الثلاثاء   
   17 06 2025   
   21 ذو الحجة 1446   
   بيروت 03:34

استهداف كيان العدو.. عزّ لإيران وذلّ للمتخاذلين

جاء الرد الايراني على العدوان الاسرائيلي ليؤكد مدى حضور إيران وثباتها بمواجهة العدوانية الصهيونية المدعومة اميركيا، ومدى قدرة ايران على الوقوف بوجه كل التحديات والرد حيث يجب ان ترد على اي عدوان يطالها طالما كما كل اعتداء يخرق سيادتها ويمس بحقوقها وفقا لما تنص عليه القوانين الدولية.

واللافت ان إيران هي الدولة التي تتعرض لحصار عمره يزيد عن الـ40 سنة بما مرّت به من عقوبات متواصلة ومقاطعة من قبل الادارات الغربية ولا سيما الادارات الاميركية والكثير من الدول التابعة في هذا العالم الذي يرضخ بغالبيته للمخططات الصهيوأميركية.

واللافت اكثر ان الادارة الاميركية وعلى رأسها دونالد ترامب الذ ي يحاول رفع السقوف دائما، تتردد في إعلان التأييد العلني للدخول بالعدوان الصهيوني على إيران، بما في ذلك من دلالات تظهر مدى الخوف من ايران وقدرتها على استهداف المصالح الاميركية في العديد من النقاط بالعالم وبمقدمتها منطقة الخليج والشرق الاوسط.

أليس كل ذلك هو مفخرة لإيران وقائدها الإمام السيد علي الخامنئي ولجيشها وللدولة فيها وشعبها؟ أليس كل ذلك يؤكد ان ايران دولة تناصر الحق وترفض الرضوخ للظالمين مهما كانت التضحيات؟ أليس ايران اليوم بما تواجهه هو ضريبة لتأييدها للقضية الفلسطينية ورفضها للقبول بشطب حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم وشعوب الامة العربية والاسلامية المقهورة بسبب الطغيان الاميركي؟

فإيران، هذه الدولة التي تعرضت لحصار وعقوبات على مدى 40 سنة نراها اليوم قادرة على صدّ العدوان وضرب عمق الكيان، بالمقابل أنظمة عربية وإسلامية صامتة متواطئة غير قادرة على توجيه كلمة للإدارة الأميركية ورئيسها، فأين هذه الأنظمة من كل ما يجري سواء بالعدوان على إيران أو على غزة وكل المنطقة؟ إلى أي مدى فقدت هذه الأنظمة ثقلها السياسي والعسكري وقيمتها المعنوية امام العدو الاسرائيلي والادارة الاميركية؟

حول كل ذلك قال الكاتب والباحث في الشؤون الإقليمية أحمد فرحات “هناك في المنطقة عدد من المشاريع المتصارعة والمتنافسة ولعلّ أوضحها مشروعان متقابلان: مشروع الاستسلام ومشروع المقاومة”، وتابع “تمثّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية رأس حربة مشروع المقاومة وهي جزء أصيل من معركة الأمة في مواجهة الاحتلال والهيمنة، في حين يخوض الكيان الصهيوني المعركة بالوكالة عن الولايات المتحدة بشكل خاص، وعن الغرب عموما”.

واضاف فرحات في حديث لموقع قناة المنار “للأسف، فإنّ في منطقتنا أطرافًا عديدة اختارت الاصطفاف إلى جانب المشروع الأميركي-الصهيوني، وتماهت في خطابها مع الحملة المعادية لايران، ما يشكّل عمليًا غطاء سياسيًا وأخلاقيًا للعدوان على مشروع المقاومة ويمنح الذريعة للكيان الصهيوني لضرب قوى الصمود في المنطقة خدمةً لمشروع الاستسلام والتطبيع”، وتابع ان “المؤسف أكثر أن من بين هذه الجهات، بعض التي تُحسب على التيار الإسلامي، وقد اختارت أن تقف على الضفة الأخرى من المعركة، تحت شعار: (اضرب الظالمين بالظالمين)”، وسأل “متى تحوّلت إيران إلى ظالمة بنظر هؤلاء؟ ومن هي الجهة الإسلامية التي منحت نفسها صلاحية توزيع شهادات بالعدل أو الظلم؟ وهل وقوف إيران إلى جانب فلسطين ودعمها في وجه الاحتلال يُعدّ ظلمًا؟”.

