مدعوون ألَّا نصاب بالاحباط وألَّا نرضخ لمنطق العنف ولا لعبادة صنم المال وألَّا نستسلم امام الشر.
وكان البابا لاوون اختتم زيارته للبنان، بترؤسه القداس إلالهي الذي أقيم صباحا على الواجهة البحرية لبيروت، وسط حضور الآلاف من المؤمنين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن دول الجوار، لرفع الصلاة من أجل السلام والاستقرار، في حضور الرؤساء الثلاثة.
وفي ختام القداس، دعا البابا «مسيحيِّي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله». وأضاف: ولكم يا مسيحيِّي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب.
وطلب من «المجتمع الدولي دعم لبنان، قائلاً: اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام». وأكد أن «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام».
وفي عظته قال البابا لاوون: نحن مدعوون إلى عدم اليأس وأقول للبنان انهض وكن علامة للسلام في المشرق. وقال:أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أُحيِي جميع مناطِقِ لبنان التي لم أتمكَّن من زيارتها : طرابلس والشمال، والبقاع والجنوب، الذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصراع وعدم الاستقرار. أعانقُ الجميع وأرسل إلى الجميع أمانيَّ بالسّلام. وأُطلق أيضًا نداءً من كل قلبي : لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَرْ جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط .
ومساء أمس تم نشر حديث صحافي للبابا لاوون اكد فيه عزمه على «الاستمرار في مساعي إقناع مختلف الأطراف اللبنانية بالتخلي عن السلاح والعنف، والانخراط في حوار بنّاء يحقق مصلحة لبنان وشعبه». وقال: البحث عن حلول تقوم على الحوار لا على العنف، هو الطريق الأكثر فعالية لخدمة الشعب اللبناني وتحقيق الاستقرار. وأشار البابا إلى أنه اطّلع على رسالة حزب الله، موضحًا أن الكنيسة قدّمت اقتراحًا يدعو الحزب إلى ترك السلاح والسعي نحو الحوار، مضيفًا أن اللقاءات السياسية التي جرت خلال الزيارة كانت بعيدة عن الأضواء، وتركزت على تهدئة النزاعات الداخلية والإقليمية.

ومن المطار، قال البابا: أحيي كل مناطق لبنان التي لم اتمكن من زيارتها طرابلس والشمال والبقاع والجنوب الذي يعيش بصورة خاصة حالة من الصراع وعدم الاستقرار.
وفي كلمة وداعية وجهها الرئيس عون للبابا قال: جئتم الى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين الى المصالحة، ومؤكدين ان هذا الوطن الصغير في مساحته كبير برسالته وما زال نموذجاً للعيش المشترك وللقيم الانسانية التي تجمع ولا تفرق.
واعاد الرئيس عون التأكيد ان شعبنا شعب مؤمن يرفض الموت او الرحيل، شعب مؤمن قرر الصمود بالمحبة والسلام والحق.
بري لا يتخوَّف من حرب واسعة
وبالتزامن مع وصول اورتاغوس، نقل زوار عين التينة عن الرئيس بري انه «لا يتوجس حرباً واسعة، دون ان يعني ذلك عدم استمرار التصعيد، الذي لم يتوقف أصلاً».
ويتزامن وصول اورتاغوس الى بيروت مع وصول وفد قطري قد يكون برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث سيجتمع الى الرؤساء الثلاثة في اطار االمساعي الهادفة الى معالجة التوترات، ويصل ايضا الى بيروت قادما من سوريا، وفد اممي يضم سفراء 15 دولة في مجلس الامن لمواكبة انتشار ومهمات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب.
