باشرت السلطات السورية تحقيقاً رسمياً بعد سرقة قطع أثرية ثمينة من المتحف الوطني في دمشق، الذي قررت إغلاق أبوابه مؤقتاً أمام الزوار حتى الانتهاء من جمع الأدلة، وفقاً لما أفاد به مسؤول متابع للقضية لوكالة فرانس برس، اليوم الأربعاء.
وأكدت مصادر أن الجناح الكلاسيكي، الذي يُعد من أهم أقسام المتحف الرئيسي في سوريا، تعرّض لعملية سرقة ليل الأحد/الاثنين، وأوضح مسؤول طلب عدم ذكر اسمه: “بدأت التحقيقات الرسمية، وسيبقى المتحف مغلقاً مؤقتاً حتى يتم استكمال جمع الأدلة”. وأضاف أن عمليات جرد دقيقة تجري حالياً للمقتنيات الأثرية داخل جميع الأقسام للتأكد من عدم فقدان أي قطع أخرى.
وأشارت المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، الثلاثاء، إلى أنها باشرت التنسيق مع الجهات الأمنية المختصة لفتح تحقيق رسمي حول ملابسات حادثة فقدان بعض المعروضات، وأفادت باتخاذ “إجراءات فورية لضمان سلامة المقتنيات وتدعيم منظومة الحماية والمراقبة داخل المتحف”، دون الإفصاح عن نوع أو عدد القطع المسروقة.
غير أن مسؤولا في إدارة المتاحف أوضح، الأربعاء، لوكالة فرانس برس، أن السرقات اقتصرت على ستة تماثيل صغيرة للإلهة “فينوس” تعود للعصر الروماني، بينما أفاد مسؤول آخر بأن من بين المسروقات مسبوكات ذهبية.
وشهد مراسلو فرانس برس الأربعاء إغلاق أبواب المتحف، فيما أكد أحد الحراس عدم وجود زيارات سياحية حتى الأسبوع المقبل.
وتجدر الإشارة إلى أن سنوات النزاع السوري منذ عام 2011 أسفرت عن تدمير شديد للمعالم الأثرية والتراثية، حيث تعرّضت عشرات آلاف القطع للنهب، بينما بقي متحف العاصمة بمنأى عن التداعيات، إذ نُقلت إليه قطع نادرة من مناطق أخرى لأغراض الحفظ.
تأسس المتحف الوطني في دمشق عام 1920، ثم انتقل إلى مبناه الحالي سنة 1936، ويضم عدة أقسام تغطي عصور ما قبل التاريخ، والآثار السورية القديمة، والكلاسيكية، والإسلامية، بالإضافة إلى الفن الحديث.
ويحتوي على أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، فيما يشكل الجناح الكلاسيكي أحد أبرز الأجنحة ويضم قطعاً نادرة من الحقب الهلنستية والرومانية والبيزنطية جمعت من مواقع أثرية سورية رئيسية.
وكان المتحف قد أعيد افتتاحه في الثامن من كانون الثاني/يناير 2025 بعد أربع سنوات من الإغلاق الاحترازي عقب إطاحة الرئيس بشار الأسد، خشية تعرضه للنهب،
وأكدت الإدارة حينها عدم وقوع أي اعتداءات على المتحف. وخلال سنوات النزاع، أغلق المتحف أبوابه أمام الزوار من عام 2012 حتى 2018، وتعرضت العديد من المواقع الأثرية لأضرار جسيمة، خاصة المدينة القديمة في حلب وتدمر وسط سوريا.
ووفق تقرير نشرته مؤسسة جيردا هنكل والجمعية السورية لحماية الآثار، فقد نُهب أكثر من 40 ألف قطعة أثرية من المتاحف والمواقع السورية منذ بداية الحرب عام 2011.
وقال إياد غانم، رئيس جمعية أصدقاء المتاحف والمواقع الأثرية السورية، لوكالة فرانس برس، إن المسروقات الأخيرة “تمثل ذاكرة السوريين”، معرباً عن أمله في استعادتها كونها مسجّلة ولها صفات دقيقة سيتم تعميمها محلياً ودولياً لمتابعة استرجاعها عبر التنسيق مع الجهات الدولية المختصة.
المصدر: أ.ف.ب.
