الثلاثاء   
   07 10 2025   
   14 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 19:52

أزمة سياسية جديدة في فرنسا مع استقالة لوكورنو بعد أقل من شهر على تشكيل حكومته

بعد 14 ساعة فقط من الكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة، قدم رئيس الوزراء سيبستيان لوكورنو استقالته يوم الاثنين إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي قبلها، وذلك بعد أقل من شهر على تعيينه في المنصب.

وتعمق هذا القرار الأزمة السياسية المستفحلة منذ حل الجمعية الوطنية في حزيران/يونيو 2024، ليصبح لوكورنو، باستقالته بعد 27 يومًا من التعيين، رئيس الحكومة الذي قضى أقصر فترة في منصبه منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958.

وكان ماكرون قد كلّف لوكورنو، أحد أبرز المقرّبين منه، تشكيل الحكومة الثالثة في غضون سنة واحدة. واستبق الوزير السابق للجيوش انهيار ائتلافه الهش بالإعلان عن استقالته.

وفي كلمة عقب الاستقالة، قال لوكورنو إن “الظروف لم تكن متوافرة” ليبقى في منصبه، مشيرًا إلى أن الأحزاب السياسية “تستمر باعتماد موقف كما لو أنها تتمتع بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية”، رغم أنه أبدى “استعداده لتسويات”.

وأصبحت الكرة الآن في ملعب الرئيس الفرنسي، الذي أمامه عدة خيارات: حل الجمعية الوطنية كما يطالب اليمين المتطرف، أو الاستجابة لمطلب اليسار الراديكالي بالاستقالة، أو اختيار رئيس حكومة جديد، سيكون الرابع منذ حزيران/يونيو 2024، والسادس منذ إعادة انتخابه في أيار/مايو 2022.

وعنونت صحيفة “لوموند” الفرنسية يوم الاثنين: “إيمانويل ماكرون وحيد في وجه الأزمة”.

وقال ميشال بارنييه، رئيس الوزراء السابق الذي أسقطته المعارضة في الجمعية الوطنية في كانون الأول/ديسمبر 2024، بعد ثلاثة أشهر من توليه المنصب: “يجب أن نحافظ على هدوئنا ونفكر بالفرنسيين”.

وتبدو المعادلة السياسية الحالية غير قابلة للحل، في ظل ظروف مالية صعبة، إذ تبلغ ديون فرنسا نحو 3400 مليار يورو، ما يمثل 115.6% من إجمالي الناتج المحلي.

ولم تكن هذه الأزمة الأولى من نوعها، إذ واجه فرنسوا بايرو، الذي تولى رئاسة الحكومة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيلول/سبتمبر 2025، وضعًا مشابهًا، حيث أطاح البرلمان بحكومته بعد تقديم مشروع ميزانية تقشفية بنحو 44 مليار يورو.

وقد انعكست الاستقالة الجديدة على الأسواق، حيث تراجع مؤشر “كاك-40” في بورصة باريس، وارتفع معدل الفائدة على سندات الخزينة الفرنسية لأجل عشر سنوات، ما وسع الفارق مع المعدل الألماني المرجعي، كما انخفض سعر اليورو مقابل الدولار، وتضررت أسهم البنوك الفرنسية.

وبدأت الانقسامات تظهر في ائتلاف لوكورنو بعد ساعة تقريبًا من إعلان قصر الإليزيه تشكيلته، التي جاءت بعد مداولات استمرت ثلاثة أسابيع.

وأبدى زعيم حزب الجمهوريين اليميني، برونو روتايو، الذي احتفظ بحقيبة الداخلية، استياءه من التشكيلة، معتبرًا أنها “لا تعكس التغيير الجذري الموعود”، ودعا إلى اجتماع لهيئات حزبه.

ووفق مصادر عدة، تكمن المشكلة في العودة المفاجئة لبرونو لومير إلى الحكومة وتسميته وزيرًا للجيوش بعد أن شغل منصب وزير الاقتصاد بين 2017 و2024، ما أثار اعتراضات اليمين الذي يربط بينه وبين التجاوزات المالية السابقة.

كما أثار حجم تمثيل حزب “النهضة” الرئاسي في الحكومة، الذي نال عشر حقائب مقابل أربع للجمهوريين، جدلاً واسعًا.

ودعا اليمين المتطرف والمعارضة اليسارية، خاصة حزب “فرنسا الأبية” الراديكالي، إلى إعادة النظر في الحكومة، منتقدين استمرار 12 من أعضاء الحكومة الـ18 من الفريق الحكومي السابق.

وقالت مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف، يوم الاثنين: “حل البرلمان ضرورة مطلقة”، معتبرة أن استقالة ماكرون هي “القرار الحكيم الوحيد”.

من جهته، دعا زعيم اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، الجمعية الوطنية إلى النظر “فورًا” في مذكرة لإقالة ماكرون، وقعها نواب حزبه بالإضافة إلى نواب من كتل الخضر والشيوعيين.

وغالبًا ما يُتهم ماكرون، الذي شهدت حكومته فوضى في الأداء الداخلي، بأنه المسؤول عن عدم الاستقرار السياسي الذي تعانيه فرنسا منذ حزيران/يونيو 2024، بعدما دعا إلى انتخابات تشريعية مبكرة لتعزيز سلطته، لكنها أسفرت عن برلمان منقسم بين ثلاث كتل متخاصمة لا تملك أي منها غالبية مطلقة.

المصدر: أ.ف.ب.