قُتل 40 شخصاً على الأقل وأصيب آخرون في قصف استهدف منطقة كُمو في ولاية جنوب كردفان، وفق ما أفادت مصادر محلية وحقوقية، في ظل تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الإقليم.
واتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش بتنفيذ هجوم بطائرة مسيّرة على منطقة كُمو/جبال النوبة صباح السبت، في حين تحدثت الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال المتحالفة مع الدعم السريع عن قصف بالطيران والمسيرات استهدف كاودا ومناطق محيطة خاضعة لسيطرتها في 29 تشرين الثاني/نوفمبر.
من جهتها، قالت مجموعة “محامو الطوارئ” إن الجيش نفذ قصفاً جوياً على منطقة كُمو، مستهدفاً مدرسة «حكيمة» للتمريض العالي التابعة لمحلية هيبان بجنوب كردفان، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من الطلاب وإصابة آخرين بجروح بالغة.
وروى أهالٍ من هيبان أنهم هرعوا إلى كُمو بعد سماعهم بالضربة، ليجدوا النيران تلتهم مبنى المدرسة، مشيرين إلى تشييع 40 جنازة وحفر أكثر من 40 قبراً في اليوم نفسه لضحايا القصف.
في المقابل، أكد مصدر عسكري في الجيش السوداني أن القوات المسلحة «لا تقصف المدنيين ولا تستهدف منشآت مدنية»، نافياً استهداف المدرسة. وبحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، نزح أكثر من خمسة آلاف شخص من قرى صغيرة في جنوب كردفان خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بسبب انعدام الأمن وتوسع رقعة القتال.
وفي غرب كردفان، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بشن «هجوم غادر» على مواقعها قرب بابنوسة، مؤكدة أنها اضطرت إلى «ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن نفسها» في منطقة تُعد ممراً حيوياً بين الخرطوم وإقليم دارفور.
وكان الجيش قد أعلن في وقت سابق أنه صد هجوماً لقوات الدعم السريع على بابنوسة، التي تُعد آخر معاقله في غرب كردفان، عقب إرسال تعزيزات إضافية إلى المنطقة.
واشتد القتال بين الطرفين في كردفان الغنية بالنفط والأراضي الزراعية، خصوصاً بعد إحكام قوات الدعم السريع سيطرتها على أجزاء واسعة من إقليم دارفور الشاسع غرب السودان. وتشكّل كردفان الممتدة بين وسط السودان وجنوبه شريان وصل استراتيجياً بين دارفور والعاصمة الخرطوم التي يسيطر عليها الجيش منذ أشهر.
وأعلنت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر من طرف واحد، قائلة إنها تأتي «استجابة للجهود الدولية، بما في ذلك مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووسطاء المجموعة الرباعية» (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر).
غير أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان رفض مقترح الهدنة المقدم من الرباعية، واصفاً إياه بأنه «الأسوأ حتى الآن»، وإن كان قد دعا الرئيس الأميركي إلى المساعدة في إحلال السلام، في حين حثّ مبعوث ترامب إلى إفريقيا مسعد بولس الطرفين على قبول الهدنة من دون شروط مسبقة باعتبارها «خطوة حاسمة» نحو حوار طويل الأمد والانتقال إلى حكم مدني.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023، انقسم السودان فعلياً إلى مناطق نفوذ، إذ يسيطر الجيش على شمال البلاد وشرقها، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم الغرب وأجزاء من الجنوب.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف، وتسببت في نزوح نحو 12 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، ما دفع الأمم المتحدة لوصف ما يجري بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم» حالياً.
المصدر: أ.ف.ب.