ولفت فرحات الى ان “عزل النفس عن هذه المعركة، تحت ذرائع فقهية أو سياسية واهية، هو تخلٍّ عن روح العزّة التي تجسّدها ايران التي قدمت مشهدًا تاريخيًا غير مسبوق عبر ضربها تل أبيب، وهو ما لم تجرؤ على فعله أي من الأنظمة العربية خلال أكثر من سبعة عقود من الصراع”، واكد ان “هذه المعركة، كسائر المواجهات مع العدو الإسرائيلي، تمثّل مفخرة للأمة ولجبهة المقاومة التي اختارت أن تكتب التاريخ بالدم والعزيمة لا بالبيانات والادّعاءات”، وأوضح ان “من أراد الالتحاق بركب الكرامة، فالموكب أمامه، ومن اختار المشروع المقابل، فلن يكون بمنأى عن لعنة خذلان القضية، والتاريخ سيُسجّل موقعه في معسكر التطبيع والذل والانحياز إلى الظالم”.

ورأى فرحات ان “هذه المعركة أكدت عمق المأزق العربي، الذي يتجلّى في مواقف الأنظمة الرسمية التي منحت العدو الصهيوني حصانة سياسية وعسكرية لشنّ عدوانه المتكرر على الأمة الإسلامية، تلك الأنظمة التي شرعنت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولم تحرك ساكنًا إزاء هول المجازر التي ارتُكبت هناك، خصوصًا وأن الدول المُطبّعة لم تجرؤ حتى على قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، ولو على أدنى المستويات”، واضاف “رغم امتلاك العديد من الدول العربية لطائرات قتالية وأنظمة تسليحية متطورة، فإنها لم تُستخدم إلا ضد الشعوب العربية ذاتها، كما حدث خلال العدوان على اليمن، حين تكتلت مجموعة من الدول تحت ما سُمّي بالتحالف العربي ووجّهت أعتى أنواع الأسلحة ضد الشعب اليمني، في مشهد دموي لم يُراعِ حرمة المدنيين ولا قواعد القانون الدولي”.

العدوان على غزة

وأشار فرحات الى انه “في مواجهة الجرائم الصهيونية في غزة، فقد اكتفت هذه الأنظمة بالصمت، ولم تتجرأ على اتخاذ موقف شجاع أو السماح لشعوبها بالتظاهر نصرةً لفلسطين”، وتابع “اليوم، تتكرّر الصورة نفسها مع العدوان الإسرائيلي على ايران، حيث تمارس تلك الدول دور المتواطئ، إما من خلال الصمت المُريب أو عبر السماح للطائرات الصهيونية باستخدام أجوائها في طريقها لضرب إيران”، وأسف انه “وصل الأمر إلى تفاخر بعض الأنظمة، كالنظام الأردني، بإسقاط مسيّرات إيرانية كانت متجهة نحو أهداف عسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وكأن الدفاع عن كيان الاحتلال بات محل فخر قومي!”.

وشدد فرحات على ان “هذا التواطؤ العربي الرسمي يُعدّ طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية وخيانة صريحة لتاريخ النضال العربي ويؤكد أن معركة الوعي اليوم لا تقلّ أهمية عن المعركة في الميدان”، واضاف “لم تقتصر حالة الغياب السياسي على الأنظمة العربية، بل امتدت لتشمل العديد من الدول الإسلامية الأخرى، التي لا تزال عاجزة عن صياغة موقف موحّد وفعّال في مواجهة العدوان الصهيوني المتواصل على ايران”، وتابع “باستثناء موقفين بارزين ومباشرين لكل من باكستان وتركيا، اللذين أعربا بشكل واضح عن رفضهما للعدوان الإسرائيلي، فإن معظم دول العالم الإسلامي، الممتدة من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، تواصل الاكتفاء بمواقف رمادية أو بيانات باهتة، تفتقر إلى الجدية أو التأثير السياسي الحقيقي”.

واعتبر فرحات ان “هذا التراخي يُفقد تلك الدول مصداقيتها أمام شعوبها، كما يُضعف موقعها المعنوي في وجدان أبناء الأمة الإسلامية، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، الذي يخوض وحده معركة الأمة يوميا في الضفة الغربية وقطاع غزة، في مواجهة آلة البطش الصهيونية”، واضاف انه “في ظل هذا الصمت أو التواطؤ، تتكرس معادلة خطيرة: عدو يمتلك قرار العدوان، في مقابل أمة تفتقر إلى موقف جامع يليق بحجم التحديات والمخاطر”.

في الختام، لا يسعنا إلا التأكيد ان إيران سجلت للعالم اليوم دروسا في العز والإباء، الردود الايرانية وضرب مختلف مناطق الكيان يشكل بحد ذاته انتصارا حقيقيا لايران ولكل محور المقاومة، بغض النظر عن النتائج العملية الهامة التي يحققها خاصة في سياق ردع العدو الإسرائيلي والوقوف بوجه الغطرسة والعنجهية التي يمثلها المشروع الصهيوني الأميركي.

المصدر: موقع المنار

ذوالفقار ضاهر