الثلاثاء   
   07 10 2025   
   14 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 14:55

الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة قد يستمر لأسابيع بسبب الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين

حذّر محللون من أن المواقف المتصلّبة التي أدت إلى الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة تجعل التوصل إلى تسوية أمراً بعيد المنال، وتهدد بتحويل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين إلى أزمة طويلة الأمد.

ومع دخول الشلل في الوكالات الفدرالية أسبوعه الثاني، أفاد عدد من الخبراء الاستراتيجيين، الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة، وكالة فرانس برس بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين قد يستمر لفترة طويلة.

وقال أندرو كونيستشوسكي، الناطق السابق باسم السناتور تشاك شومر، الزعيم الديمقراطي البارز في صلب الخلاف: “يمكن لهذا الإغلاق أن يتواصل لأسابيع وليس لأيام فقط”. وأضاف: “الطرفان متشبثان بمواقعهما حالياً، والحديث عن تسوية محدود للغاية”.

ويُعزى جزء من الإغلاق إلى مطالبة الديمقراطيين بتمديد حزم الدعم للرعاية الصحية التي تنقضي قريباً، ما يعني زيادة كبيرة في التكاليف بالنسبة لملايين الأميركيين من أصحاب الدخل المنخفض.

ومن جانبه، حمّل الرئيس ترامب الأحد الأقلية الديمقراطية في الكونغرس مسؤولية عرقلة قراره بشأن التمويل، قائلاً للصحافيين في البيت الأبيض: “إنهم يتسببون بالأمر. نحن على استعداد للعودة”، في تصريحات توحي بتصالحه مع فكرة استمرار الإغلاق. وأضاف ترامب أن إدارته بدأت بالفعل بإقالة الموظفين الفدراليين وليس تسريحهم مؤقتاً فقط، محمّلاً خصومه مسؤولية “التسبب بخسارة الكثير من الوظائف”.

وعند مواجهة الحكومة خطر الإغلاق في مارس الماضي، تراجع الديمقراطيون وصوتوا لصالح قرار مدته ستة أشهر لتجنب الشلل الفدرالي، رغم المخاوف السياسية. لكن شومر، رئيس كتلة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، واجه انتقادات شديدة من قاعدة حزبه، ما يجعله متردداً في الخضوع لمطالب الجمهوريين هذه المرة، خصوصاً أنه يواجه تحديات من جناح اليسار داخل الحزب.

إمكانية اتفاق مؤقت

ويعتمد الجمهوريون في مجلس الشيوخ حالياً على احتمال تراجع الديمقراطيين، ويصرون على ضرورة التصويت. وقال المسؤول الرفيع السابق في كاليفورنيا، جيف لي، الذي تفاوض مع إدارة ترامب الأولى: “يمكنني رؤية اتفاق مؤقت من الحزبين بحلول أواخر تشرين الأول/أكتوبر”. وأضاف أن إطالة أمد الإغلاق لأكثر من شهرين “سيوقف عمليات الحكومة بشكل جدي، وسيؤثر على الأمن القومي والوطني، ويُحمّل الحزبين المسؤولية”.

وأشار محللون إلى أن أي تغيير في الاستراتيجية يعتمد على ملاحظة أي من الطرفين لتغير الرأي العام ضده، فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن الانتقادات تطال الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بشكل عام.

وشهدت الحكومة أطول فترة إغلاق في تاريخها خلال ولاية ترامب الأولى بين 2018 و2019، عندما توقفت الوكالات الفدرالية عن العمل لمدة خمسة أسابيع. ويكثف الرئيس ترامب الضغط هذه المرة من خلال تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام.

تأثير ترامب والمخاطر الاقتصادية

يرى أستاذ السياسات لدى جامعة روتشستر، جيمس دراكمان، أن تعنّت ترامب قد يؤدي إلى إغلاق أطول من إغلاق 2019، قائلاً: “إدارة ترامب ترى بأن لديها تفويضاً غير محدود، وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل”. وأضاف: “الديمقراطيون واجهوا انتقادات لأنهم لم يواجهوا بالقوة الكافية، ولم تُفضِ آخر تنازلاتهم إلى أي نتيجة إيجابية، لذا فإنهم يميلون سياسياً للتمسّك بموقفهم”.

ولكلفة إغلاق 2018-2019 تأثير اقتصادي مباشر، إذ كلّف الاقتصاد الأميركي 11 مليار دولار على المدى القصير، ولم يتم استرداد ثلاثة مليارات دولار. وحذّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أن الإغلاق الحالي قد يؤثر بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب المحلل المالي مايكل آشلي شولمان، فإن الواقع الاقتصادي للإغلاق قد يدفع الطرفين للتوصل إلى تسوية: “إذا انتاب الفزع وول ستريت وارتفعت عوائد سندات الخزانة، سيكتشف حتى أكثرهم تشدداً التزاماً عميقاً بالحلول التي ترضي الطرفين”.

ولا يشعر جميع المحللين بالتشاؤم حيال إمكانية حل سريع. ويرى رئيس قسم الرقابة والتحقيقات في الكونغرس لدى شركة المحاماة العالمية “هوغان لوفيلز”، آرون كاتلر، أن الإغلاق قد يدوم 12 يوماً كحد أقصى، معتبراً أن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ سيتراجعون أولاً. وأضاف: “مع استمرار الإغلاق، لم تكن هناك جلسات استماع في الكونغرس، وسيتم إيقاف الكثير من الأعمال في الوكالات الفدرالية. هذا انتصار بالنسبة لكثير من الديمقراطيين، لكنهم لا يريدون تحميلهم مسؤوليته”.

المصدر: أ.ف.ب.