تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 4-11-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
اجتماع عربي إسلامي في تركيا: حكم غزة للفلسطينيين ولا نريد نظام وصاية جديداً | الإغلاق الحكومي يعطل مطارات ويصيب ملايين الأميركيين… وترامب للتفاوض | برّاك يدعو عون للاتصال بنتنياهو بعد إعلان لبنان دولة فاشلة… وماذا عن سورية؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” الحرب مستمرة في غزة من طرف واحد على الطريقة اللبنانية، حيث يواصل الاحتلال عمليات القتل والحصار، لكن على وتيرة منخفضة قياساً بأيام حرب الإبادة، ويجاهر رئيس حكومة الاحتلال ووزراؤه بأنهم لن يوقفوا الحرب ولن ينفذوا التزاماتهم بالسماح بتدفق المساعدات الإنسانية، كما ينص الاتفاق، والمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تشكل القوة الدولية مفتاحها متعثرة، واجتماع عربي إسلامي في اسطنبول على مستوى وزراء الخارجية بغياب مصري وصفه وزير الخارجية التركي حاقان فيدان بالتقني لا السياسي، يحدّد الثوابت العربية الإسلامية بالقول إن غزة بحاجة إلى «إعادة إعمار، ويجب أن يعود سكانها إلى منازلهم، فهي بحاجة إلى تضميد جراحها، ولكن لا أحد يريد أن يرى ظهور نظام وصاية جديداً»، بينما قال فيدان إن المجتمعين متمسكون بأن يكون حكم غزة وأمنها بيد الفلسطينيين، من خلال السلطة الفلسطينية والمصالحة بين حركتي فتح وحماس، وأن تكون القوة الدوليّة في غزة قوة عربية إسلامية يصدر قرار تشكيلها عن مجلس الأمن الدولي، ووفقاً لمصادر متابعة للموقف الإسرائيلي فإن حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو ترفض كل هذه الشروط التي صدرت عن الاجتماع، ما يجعل الخطة برمّتها أمام مخاطر التآكل، خصوصاً أن الحد الراهن من التهدئة يرتبط بنسبة كبيرة بقضية تبادل جثث الأسرى.
في أميركا التي تذهب اليوم إلى انتخابات عمدة نيويورك والاهتمام المتزايد بالحظوظ العالية لفوز المرشح الاشتراكي المسلم زهران ممداني، تفاقمت أزمة الإغلاق الحكومي وإنتاج المزيد من التداعيات، وبعد توقف المساعدات الغذائيّة عن عشرات الملايين من الفقراء الأميركيين، وصل الإغلاق إلى التسبّب في تعطيل الملاحة في مطارات أميركية كان أولها مطار هيوستن بسبب نقص الموظفين، وفيما يمثل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين داخل الكونغرس السبب في تعثر إقرار الموازنة التي تحتاج إلى 60% من أصوات مجلس الشيوخ الذي يملك فيه الجمهوريون اغلبية بسيطة تعادل 51% فقط، يدور هذا الخلاف حول إصرار إدارة الرئيس ترامب على التلاعب بالضمانات الصحية والاجتماعية التي وضع الديمقراطيون أسسها خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، ونتج عن عدم إقرار الموازنة توقف الدفع من الخزينة لكل العطاءات والرواتب، وبعد مرور شهر وبضعة أيام من عناد ترامب وتمسكه بموقفه قال أمس، إنه مستعد لإعادة تقييم برامج التأمين الصحي والضمانات الاجتماعية، ما يعني فتح باب التفاوض مع الديمقراطيين بما يمثل بنظر الديمقراطيين إقراراً بالفشل في ربح هذه الجولة.
لبنان كان على موعد مع «فكرة عبقرية جديدة» للمبعوث «العقاري» الأميركي توماس برّاك، وبعد إعلانه لبنان دولة فاشلة دعا رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى الاتصال مباشرة برئيس حكومة الاحتلال الملاحق كمجرم حرب من المحكمة الجنائية الدولية، بما بدا عدم قناعة بكفاية موقف رئيس الجمهورية الذي دافع عن التفاوض كخيار من حيث المبدأ، وكان السؤال الأهم الذي توجه لبرّاك، ما دمت تعتبر الحكم في سورية أشد ذكاء وشجاعة من الحكم في لبنان، فلماذا تستثنيه من معاييرك لاعتبار لبنان دولة فاشلة بسبب عدم حصر السلاح بيد الدولة، بينما السلاح في سورية يسيطر على النفط والغاز شمالاً ويمنع الدولة من دخول مناطق سورية جنوباً، ولماذا لا تمنّ على الحكم الذي تفتخر بشجاعته وحكمته بنصائحك «القيمة» عن الاتصال الهاتفي بنتنياهو، وهو لا مشكلة لديه اسمها المقاومة وسلاحها، وقد قطع شوطاً في التفاوض المباشر على مستوى الوزراء، بما يجعل الوضع في سورية مؤهلاً أكثر من لبنان لترجمة افكارك «العبقريّة»؟
في ظلّ تصاعد الحديث عن ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار مع «إسرائيل» وبدء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة لإنهاء حالة التوتر المستمرة في الجنوب. المبعوثون الأميركيون، وفي مقدّمتهم توم برّاك وآموس هوكشتاين، أعادوا تسليط الضوء على هشاشة الوضع اللبناني، بين دعواتٍ لتوحيد السلاح تحت سلطة الدولة وتسريع تنفيذ خطة الجيش لنزع سلاح «حزب الله»، وبين تأكيدٍ على وجوب تحمل المجتمع الدولي مسؤولية دعم لبنان اقتصاديًا وإعادة إعمار ما دمّرته المواجهات.
