تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 10-10-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
اتفاق غزة: وقف النار وتبادل الأسرى وانسحاب تدريجي… والسلاح بيد المقاومة | ترامب يستعد لزياره المنطقة والتحدث أمام الكنيست مرشحاً لنوبل ويشكر إيران | ارتباك إسرائيلي في قضية التبادل ومستقبل الحرب ونتنياهو يطلب مساعدة ويتكوف
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” سقطت حرب الإبادة وبقي سلاح المقاومة، هي النتيجة الأولى التي يمكن تسجيلها من قراءة نصوص اتفاق غزة، بحيث بقي الحديث عن نزع سلاح المقاومة كما ورد في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملزماً له ولمن وافقه عليه، بينما وقعت المقاومة على نص لا ذكر فيه لنزع السلاح، وفي المقابل اعتبر رئيس حكومة الاحتلال أنه غير ملزم بما ورد في نسخة تفاهم ترامب مع حكومات الدول العربية والإسلامية عن الدولة الفلسطينية، إلى حد أن الأمرين صارا مترابطين بمستقبل المفاوضات اللاحقة، وتبين أن الاتفاق الذي تم توقيعه يتناول ثلاث قضايا كانت دائماً عناوين طلبات المقاومة، ربط الإفراج عن اسرى الاحتلال في غزة بالإفراج عن عدد مقابل من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بمن فيهم أصحاب الأحكام العليا، ومن بينهم عدد من القادة، ووقف إطلاق النار في إطار ضمانات لوقف نهائي للحرب، وانسحاب تدريجي للاحتلال وصولاً إلى الانسحاب الكامل، والمقاومة التي فاوضت بمسؤولية ومهارة لا تزعم تحقيق أرباح كاملة، فهي تدرك أن أولويتها هي وقف حرب الإبادة والتجويع التي تستهدف الفلسطينيين وتحصد كل يوم العشرات منهم رجالاً ونساء وأطفالاً، ولذلك قامت المقاومة بتخفيض سقف مطالبها بما يتناسب مع تحقيق هدف وقف هذه الحرب المتوحشة، مع التمسك بخط أحمر لا مساومة عليه، هو رفض ربط أي اتفاق بمستقبل السلاح ورفض خطط تهجير الفلسطينيين، وقد نجحت المقاومة في إنجاز اتفاق ينسجم مع هذه القواعد.
الرئيس الأميركي الذي تحدّث علناً أمس عن سعيه للترشح لجائزة نوبل للسلام على خلفية نجاحه في وقف الحرب في غزة، بقوله إن أحداً ممن نالوا الجائزة فعل ما فعله هو لتحقيق السلام، مشيراً إلى أنه سيتوجه نحو المنطقة للمشاركة في مراسم اتفاق غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين والتحدث امام الكنيست الإسرائيلي، وجاء كلام ترامب في لحظة سياسية إسرائيلية بالغة التشويش والارتباك، حيث ظهر التعديل المتلاحق في مواعيد البدء بوقف إطلاق النار، وتغيير مواعيد اجتماع مجلس الوزراء، وطول مدة اجتماع المجلس المصغر دون التصويت على الاتفاق ثم الاستعانة بمبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف وصهره جارد كوشنر للمشاركة في اجتماع مجلس الوزراء للمساهمة بإقناع الوزراء بأن “إسرائيل” موضع عناية أميركية وأن واشنطن لن تتسامح مع بقاء السلاح بيد حركة حماس، وليلاً تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن نوايا إسرائيلية بشن غارات على اليمن، كتعويض عن وقف الحرب على غزة، فيما انتهى اجتماع مجلس الوزراء بعد منتصف الليل بالتصويت بالموافقة على اتفاق غزة.
فيما خطف الأنظار دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ الأضواء، دخلت المنطقة ومعها لبنان في حالة انتظار وترقب لتداعيات القرار الأميركي الكبير وما ستكون عليه الخطوات التالية وسط مخاوف وتحذيرات من استدارة «إسرائيل» إلى الجبهة الجنوبية بعد أن تستريح من حرب غزة، وفق ما أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتوقعت أوساط دبلوماسية عبر «البناء» أن يشهد لبنان سلسلة زيارات دبلوماسية أميركية وأوروبية وعربية لإعادة تزخيم الملف اللبناني بعدما وضع على رف الانتظار عقب قرارات جلسة مجلس الوزراء في 5 أيلول، مضيفة أنّ هذا الحراك المرتقب قد يؤدي إلى إنضاج تسوية سياسية لملف الحدود بين لبنان و»إسرائيل» وسلاح حزب الله طالما أنّ الملف الأكثر تعقيداً وصعوبة أيّ غزة وضع على سكة الحل والتسوية، وأصل التفجير بين لبنان و»إسرائيل» هو دخول حزب الله بجبهة الإسناد لغزة، ولذلك من المحتمل أن يتجه الملف اللبناني إلى الهدوء والتسوية برعاية أميركية عربية وإسلامية على غرار ما حصل في غزة، والاحتمال الثاني أن يشهد لبنان تصعيداً عسكرياً واسعاً لفرض الحل على حزب الله ولبنان بالقوة، وقد يحصل ذلك أيضاً بتوجيه ضربات عسكرية لليمن وتنظيمات عسكرية خارج الدولة في العراق وربما على إيران.
