أظهرت دراسة نشرت هذا الأسبوع، أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب يمكن أن تدفع ما يقرب من مليون أمريكي إلى الفقر، لأنها تفرض عبئا أثقل على الأسر ذات الدخل المنخفض.
وقدّر “مختبر الميزانية” في جامعة “ييل” أن رسوم ترامب الجمركية – إذا بقيت سارية المفعول بعد حكم المحكمة العليا – ستزيد عدد الأمريكيين الذين يعيشون في الفقر بما يصل إلى 875,000 شخص.
وتعمل الرسوم الجمركية على خفض القوة الشرائية، أو الدخل “الحقيقي”، للأسر عن طريق رفع الأسعار أو خفض الدخل بشكل عام، حيث أوضح “مختبر الميزانية” في تقريره قائلا: “لأن أنماط الإنفاق تختلف بين الأسر، فإن هذا العبء لا يُشعَر به بالتساوي”.
وتُثقل الرسوم الجمركية كاهل الأمريكيين ذوي الدخل المحدود بشكل لا تناسب فيه، فهم يعيشون بالفعل على دخلهم يوما بيوم ولا يمكنهم تحمل خسارة المزيد من دخلهم.
وفي هذا الصدد، صرحت ليانا هاكونز، رئيسة ومؤسسة شركة “بلاك هوك فاينانشال” لصحيفة “نيويورك بوست” بالقول: “لأن الأسر ذات الدخل المنخفض تنفق حصة أكبر من ميزانيتها على السلع الأساسية المتأثرة بالرسوم الجمركية، مثل الملابس، والسلع المنزلية، والإلكترونيات الأساسية، فإنها تشعر بضغط أثقل حتى من جراء زيادات متواضعة في الأسعار”.
ومع ذلك، أضافت هاكونز أن هناك أيضا احتمالا بأن تحفز الرسوم الجمركية النمو المحلي أو مكاسب في الأجور، مما قد يعوض نتائج رفع الرسوم حسب الدراسة.
ووفقا لخبراء الاقتصاد، فإن الأسر الأقل ثراء تميل أيضا إلى شراء المزيد من المنتجات المستوردة، والتي تتأثر بشدة بالرسوم الجمركية.
من جهته، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي “اقتصاديي بايدن الذين يديرون مختبر الميزانية في ييل”، قائلا إنهم “لم يصيبوا في أي شيء عندما كان بايدن رئيسا، وهم لا يصيبون في أي شيء الآن أيضاً”.
وفي تصريحات لـ”نيويورك بوست”، قال ديساي: “قدم المتنبئون الاقتصاديون تنبؤات متشائمة مماثلة خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى، عندما أطلقت نفس الأجندة التي تدفع بها الإدارة الآن من رسوم جمركية، وتخفيضات ضريبية، وإلغاء للقيود التنظيمية، ووفرة في الطاقة، نموا تاريخيا في الوظائف والأجور والاقتصاد، بالإضافة إلى أول تراجع في عدم المساواة في الثروة منذ عقود”.
في حين ذكر “مختبر الميزانية” في “ييل” أن معدل الفقر سيزداد إلى 10.7% مع رسوم ترامب الجمركية، مرتفعا من 10.4%. وتستند النتائج إلى “مقياس الفقر الرسمي”، وهو مقياس يحلل الدخل قبل الضريبة.
ووجد “مختبر الميزانية” أيضا أن الفقر سيزداد سوءا عند تحليل “مقياس الفقر التكميلي”، الذي يأخذ في الاعتبار البرامج الحكومية مثل قسائم الطعام والنفقات مثل رعاية الأطفال والتكاليف الطبية.
ووفقا لتحليلهم لمقياس الفقر التكميلي، فإن رسوم ترامب الجمركية ستدفع 650,000 أمريكي آخر إلى الفقر في عام 2026، بما في ذلك 150,000 طفل. وبموجب هذا المقياس، سيرتفع معدل الفقر من 12% إلى 12.2%.
وتحت قيادة ترامب، ارتفع متوسط الرسوم الجمركية الفعلية في الولايات المتحدة إلى 17.4%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1935، حسب “مختبر الميزانية”. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه المعدلات الدقيقة ستبقى سارية، حيث لا تزال المحادثات مع العديد من الدول جارية والرسوم في حالة تغير مستمر.
جدير بالذكر أن المحكمة العليا الأمريكية وافقت يوم الثلاثاء على النظر في حكم من محكمة أدنى وجد أن ترامب قد تجاوز سلطته بفرض الرسوم الجمركية.
وطلبت إدارة ترامب من المحكمة العليا أن تلغي بسرعة الحكم، الذي وجد أن العديد من الرسوم الجمركية غير قانوني. وإذا أيدت المحكمة العليا الحكم، فإنها ستحظر الغالبية العظمى، حوالي 71%، من رسوم ترامب الجمركية.
وقد حذر الاقتصاديون من أن رسوم ترامب الجمركية قد تعيد إشعال التضخم، على الرغم من عدم وضوح المدة التي قد يستمر فيها تأثير الأسعار هذا. وفي حين انخفض تضخم أسعار الجملة بشكل غير متوقع في أغسطس، ارتفع مقياس المستهلَك قليلا، وفقا لبيانات وزارة العمل التي صدرت هذا الأسبوع.
وحتى نهاية العام الماضي، كان ما يقرب من 36 مليون شخص يعيشون في فقر، وفقا لمكتب الإحصاء الأمريكي. وأفاد مكتب الإحصاء بأن معدل الفقر انخفض بنسبة 0.4 نقطة مئوية إلى 10.6% حيث واكبت الأرباح بشكل كبير تكاليف المعيشة.
المصدر: نيويورك بوست