الخميس   
   16 10 2025   
   23 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 14:52

مراكز الاحتيال الإلكتروني تزدهر بسبب «ستارلينك» التابعة لإيلون ماسك

بعد أشهر فقط من حملة أمنية واسعة تعهدت بالقضاء على شبكات الاحتيال الإلكتروني في ميانمار، كشفت تحقيقات وكالة «فرانس برس» عن عودة هذه المراكز للعمل بوتيرة أسرع من ذي قبل، مستخدمةً خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من شركة «ستارلينك» التابعة لإيلون ماسك.

ويأتي ذلك فيما فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات على «العقول المدبّرة» لهذه الشبكات التي تدر مليارات الدولارات من عمليات الاحتيال على ضحايا حول العالم، في واحدة من أكبر الفضائح الرقمية العابرة للحدود.

مراكز الاحتيال تنتعش من جديد رغم الحملة الأمنية

أظهر تحقيق لوكالة فرانس برس أن مراكز الاحتيال في ميانمار، المتهمة بالاستيلاء على مليارات الدولارات من ضحايا عبر العالم، تشهد توسعاً سريعاً بعد أشهر فقط من الحملة التي تعهدت بإغلاقها نهائياً.

صور الأقمار الصناعية ومقاطع مصوّرة التُقطت بطائرات مسيّرة أظهرت تشييد مبانٍ جديدة داخل مجمعات محصنة بشدة قرب مدينة “ماوادي” على الحدود التايلاندية، إضافة إلى هوائيات ضخمة لخدمة «ستارلينك» التابعة لإيلون ماسك.

عقوبات أميركية وبريطانية على «شبكات الاحتيال الضخمة»

تزامناً مع ذلك، فرضت كل من بريطانيا والولايات المتحدة، عقوبات على قادة ما وصفتهما بـ«مراكز الاحتيال الصناعية في جنوب شرق آسيا»، تشمل تجميد 19 عقاراً في لندن مرتبطة بشبكة تقدر قيمتها بعدة مليارات الجنيهات الإسترلينية.

وتضمنت العقارات المصادرة قصراً بقيمة 12 مليون جنيه إسترليني (نحو 16 مليون دولار) في واحدة من أرقى شوارع لندن، ومبنى مكاتب بقيمة 100 مليون جنيه في الحي المالي للمدينة.

وفي الولايات المتحدة، أطلق الادعاء العام إجراءات لمصادرة ما يصل إلى 15 مليار دولار من العملات المشفرة تعود إلى رجل الأعمال الصيني الأصل تشين تشي، المتهم بإدارة «إمبراطورية احتيال إلكتروني واسعة» مقرها كمبوديا، حيث يُجبر العمال على العمل في ظروف أقرب إلى السجون.

ضحايا بالملايين وخسائر بمليارات الدولارات

تقول وزارة الخزانة الأميركية إن الأميركيين من أبرز ضحايا هذه الشبكات، إذ خسروا نحو 10 مليارات دولار خلال العام الماضي فقط، بزيادة قدرها 66% عن العام السابق.

وقد دفعت هذه الخسائر بعض الضحايا إلى الانتحار، فيما تضطر عائلات العاملين في تلك المراكز إلى دفع فدية مالية لإطلاق سراح أقاربهم.

ويشير خبراء إلى أن أغلب تلك المراكز في ميانمار وكمبوديا تُدار من قبل عصابات صينية كانت تعمل سابقاً في قطاع القمار غير المشروع قبل أن تتحول إلى الاحتيال الإلكتروني.

«ستارلينك» في قلب العاصفة

أصبح نظام الإنترنت الفضائي «ستارلينك» لاعباً رئيسياً في هذه الشبكات بعد أن تحول إلى أكبر مزوّد للإنترنت في ميانمار بين يوليو وأكتوبر 2025، وفقاً لبيانات من السجل الإقليمي للإنترنت في آسيا (APNIC).

وقد أعلن الكونغرس الأميركي فتح تحقيق رسمي في دور «ستارلينك» في تمكين مراكز الاحتيال من مواصلة نشاطها، بينما رفضت شركة «سبيس إكس» المالكة للنظام التعليق على الاتهامات.

السناتورة الديمقراطية ماجي هاسن وجهت رسالة إلى إيلون ماسك في يوليو الماضي تتضمن 11 سؤالاً حول علاقة شركته بهذه الأنشطة، محذّرة من أن «مجرمين عابرين للحدود قد يستخدمون خدمة أميركية للاحتيال على العالم».

المدعية الأميركية السابقة إيرين ويست وصفت الأمر بأنه «مروع»، وقالت: «من غير المقبول أن تسهّل شركة أميركية بهذا الحجم جرائم احتيال واسعة النطاق»، مؤكدة أنها حذرت «ستارلينك» منذ عام 2024 من استخدام خدمتها في مراكز الاحتيال دون أي رد.

عودة الحياة إلى «مدن الاحتيال»

رغم وعود فبراير الماضي، التي تعهدت خلالها ميليشيات موالية للجيش في ميانمار بإنهاء تلك المراكز بعد ضغوط من الصين وتايلاند، كشفت صور الأقمار الصناعية عن عودة أعمال البناء بوتيرة متسارعة في عدد من المجمعات على ضفاف نهر «موي»، الفاصل بين البلدين.

تحليل أجرته فرانس برس باستخدام صور من شركة Planet Labs PBC أظهر إنشاء عشرات المباني الجديدة بين مارس وسبتمبر في مجمع «كيه كيه بارك» الضخم، إضافة إلى نشاط عمراني في 27 موقعاً آخر يشتبه بأنها مراكز احتيال، بينها موقع “شوي كوكو” الشهير الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه «الأسوأ سمعة».

تحذيرات أممية وكورية

تقدّر الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 120 ألف شخص يُجبرون على تنفيذ عمليات احتيال إلكتروني داخل ميانمار، بينما يُحتجز نحو 100 ألف آخرين في كمبوديا في ظروف قاسية.

وفي كوريا الجنوبية، عبّر الرئيس لي جاي ميونغ عن «قلقه العميق» إزاء الأضرار الكبيرة التي تلحق بمواطنيه، خاصة بعد مقتل طالب كوري إثر تعذيبه على يد خاطفيه في كمبوديا، مؤكداً أن «عدد الضحايا ليس قليلاً وأن القلق الشعبي في تزايد».

المصدر: أ ف ب