الأحد   
   05 10 2025   
   12 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 14:55

العلامة فضل الله: العدوّ يعمل ليدفع بالبلد إلى صراع داخلي

عقد العلّامة السيّد علي فضل الله لقاءً حواريًا في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك، بعنوان «حب الوطن في الإسلام»، أجاب خلاله على عدد من الأسئلة والاستفسارات حول آخر المستجدّات في لبنان والمنطقة.

وقال السيد فضل الله: “يعيش اللّبنانيّون موجة من التّهويل، بقرب وقوع حرب في لبنان، والّتي أسهمت بها تصريحات المبعوث الأميركيّ والعديد من قيادات العدوّ ومن إعلاميّين وتسريبات لدبلوماسيّين وإن كنّا، في الوقت نفسه، لا نملك أن نطمئنّ لهذا العدوّ ونغفل عن أنّه قد يقدم على تنفيذ تهديداته وهو الّذي لم ينهِ حربه على لبنان ولن ينهيها حتّى يضمن تحقيق الأهداف التّوسّعيّة الّتي بات يعلنها سواء على صعيد لبنان أو المنطقة”.

وأضاف “ينبغي هنا أن نضع في الحساب أنّ هذه التّهاويل تأتي بهدف تحقيق مكاسب بالضّغط على السّلطة اللّبنانيّة للذّهاب إلى إجراءات أكثر تشدّدًا في تنفيذ القرارات الّتي اتّخذتها الحكومة بسحب سلاح المقاومة أو على الأقلّ عدم التّراجع عنها، ومزيدًا من الضّغط على الشّعب اللّبنانيّ حتّى يكون أكثر تقبّلًا لكلّ ما يريده العدوّ الّذي يعمل ليدفع بالبلد إلى صراع داخليّ في ظلّ الانقسام الجاري ما يجعله يستغني عن شنّ حرب لا يزال غير مطمئن إلى نتائجها أو يخشى من تداعياتها، لوعيه الكامل أنّها لن تكون نزهة له وستكون مكلفة عليه”.

وفي ردّه على انتشار الشتائم ورفع الصوت على مواقع التواصل والبرامج التلفزيونية، دعا السيد فضل الله إلى “الاعتماد على المنطق العقلاني المسند بالدليل والحجة، وعدم الانجرار إلى الاستفزاز وردود الفعل. فحملُ رسالة الأمة يستدعي ضبط النفس والتركيز على القضايا الكبرى بدل الانشغال بصغائر الأمور”.

وقال في مستهل اللقاء بان الله أودع في الإنسان العديد من الغرائز الضروريّة لحياته ولأداء دوره في هذه الحياة، ومن هذه الغرائز، غريزة حبّه لوطنه. فالإنسان بطبيعته يحبّ وطنه؛ مسقط رأسه، ووطن آبائه وأجداده، ويألف الأرض التي تربّى فيها، وترعرع عليها، وتنفَّس هواءها، وارتوى من مائها، وأكل من خيراتها، ونسج فيها علاقاته مع الّذين يعيشون معه فيها.

وأضاف: “أنّ هذا الحبّ يدفع الناس إلى بناء أوطانهم وإعمارها والدفاع عنها، وبذل الغالي والنفيس من أجل حريتها ومنع استهدافها مؤكدا أن الإسلام يعمل على تعميق هذا الحبّ وترسيخه، لكنه وضع له حدودًا وضوابط كما فعل مع سائر غرائز الإنسان؛ فحبّ الوطن لا ينبغي أن يخرِج الإنسان عن القيم والمبادئ التي أرادها الله له، ولا أن يكون على حساب العدالة والأخلاق. من هذه الضوابط رفض الإسلام أن يتحوّل حب الوطن إلى تعصّب أعمى يرى وطنه دائمًا على حقّ أو ينكر الخير في الآخرين حتى لو صدَرَ عنهم حقّ وعدل”.

ثم تطرّق إلى سؤال: كيف نعبر عن حبّ الوطن؟ وأوضح أنّ من موقع الإيمان يُعبَّر عن حب الوطن بالدفاع عنه وحمايته من التهديد؛ بأن نقف بوجه كل معتدٍ وطامع، ونبذل جهودنا للحفاظ على وحدته وحرّيته وكرامته قائلا إن الذين يحبّون وطنهم هم حراسُه، لا من لا يبالون أو يساعدون العدوّ لمصالح ضيقة. وذكر أن الإسلام قد رتّب منزلة عالية للذين يبذلون دماءهم في سبيل أوطانهم واعتبرهم شهداء.

وأردف: “لم يقتصر التعبير عن الحب على الدفاع فحسب، بل شمله أيضًا احترام القوانين والأنظمة، والحفاظ على المنشآت، والاهتمام بالبيئة والموارد، واستثمار الطاقات، وإعمار الأرض حيث ينبغي لكل مواطن أن يعمل على تطوير وطنه، وأن لا يبخل عليه بإمكاناته. فحماية الوطن تمتدّ إلى الاقتصاد والسياسة والوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، لتكون الدولة عادلة وخالية من الفساد والظلم، حيث يشعر الإنسان بإنسانيته وكرامته وعزّته”.

وأشار إلى أنّنا في مرحلة اهتزاز الأوطان بحاجة إلى تعزيز هذا الحب والتربية عليه، وجعل ذلك جزءًا من الإيمان. وبهذا نحافظ على استقلالنا ونواجه مكائد من يريدون النيل من وحدتنا واستقرارنا أو إبقائنا متخلّفين حاجين ليسهل استلابنا. وذكّر أن رسالة الأمة أن تكون خير أمة أخرجت للناس وأن تنشر الخير والمعرفة للعالم.

المصدر: الوكالة الوطنية