صوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار أمريكي يدعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة، والتي تتضمن نشر قوة دولية ومسارًا نحو إقامة دولة فلسطينية. وصوّت 13 عضوًا لصالح النص الذي وصفه السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، بأنه “تاريخي وبناء”، معتبراً ان”قرار اليوم يمثل خطوة مهمة أخرى من شأنها تمكين غزة من الازدهار وتوفير بيئة تسمح لإسرائيل بأن تتمتع بالأمن”، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت دون استخدام حق النقض، حيث وجهتا انتقادات لاذعة للقرار ، معتبرتين أن القرار يفتقر للوضوح ولا يعكس المتطلبات الأساسية لتحقيق تسوية عادلة.
وقال مندوب الصين لدى الأمم المتحدة إن مشروع القرار الأميركي “غير واضح ويمثل مصدر قلق بالغ”، مشيرًا إلى أن ترتيبات الحكم في غزة بعد الحرب “تبدو خالية من الوجود الفلسطيني بشكل كامل”.
وأضاف أن القرار “لا يعكس السيادة والملكية الفلسطينية كما يجب”، كما أنه “فشل في التأكيد الصريح على الالتزام بحل الدولتين، رغم كونه إجماعًا دوليًا ثابتًا”.
ومن جهته، قال مندوب روسيا إن بلاده “لا تستطيع ببساطة دعم هذا القرار”، موضحًا أن موسكو طالبت بمنح مجلس الأمن دورًا مباشرًا في مراقبة وقف إطلاق النار، وهو ما لم يتحقق، مشيراً إلى أن القرار “لا يتناسب مع صيغة دولتين لشعبين وفق إعلان نيويورك”، كما يفتقر لأي وضوح بشأن الجدول الزمني لنقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية، محذراً من أن البنود المقترحة حول مجلس السلام والقوة الدولية “غير مؤكدة”، وقد تؤدي إلى “ترسيخ الفصل بين غزة والضفة الغربية”.
لكن حركة حماس اعتبرت أن القرار “لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية والإنسانية”، مشيرةً إلى أنه ينزع قطاع غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية ويفرض وقائع جديدة بعيدًا عن الثوابت الفلسطينية وحق الشعب في تقرير مصيره.
وفي سياق متصل، أصدرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بيانًا رسميًا أعربت فيه عن رفضها القاطع للقرار الأمريكي، معتبرةً أنه يشكّل وصاية دولية على قطاع غزة ويفصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية، ويستهدف فرض وقائع جديدة تناقض الثوابت الفلسطينية وحق الشعب في مقاومة الاحتلال. وأكدت الحركة أن القرار يغفل محاسبة الاحتلال على جرائمه ورفع الحصار عن القطاع، مشددةً على أن المساعدات الإنسانية وفتح المعابر يجب أن تظل واجبًا إنسانيًا بعيدًا عن أي استغلال سياسي، وأن المقاومة الفلسطينية حق مشروع كفله القانون الدولي، ولن يثنيها أي قرار عن الدفاع عن الأرض والحقوق الوطنية.
ويتيح النص الذي تمت مراجعته عدة مرات، تأسيس “قوة استقرار دولية” تتعاون مع الاحتلال ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثًا للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة. كما ينص على إنشاء “مجلس السلام”، هيئة حكم انتقالي لغزة، على أن تستمر ولايته حتى نهاية عام 2027، مع فتح المجال مستقبلاً أمام مسار موثوق لتقرير الفلسطينيين مصيرهم وإقامة دولتهم.
وأكد مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أن التعديلات التي أُجريت على مشروع القرار الأمريكي تضمن النزاهة والتوازن، مشددًا على ضرورة احترام قرارات وخيارات الشعب الفلسطيني ودعم استمرار وقف إطلاق النار في غزة.
من جانبه، أبدى مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، ملاحظات على القرار، مشيرًا إلى غياب التأكيد على المبادئ الأساسية بما فيها حل الدولتين، وعدم وضوح دور القوة الدولية في نزع سلاح حماس، وعدم تحديد أطر زمنية لبسط السلطة الفلسطينية سيطرتها على غزة.
ويأتي اعتماد مجلس الأمن للقرار في وقت لا تزال فيه قوات الاحتلال تواصل قصف قطاع غزة، وتدمير مساكنه، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في العاشر من أكتوبر، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى وتقييد إدخال المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.
المصدر: وكالات