ولفتت مصادر سياسية مواكبة للحركة الدبلوماسية الأميركية والأوروبية تجاه لبنان إلى أن لا رسائل أميركية وغربية وعربية مباشرة للحكومة اللبنانية بحرب إسرائيلية وشيكة وواسعة على لبنان، لكن لا يمكن لأحد ضمان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبعد الانتهاء من غزة بألا يقوم بمغامرات جديدة في جبهات وساحات متعددة منها لبنان لتعويض الفشل في تحقيق الأهداف في حرب الإبادة في غزة لمدة عامين. وأشارت المصادر لـ”البناء” الى أنّ مشروع السلام الذي يتحدّث عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال طي الغموض وهل هو سلام القوة والحروب والإبادة الذي تحدث عنه نتنياهو في كتابه “سلام القوة”؟ وبالتالي يعتبر أنّ القوة العسكرية والإبادة والحصار والتجويع في غزة حقق نتائج عملية في الضغط على الشعب الفلسطيني وليّ ذراع المقاومة فيه، ويريد استنساخ التجربة في لبنان وساحات أخرى في العراق واليمن وإيران؟ ووفق المصادر فإنّ “إسرائيل” لا تجرؤ على الذهاب إلى حرب واسعة على لبنان أو على إيران من دون التنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم “إسرائيل” بشتى أنواع الدعم لا سيما العسكري والمالي والاستخباري والتكنولوجي ما مكّنها من تحقيق إنجازات خلال العامين الماضيين في لبنان وغزة وسورية. ولذلك تضيف المصادر أنّ على لبنان الاستعداد لكافة الاحتمالات من ضمنها التصعيد الإسرائيلي ضد مناطق عدة في لبنان لا سيما الجنوب والبقاع والضاحية وصولاً الى تنفيذ مخططات وأعمال أمنية كتفجيرات واغتيالات استكمالاً لعمليات تفجير البيجر والأجهزة واغتيال القيادات الكبيرة في المقاومة.
وفي سياق ذلك، كشفت مصادر إعلامية أن الأمن العام اللبناني أحبط مخططاً إرهابياً إسرائيلياً واسع النطاق كان يستهدف تنفيذ تفجيرات متزامنة خلال إحياء ذكرى الحرب عند مرقد السيد الشهيد حسن نصرالله وفي المدينة الرياضية في بيروت ضد المشاركين في المناسبة. العملية نُفّذت بسريّة تامة بإشراف مباشر من مديرية الأمن العام، حفاظاً على سرّية التحقيقات التي لا تزال مستمرة لكشف الارتباطات الخارجية للمجموعة.
وانطلقت مسيرات جماهيرية حاشدة في مخيمي نهر البارد والبداوي في شمال لبنان، تأييداً لقوى المقاومة، ووفاءً لشهداء وجرحى معركة طوفان الأقصى، بمشاركة ممثلي الفصائل الفلسطينية والأحزاب الوطنية اللبنانية. ورفع المشاركون رايات المقاومة الفلسطينية وحزب الله، تأكيداً على وحدة الموقف المقاوم في فلسطين ولبنان، وعربون تحية للمقاومة اللبنانية التي قدمت التضحيات دفاعاً عن الشعب الفلسطيني. وصدح المشاركون في تظاهرة مخيم نهر البارد عالياً “لبيك يا نصر الله” وفاءً لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، وتحية من أبناء المخيم لأبناء المقاومة الذين ضحّوا بدمائهم فداءً للقضية الفلسطينية.
الى ذلك، رحّب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين “إسرائيل” وحركة “حماس” في مرحلته الأولى، والذي يهدف إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة. وأعرب الرئيس عون عن أمله في أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق في غزة، مؤكداً ضرورة استمرار الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفق مبادرة السلام العربية التي أقرّتها القمة العربية في بيروت العام 2002. وتمنّى الرئيس عون ان تتجاوب “إسرائيل” مع الدعوات التي صدرت عن قادة الدول العربية والأجنبية من أجل وقف سياستها العدوانية في فلسطين ولبنان وسورية لتوفير المناخات الإيجابية للعمل من أجل سلام عادل وشامل ودائم يحقق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بدوره قال الرئيس بري أمام وفد جمعية الإعلاميين الاقتصاديين: “سنكون سعداء إذا توقفت حرب الإبادة التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني على مدى عامين في قطاع غزة”، مشدداً على وجوب الحذر من انقلاب “إسرائيل” على الاتفاق وهي التي عودتنا دائما التفلت من كل الاتفاقات والعهود التي أبرمتها وآخرها، اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان في تشرين الثاني الماضي، والذي التزم به لبنان كاملاً في منطقة جنوب الليطاني باعتراف من يتفق أو يعارض المقاومة وحزب الله بذلك. فالمقاومة وفق الرئيس بري منذ 27 تشرين الثاني عام 2024 لم تطلق طلقة واحدة، في حين أن “إسرائيل” بدل الانسحاب وإطلاق سراح الأسرى ووقف العدوان احتلت أماكن لم تكن قد احتلتها، ودمّرت قرًى بكاملها. وسأل: ماذا بعد غزة؟ الجواب حتماً يجب أن يكون التوجّه نحو لبنان لتطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه وممارسة المجتمع الدولي وخاصة الدول التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار والمسؤولية بإلزام “إسرائيل” بما لم تلتزم به حتى الآن، الانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلها، وقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى.
وسأل الرئيس بري: “هل يُعقل ألا تقول الحكومة اللبنانية لأبناء القرى الحدودية في عيتا الشعب وكفركلا وحولا ويارين ومروحين والضهيرة وميس الجبل وبليدا والخيام ويارون ومارون الراس وكل قرى الشريط المدمرة، هؤلاء الذين عادوا لزراعة حقولهم وافترشوا منازلهم المدمرة ألا تقول لهؤلاء “مرحبا”؟ للأسف وكأنّ الجنوب ليس من لبنان! المطلوب من الحكومة بكل وزاراتها أن تكون حاضرة أقله بالحد الأدنى، كي لا يشعر أبناء الجنوب العائدين بأن الجنوب ليس جزءاً من لبنان”.