وما ان غادر البابا حتى عاد طيران العدو الاسرائيلي الى التحليق بكثافة فوق بيروت والضاحية الجنوبية ومناطق الجبل، اضافة الى التحليق الذي لم ينقطع فوق الجنوب والبقاع، مع استمرار التهديدات الاسرائيلية باللجوء الى القوة لنزع سلاح حزب الله، وهو ما ابلغه وزير الخارجية جدعون ساعر الى الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس التي التقته امس في تل البيب مع رئيس الوزراء بنيامين نتياهو ووزير الحرب الاسرائيلي يسرائيل كاتس. قبل ان تنتقل الى بيروت للمشاركة في اجتماع لجنة الميكانيزم اليوم او غداً. وقال ساعر: قلت لها إن «حزب الله» هو من ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية».
وفي السياق الحربي، ذكر موقع «ارم نيوز» الاماراتي، أنّ إسرائيل تُمهّد مسرح عملياتها العسكرية تأهبًا لـ «حرب رباعية» تشمل قطاع غزة ولبنان وإيران وسوريا، بعد ما وصفته بـ «تمدد حالة عدم الاستقرار الأمني على الجبهات الأربع».

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»: أن قوات الجيش الإسرائيلي المنتشرة في سوريا لن تنسحب، وستظل داخل الأراضي السورية لفترة طويلة، وكذلك الحال في لبنان، الذي دشنت إسرائيل في جنوبه 3 مواقع عسكرية ثابتة.
وأضافت: أن إسرائيل تواجه اختبارات متزايدة مع اشتعال عدة جبهات وبررت التأهب العسكري بما أسمته «إعادة بناء قوة حماس في غزة، واستئناف تسليح حزب الله في لبنان، واستغلال إيران كل يوم للتعافي».
وعلى الجبهة اللبنانية، سوَّقت الصحيفة الإسرائيليّة إلى «انعدام الأمل في التوصل إلى حل طويل الأمد». ورجَّحت مواصلة الجيش الإسرائيلي عملياته اليومية في جنوب لبنان، «لضمان السيطرة الأمنية، والحيلولة دون تمكين حزب الله من إعادة رص صفوفه».
وإلى ذلك، أكد دبلوماسي أوروبي في حديث لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن «هناك خطرًا من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال قيادي في حزب الله»، مشددا على أن «من حق إسرائيل التحرك إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان».
وكشف الدبلوماسي عن أن «إسرائيل قد تشن ضربة على إيران خلال 12 شهرًا»، مشيرا إلى أن «واشنطن لن تسمح لإسرائيل قريبًا بشن هجوم واسع على إيران حفاظًا على خطتها بشأن غزة».
كما نقلت قناة «كان» الإسرائيلية عن مايك وولتز السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة قوله: إن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لنزع سلاح حزب الله، وأضاف: «يجب أن يتجردوا من السلاح وأن يبقوا كذلك، سيكون الأمر صعباً ومعقداً».
وتابع: «أحياناً نتقدم خطوة ونتراجع خطوتين، لكن الفرصة كبيرة، معتبرًا أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». واضاف:أن الرئيس والإدارة يريدان دائما السلام لا الحرب، ولكن إذا لزم اتخاذ خطوات صعبة فيجب اتخاذها.
كلمة لقاسم بعد غد
الى ذلك، يُلقي الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كلمة خلال المهرجان الذي يقيمه الحزب بعنوان «نَجيع ومِدادٌ»، يوم الجمعة المقبل في مرقد السيد الشهيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، والمخصّص لتكريم عدد من العلماء الذين استشهدوا في سياق الصراع مع إسرائيل، بينهم شخصيات قيادية بارزة في الحزب، ومنهم الأمينان العامان الشهيدان السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين.
الوضع عى الأرض مسيَّرات ومحلِّقات تعتدي
على الارض، وقبيل مغادرة البابا لاوون، كانت المحلِّقات الاسرائيلية فوق المطار والضاحية الجنوبية وبيروت، وحتى قبل المغادرة، وعند منتصف الليل القت مسيَّرة معادية غالونات متفجرة على احد المنازل في قرية عيترون، والقت اخرى قنابل صوتية على شاطئ رأس الناقورة على مجموعة من الصيادين.
كما سجل تحليق طيران اسرائيلي مسيَّر في محيط سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية.