وتتزامن هذه التطورات مع حراك دبلوماسي كثيف يقوده رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي شدّد على أن لا خيار أمام لبنان سوى التفاوض، معتبرًا أنّ لغة الحرب أثبتت فشلها وأنّ التفاهم السياسي هو الطريق الوحيد لتجنّب الانهيار الكامل. في المقابل، تبرز مواقف من قوى سياسية، أبرزها «حزب الله»، ترفض أي مسار تفاوضي قبل التزام «إسرائيل» بالانسحاب من النقاط الخمس ووقف اعتداءاتها، ما يعكس عمق الانقسام الداخلي حول مقاربة الصراع مع العدو.
وفي خضم هذه التجاذبات، يسعى لبنان الرسمي إلى ترميم علاقاته الخارجية عبر انفتاحٍ على المبادرات الفرنسية والأممية، وتأكيد الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية لاستعادة ثقة المانحين. كما يتوازى ذلك مع تحركات الجيش على الساحة الدولية، عبر مشاركته في «حوار المنامة» لتثبيت موقعه كضامن أساسي للاستقرار الداخلي، وكشريك في جهود حفظ الأمن الإقليمي.
صرَّح المبعوثُ الأميركيّ توم برّاك، أمامَ مجموعةٍ من الصحافيين، أنّ «الورقة الّتي قدّمتها، لم يلتزم بها أحد، ولا نستطيع الحديث عن مهلة ولا اتفاق، على لبنان، و»إسرائيلَ» المزيد من النقاش»، متسائلًا: «فلماذا لا ترفع حكومتُكم اللبنانيّةُ الجميلةُ سَمّاعةَ الهاتف؟ الرئيس الأميركيّ يتّصلُ بـالرئيسِ الروسيِّ فلاديميرِ بوتين، ويرفعُها ويتّصلُ بـالرئيسِ الصينيِّ شي جين بينغ، أفلا يستطيعُ الرئيسُ عون أن يرفعَ السَّمّاعةَ ويتّصلَ بنتنياهو ويقول: لِننهِ هذه المهزلة، لِننهِ الأمر؟».
وعلّق المبعوث الأميركي السابق إلى لبنان آموس هوكشتاين، عند سؤاله عن رأيه في ما قاله براك حول كون لبنان «دولة فاشلة»، قائلاً إن لبنان يعاني بالفعل من مشاكل وتحديات اقتصادية ضخمة. وأضاف: «عوضاً عن التفكير في أخطائهم، علينا نحن، المجتمع الدولي، أن نقول إنه بعد حرب 2006، كان حزب الله وإيران من قاما بإعادة الإعمار، وإن كنا لا نريد لهما أن يفعلا ذلك، فعلينا نحن أن نتقدّم بأموال ومقاربة حقيقية لإعادة الإعمار. نولي أهمية كبيرة لإعادة الإعمار في غزة وننظم مؤتمرات ويجب أن نفعل الأمر عينه للبنان». وتابع: «يجب أن نبرهن للناس في جنوب لبنان أن المجتمع الدولي لا يظهر فقط عندما يكون هناك قصف، بل أيضاً لإعادة إعمار الطرقات والمزارع وإعادة الكهرباء. فعندما يكون هناك فراغ ما، غالباً لا يملؤه أناس خيرون».
وجدّد مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية ترحيب واشنطن بقرار الحكومة اللبنانية وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة. وأكد أنه «يتعين الآن على الجيش تنفيذ خطته بشأن نزع السلاح بشكل كامل»، مشيرًا إلى أن واشنطن تدعم الجهود الرامية لنزع سلاح حزب الله وغيره من المنظمات غير الحكومية في لبنان».
وفي السياق نفسه تنقل وسائل إعلام عربية وأميركية تصريحات عن مسؤولين أميركيين يشددون إلى ضرورة تطبيق خطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله بشكل سريع، وعدم التأخر في تحقيق ذلك.
وقال وزير الخارجية الفرنسيّة جان نويل بارو «ندعم رئيس لبنان والحكومة لتحقيق كل أهداف وقف النار مع «إسرائيل»». ودعا بارو «إلى نزع سلاح «حزب الله» وانسحاب إسرائيل من النقاط الـ5». وتابع: «مستعدّون لاستضافة مؤتمر إعادة إعمار لبنان». وقال بارو: «على لبنان مواصلة الإصلاحات الاقتصادية لتشجيع المانحين الدوليين».
وأكد رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنَّه «ليس أمام لبنان إلّا خيارُ التفاوض»، موضحًا أنَّ «في السياسة ثلاث أدوات للعمل، وهي الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والحربيّة، فعندما لا تؤدّي بنا الحرب إلى أيّ نتيجة، ما العمل؟ فَنِهايةُ كلّ حرب في مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع عدو». وشدَّد على أنَّ «لغة التفاوض أهمّ من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسيّة التي نعتمدها جميعًا، من الرئيس نبيه برّي إلى الرئيس نواف سلام».