اما انتخابياً فقال بري “البعض ينظر إلى هذا القانون كالفتاة التي أحبت رجلاً فتزوجته، وفي اليوم التالي طلبت الطلاق. فمن صنع هذا القانون ومَن تمسّك به، الآن لا يريده، ما أريد قوله الآن: الانتخابات يجب أن تُجرى في موعدها وفقاً للصيغة الحالية للقانون الساري المفعول، وهذا القانون قد أعطى صلاحيات استثنائية لوزيري الداخلية والخارجية فليتفضّلوا إلى الانتخابات، وأؤكد أننا ضد التمديد”.
في المقابل أعرب رئيس مجلس الوزراء نواف سلام عن استغرابه كثيراً “التصريح المنسوب إلى رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، الّذي مفاده أنّ الحكومة لا تسأل عن أهلنا في الجنوب، وأنّها لم تقل لهم حتى “مرحبا”!”. وأشار في تصريح، إلى أنّ “لذلك يهمّني أن أذكّر، لو صحّ هذا التصريح، بأنّ أوّل عمل قمت به مع عدد من زملائي الوزراء، وقبل مضيّ 48 ساعة على نيل حكومتنا الثّقة، هو القيام بزيارة ميدانيّة إلى صور والخيام والنبطية، للوقوف على حال أهلنا في الجنوب والاستماع إليهم”.
وذكّر سلام أيضاً بأنّه “بغياب أي دعم خارجي لأسباب معروفة، وضمن إمكانيّات الدّولة المحدودة، فقد قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بتأمين مساعدة ماليّة شهريّة إلى 67 ألف عائلة من العائلات المتضرّرة في الحرب، كما أعلنت تقديم بدل إيجار شهري لـ10 آلاف عائلة هجّرت بسبب الحرب. ناهيكم أنّ وزارات الاتصالات، الأشغال العامّة والنقل، والطّاقة والمياه باشرت بالإصلاحات الضّروريّة لإعادة الخدمات إلى المناطق المتضرّرة”.
وشدّد على أنّ “إضافةً إلى ذلك، فقد كلّفنا مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، الإسراع في أعمالهما، وحوّلنا إليها المبالغ المطلوبة منها”، مؤكّداً أنّ “الأهم أنّ حكومتنا عملت على الحصول من البنك الدولي على قرض بـ250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتيّة المتضرّرة من الحرب. لكن الاستفادة من هذا القرض لا تزال تنتظر إقرار القانون المتعلّق به في مجلس النّواب”. كما تمنّى “عودة المجلس النّيابي إلى عمله التشريعي بسرعة، لأجل إقرار هذا القانون، كي يستفيد منه أهلنا في الجنوب وسائر المناطق المتضرّرة من الحرب. وكما سبق وأعلنت مراراً، فإنّ إعادة الإعمار ليست وعداً منّي بل عهد”.
في المقابل ردت مصادر عين التينة على سلام ولفتت عبر قناة الـ”NBN” إلى “أنّ “الشمس طالعة والناس قاشعة”.
وذكّرت مصادر نيابية بما قاله قائد الجيش العماد رودولف هيكل خلال مداخلته في جلسة مجلس الوزراء، بأنّ الدولة غير موجودة في الجنوب، ودعا الحكومة إلى تعزيز حضورها في الجنوب. ولفتت لـ”البناء” أنّ التطابق واضح بين كلام الرئيس بري وقائد الجيش لجهة تقصير الدولة بشكل كبير عن القيام بدورها ليس فقط الدفاعي والتحريري فحسب، بل الإنمائي والرعائي والمعنوي وكذلك إعادة الإعمار التي لم تخطُ الحكومة خطوة واحدة في هذا الاتجاه.
إلى ذلك واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على لبنان، فأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أنّ “قنبلة صوتية ألقتها قوات العدو الإسرائيلي على بلدة كفرشوبا أدّت إلى إصابة مواطن بجروح”.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين، أنّ “وزير الخارجيّة السّوريّة أسعد الشيباني سيزور بيروت اليوم، تلبيةً لدعوة وزير الخارجيّة يوسف رجي، وسيستهل زيارته بلقائه. كما سيلتقي رئيس الجمهوريّة جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، قبل أن يتوجّه إلى مطار بيروت الدّولي، حيث يغادر عائداً إلى دمشق”.
إلى ذلك، أعلن وزير الإعلام بول مرقص، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي، عن “تكليف مجلس الإنماء والإعمار إنشاء خلية طمر جديدة في موقع مطمر الجديدة الصحي المعروف بهذا الاسم، وفقَا للاقتراحات والشروط الفنية على أن يتوقف استقبال النفايات في المطمر المذكور قبل نهاية العام 2026 أو لحين استنفاد قدرة المطمر الاستيعابية، ويُصار إلى إقفاله نهائياً قبل هذا التاريخ”. ولفت إلى أنّه “سوف يكون العمل على مشروع معالجة نفايات منطقة المتن ضمن أولى مهام الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة الجاري تعينها، والتي ستعمل أيضاً على وضع وتنفيذ خطة شاملة لإدارة النفايات”.
على مقلب آخر، أجرى نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، اتصالاً هاتفياً بعائلة المناضلة لينا طبّال، هنّأها خلاله على إطلاق سراح المناضلة بعد اعتقالها من قِبَل سلطات العدو الصهيوني خلال مشاركتها في “أسطول الحرية” المتّجه نحو فك الحصار عن قطاع غزة.
وأكّد قماطي، خلال الاتصال، أنّ “اعتقال لينا طبّال يُعتَبر جريمة تُضاف إلى سجل الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني والمدافعين عن الحق الفلسطيني”. وأضاف: “لينا طبّال، رمز للصمود والمقاومة، بطلة في الدفاع عن الحقوق والكرامة. تَصنَع البطولة بفعلها وشجاعتها، وتُثبِت أنّ المقاومة ليست فقط بالسلاح، بل بالكلمة والفعل والروح التي لا تُهزَم”.