وليلاً، قصفت المدفعية الاسرائيلية المنطقة بين راميا وبيت ليف.
الى ذلك، أفادت معلومات عن وصول تهديد اسرائيلي عبر لجنة الـ«ميكانيزم» باستهداف أحد المنتزهات على النهر في خراج بلدة طيرفلسيه، قضاء صور. وكانت اسرائيل قد طلبت عبر اللجنة من الجيش اللبناني، ضرورة إبعاد جرافة كانت تعمل على جرف ركام منتزه قد دمره الطيران الحربي التابع للعدو الإسرائيلي قبل أيام.
أكبر خفض لعديد اليونيفيل
وفي تطورجنوبي آخر، بدأت الأمم المتحدة في تنفيذ أكبر عملية خفض لقوات «اليونيفيل» منذ سنوات، مقتطعةً ربع قوامها دفعة واحدة، في جنوب لبنان. وأكدت المتحدثة باسم البعثة كانديس أربيل، في حديث صحفي، أن التخفيض يأتي نتيجة تقليص الميزانية المرصودة لليونيفيل، مشيرة إلى أن عملية خفض العدد بدأت بالفعل، وأن استكمالها متوقع في مطلع عام 2026.، سنبذل قصارى جهدنا لتقليل أي آثار سلبية قد يخلفها نقص التمويل على عملياتنا في لبنان.
وقد بلغ عدد أفراد القوة نحو 9. 9 آلاف عنصر حتى 20 تشرين الثاني 2025، بعدما كان قوامها يصل إلى5 ،10 آلاف عنصر في الفترة السابقة، بحسب تقارير صحفية. اي شمل الخفض حتى الان 600 جندي.
وأضافت أربيل، أن القوة لم تسجل خلال العام الماضي أي تحركات عسكرية لحزب الله أو لأي مجموعات مسلحة غير حكومية داخل منطقة انتشارها، مؤكدة عدم ملاحظة إعادة بناء مواقع عسكرية أو إدخال أسلحة غير مصرّح بها.

البناء:

ثلاثة أيام بابوية في لبنان عبرت بسلام… و«طوبى لصانعي السلام أبناء الله يُدعَون»

البابا: أنتم شعب لا يستسلم… وعون: لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم

فرح كشاف المهدي وغضب القوات يستقبلان الزيارة… والخطيب: قاومنا الاحتلال

كتب المحرر السياسي

مرت زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر على لبنان بسلام، ونجحت ترتيبات الزيارة بضمان مناسباتها وحشودها وتنقلاتها بأمان، كما نجحت إدارة هذه المناسبات بتقديم صورة عن كفاءة يتمنى اللبنانيون رؤيتها في كل مناحي عمل الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك تأمين الكهرباء وتعبيد الطرقات، ورغم ما يثيره الحديث عن السلام من سجال ونقاش بين اللبنانيين، عبرت عبارة طوبى لصانعي السلام كشعار للزيارة ردّده الجميع، كل كما يفهم المعنى، سلام لا يفرّط بالكرامة وليس تنازلاً عن الحق والأرض، بعيداً عن دعوات الاستسلام، أو سلام مستعجل بلا شروط يلهج به البعض ويعتبره لخلاص واقعي رغم كل التغول والتوحش الإسرائيلي، بينما هاجس السلام البابوي هو سلام العلاقات بين الأديان التي يجد في لبنان مختبراً للتعايش السلمي بينها، ويجهد للحفاظ على ما يراه فيه من فرصة للحفاظ على التنوع والتعدد الثقافي والحضاري والديني.
خاطب البابا المسؤولين اللبنانيين من قصر بعبدا وخاطب الشباب في بكركي وبعد صلاة صامتة في الواجهة البحرية خاطب اللبنانيين جميعاً من ساحة الشهداء، فقال «يبقى شعبُ لبنان، بدياناته المُختَلِفَة، مذكّرًا بقوة بأنّ الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المُسبَقَةِ ليست لها الكلمةُ الأخيرة، وأنّ الوحدة والشركة والمصالحة والسّلامَ أمرٌ مُمكن. إنّها رسالة لم تتغيَّر عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة: الشهادة للحقيقة الدائمة بأنّ المسيحيين والمسلمين والدّروز وغيرهم كثيرون، يُمكنهم أن يَعِيشُوا معاً ويَبنُوا معًا وطنًا يَتَّحدُ بالاحترام والحوار».
