الأحد   
   02 11 2025   
   11 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 22:59

نسف منازل وغارات إسرائيلية على غزة وتحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ ساعات الفجر الأولى من صباح اليوم الأحد، عدوانه على مناطق متفرقة من قطاع غزة، من خلال غارات جوية وقصف مدفعي متزامن شمل مدن خان يونس ورفح جنوبًا، ودير البلح في المنطقة الوسطى، ما أسفر عن تدمير منازل فوق رؤوس ساكنيها وتفاقم الوضع الإنساني الذي يزداد سوءًا يوماً بعد يوم.

نفذت قوات الاحتلال عمليات نسف ضخمة شرقي خان يونس، ترافقت مع قصف مدفعي عنيف استهدف الأحياء السكنية والمناطق الزراعية. كما شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات متتالية على أطراف مدينة رفح وشرق دير البلح، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الإبادة التي عاشها القطاع خلال العامين الماضيين.

وقال شهود عيان إن عمليات النسف تسببت بانهيار عشرات المنازل، فيما لم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إلى العديد من المناطق بسبب استمرار القصف ودمار الطرق المؤدية إليها.

ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف من كارثة إنسانية تهدد أكثر من مليوني إنسان داخل القطاع المحاصر. فقد أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن “مستلزمات الإيواء الشتوية المخصصة لنحو مليون لاجئ ما زالت مكدسة في المستودعات، بعدما منعت سلطات الاحتلال إدخالها إلى غزة”، محذّرة من أن البرد والأمطار سيضاعفان معاناة مئات آلاف النازحين الذين يعيشون في خيام بدائية لا تقي من البرد أو المطر.

في السياق، أوضح رئيس بلدية خان يونس ونائب رئيس اتحاد بلديات قطاع غزة المهندس علاء الدين البطة أن نحو 900 ألف نازح يعيشون في ظروف مأساوية داخل مخيمات مكتظة تفتقر إلى المياه النظيفة، والكهرباء، والخدمات الأساسية. وأشار إلى أن “الوضع تجاوز حدود الكارثة، ولا وجود لأي تحرك فعلي لتخفيف المعاناة اليومية للنازحين”، لافتًا إلى أن القطاع بحاجة عاجلة إلى الخيام والإسمنت وقطع غيار الآليات الثقيلة لإعادة تأهيل البنى التحتية المدمّرة.

من جهته، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن نحو 3200 شاحنة مساعدات دخلت القطاع خلال الفترة الممتدة بين 10 و31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بمعدل يومي لا يتجاوز 145 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة يُفترض دخولها يومياً بموجب الاتفاقات الموقعة.

وأوضح البيان أن “الكمية التي وصلت لا تكفي لتلبية سوى جزء بسيط من احتياجات السكان، إذ تضمنت 293 شاحنة مواد غذائية، و220 شاحنة بضائع مختلفة، و6 شاحنات محروقات فقط، و4 شاحنات موجهة للقطاع الصحي”، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتحكم بدخول المساعدات بما يتناسب مع أهدافه السياسية والعسكرية.

وفي موازاة ذلك، أكد المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش أن الاحتلال “يمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية ويُضيّق على المنظمات الدولية العاملة في القطاع الصحي”، مشيرًا إلى أن المستشفيات تعمل في ظروف قاسية للغاية وتفتقر إلى الوقود وقطع الغيار اللازمة لتشغيل الأجهزة الحيوية.

وأضاف البرش أن “القطاع الصحي يواجه واحدة من أخطر المراحل منذ بدء العدوان، حيث تُجبر الكوادر الطبية على العمل ساعات طويلة دون توقف وسط نقص حاد في المعدات والدواء”.

ويأتي هذا التصعيد رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار، المستند إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيّز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وتنص الخطة على إنهاء الحرب تدريجيًا، وانسحاب متدرّج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، مع تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

إلا أن الاحتلال خرق الاتفاق مرارًا عبر غارات وعمليات نسف أسفرت عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، في وقت تواصل فيه فصائل المقاومة تحميل الكيان الصهيوني مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية وانتهاك وقف النار.

ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن الإبادة الإسرائيلية التي استمرت على مدار عامين خلّفت أكثر من 68 ألفًا و858 شهيدًا، و170 ألفًا و664 مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض.

ومع استمرار سياسة العقاب الجماعي ورفض إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، يُحذّر مراقبون من أن القطاع يتجه نحو واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه الحديث، في ظل صمت دولي يوازي حجم المأساة.

المصدر: وكالات