الأخبار:
اليوم التالي… فلسطينياً!
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار ” النقاش الذي لن ينتهي حول ما حصل في غزة وفلسطين منذ عامين، سيبقى عالقاً عند نقطة واحدة: مَن انتصر ومَن هُزم؟
ليس من داعٍ لجدال عقيم مع أصحاب السردية التي تقول إن إسرائيل حققت أهدافها. كون أصحاب هذا الرأي، يقيسون الأمر بالنتائج المباشرة، وإن كانوا يزوّرون حتى في هذه النقطة. بالنسبة إلى هؤلاء، فإن قاعدة أي نقاش،تتصل بالقدرة على تحقيق النتائج. والقدرة عند هؤلاء، ليست في ما يمكن تحمّله من تضحيات في حال كنت في معركة التحرر من الاحتلال والاستعمار، بل القدرة، في مدى تحمّلك للأذى الذي يُلحقه الطرف الخصم.
ومثل أي إنسان يخاف أن يخسر من ماله ووقته ورفاهيّته واستقراره، فإن آلة القياس تقود هؤلاء إلى نتيجة واحدة: لقد قتلت إسرائيل أكثر من 75 ألف فلسطيني، ودمرت 85 في المئة من المنشآت المدنية في القطاع، وتسبّبت بالآلام لأكثر من 150 ألف مصاب، كما تركت عشرات الآلاف من الأيتام والمعوزين. وبالتالي، فإن آلة القياس عند هؤلاء، تنتهي بهم فوراً إلى اعتبار أن إسرائيل هي من انتصر في الحرب. وهو تمرين قائم منذ انطلاقة الصراع مع إسرائيل.
ونحن في لبنان، جربنا المقاصة ذاتها قبل عام، عندما اعتبر البعض أن انتصار إسرائيل، تمثّل في قتل قادة المقاومة من جهة، وأكثر من خمسة آلاف من المقاتلين والمدنيين، وتدمير عشرات ألوف المنشآت، ثم في انتزاع حق العمل بحرية ضد كل ما يعتبره تهديداً في كل لبنان.
لكن، هل يفكر هؤلاء للحظة واحدة، في معاينة الموضوع من زاوية، لا تختلف كثيراً عن زاويتهم، إنما، عبر السؤال: ما الذي أرادت إسرائيل تحقيقه من هذه الحرب، وما الذي حققته فعلياً؟
ستكون معجزة، إن سمعنا أصحاب الرأي القائل بانتصار إسرائيل، في حلقة نقاش حول ما حققته إسرائيل بالفعل من هذه الحرب. ولذلك، فإن النقاش مع هؤلاء يصبح عبثياً.
في المقابل، ستواجه المقاومة في غزة، وأنصارها في المنطقة، تحدياً رئيسياً في تقديم سردية متكاملة لما حصل. وهي سردية ضرورية، ليس لمنع تزوير التاريخ فقط، بل كونها تصلح أساساً للتصرف في المرحلة المقبلة. ذلك أن سؤال اليوم التالي فلسطينياً، بات على الطاولة الآن، وثمة استعدادات غير عادية، من قبل الأميركيين والإسرائيليين من جهة، ومن قبل أعداء المقاومة من العرب والمسلمين من جهة ثانية، لفتح جبهة جديدة ضد المقاومة في فلسطين. ويستعد كل هؤلاء، لإطلاق حملة سياسية وإعلامية وتعبوية، هدفها تحميل المقاومة المسؤولية عن كل ما حصل.
والهدف، ليس تحميل قوى المقاومة ورجالاتها المسؤولية، بل محاولة تعريضهم للعزل والإقصاء، تمهيداً لبناء سلطة جديدة، تعتبر أنّ المقاومة فعل مجنون لا مكان للعقل فيه، وأن المستقبل الفلسطيني يجب أن يكون رهن اتباع سياسات تنطلق من الإقرار بأن القول الفصل يعود إلى القوة القادرة. وهو ما يبرر به هؤلاء تخاذلهم وخضوعهم للسياسات الأميركية.
ولذلك، يجب علينا، منذ الآن، الاستعداد لمواجهة لا تقل قساوة عن الحرب العسكرية. علماً أن جرائم العدو لن تتوقف، وكل الضمانات التي قُدّمت، ليس فيها على الإطلاق، ما يمنع العدو من مواصلة عمليات القتل والتدمير، تماماً كما يفعل الآن في لبنان وسوريا، وهو سيقوم بذلك، وسيجد إلى جانبه حلفاء من الذين سيحمّلون المقاومة مسؤولية كل ما قد يحصل… أليس هذا ما يقومون به في لبنان، عندما يعتبرون أن جرائم العدو، سببها تمسك المقاومة بموقفها أولاً، وبسلاحها ثانياً؟
وفقاً لما يرشح حتى الآن، فإن أميركا وإسرائيل تنتظران برنامجاً يقوده حلف عربي – إسلامي، تربطه علاقة بقوى المقاومة في فلسطين، لأجل إنجاز المهمة التي لم ينجزها العدو. وهي تدمير بنية حماس العسكرية من جهة، والضغط عليها بغية إدخال تعديلات جوهرية على مشروعها السياسي، وصولاً إلى شقّ صفوفها إن أمكن. وسوف تستخدم في هذه المعركة كل أنواع الأسلحة. لكنّ العامل الأساسي الذي يعمل عليه الطرف المعادي للمقاومة، هو تأليب الرأي العام الفلسطيني، وداخل غزة على وجه الخصوص ضد المقاومة، ومحاولة توسيع دائرة انتشار الأصوات المعارضة لحركة حماس، أو تلك التي تشكلت على هيئة مجموعات من العصابات التي تتاجر بحاجات الناس من الطعام والمأوى.