وفي السياق، اجرى رئيس الجمهورية مع منسقة الأمم المتحدة في لبنان جانين هينيس بلاسخارت التي زارت تل أبيب أخيراً، جولة أفق تناولت الأوضاع العامة في ضوء التطورات المتصلة بسبل معالجة الوضع في الجنوب، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاتصالات الجارية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وأشار النائب حسين الحاج حسن من جهته إلى أن «بعض اللبنانيين يستعجلون الاستسلام والتنازلات، ولكن هذا ليس موجودا في قاموسنا، فنحن لن نستسلم ولن نتنازل، وقلنا بأن على العدو أن يلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما الانسحاب من النقاط الخمس، ووقف اعتداءاته اليومية، وإطلاق سراح الأسرى بلا مقابل، وعندئذٍ نذهب كلبنانيين لمناقشة استراتيجية أمن ودفاع وطني من أجل الدفاع عن البلد، لا أن نبدأ من نقطة «ي» قبل أن ننتهي من النقطة «أ».
الى ذلك يعقد للقاء التنسيقي الأول «نحو إعادة الإعمار» في العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم في «مجمّع نبيه بري» في المصيلح.
ومن المتوقع أن يشارك فيه وزراء المال، الأشغال العامة والنقل، الزراعة، الصحة، والبيئة، نواب ممثلون عن كتلتي التنمية والتحرير النيابية وكتلة الوفاء للمقاومة، ممثلون عن بعثة البنك الدولي في لبنان، منسقية الامم المتحدة في لبنان، قيادة قوات اليونيفل، ممثل عن قيادة الجيش، منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في لبنان، ممثلون عن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، مجلس الإنماء والإعمار، مجلس الجنوب، محافظا الجنوب والنبطية، ورؤساء اتحادات البلديات في محافظتي الجنوب والنبطية.
وفي مجال آخر، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار وتناول اللقاء عرض لآخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة لا سيما الامنية منها وشؤونا تشريعية.
أما رئيس الحكومة نواف سلام العائد من القاهرة فاستقبل الرئيس الأسبق للجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، وجرى البحث في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
كما استقبل وفدًا من وكالة التنمية الفرنسية (AFD)، مشيداً بالدعم المستمر الذي قدمته خلال المراحل الصعبة التي مرّ بها البلد، ومؤكدًا أن الشعب اللبناني يقدّر هذا الدعم عاليًا. وأشار الرئيس سلام إلى أن الحكومة تعمل على توجيه لبنان نحو اقتصادٍ منتجٍ ومستدام، يرتكز على نموٍّ يقوده القطاع الخاص، في ظلّ نظام حوكمةٍ فعّال وخاضعٍ للمساءلة.
شارك قائدُ الجيشِ العمادُ رودولف هيكل في «حوار المنامة 2025» في مملكة البحرين، الذي نظّمَه المعهدُ الدوليّ للدّراسات الاستراتيجيّة IISS بين 31/10/2025 و2/11/2025، بالتعاون مع وزارة الخارجيّة في مملكة البحرين، وبمشاركة شخصيّاتٍ رسميّةٍ من وزراء ورؤساء أجهزة أمنيّة وقادة جيوش من دول عدّة حول العالم. وتضمّن الحوار طرح رؤى استراتيجيّة ركّزت على أهميّة التعاون الدولي، وتبنّي مقاربات شاملة للأمن والسِّلم، والدعوة إلى الحوار والتخطيط الواقعي لمعالجة جذور الأزمات وتعزيز التنمية المستدامة.
وعلى هامش الحوار، عقد العمادُ هيكل سلسلة لقاءات مع وزير الخارجيّة الألماني يوهان فاديفول، ومساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذيّة الدكتور خالد البياري، وقائد القيادة الوسطى الأميركيّة الأدميرال براد كوبر، ورئيس أركان الدفاع البريطاني الفريق أوّل ريتشارد نايتون، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجندر، والمدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجيّة IISS الماريشال الجوّي المتقاعد سامي سامبسن، حيث جرى البحث في سبل تعزيز قدرات الجيش في ظلّ المرحلة الحالية الدقيقة، وتثبيت وقف الاعتداءات والخروق من جانب العدو الإسرائيلي، والالتزام باتّفاق وقف الأعمال العدائيّة.
كما التقى رئيسَ هيئة الأركان المشتركة للقوّات المسلّحة الأردنيّة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، ورئيس الأركان العامة للجيش الكويتي الفريق خالد الشريعان، ورئيس اللجنة العسكريّة في الناتو الأدميرال جوزيبي كافو دراغوني، ومدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في المفوضيّة الأوروبيّة ستيفانو سانينو، ومدير التحليل والدراسات في مجلس الدفاع الأعلى الإيطالي اللواء ستيفانو ديل كول، ومدير المخابرات القبرصيّة تاسوس تزيونيس، وخلال هذه اللقاءات، جرى عرض سبل التعاون بين جيوش الدول المذكورة والجيش اللبناني، إضافةً إلى التحديات الراهنة.