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قد قال أمام البابا لاوون الرابع عشر خلال استقباله في قصر بعبدا بحضور المرجعيات الروحية والسلك الدبلوماسي وشخصيات رسمية وعسكرية، إضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، أن لبنان «وطن الحرية لكل إنسان. والكرامة لكل إنسان»، مؤكداً: «لن نموت، ولن نرحل، ولن نيأس، ولن نستسلم». وتابع: لبنان «وطن فريد في نظامه؛ حيث يعيشُ مسيحيون ومسلمون، مختلِفين، لكنْ متساوون. في نظامٍ دستوري قائم على التساوي بين المسيحيين والمسلمين. بالانفتاح على كل إنسان وضمير حر»، بينما قال البابا في قصر بعبدا، «أنتم شعب لا يستسلم؛ بل يتحدى الصعاب ويعرف دوماً أن يبدأ من جديد. صمودكم منارة لا يمكن الاستغناء عنها لصانعي السلام الحقيقيين. طوبى لصانعي السلام»، وتابع «أمّا يا مَن تحملون المسؤوليات المختلفة في هذا البلد، فلكم تطويبة خاصة إن استطعتم أن تقدّموا هدف السلام على كل ما عداه». وختم بالقول «إن من الجراح ما يحتاج سنوات طويلة وأحياناً أجيالاً كاملة كي يندمل، وإذا لم نعمل على التقارب بين مَن تعرّضوا للإساءة والظلم فمن الصعب السير نحو السلام».
في لقاء المرجعيات الروحية لفتت كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب الذي خاطب البابا قائلاً، «إننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن أنفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا أرضنا. ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا. بناء على ما تقدّم نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية، لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة، وفي طليعتها العدوان «الإسرائيلي» وما خلّفه ويخلّفه من تبعات على وطننا وشعبنا».
بقيت الزيارة منذ بدايتها حتى ختامها تحظى بالاهتمام، لكن ما خطف الأضواء كان الفرح الذي ظهر في استقبال كشافة المهدي، حيث انتشرت فيديوهات عفوية تظهر فتية الكشافة وهم ينقلون تعبيرات الحب للبابا، وينقلون إيماناً عميقاً بالعيش المشترك، وبالتوازي كان غضب القوات اللبنانية من استثناء رئيسها سمير جعجع من لقاءات البابا مصدر عشرات التعليقات الي نشرها مريدو القوات.

بعد ثلاثة أيّامٍ عاشها اللبنانيون على رجاء المصالحة والسلام القائم على الحق والعدالة خلال زيارة البابا لاوون الرابع عشر، ارتفعت خلالها الدعوات إلى نبذ العنف وإعادة بناء الجسور بين أبناء الوطن الواحد. غير أنّ المشهد الداخلي يعود سريعًا إلى إيقاعه السياسي والأمني المعقّد، مع اجتماعات مرتقبة للرؤساء والقادة العسكريين، وملفّات حسّاسة تتقدّمها مسألة ضبط السلاح جنوب الليطاني ومحاولات الحدّ من التصعيد الإقليمي المتصاعد، خلال استقبال لبنان بعثة مجلس الأمن الدولي التي تصل بيروت الخميس، آتيةً من دمشق.