وسوف نسمع مع الوقت، عن برامج خاصة للمساعدات، لكنها مشروطة بأمور كثيرة، من بينها أن لا تكون لحماس أي علاقة في إدارتها، وأن يتولاها أشخاص أو جهات، شرط عدم خضوعهم لأي تأثير من حماس أو قوى المقاومة. والمؤشرات الأولية حول عمل العصابات التي شكلتها إسرائيل بواسطة عملاء ومرتزقة، قد تكون قابلة للتعزيز مع الوقت، والخطير، أن العدو يمد هؤلاء بالسلاح، ويحرضهم على فرض الوقائع على الأرض بالقوة، مع وعد من إسرائيل بتوفير المساعدة الأمنية والعسكرية متى لزِم الأمر. وهو ما يعني، أن إسرائيل سوف تعمد إلى «تحييد» كل من تقول هذه العصابات إنه عقبة أمام انتشارها.
في هذا السياق، ثمة برنامج عمل يحضّر له المعادون للمقاومة من الفلسطينيين والعرب، لحملة شيطنة للمقاومة، وجعلها مسؤولة عن كل ما حصل. والهدف ليس فقط إرباك الوضع الفلسطيني داخل غزة، بل محو أي أثر لعملية «طوفان الأقصى» من جهة، ولأجل تحويل المقاومين، من أحياء أو شهداء إلى مجرمين غامروا بحياة الشعب الفلسطيني، وطبعاً، من دون إغفال اتهام إيران وحزب الله بالوقوف خلف هؤلاء.
حتى اللحظة، تعيش قيادة قوى المقاومة في غزة، ولا سيما حماس في هذه الأجواء. وهي على بيّنة من الأمر. وقد أتاحت لها الاتصالات التي جرت معها قبل العدوان على الدوحة وبعده، أخذ فكرة عن نوعية الضغوط المرتقبة عليها. وهي ضغوط تعاظمت بعد غارة الدوحة، ثم أخذت شكلاً أكثر إزعاجاً، بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع قادة ومسؤولين عرب ومسلمين في نيويورك، حيث طرح خطته. علماً أن مسؤولين في تركيا ومصر وقطر، أبلغوا قيادة حماس، بأن الخطة التي أعلن عنها ترامب بعد اجتماعه مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، فيها تغييرات جدية على الخطة التي وافقوا هم عليها في لقاء نيويورك.
ومع ذلك، فقد مارست هذه الدول الضغط على حماس وعلى قوى المقاومة لأجل القبول بالمشروع والسير به، حتى ولو أرفقت الموافقة بملاحظات وطلبات. حتى الجانب الأميركي نفسه، لم يكن مهتماً بأي ملاحظات تضعها حماس، وقال ترامب إنه يريد أن يسمع «نعم» من حماس، ولا همّ عنده أو أي اعتراض إن أضافت حماس كلمة «ولكن» على كلمة «نعم». كونه قرر أخذ الكلمة الأولى، وفتح الباب أمام نقاش قد لا ينتهي حول ملاحظات حماس.
عملياً، حصل ما حصل. والكل يعرف أن حماس التي وافقت على الخطة، إنما وافقت على جزء منها. لكنها حصلت في المقابل، على إقرار أميركي – أوروبي – إسرائيلي – عربي، بفشل أبزر أهداف العدوان، وهو تهجير أبناء غزة، كما انتزعت، حق التمسك بالأرض، وعدم الإبعاد من جهة، وإتاحة المجال أمام برنامج استعادة الحياة، ولو أخذ ذلك وقتاً طويلاً.
عملياً، بقي على قوى المقاومة، أن تُعد برنامجها الخاص، البعيد من المطالب والأحلام الموجودة لدى كل أعدائها. وأن تنجح في صياغة آلية عمل سياسية وإدارية وأمنية لإدارة القطاع في المرحلة المقبلة. وأن يكون هناك فرصة أمام الناس لاستعادة جزء من حياتهم الطبيعية، وأن يُتاح لهم الحصول على ما يساعدهم على البقاء…
المهم، ولو قال الأعداء كل ما يقولونه، إن العالم كله، بقيادة أميركا، يعرف أن الحرب لم تنتهِ (بفضلها الحالي) من دون اتفاق مع حماس، وأن مطلب الاستسلام، ظلّ وهماً وسيبقى كذلك ما دام الاحتلال موجوداً.
إسرائيل لم تنتصر في غزة!”.
دفع أميركي لإتمام «المرحلة الأولى»: حرب غزّة تأخذ استراحة
وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار ” أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فجر أمس، أن إسرائيل وحركة «حماس» وافقتا، خلال مفاوضات غير مباشرة جرت هذا الأسبوع في مصر، على تنفيذ المرحلة الأولى من ما وصفه بـ«خطة السلام في قطاع غزة». وفي أعقاب هذا الإعلان، وجّه رئيس «الكنيست» الإسرائيلي، أمير أوحانا، دعوة رسمية إلى الرئيس الأميركي لإلقاء كلمة في «الكنيست»، وهو ما أكّد ترامب نيّته تلبيته. ومن المُرجّح أن يصل ترامب إلى مصر يوم الأحد، قبل أن ينتقل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي تل أبيب، تفاوتت تفاعلات الأوساط السياسية مع إعلان الاتفاق؛ إذ بدا رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ماضياً قدماً في المرحلة الأولى من الخطة، على الرغم من التصريحات المتشدّدة الرافضة الصادرة عن أطراف اليمين المتطرّف و«الصهيونية الدينية» في الحكومة، ولا سيما الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. ورغم التصعيد الكلامي من جانب هؤلاء، فإنهم لم يلوّحوا بإسقاط الحكومة، بل يبدون قناعة ضمنية بضرورة تمرير «المرحلة الأولى»، على أن تُعاد حساباتهم مع بداية التفاوض على المراحل اللاحقة، التي قد تهدّد حينها بتفكيك الائتلاف الحاكم.