في إطار متابعة التحضيرات للإنتخابات النيابية المقبلة، أعلنت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، أنه ولغاية تاريخ 3/11/2025 تم تسجيل 33390 طلباً عبر منصة وزارة الخارجية المغتربين، وقد تسلمت وزارة الداخلية والبلديات منها 24822 طلباً حيث يجري العمل على تدقيقها ومطابقتها مع قوائم الناخبين.
هذا وذكرت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية بأن مهلة التسجيل للاقتراع في الانتخابات النيابية تنتهي بتاريخ 20 تشرين الثاني الحالي”.
الأخبار:
عون يمهّد لإرسال مبعوث مدني… وبري يطالب مصر بـ«هدنة الشهرين» | الضغط الأميركي يتعاظم: اذهبوا إلى التـفاوض تحت النار!
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “على وقع إشهار العدو الإسرائيلي نواياه الحربية تجاه لبنان، وشدّ الحبال السياسي غير المباشر على خلفية ملف المفاوضات المباشرة الذي تضغط في اتجاهه تل أبيب وواشنطن، جدّد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون دعوته للتفاوض، مؤكداً أنه «ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، ففي السياسة هناك ثلاث أدوات للعمل: الدبلوماسية، والاقتصادية، والحربية. وعندما لا تؤدّي بنا الحرب إلى أي نتيجة، ما العمل؟
نهاية كل حرب في مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع عدوّ». وشدّد على أن «لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التي نعتمدها جميعاً، من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام».
ويفتح موقف رئيس الجمهورية الباب أمام النقاش التنفيذي حول كيفية حصول التفاوض بين لبنان وكيان الاحتلال، سيما أن عون أوحى بأن القرار قد اتُّخذ بالفعل، مستفيداً من زخم سياسي بعد طلبه من الجيش اللبناني «التصدّي للاعتداءات الإسرائيلية»، وبعد كلام المبعوث الأميركي توم برّاك حول واقع لبنان، ما دفع الأوساط السياسية إلى الربط بين الموقفيْن، خصوصاً أن كلام برّاك اعتُبر بمثابة إنذار للدولة اللبنانية وللعهد أكثر من كونه موجّهاً إلى حزب الله، كما فُهم وكأنه يشكّل غطاء لأي عمل عدواني محتمل، وصولاً إلى جولة حرب جديدة، مع التأكيد أن السبب هو فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله الذي يُعتبر تهديداً لإسرائيل.
وفي هذا الإطار، أكّد أكثر من مصدر أن «عون تلقّى رسائل استياء من الأميركيين على خلفية طلبه من الجيش اللبناني التصدّي للعدو، وقد أُبلغ من أكثر من جهة أن المطلوب منه هو الإيفاء بالتزاماته، أي الطلب من الجيش نزع سلاح الحزب، وليس خوض مواجهة مع إسرائيل».
مع ذلك، طرحت دعوة عون إلى التفاوض السؤال نفسه: على ماذا سيفاوض لبنان، وكيف، وأي أوراق قوة يمتلكها؟
خصوصاً أن إسرائيل لا تزال ترفض وقف الأعمال العدائية خلال مرحلة التفاوض. وقد أثار الرئيس بري هذه النقطة خلال لقائه مدير المخابرات المصري اللواء حسن رشاد، مؤكّداً أمامه ما كان قد طلبه من برّاك، بضرورة وقف الاعتداءات لمدة شهرين على الأقل، وسأله عمّا إذا كانت هناك أي آلية لإقناع العدو بالامتثال لذلك، خصوصاً أن الإسرائيليين كرّروا عبر الوسطاء أنهم لن يقدّموا أي ضمانات، وأن على لبنان القبول بالتفاوض «تحت النار».
وواصل برّاك أمس ضغوطه، وقال في حديث صحافي: «لماذا لا ترفع حكومة لبنان الجميلة سماعة الهاتف؟ الرئيس الأميركي يتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويرفع السماعة ليتصل بالرئيس الصيني شي جين بينغ، ألا يستطيع الرئيس عون أن يرفع السماعة ليتصل بنتنياهو ويقول: لِنُنْهِ هذه المهزلة، لِنُنْهِ الأمر؟».
ومنذ بدء مهمته في حزيران الماضي، لا يكفّ برّاك عن توجيه التهديدات للبنان، بحرب أهلية أو إسرائيلية، وعن توجيه إهانات للبنانيين، في أداء لم يعد محل ارتياح حتى لدى بعض الأميركيين. وفي هذا السياق، كان لافتاً ردّ المبعوث السابق عاموس هوكشتين على برّاك قائلاً إن «إطلاق الأحكام لا يُسهم في الحل، بل المطلوب تحرّك فعلي من المجتمع الدولي».
وأضاف أنّ «لبنان يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة، لكنّ التفكير لا يجب أن يقتصر على أخطاء اللبنانيين، بل على مسؤولية المجتمع الدولي الذي ترك فراغاً ملأه حزب الله وإيران بعد حرب 2006». وأضاف: «إذا لم نرغب بأن يواصلا لعب هذا الدور، فعلينا نحن أن نتقدّم بمقاربة جدّية لتمويل إعادة إعمار الجنوب»، مشدّداً على ضرورة أن «يُظهِر المجتمع الدولي حضوره في مشاريع التنمية والبنى التحتية، لا فقط عند وقوع الغارات».