وتصل غداً الى بيروت بعثة مجلس الامن الدولي آتية من سورية ويتوقع أن يشارك في الوفد الزائر الذي يقوده المندوب الأستوني الدائم لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار بوصفه رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، كل من المندوبين الدائمين الأميركي مايك والتز والبريطانية بربارا وودوارد والفرنسي جيروم بونافون والروسي فاسيلي نيبينزيا والصيني هو فو كونغ، بالإضافة إلى بقية الأعضاء الجزائري عمار بن جامع والصومالي أبو بكر عثمان والباكستاني عاصم افتخار أحمد والدنماركيّة كريستينا ماركوس لاسينا واليونانية أغليا بالتا والغويانية كارولين رودريغيز – بيركيت والبنمي إيلوي ألفارو دي ألبا والكوري الجنوبي تشا جي – هون، والسيراليوني مايكل عمران كانو.
ويلتقي وفد البعثة الأممية الرؤساء الثلاثة جوزاف عون، نبيه برّي ونواف سلام وقائد الجيش العماد رودولف هيكل للاطلاع على مدى سيطرة الجيش على المنطقة المحرّرة هناك. وأفادت المعلومات أن لجنة الميكانزيم التي ستشارك في جلستها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ستعقد اجتماعها اليوم قبل يوم واحد من جلسة مجلس الوزراء الذي سيستمع الى التقرير الثالث عن حصر السلاح جنوب الليطاني، والذي سيقدمه قائد الجيش رودولف هيكل.
إلى ذلك يصل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم إلى بيروت في زيارةٍ يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة، في إطار المساعي العربية ومنها المصرية والسعودية لمعالجة التوترات عند الحدود.
وكانت أورتاغوس التقت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس الذي قال: أجريت مع أورتاغوس نقاشًا مفيدًا بشأن الوضع في لبنان وقلت لها إن «حزب الله» هو مَن ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية.
هذا وأفادت قناة «كان» العبريّة أنّ السّفير الأميركيّ لدى الأمم المتّحدة، مايك وولتز، من المتوقّع أن يصل إلى تل أبيب الأسبوع المقبل.
وقال وولتز بشأن الوضع في لبنان إنّ الولايات المتّحدة ستواصل جهودها الرّامية إلى نزع سلاح «حزب الله»، مؤكّدًا «يجب أن يتجرّدوا من السّلاح وأن يبقوْا كذلك، سيكون الأمر صعبًا ومعقّدًا، أحيانًا نتقدّم خطوةً ونتراجع خطوتيْن، لكنّ الفرصة كبيرةٌ».
وأضاف وولتز أنّ لـ»إسرائيل» «الحقّ في الدّفاع عن نفسها»، موضّحًا أنّ «الرّئيس والإدارة يريدان دائمًا السّلام لا الحرب، ولكنْ إذا لزم اتخاذ خطواتٍ صعبةٍ، فيجب اتخاذها».
وأكد دبلوماسيٌّ أوروبيٌّ في حديثٍ إلى صحيفة العدو يديعوت أحرنوت أنّ «هناك خطرًا من تصاعد التوتّر على الجبهة اللّبنانيّة بعد اغتيال قياديٍّ في حزب الله»، مشدّدًا على أنّ «من حقّ «إسرائيل» التحرّك إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان».
وكشف الدبلوماسيّ أنّ «»إسرائيل» قد تشنّ ضربةً على إيران خلال 12 شهرًا»، مشيرًا إلى أنّ «واشنطن لن تسمح لـ»إسرائيل» في المدى القريب بشنّ هجومٍ واسعٍ على إيران، حفاظًا على خطّتها بشأن غزة». وأضاف أنّ «طهران تواصل التصعيد وتتجاهل التحذيرات الدوليّة، مع ارتفاع منسوب التوتّر في لبنان والضفّة الغربيّة».
على خط آخر أنهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته التاريخية للبنان التي استمرّت ثلاثة أيام من مطار رفيق الحريري الدولي حيث أقيمت له مراسم وداع رسمية، في مبنى كبار الزوار، بحضور الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزراء ونواب وقادة عسكريين وروحيين.
بعد مغادرته لبنان، أكَّد بابا الفاتيكان أنَّ الكرسيَّ الرسوليَّ «سَيستمرُّ في محاولة إقناع الأطراف في لبنان بترك السلاح والعنف والتوجّه إلى الحوار»، مشيرًا إلى أنَّ البحث عن حلولٍ «لا تقوم على العنف لكنها الأكثر فعاليّة هي أمرٌ جيّدٌ للشعب اللبناني».