وفي هذا السياق، اعتبر نتنياهو، خلال اجتماع الحكومة أمس للمصادقة على الصفقة، أنّ «الاتفاق التاريخي لإطلاق سراح الرهائن»، تحقّق بفضل «دخول جيش الاحتلال إلى مدينة غزة، والضغط الذي مارسه الرئيس ترامب على ائتلاف دولي ساهم في عزل حركة حماس». وطلب نتنياهو من الوزراء «الالتزام الصارم بحظر المقابلات الإعلامية وتسريب المعلومات». وبحسب «القناة 14» العبرية، حضر الاجتماع كلّ من صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، فيما نقلت «القناة 15» أن الشخصيتين الأميركيتين شاركتا في تقديم عرض لمسار الاتفاق، مشيدتَين بما اعتبرتاه «إنجازاً كبيراً».
وفي الإطار نفسه، نقلت تقارير عبرية جانباً من نقاشات جرت داخل «الكابينت»، أمس، قبيل جلسة الحكومة، حيث قال رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير: «نحن أبطال العالم في التذمّر… يجب أن نعتبر هذا إنجازاً ضخماً». وعندما احتجّ عدد من الوزراء، وعلى رأسهم بن غفير، على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، تدخّل مسؤول رفيع في جهاز «الشاباك» مشارك في المفاوضات، قائلاً: «حتى أنا أجد صعوبة في تقبّل الإفراج عن الإرهابيين، لكن هذا هو الثمن الذي علينا دفعه». ومن ناحيته، رأى الوزير آفي ديختر أنّ «مجرّد الوصول إلى هذه الصفقة لم يكن مطروحاً قبل شهرين».
أما إيتمار بن غفير، فقد وصف الموافقة على خطة ترامب بـ«الخطأ الفادح»، مجدّداً التأكيد أن لديه «خطاً أحمر» لن يسمح بتجاوزه، لكنّه في الوقت ذاته «لا يسعى إلى تفكيك الحكومة حالياً»، قائلاً: «إذا لم يلتزم رئيس الوزراء بتفكيك حماس، فسوف نُفكّك الحكومة»، أي في المرحلة اللاحقة. وأفادت قناة «كان» العبرية، بدورها، بأن بن غفير وسموتريتش سيعارضان الاتفاق، لكنهما لن يذهبا إلى حدّ إسقاط حكومة نتنياهو. كما أكّدت «القناة 15» أن معظم الوزراء يعارضون «خطة ترامب»، من دون أن يكون لديهم استعداد لإسقاط الحكومة.
وكانت أثارت قائمة الأسرى المُزمع الإفراج عنهم ضمن الصفقة، أزمة، بعدما أعلن مكتب رئيس الوزراء، أمس، أنّها لن تتضمّن الأسير الفلسطيني، مروان البرغوثي، ما اعتبرته «حماس» محاولة للتلاعب من قبل نتنياهو. وردّاً على ذلك، أكّدت الحركة مجدّداً، للوسطاء، تمسّكها الكامل بالأسماء الواردة في القائمة التي سلّمتها لهم، والتي تشمل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وعدداً من قيادات «حماس» البارزين كحسن سلامة وإبراهيم حامد، إضافة إلى عناصر من قوات النخبة في «كتائب القسام»، الأمر الذي ترفضه إسرائيل بشدّة. وبحسب مصادر مطّلعة، فقد تعهّد الوسطاء الأميركيون بحلّ هذا الخلاف قبل توقيع الاتفاق النهائي.
وفي ما يلي أبرز بنود الصفقة، التي طُرحت أمس على الحكومة الإسرائيلية:
1- يبدأ تنفيذ الاتفاق فور تصديق الحكومة عليه، على أن يبدأ الانسحاب الإسرائيلي من بعض المناطق خلال 24 ساعة، وصولاً إلى «الخط الأصفر» المحدّد في الخارطة.
2- تلتزم «حماس» خلال 72 ساعة من التنفيذ بتسليم 20 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة.
3- بعد انسحاب الاحتلال من المناطق السكنية، تُسلّم الحركة 28 جثة، بينهم 4 غير إسرائيليين.
4- تفرج إسرائيل عن 1,722 معتقلاً من قطاع غزة ممن اعتُقلوا بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إضافة إلى 22 قاصراً من أبناء القطاع، و360 جثة لمقاتلين فلسطينيين.
5- تفرج إسرائيل عن 250 أسيراً من الأسرى الفلسطينيين الأمنيين من ذوي المؤبّدات والأحكام العالية.
6- يُشترط على من أُدين بالقتل أو تصنيع أدوات قتل (من الأسرى الفلسطينيين الأمنيين) أن يُنقل إلى قطاع غزة أو الخارج، وألّا يعود إلى الأراضي المحتلة أو الضفة الغربية. أما المقيمون في غزة الذين لم يشاركوا في أحداث 7 تشرين الأول، فيُفرج عنهم إلى داخل القطاع.
7- تدخل مساعدات إنسانية لا تقلّ عن 400 شاحنة يومياً من عدة معابر، بينها معبر رفح.