التهويل الإسرائيلي
إلى ذلك، تواصل التحشيد الإعلامي الإسرائيلي ضد حزب الله بذريعة دخوله مرحلة التعافي. وذكرت صحيفة «معاريف» أن جيش الاحتلال يستعدّ لسيناريوات متعدّدة على الجبهة الشمالية مع لبنان، في ظل ما وصفته بتزايد مؤشرات النشاط الميداني للحزب خلال الأسابيع الأخيرة. وأشارت إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت تحركات متزايدة لعناصر حزب الله في مناطق عدة من لبنان، أبرزها شمال نهر الليطاني والبقاع وجنوب بيروت، مشيرة إلى أن الحزب يعمل على إعادة بناء «قوة الرضوان» وإخراج بعض الأسلحة من المخابئ التي سبق أن استُهدفت.
وأضافت أنّ حزب الله يسعى إلى تنفيذ «عملية مزدوجة»، تقوم على إعادة بناء قوته العسكرية بهدوء من جهة، وتجنّب أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل من جهة أخرى، في محاولة للحفاظ على توازن الردع القائم وتفادي تصعيد واسع النطاق في المرحلة الراهنة.
ويستكمل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الخطاب السياسي الأميركي والإسرائيلي، خصوصاً على مستوى مسألة حصرية السلاح، إذ قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لشبكة «فوكس نيوز»، إن «نزع سلاح حزب الله وإنهاء أنشطة إيران عبر وكلائها حاسمان لاستقرار لبنان».
وذكرت قناة «كان» العبرية، في تقرير لها أمس، أن «قوة حزب الله شهدت في الأسابيع الأخيرة تعاظماً سريعاً، قد يؤدّي إلى تصعيد محتمل مع لبنان»، وأن «مسؤولين كباراً في إسرائيل يقولون إن الحزب ينجح في إعادة ترميم بنيته التحتية، خصوصاً في مناطق سيطرته، فيما الحكومة اللبنانية غير قادرة فعلياً على مواجهة هذه التهديدات، وتُظهِر عجزاً واضحاً».
وبحسب التقرير نفسه، فإن «هناك أمراً آخرَ مثيراً للاهتمام، وهو أن إسرائيل لا تقصف في بيروت، ويبدو أن ذلك يتم بناءً على طلب أميركي. فيما يقول المسؤولون العسكريون، إن التهديدات هناك (بيروت) ليست فورية، لكنّ مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً عاد وأكّد أن لا مكان في لبنان سيكون بمنأى عن الهجمات»”.
الحملة اليمينية لا تكبح ممداني: انتخابات دراماتيكية في نيويورك
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “«متعاطف مع (حماس) الإرهابية»، «إرهابي جهادي»، «رحّلوا ممداني»، و«حذار تكرار هجمات الـ11 من أيلول»؛ على هذا النحو، استجابت الدوائر الأميركية السياسية المحافظة لنجاح الديمقراطي الاشتراكي، زهران ممداني، في الانتخابات التمهيدية للحزب، لمنصب عمدة مدينة نيويورك في حزيران الماضي.
وفي ظل وصف بعض المراقبين للحملة التي تعرّض لها المرشح المسلم، والتي شملت أيضاً تهديدات بالقتل، بـ«المعادية للإسلام والأجانب»، فقد انضمت شخصيات بارزة في إدارة دونالد ترامب إليها، بما في ذلك نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ومهندس عمليات الترحيل الجماعي ستيفن ميلر. وزعم الأخير أن «مدينة نيويورك هي التحذير الأكثر وضوحاً حتى الآن مما يحدث للمجتمع عندما يفشل في السيطرة على الهجرة».
من جهتها، أرسلت ممثّلة نيويورك، إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب ذات مرة لمنصب سفيرة الأمم المتحدة، رسائل بريد إلكتروني لجمع التبرعات، تصف ممداني بأنه «متعاطف مع (حماس)»، وذلك حتى قبل الدعوة إلى السباق. كما كان لابن ترامب «بصمته» الخاصة في الهجوم، بعدما اعتبر، في منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن «مدينة نيويورك سقطت»، مشبّهاً تصويت سكانها لممداني بما حدث في هجمات 11 أيلول. أمّا المعلّق المحافظ، مات والش، فأعرب عن أسفه لأن نيويورك «لم تعد مدينة أميركية»، بعدما أصبحت نسبة سكانها المولودين في دول أخرى نحو 40%.
وفي خضمّ هذه الحملة الشرسة، نشرت شبكة «سي بي أس» الأميركية، الأحد، تقريراً نقلت فيه عن «هيئة الانتخابات» في مدينة نيويورك قولها إن أكثر من 584 ألف مواطن أدلوا بأصواتهم بالفعل، قبل أن تفتح مراكز التصويت أبوابها للمرة الأخيرة اليوم، من الساعة 9 صباحاً حتى الـ5 مساءً، بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة. وخلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة من التصويت المبكر، جاب المرشحون الثلاثة لمنصب عمدة المدينة، المقاطعات الخمس، وأحيوا سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى كسب الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.