وأوضح البابا أنَّ الجانب السياسي «ليس السبب الرئيسي» للزيارة التي وصفها بأنّها ذات بُعدٍ «مسكونيّ» ترتبط بمجمع نيقية و»لقاء البطاركة من أجل وحدة الكنيسة»، لكنّه أقرّ بأنّه عقد خلال الرحلة لقاءاتٍ شخصيّة مع «سلطات سياسية وممثّلين عن مجموعات مختلفة لها علاقة بصراعات داخلية ودولية».
وشدَّد البابا على أنَّ عمل الكرسي الرسولي في هذا المجال «لا يكون علنيًّا بل يتمّ خلف الكواليس»، مضيفًا أن «الشيء الوحيد الذي فعلناه وسنستمر في فعله هو محاولة إقناع الأطراف بترك السلاح والعنف، والقدوم إلى طاولة الحوار؛ فالبحث عن حلول غير عنيفة، ولكن أكثر فعالية هو أمرٌ جيّدٌ للشعب».
وحول السؤال عن إمكان تحرّكٍ ملموسٍ للتوسّط بين الأطراف اللبنانية بعد الخطاب الذي تضمَّن دعوةً إلى التفاوض، أشار البابا إلى أنَّ هدف الكنيسة هو «تهدئة النزاعات الداخلية والدولية» عبر تشجيع منطق الحوار، مؤكّدًا أنَّ اللقاءات السياسية «جرت بعيدًا عن الإعلام وتركّزت على تهدئة النزاعات الداخلية والدولية».
وبشأن ما تردّد عن لقاءٍ مع ممثّل عن الطائفة الشيعية ورسالةٍ وُجّهت من «حزب الله» إلى الكرسي الرسولي، قال البابا: «نعم، لقد اطّلعتُ على رسالة حزب الله، ومن الواضح أن هناك اقتراحًا من جانب الكنيسة بأن يتركوا السلاح ويسعوا للحوار، ولكن.. أكثر من ذلك أفضل عدم التعليق».
وأكد البابا لاوون الرابع عشر في عظته في القداس الإلهي الذي أقيم في واجهة بيروت البحرية، بعدما تلا الصلاة الصامتة أمام اللوحة التذكاريّة التي تحمل أسماء 245 شهيدًا وضحيّة في انفجار مرفأ بيروت، وأضاء شمعة، أنه «علينا جميعاً أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها»، لافتاً إلى أنّه «ليس أمامنا إلا طريق واحد لتحقيق ذلك أن ننزع السلاح من قلوبنا، وتسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، ونُوقِظ في داخلنا حُلْمَ لبنان الموحّد، حيث ينتصر السلام والعدل، ويمكن للجميع فيه أن يعترف بعضُهم ببعض إخوة وأخوات».
ودعا البابا لاوون الرابع عشر خلال القدّاس الإلهي «مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة من أجل تخطي الانقسامات ولفتح صفحات جديدة باسم السلام».
وطلب من «المجتمع الدولي دعم لبنان، اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام».
وكان البابا لاوون الرابع عشر استهلّ اليوم الثالث من زيارته إلى لبنان بجولة على مستشفى راهبات دير الصليب – جل الديب، حيث أشار في كلمة له إلى أن «يسوع يسكن فيكم هنا، وأنا أحييكم تحية مودّة وأؤكد أنكم في قلبي وصلاتي»، لافتاً إلى أن «ما نشهده في هذا المكان هو عبرة للجميع، ولأرضكم، ونحن لا يمكن أن ننسى الضعفاء»، مؤكداً أن «صرخة الضعفاء التي نسمعها دائماً تخاطبنا».