وإذ تمّ الاتفاق بضمانات مباشرة من الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، التي تعهّدت بمنع العودة إلى الحرب طالما التزم الطرفان ببنود الاتفاق، فمن المُقرّر أن تبدأ المفاوضات حول تنفيذ المرحلة الثانية فور بدء تنفيذ المرحلة الأولى. وتشمل «الثانية» إنشاء هيئة دولية تُسمّى «مجلس السلام»، ومن المُفترض أن تُحسم خلالها قضايا «اليوم التالي» في قطاع غزة، وأبرزها آلية إدارة القطاع، ومصير حركة «حماس» وسلاحها.
وفي حين تشير «خطة ترامب» إلى احتمال إشراك السلطة الفلسطينية في هذه العملية، فقط بعد تنفيذ «إصلاحات كبيرة» داخلها، فقد ذكرت «القناة 13» أن نتنياهو سيعقد اجتماعاً مع قادة الأجهزة الأمنية، اليوم، لبحث بدائل الحكم في القطاع. أما ترامب، فجدّد القول أمس إنه «لا أحد سيُجبر على مغادرة غزة، وهناك خطة رائعة تنتظر القطاع»، كاشفاً عن العزم على نشر «قوات دولية» لم يسمّها في القطاع.
وعلى المقلب الفلسطيني، أعلن رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، أنّه تمّ التوصل إلى اتفاق «لإنهاء الحرب والعدوان» على الشعب الفلسطيني، وبدء تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار. وحيّا الحية، في خطاب مطوّل، «صمود أهالي قطاع غزة وبطولات المقاومة»، مؤكّداً أن الحركة تعاملت بـ«مسؤولية عالية» مع خطة ترامب، وقدّمت رداً يحقّق «مصلحة شعبنا وحقن دمائه». كما كشف أن «الوسطاء، وعلى رأسهم الإدارة الأميركية، قدّموا ضمانات حاسمة بانتهاء الحرب بشكل تام». وخصّ الحية بالشكر مصر وقطر وتركيا على الوساطة، إلى جانب اليمن ولبنان والعراق وإيران، لمساندتهم «في الدم والمعركة»، موجّهاً تحية أيضاً إلى المتضامنين في أنحاء العالم”.
صخب في “إسرائيل”: «اليوم التالي» لا يزال غائباً
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار ” تفاوتت التحليلات في الصحافة العبرية حيال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، بين من اعتبره نقطة تحوّل تاريخية أنهت أطول الحروب الإسرائيلية وأكثرها كلفة، ومن رأى فيه خسارة سياسية وأمنية لإسرائيل و«انتصاراً دعائياً» لحركة «حماس». وبينما احتفت بعض المنابر الإعلامية بما وصفته «نصراً دبلوماسياً» يتيح استعادة جميع الرهائن، حذّر محلّلون آخرون من أنّ تل أبيب دخلت وقف إطلاق النار من موقع ضعف بعد فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية.
وقالت «القناة الـ12» إن الاتفاق يمثّل «تحوّلاً دراماتيكياً»، مركّزةً على دور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في رعايته، لافتة إلى أن الأخير وصفه بأنه «مذهل وجيد جداً لإسرائيل»، التي «لا يمكنها أن تحارب العالم» بحسب ترامب. أمّا «القناة الـ14»، فعكست تغطيتها نظرة متشكّكة إزاء الاتفاق، إذ سلّطت الضوء على «سعادة حماس» بالنتائج، وعلى انتقادات اليمين الإسرائيلي الذي يعتبر وقف الحرب تفويتاً لـ«هدف القضاء على حماس». وبرز في القناة تقرير حمل عنوان «في غزة يرسمون صورة النصر؛ قواتنا لم تنسحب بعد من القطاع»، ورد فيه أن «حماس» صوّرت الاتفاق كأنّه انتصار لغزة، بعدما أعلنت الحركة عن «وقف نهائي للحرب».
من جهتها، نشرت صحيفة «هآرتس» تحليلاً يشير إلى أن الضغط الأميركي العلني «عجّل» وقف إطلاق النار، ولكنه ترك، في الوقت نفسه، «أسئلة صعبة» بلا إجابة حول «اليوم التالي» في غزة، لافتة إلى أن الاتفاق «جاء مستعجلاً» تحت ضغط ترامب الساعي لإنجاز قبل موعد جائزة «نوبل للسلام». وأضافت أن الاتفاق لم يحسم قضايا جوهرية، من مثل «مَن سيسيطر على غزة بعد حماس» و«كيف سيتم نزع سلاحها».
وتحدّثت الصحيفة عن «انقسام» داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها؛ فرغم توقّع معارضة أحزاب اليمين المتطرّف للصفقة، لن ينسحب هؤلاء من الائتلاف الحكومي «تجنّباً» لإسقاطه، في حين برز ترحيب وزير الخارجية، جدعون ساعر، بالاتفاق واعتباره إياه «إنجازاً كبيراً لإسرائيل»، في ما يعكس «تأييداً» داخل الائتلاف لخطوة إنهاء الحرب واستعادة الأسرى.
وأشار موقع «يديعوت أحرونوت»، بدوره، إلى أن وسائل الإعلام العالمية، وإن رحّبت بالاتفاق، لكنها لم تعلن «نهاية الحرب قطعاً» بسبب «عدم وجود ضمانات للسلام الدائم». وأضاف الموقع أن «تساؤلات عديدة تُطرح حول تطبيق الاتفاق والخطوات التالية التي قد تؤدّي إلى انهيار وقف إطلاق النار، بما في ذلك مطالبة إسرائيل بنزع سلاح حماس، ومسألة مستقبل الحكم في قطاع غزة».
ونُقل عن ديفيد سانجر، المعلّق في صحيفة «نيويورك تايمز»، تحذيراته من أن «الكثير من الأمور قد تسوء في الأيام المقبلة، وهذا ما يحدث غالباً في الشرق الأوسط (…) قد يبدو اتفاق «السلام» الذي أعلنه ترامب على موقع «تروث سوشيال» بمثابة استراحة مؤقّتة أخرى في حرب بدأت مع تأسيس إسرائيل عام 1948، ولم تنتهِ قط».
