يشارك بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر في لقاء اسلامي مسيحي وحواري بين الأديان في ساحة الشهداء في بيروت.
ولدى وصول البابا تم استقباله من قبل البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي، وبطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وشيخ العقل لطائقة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى.
وخلال اللقاء رحّب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، وقال: “يسعدنا في هذا اللقاء أن نرحّب بكم في لبنان باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والطائفة الشيعية مقدّرين الزيارة لبلدنا ومثمنين مواقفكم في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها بلدنا”.
أضاف: “نقدّر زيارتكم في هذه الظروف ولطالما اعتبر الكرسي الرسولي لبنان رسالة وكلنا أمل بأن تثمر زيارتكم في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا الوطن المثقل بالجراح بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر”.
تابع: “لسنا هواة حمل سلاح ونضع قضية لبنان بين ايديكم لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص”.
وبدوره، القى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عيد اللطيف دريان كلمة في اللقاء الإسلاميّ المسيحي، وقال إنه في “لبنان نؤكِّدُ دائماً ثوابِتَنَا الوطنيةَ، في قِمَمِنا الرُّوحية، ونَحتَرِمُ الحُرِّيَّاتِ الدِّينيَّةَ وحقوقَ الإنسان، كأساسٍ للعيشِ المُشتركِ في مُجتمعِاتِنا المتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدة، ولا نِتدِخَّلُ في الخصوصِيَّات، فبلدُنا لبنان يَحمي دُستورُه حقَّ الطَّوائفِ في مُمارسةِ شرائعِها”.
كما شدد على أن “الإسلامُ هو المَسِيرَةُ الإيمانيَّةُ بِاللهِ الوَاحِد ، مِن آدمَ إلى نوحٍ وإبراهيم ، إلى موسى وعيسى ، وانتهاءً بمحمد ، عليهم جميعاً صلواتُ اللهِ وسلامُه”.
ومن جانبه، رحب بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر يازجي في كلمة خلال اللقاء في ساحة الشهداء، بالبابا لاوون الرابع عشر، وقال: “أهلا بكم في الأرض التي انغرس فيها صليب المسيح، أهلا بكم في لبنان هذا البلد الفريد الذي يتنفس في بيئتيه المسيحية والإسلامية، وبلد العيش الواحد والمكونات التي تنصهر لتكوّن لبنان”.
أما بطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء: “زيارتكم تأتي في توقيت حسّاس من تاريخ المنطقة في ظل تحوّلات كبرى”.
وأضاف: “المشرق ليس حدوداً إنما نسيج علاقات اجتماعية وذاكرة تُصان والعيش المشترك هو حوار حياة يقوم على الاحترام المتبادل وأدركنا في لبنان أن الانسان لا يكتمل إلا بأخيه”.
تابع: “تعلمنا أن العيش المشترك ليس شعارًا بل يقوم على الاحترام المتبادل ومسؤولية يحملها الجميع لأن محور حياتنا هو الإنسان”.
وقال: “نعلم أنكم ستحملون معاناة هذا الشرق المتألم وستعملون على ضمان حياة حرة كريمة لكل أبنائه من خلال علاقاتكم وصلواتكم، فلنرفع صلواتنا إلى الرب الإله لأن يجعل من زيارتكم إشراقة تعيد إلى شعوب المنطقة الثقة بالرب القائل أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”.
ومن جهته، قال بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان في كلمة خلال اللقاء في ساحة الشهداء: “كما قال البابا يوحنا بولس الثاني لبنان ليس مجرّد بلد وإنّما رسالة إلى منطقتنا والعالم أجمع”.
وأضاف: “الزيارة اليوم من أجل بناء السلام والاستقرار في المنطقة، ولا سيما لبنان الصغير على الخارطة ولكن الكبير برسالته ودوره وفسيفسائه الاسلامي المسيحي”.
تابع: “زيارتكم تتزامن مع محطتين أساسيتين في المسيحية: الذكرى الأولى للمجمّع المسكوني الذي عقد في نيقيا حيث اجتمعتم بطوائف دينية اخرى، كنائسنا تنظّم الاجتماعات المسكونية لتحتفل بالقانون الذي نجتمع تحته جميعنا، اما المحطة الثانية فهي الدعوة إلى الحوار ما بين الأديان هذه الدعوة التي أصدرها المجلس الفاتيكاني”.
هذا، وقال شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي ابي المنى في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: “نصلّي معاً لخلاص لبنان والمنطقة وأن نطوّق الألم في الأمل ونتمسّك بالشراكة الوطنية وهي مظلّة عيشنا الواحد المشترك فلبنان يمكن أن يكون النموذج الأرقى للتنوّع في الوحدة”.
أضاف: “زيارتكم تدعونا للارتقاء إلى ما هو أسمى الى إغلاق التعصب والتطرف ليكون صوت السلام أقوى من الحروب”.
ومن جانبه، قال رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور في كلمة خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء: “يشرفنا أن نعبّر بغاية السرور والمحبة عن تقديرنا العميق لقداسة الحبر الأعظم وأن نرفع إلى قداسته أسمى آيات الترحيب والتقدير بمناسبة زيارته الى لبنان، هذا البلد الذي شاءت حكمة الله أن يكون ملتقى الأديان وواحة للحوار وجسرًا بين الشرق والغرب”.
واعتبر أن “زيارة البابا لاوون رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعاً بأن لبنان ما زال قادراً على النهوض واستعادة دوره”.
أضاف: “إن حضور قداستكم ليس حدثًا بروتوكوليًا بل رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعًا ورسالة تأكيد أن لبنان رغم ما يمر به من محن ما زال قادرًا على النهوض برسالته”.
وفي ختام اللقاء، قال البابا لاوون الرابع عشر: “بتأثر عميق وامتنان كبير، أقف معكم اليوم هنا، في هذه الأرض المباركة، الأرض التي مجدها أنبياء العهد القديم، الذين رأوا في أرزها الشامخ رمزا للنفس البارة التي تزهر تحت نظرة السماء الساهرة، والأرض التي لم ينطفئ فيها صدى الكلمة “Logos” قط، بل استمر، جيلا بعد جيل، ينادي كل الراغبين لكي يفتحوا قلوبهم لله الحي”.
أضاف: “في زمن يبدو فيه العيش معا حلما بعيد المنال، يبقى شعب لبنان، بدياناته المختلفة، مذكرا بقوة بأن الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المسبقة ليست لها الكلمة الأخيرة، وأن الوحدة والشركة، والمصالحة والسلام أمر ممكن. إنها رسالة لم تتغير عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة: الشهادة للحقيقة الدائمة بأن المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم كثيرين، يمكنهم أن يعيشوا معا ويبنوا معا وطنا يتحد بالاحترام والحوار”.
وأكد أنه “كما تمتد جذور الأرز والزيتون عميقا وتنتشر في الأرض، كذلك أيضا ينتشر الشعب اللبناني في العالم، لكنه يبقى متحدا بقوة وطنه الدائمة وتراثه العريق. حضوركم هنا وفي العالم كله يغني الكوكب بإرثكم الذي يرجع إلى آلاف السنين، وهو أيضا دعوة. ففي عالم يزداد ترابطا، أنتم مدعوون إلى أن تكونوا بناة سلام: وأن تواجهوا عدم التسامح، وتتغابوا على العنف، وترفضوا الإقصاء، وتنيروا الطريق نحو العدل والوئام للجميع، بشهادة إيمانكم”.
وللاطلاع على التحضيرات في وسط بيروت، معنا مراسلنا حسن خليفة.
المصدر: موقع المنار
