الإثنين   
   27 10 2025   
   5 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 00:08

قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على الفاشر في غرب السودان

أعلنت قوات الدعم السريع، الأحد، سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، آخر مدينة كبيرة كانت تحت سيطرة الجيش، وذلك بعد حصار استمرّ أكثر من عام.

ولم يصدر أي تأكيد رسمي من الجيش بشأن التطورات في الفاشر، فيما لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من مجريات الأحداث على الأرض.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان إنها “بسطت سيطرتها على مدينة الفاشر من قبضة المرتزقة والميليشيات المتحالفة مع جيش الإرهابيين، وذلك بعد معارك بطولية تخللتها عمليات نوعية وحصار أنهك العدو ومزّق خطوط دفاعه وأوصله إلى الانهيار التام”.

وجاء البيان بعد ساعات من إعلان القوات نفسها السيطرة على المقر الرئيسي للجيش في المدينة.

في المقابل، أكدت “المقاومة الشعبية” المتحالفة مع الجيش استمرار المعارك في الفاشر، مشيرة إلى أنه “لم يبقَ لأهل الفاشر حصن وملاذ أخير سوى السلاح والمقاومة في مواجهة الميليشيات الإرهابية”، نافية أن تعني السيطرة على مقر الجيش سقوط المدينة بأكملها.

وأوضحت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن القتال لا يزال مستمراً، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع سيطرت على “الفرقة التي غادرها الجيش منذ سنة ونصف إلى أماكن أكثر تحصيناً”، وأن السيطرة اقتصرت على “مبانٍ خالية لا تمتلك أهمية استراتيجية”.

ويصعب التحقق من مجريات الأحداث في ظل استمرار المعارك وانقطاع الاتصالات في المدينة. كما لم يصدر تعليق من الجيش السوداني على التطورات الأخيرة.

وفي حال تأكد سقوط الفاشر، فإن ذلك يعني سيطرة قوات الدعم السريع على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، وتقسيم البلاد فعلياً بين شرق يسيطر عليه الجيش وغرب تهيمن عليه قوات الدعم السريع.

وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرتها قوات الدعم السريع مقاتلين يحتفلون إلى جانب لافتة كتب عليها “مقر الفرقة السادسة”، في حين بيّنت مقاطع أخرى مغادرة مركبات تابعة للجيش للمقر. كما تداولت مشاهد لاحتفالات في مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، التي تخضع لسيطرة الدعم السريع.

وقال كاميرون هادسون، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن “قوات الدعم السريع تسعى للسيطرة على منطقة من أجل تعزيز مطالبها كحكومة”، مضيفاً أن “السيطرة الكاملة على دارفور تخدم هذا الطموح، ومن هذا المنطلق فإن السيطرة على مدينة الفاشر تحمل أهمية سياسية عميقة”.

وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ مايو/أيار 2024 في إطار محاولتها فرض السيطرة على غرب السودان بعدما أخرجها الجيش من شمال وشرق البلاد. وقد كثّفت تلك القوات هجماتها منذ أغسطس/آب الماضي على المدينة ومخيمات النازحين المحيطة بها، ما أسفر عن مئات القتلى نتيجة القصف المدفعي والطائرات المسيّرة.

وفي محاولة لدفع العملية السلمية، استضافت واشنطن الأسبوع الماضي اجتماعاً للمجموعة الرباعية الخاصة بالسودان التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، غير أن المفاوضات لم تسفر حتى الآن عن أي اتفاق بين الجانبين رغم الدعوات الأممية والدولية لوقف إطلاق النار، خصوصاً في الفاشر التي تعاني من مجاعة وتفشٍّ للأوبئة.

وحسب الأمم المتحدة، يحاصر الدعم السريع نحو 260 ألف مدني داخل المدينة يعانون من الجوع الشديد وانعدام الخدمات الصحية وانقطاع الاتصالات.

كما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي حلّلها مختبر البحوث الإنسانية في جامعة يال الأميركية أن قوات الدعم السريع أقامت سواتر ترابية بطول 68 كيلومتراً حول الفاشر، تاركة ممراً وحيداً يتراوح طوله بين ثلاثة وأربعة كيلومترات، يتعرض فيه المدنيون للمضايقات والابتزاز مقابل السماح لهم بالعبور، وفق شهود وتقارير ميدانية.

وذكرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، دنيز براون، وشهود عيان أن مدنيين تعرضوا للقتل أو الخطف أو العنف الجنسي أثناء محاولتهم الفرار من المدينة.

وحذرت منظمات أممية في بيان مشترك الخميس من تفاقم الكارثة الإنسانية في إقليم دارفور، مشيرة إلى أن “مجموعات بأكملها تعيش في ظروف تتنافى مع الكرامة”. ودعت كل من المنظمة الدولية للهجرة، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي إلى “تدخل دولي عاجل لمعالجة المعاناة الهائلة والمخاطر المتزايدة التي تواجه السكان”.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، هذا الشهر: “أشعر بالفزع من استخفاف قوات الدعم السريع المتعمد بحياة المدنيين، بلا أي رادع، رغم الدعوات المتكررة لحماية السكان”.

ودخلت الحرب في السودان عامها الثالث، مسببة مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، في ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

المصدر: أ.ف.ب.