وفي تقرير بعنوان «حماس تحتفل بالاتفاق: غزة انتصرت، ونتنياهو فشل» سلّط موقع «واينت» الضوء على تصريحات القيادي في «حماس»، محمود مرداوي، الذي وصف الصفقة بأنها «انتصار لغزة» تحقّق بفضل «صمود ووحدة» الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن الاتفاق لبّى الشروط الأساسية للمقاومة (وقف الهجمات، عودة النازحين، انسحاب الاحتلال، تبادل الأسرى وإدخال المساعدات) وأن ما عجز الجيش الإسرائيلي عن فرضه بالقوة والحصار لم يستطِع تحقيقه على طاولة المفاوضات.
كما نشر مراسل الشؤون الدبلوماسية في «يديعوت أحرونوت»، إيتامار أيخنر، تحليلاً بعنوان «من العناق والتعاطف إلى المقارنات بالنازيين: وصولاً إلى الأزمة السياسية – وهل هناك مخرج؟» استعرض فيه انعكاس الحرب على مكانة إسرائيل الدولية. وقال إن «العالم كما عرفناه قبل السابع من أكتوبر لم يعد كما نعرفه اليوم. فالعداء الذي تشعر به دول عديدة تجاه إسرائيل يعكس مزاج سكانها ورأيهم العام فيها – ولا سيما دول أوروبا الغربية – وليس فقط تصوّرات حكوماتها. ولإعادة صورة إسرائيل إلى ما كانت عليه في نظر العالم قبل اندلاع حرب «السيوف الحديدية»، لا بد من العمل ليس فقط مع الحكومات، بل أيضاً مع الرأي العام».
ورأى أيخنر أنه «بينما ستتمكّن إسرائيل على الصعيد السياسي والدبلوماسي من استعادة مكانتها، سواء من خلال وقف إطلاق النار المتوقّع أو من خلال أفق أو عملية سياسية، فإن المجال الذي ستصعب استعادته هو مكانة إسرائيل في الرأي العام والساحة الدولية. حتى بعد هدوء الاحتجاجات العالمية وتراجع الخطاب المعادي لإسرائيل على الإنترنت، قد تحمل إسرائيل وصمة عار لفترة طويلة»، متسائلاً: «ما الذي يمكن لإسرائيل فعله لتحسين وضعها؟»، ليجيب بأن «المارد المعادي لإسرائيل قد خرج من القمقم، يبدو أن إعادته ستكون صعبة، إن لم تكن مستحيلة».
أمّا في صحيفة «معاريف»، فكتب المعلّق بن كسبيت نقداً لاذعاً للصفقة، مشيراً إلى أنها تتضمّن تعهدات «غير واقعية»، من مثل «تجريد حماس» من سلاحها بواسطة أطراف إقليمية، لافتاً إلى أن هذا الأمر يعتمد على مصر وتركيا وقطر، واصفاً هذه الأخيرة بأنها «أطراف غير موثوقة»، نظراً إلى أن مصر «تنتهك معاهدة السلام مع إسرائيل»، وتركيا تعتبر «حماس» «منظمة شرعية»، وقطر موّلت أنفاق الحركة. ولفت إلى أن نتنياهو «اضطر» في النهاية إلى القبول بوقف لإطلاق النار «حفاظاً على حكومته»، في حين حذّر كتّاب آخرون من أن إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين من شأنه أن «يشجّع حماس وفصائل أخرى على تكرار تكتيك خطف الإسرائيليين مستقبلاً».
وبالانتقال إلى «إسرائيل اليوم»، كتب المحلّل السياسي، عميت سيغال، أن هذه الحرب – رغم تكلفتها الباهظة – ستُذكر كـ«نصر تاريخي لإسرائيل»، مستدركاً بأنه «بعد عودة الرهائن، ستوضع مسألة نزع سلاح قطاع غزة ومصير حركة حماس على المحكّ». ورأى سيغال أن المرحلة الثانية من خطة ترامب، هي سيناريو «خيالي إلى حدّ كبير» وقد لا يتقدّم فعلياً، قائلاً: «إنه لم ينجح أيّ طرف دولي، منذ عهد الانتداب البريطاني وما بعده شمالاً، في إحلال السلام أو نزع سلاح الجماعات المسلّحة بشكل فعلي ومستدام». ولذا، اعتبر أن الاستراتيجية الأفضل ربما تكون «لبننة الوضع، لكن ليس بالمعنى الأصلي في ثمانينيات القرن الماضي حين كانت الميليشيات المسلّحة تملأ الساحة، بل بالمعنى الجديد الذي برز خلال العام الماضي: هدنة نشطة تعمل فيها إسرائيل جوّاً لإزالة التهديدات، وبرّاً عبر الحدود الدولية».
لكنه تساءل: «هل سيسمح ترامب بذلك؟»، مجيباً بأنه «سيغضّ الطرف» على الأرجح عن عمليات إسرائيلية لضمان عدم إعادة تعاظم «حماس». وأضاف أنه «في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، يمكن البدء بتطوير آليات «اليوم التالي»، بحيث لا يكون هناك إعمار إلّا مقابل نزع السلاح»، لكنّه اعتبر أن «ذلك مشروط، بطبيعة الحال، بألّا يؤدّي الضغط الدولي الرامي إلى تحسين ظروف المعيشة في غزة إلى تراجع إسرائيل مجدّداً، فتعود لتُدخل البضائع والمواد التي تُستخدم في إعادة التسلّح»”.
المصدر: الصحف اللبنانية