وطبقاً للشبكة، أظهر استطلاع جديد للرأي أجراه مركز «أطلس»، شمل أكثر من 1500 شخص حتى 30 تشرين الأول، حصول ممداني على 40% من الأصوات، والمرشح المستقل أندرو كومو على 34%، والمرشح الجمهوري كيرتس سليوا على 24%. والأسبوع الماضي، أفادت استطلاعات أخرى بأن ممداني يحظى بـ45% من الأصوات، مقارنة بنحو 30% لكومو، وما بين 15 إلى 20% لسيلوا.
وعلى الرغم من أن سليوا، الذي بنى حملته على «القانون والنظام» وجعل الشوارع ومترو الأنفاق أكثر أماناً، اعتبر أن الانتخابات المرتقبة «لن يحدّدها المليارديريون أو المؤثّرون أو المطّلعون، بل أنتم الشعب»، وأن «أبناء الطبقة العاملة ذات الياقات الزرق لا يتم تمثيلهم من قبل زهران، أو أندرو وأصدقائه المؤثّرين والمتموّلين»، فقد اتّضح أن أصحاب المليارات قد دأبوا، في الأيام الأخيرة، على ضخّ أموال هائلة لوقف ممداني؛ إذ تبرّع بيل أكمان، مدير صندوق التحوط والملياردير والمعلّق الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، بمليون دولار في 14 تشرين الأول لمنظمة «Defend NYC»، وهي لجنة عمل سياسي معارضة لترشيح ممداني، وفقاً لملفات «مجلس الانتخابات» في الولاية التي تضمّ العدد الأكبر من السكان في البلاد.
وفي اليوم نفسه، أرسل لوري تيش، المستثمر الملياردير من العائلة التي أسّست شركة «لويز»، 100 ألف دولار إلى لجنة «Fix The City» المناهضة لممداني. كما تبرّع دانييل لوب، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة «Third Point Ventures»، بمبلغ 150 ألف دولار أميركي للجنة نفسها. وبعد يوم واحد، أظهرت سجلّات الانتخابات مساهمة أخرى قدرها 100 ألف دولار منسوبة إلى لوب.
على أن ممداني كان توقّع، خلال فعالية بعنوان «نيويورك ليست للبيع»، أن يستخدم أصحاب النفوذ كل الوسائل لمهاجمة حملته، مؤكداً أنّه «لن يتراجع»، وسيتغلّب على «الأوليغارشيين»، ويعيد «الكرامة إلى حياة الناس».
ويمكن فهم «الهجمة» على ممداني من خلال استعراض أبرز الوعود التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية؛ إذ تعهّد بتغيير نمط الحياة في المدينة على الطريقة الاسكندنافية، بما يشمل حافلات مجانية، ورعاية أطفال شاملة، وتجميد الإيجارات في الشقق المستقرة – وهي فئة سكنية تنظّم من خلالها الحكومة قدرة أصحاب العقارات على زيادة الإيجار كل عام -، ومحالّ بقالة تديرها الدولة، وتحديد الحد الأدنى للأجور بـ30 دولاراً بحلول نهاية ولايته. ولتمويل أجندته، التي تقدّر حملته كلفتها بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، تعهّد ممداني بزيادة الضرائب على الشركات والـ1% على أصحاب المدخول الأعلى.
كما يشكّل الإسكان الحجر الأساس في حملة المرشح الديمقراطي، بعدما تعهّد ببناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة على امتداد عشر سنوات بتكلفة 100 مليار دولار، جنباً إلى جنب جعل الحافلات مجانية لأكثر من مليون راكب يومياً في الولاية، وإنشاء إدارة جديدة لسلامة المجتمع، تشرف على الاستجابة لأزمات الصحة العقلية والتواصل مع المشرّدين. كذلك، وعد ممداني بتوفير رعاية شاملة للأطفال الذين تُراوِح أعمارهم بين ستة أسابيع وخمس سنوات، فيما يساعده تواصله بلغات متعددة، بما فيها العربية، على التواصل مع سكان نيويورك العرب والمهاجرين الذين غالباً ما يشعرون أنهم مستبعدون من الحملات الانتخابية.
وعلى الرغم من أن حملته ركّزت على الأوضاع المعيشية بشكل رئيسي، فقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عقب فوزه في حزيران، تقريراً زعمت فيه أن قاعدته الأساسية تتكوّن من ناشطي منظمة «الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا»، وأن «السبب الحقيقي وراء حماسهم له هو نشاطه المستمر ضد إسرائيل». وأشار التقرير إلى أنه بعد أحداث الـ7 من أكتوبر 2023، أدلى ممداني بتصريحات «تساوي بين الجانبين»، معتبراً أن الطريق إلى السلام يبدأ بتفكيك «الفصل العنصري» وإنهاء الاحتلال، وصولاً إلى إعلانه أن إسرائيل «على حافة الإبادة الجماعية».