وشكّلت المحطّة الثانية للبابا لاوون الرابع عشر في اليوم الثالث والأخير من زيارته التاريخية للبنان، محطة وجدانية وإنسانية بامتياز، إذ توجّه إلى موقع الانفجار في مرفأ بيروت حيث وقف في صلاة صامتة إجلالًا لأرواح شهداء الرابع من آب.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام في استقبال البابا، واعتبر في مداخلة متلفزة أن «زيارة البابا إلى المرفأ تمثل وقفة للعدالة لأهالي الضحايا وهي عدالة لبيروت ولكل لبنان».
وكان البابا دعا خلال اللقاء المسكونيّ والحواريّ بين الأديان، في وسط بيروت، إلى أن يكونوا «بُناة سلام»، وأن يواجهوا عدم التسامح، ويَتَغَلَّبُوا على العُنف، ويرفُضُوا الإقصاء. وكان البابا في مستهل اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، زار ضريح القديس شربل في عنايا وصلّى «من أجل إحلال السلام» في البلد الصغير الذي يستقبله بحفاوة، داعياً القيّمين على الكنيسة إلى تعزيز حضور الشباب ودورهم مهما كبرت التحديات.
ومن بازيليك سيدة لبنان حريصا قال البابا: «من الضروري حتى وسط أنقاض عالم يعاني من فشل مؤلم، أن نقدّم لهم آفاقاً حقيقية وعملية للنهوض والنمو في المستقبل».
وفي اليوم الأول، شدّد البابا لاوون الرابع عشر، خلال كلمته من قصر بعبدا، على أنّ السلام أكثر من مجرّد كلمة، مؤكّدًا أنّه أمنية ودعوة وعطيّة، وورشة عمل مشرّعة دائمًا. وأعرب عن ثقته بأنّ ملايين اللبنانيين، في الداخل والخارج، يخدمون السلام بصمت.
وأشار البابا لاوون إلى أنّ الشعب اللبناني لا يستسلم وينهض من قلب المحن، موجّهًا رسالة إلى اللبنانيين: «أنتم شعب لا يستسلم، بل شعب يصمد أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد» مشيرًا إلى أنّ عمل السلام هو بداية متجدّدة ومتواصلة، وأن الالتزام بالسلام لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات المتكررة. وجدّد قوله إنّ لبنان بلد متنوّع، ولغته المشتركة هي لغة الرجاء، معتبرًا أنّه يستطيع أن يفاخر بـ مجتمعه المدني النابض بالحياة والغنيّ بالكفاءات.
وختم البابا داعيًا اللبنانيين إلى عدم الانفصال عن شعبهم ووضع ذواتهم في خدمته، معربًا عن أمله بأن يتحدّثوا دائمًا بلغة الرجاء للانطلاق من جديد كشعب واحد.
وأضاف البابا أنّ هناك جراحًا شخصية وجماعية تحتاج إلى مداواتها سنوات طويلة، وأحيانًا أجيالاً كاملة. وأكد أنّ الحقيقة لا تُبلغ إلا من خلال اللقاء، وأن الحقيقة والمصالحة تنموان معًا.
وأكد أنّه لا توجد مصالحة دائمة من دون هدف مشترك، ومن دون الانفتاح على مستقبل يَغلِب فيه الخير على الشر، لافتًا إلى أنّ ثقافة المصالحة تحتاج إلى اعتراف السلطات والمؤسسات بتقديم الخير العام.
وشدّد على أنّ السلام ليس مجرد توازن هش بين أناس يعيشون تحت سقف واحد وهم منفصلون، بل هو القدرة على العيش معًا من أجل مستقبل مشترك، وعندها ـ كما قال ـ يُحقق السلام تلك البحبوحة التي تدهشنا حين تتخطى الحواجز والحدود.
وأشار إلى أنّ فاعلي السلام يجرؤون على البقاء، حتى لو كلفهم ذلك بعض التضحية، مضيفًا أنّ العودة إلى الوطن تتطلّب شجاعة وبصيرة رغم الظروف الصعبة، وأنّ السلام لا ينمو إلا في سياق حي وعملي.

المصدر: صحف