كذلك، اعتُقل المرشح الديمقراطي خلال مشاركته في احتجاجات ضد إسرائيل وليس ضد «حماس»، بحسب الصحيفة، في حين شارك في تأسيس فرع «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» في «كلية بودوين»، وهي المجموعة الوطنية التي أصدرت تعليمات إلى فروعها بـ«الاحتفال بالانتصار التاريخي للمقاومة الفلسطينية». وإذ يتعهّد ممداني حالياً باعتقال نتنياهو في حال زار الولاية، فإن والده، وهو أستاذ في جامعة كولومبيا، كان قارن إسرائيل بالنازيين لسنوات، بحسب التقرير نفسه، فيما يدعم ابنه، أيضاً، معسكر الاحتجاج في كولومبيا، الذي «احتفل» بعملية السابع من أكتوبر، متعهّداً بأنه لن يرسل الشرطة لقمع أي احتجاجات مستقبلية داعمة لفلسطين.
اللافت أن الحزب الديمقراطي نفسه يبدو حذراً من «ظاهرة» ممداني التي تجلب اتهامات للحزب بانتهاج سياسات «متطرفة» وتعيد تشكيل توجّهاته؛ إذ قدّمت كامالا هاريس دعماً محدوداً وحذِراً لممداني، وعلى الرغم من اتصال باراك أوباما به لتقديم بعض النصائح له، فإنه لم يمنحه تأييداً رسمياً. أمّا حكيم جيفريز، زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، فأصدر بياناً مدروساً في اللحظة الأخيرة، معلناً دعمه إياه، بينما بقي تشاك شومر على الحياد. ومن جهته، اعتبر بيرني ساندرز أن انتخاب ممداني قد يشجّع نجاح مرشحين مماثلين على مستوى البلاد، واصفاً إياه بأنه «أسوأ كابوس لترامب»”.
“إسرائيل” تعرّي توحّشها: أسرى فلسطين تحت المقصلة
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “يحثّ الائتلاف اليميني الإسرائيلي الحاكم الخطى نحو تشريع أكثر القوانين دموية في تاريخ الكيان، والمتمثّل في إعدام الأسرى الفلسطينيين، في ما سيعني، حالَ سريانه، الحُكم على مئات الأسرى بالموت؛ علماً أن تل أبيب تنفّذ عمليات إعدام وقتل بحقّ الأسرى والمواطنين بشكل دائم. واجتازت إسرائيل، أمس، مرحلة جديدة على طريق تشريع القانون، بعد مصادقة «لجنة الأمن القومي» في «الكنيست» على مشروعه، تمهيداً للتصديق عليه بالقراءة الأولى بعد غدٍ الأربعاء. ويُتوقّع أن يمرّ القانون بالمصادقات الثلاث، إذا ما حظي بدعم الائتلاف الحاكم، خصوصاً أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أعلن دعمه له، في أعقاب تنفيذ صفقة تبادل الأسرى.
وقال منسّق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، خلال الجلسة، إن زعيم «الليكود» يدعم مشروع القانون، بعدما كان عارض مناقشته في الوقت الذي سبق إبرام الصفقة، «نظراً إلى الخطر الذي كان سيشكّله على المختطفين الأحياء». وأضاف: «منذ ذلك الحين، ونحن في خضمّ المفاوضات، وقد ضيّقت ذراعنا العسكرية والسياسية الخناق على حماس، وهذا ما حدث»، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن رئيس الحكومة يدعم أيضاً خيار منح منسّق شؤون الأسرى والمفقودين حقّ طلب تغيير الحكم من خلال تقديم «تقرير سرّي قبل اتّخاذ القرار» إلى المحكمة. وردّ عليه وزير الأمن القومي المتطرّف، إيتمار بن غفير، الذي يدفع وحزبه «قوة يهودية» بمشروع القانون، بأن «ذلك لن يحدث. على كل مخرّب أن يعلم أن هناك عقوبة واحدة فقط لقتل الأطفال والنساء والمسنّين، هي عقوبة الإعدام. لا يجب منحهم الأمل والدافع لحكم آخر». وذكر بن غفير، في تغريدة عبر منصة «إكس» بعد المصادقة على طرح المشروع: «أشكر رئيس الحكومة على دعمه قانون إعدام المخربين، ولكن يجب ألّا يكون للمحكمة أيّ تقدير موقف، وليعلم كلّ مخرّب يقدم على القتل بأنه سيُحكم عليه بالإعدام فقط».
ويُعدّ قانون إعدام الأسرى، أحد البنود التي جرى التوافق عليها بين «الليكود» وحزب «قوة يهودية»، لضمان مشاركة الأخير في الائتلاف. كما أنه يمثّل واحداً من أبرز الأهداف التي يسعى بن غفير إلى تحقيقها؛ إذ اتخذ الأخير، منذ دخوله إلى الحكومة، عدّة خطوات للضغط عليها لتمريره، من بينها تهديده خلال اجتماع كتلة حزبه في «الكنيست» (20 تشرين الأول)، بأنه في حالة عدم طرح المشروع خلال ثلاثة أسابيع، فإن حزبه لن يكون ملتزماً بالتصويت على مشاريع قوانين الائتلاف. ودأب الوزير المتطرّف، منذ بدء الحرب في غزة، على اقتحام السجون والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين، وتهديدهم على الملأ وأمام الكاميرات بالقتل والإعدام.
وكانت «هيئة البث الإسرائيلية» أفادت، الخميس الماضي، بأن وزارة القضاء، والمستوى السياسي، توصّلا إلى تفاهمات أولية في شأن تقديم عناصر وحدة «النُّخبة» التابعة لـ»حماس» إلى المحاكمة، والاتفاق على إنشاء محكمة خاصة بهم، بحيث تُقدَّم استئنافات الأسرى إليها فقط. وسيكون قضاة هذه المحكمة من المتقاعدين أو أولئك الذين على وشك التقاعد. وبحسب «كان»، تحتجز إسرائيل ما بين 250 و300 من عناصر «النخبة» ممَّن شاركوا في عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، فيما «التحقيقات معهم في مراحلها النهائية». وتعتزم النيابة العامة اتّخاذ قرار في شأن تقديمهم إلى المحاكمة خلال الأسابيع المقبلة، بعدما جمّدت إسرائيل التقدّم في هذا الملف لأشهر عدّة، طوال المدّة التي احتجزت فيها «حماس» أسرى إسرائيليين أحياء. ولكن بعد تسلّمها آخر 20 أسيراً على قيد الحياة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، أعلن وزير القضاء، ياريف ليفين، أنه سيعمل بسرعة على دفع مشروع القانون قُدماً.
وبدأ مسار قانون إعدام الأسرى في الـ26 من شباط 2023، حين أقرّت «اللجنة الوزارية للتشريع» مسوّدة مشروع يُعرَف بـ»تعديل قانون العقوبات – الإعدام للإرهابيين – 2023». وتلت ذلك، في الأول من آذار، القراءة التمهيدية داخل «الكنيست»، قبل أن يحال المشروع على «لجنة الأمن القومي» في الـ13 من الشهر نفسه. وتسعى الحكومة الإسرائيلية، في العام الجاري، إلى تفعيل عقوبة الإعدام عبر مسارَين متوازيَين: الأول، جعل الإعدام حكماً ملزماً في حالات جرائم القتل «بدافع إرهابي» معادٍ لإسرائيل؛ والثاني، إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة منفّذي عملية السابع من أكتوبر، بموجب «قانون الإبادة» لعام 1950.
ولطالما أثارت مسألة إعدام الأسرى جدلاً قانونيّاً وسياسيّاً وأمنيّاً في إسرائيل، وتحديداً منذ احتلال الضفة الغربية. وعلى رغم تبنّي تل أبيب، في عام 1967، قراراً وجّه إلى النيابة العامة بالامتناع عن طلب الإعدام في القضايا الأمنية خلال مرافعتها أمام المحاكم، إلّا أن النقاش حول القانون كان يعود مع كلّ عملية فدائية صعبة. وجرى توثيق عدد من العمليات التي أعادت المسألة إلى طاولة النقاش، أبرزها: عملية مطار اللد في عام 1972 التي أسفرت عن 24 قتيلاً، واستهداف عائلة فوغل في إحدى مستوطنات نابلس، وقبل ذلك عملية الفتى منصور من الداخل المحتل الذي وضع عبوة في حافلة وأصاب بعض الركاب من دون وقوع قتلى، لتطالب النيابة الإسرائيلية إثر ذلك بإعدامه. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على موسى الطلالقة الذي شارك في عملية «فندق سافوي» لحركة «فتح» في تل أبيب عام 1975، وبعدها قضيّة كريم وابن عمه ماهر يونس اللذين أصدرت المحكمة الابتدائية الإسرائيلية حكماً بإعدامهما لكن محكمة الاستئناف ألغت القرار؛ وفي التسعينيات، أصدرت المحكمة العسكرية في جنين قراراً بإعدام الأسير سعيد بدارنة على خلفية مشاركته في تفجير المحطة المركزية في الخضيرة والعفولة، لكنه ألغي بالاستئناف؛ وفي عام 2003 رأى اثنان من القضاة ضرورة إعدام رائد الشيخ، وهو شرطي فلسطيني أدين بقتل جنديَّين وسط رام الله.
وأَرجعت تحليلات رفْض إسرائيل في السابق تشريع الإعدام، إلى اعتبارات استراتيجية وسياسية تتعلّق أولاً بتجنّب تحويل العقوبة إلى محرّض مباشر على تأجيج الصراع مع الفلسطينيين؛ وثانياً الحفاظ على صورة إسرائيل الدولية في ظلّ حساسية ملفّ حقوق الإنسان، والخشية من أن يؤدّي تنفيذ أحكام الإعدام إلى تشجيع عمليات خطف الجنود والمدنيين بغرض المقايضة والإفراج عن المحكومين بالإعدام.
وتُجمِع المؤسسات الحقوقية على أن إسرائيل، وعلى رغم أنها لم تنفّذ أيّ حكم إعدام بحقّ فلسطينيين عبر مسار تشريعي أو قضائي في المحاكم، لكنها نفّذت آلاف عمليات الإعدام بحقّهم ضمن مسارات «خارج القضاء»، كالقتل المتعمّد أثناء الاعتقال، والاغتيالات التي شرّعتها المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2006 – «بشروط صارمة» تتعلّق بالمشاركة المباشرة في الأعمال القتالية وضرورة التحقُّق من عدم مقتل مدنيين أثناء الاستهداف -، وسياسات الإهمال الطبي بحقّ الأسرى، أو التعذيب أثناء الاعتقال والتحقيق”.
المصدر: الصحف اللبنانية
