الجمعة   
   12 09 2025   
   19 ربيع الأول 1447   
   بيروت 11:44

العمليات الفلسطينية في قلب الكيان.. المجد لـ”الكارلو” والسكين

كشفت العملية النوعية البطولية التي نُفِّذت عند تقاطع مستوطنة “راموت” الصهيونية قرب القدس المحتلة، عن مدى الثغرات الأمنية التي يمكن الدخول منها لهزِّ قلب كيان العدو الإسرائيلي. فكلّ التطور التكنولوجي والإحاطة الأمنية الجوية والأرضية لا يمكنها أن تُحصِّن الصهاينة بشكل كامل، رغم كل الغطرسة التي يحاولون إظهارها في فلسطين والمنطقة، خاصة في ظلّ ما يرتكبه العدو في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

فقد أشارت وسائل إعلام العدو إلى أن السلاحين اللذين استخدمهما منفذا عملية “راموت” بالقدس المحتلة، صباح الإثنين، هما مسدس و”كارلو” محلي الصنع. وأوضحت أن “العملية، التي أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الإسرائيليين، نُفِّذت بأدوات بسيطة لكنها تمكّنت من إرباك المنظومة الأمنية الإسرائيلية وضرب أحد أكثر المواقع حساسية في قلب المدينة المحتلة”. وأشارت إلى أن اعتماد المقاومين على أسلحة محلية الصنع يعكس قدرة الفلسطينيين على تجاوز إجراءات الاحتلال الأمنية المشددة، وتطوير أدوات مواجهة تمكّنهم من تنفيذ عمليات مؤثرة رغم القيود والملاحقات.

إن عملية “راموت” تقول للعالم كله إن الشعب الفلسطيني ثابت على مقاومته للمحتل الإسرائيلي حتى آخر رمق، باستخدام كل الأسلحة الممكنة، ولو كانت من السلاح الخفيف كالكارلو والمسدس، وحتى السكين. فلا يمكن لأي أحدٍ التخاذل أو التراجع أو التخلي عن فلسطين، أياً كانت صفته أو داعموه، فالمقاومة في فلسطين نبضها الناس والشباب الثائر الذي لا يهدأ حتى الوصول إلى التحرير الكامل، ورفع الظلم عن أهل الأرض، وتحصيل كل الحقوق الفلسطينية.

وعن عملية راموت وحيوية الشعب الفلسطيني، قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته يوم 10-9-2025: “إنها عملية جريئة شجاعة، تُثبت أن هذا الشعب الفلسطيني يملك الحياة وإرادة المقاومة وإرادة التضحية، ويُريد أن يُحرر أرضه، هذا أمر عظيم”. وتابع: “في جباليا في غزة، وكذلك في حي الشيخ رضوان، أعداد كبيرة من الإسرائيليين يُقتلون ويُجرحون رغم كل الصعوبات الموجودة هناك، هذا رمز، وهذا تعبير”. وأضاف: “نحن أمام شعب حي… شعب نموذجي قدّم، ضحّى، أعطى، ولا يزال يُعطي”.

فأي رسائل حملتها هذه العملية للعدو ومن يقف خلفه في الإدارة الأميركية وبعض الأنظمة العربية المتخاذلة؟ خاصة بعد استهداف العدو لقطر بدون اي رادع بما ينذر ان لا دولة عربية محمية بمواجهة العداوانية الصهيونية، وأي رسائل حملتها للشعب الفلسطيني وفصائله ومقاومته؟ وماذا يعني أن تُضرب العدو في عمق كيانه بعد كل هذه الجرائم التي تُرتكب في غزة والضفة؟ وكيف يمكن فهم استخدام الشباب الفلسطيني للسلاح البسيط — المسدس والكارلو — في هز كيان العدو الذي يملك كل وسائل التطور والأسلحة الخارقة للتصور، في زمن سقوط المبادئ والقيم لدى العالم بأسره؟

حول الرسائل التي حملتها عملية راموت البطولية، والتي يمكن أن تُرسلها كل عملية مشابهة لها، يمكن الإشارة إلى بعضها:

أولًا: رسائل إلى العدو الإسرائيلي ومن خلفه

الهشاشة الأمنية: تؤكد العملية أن كيان العدو، رغم ما يمتلكه من تقنيات، وأجهزة استخباراتية، وبنية أمنية هائلة، لا يستطيع حماية نفسه بشكل كامل ومطلق في عمق كيانه.

فشل الردع: بعد كل الإجرام المرتكب في قطاع غزة والضفة المحتلة، وبعد محاولات الإبادة والتهجير، لا تزال المقاومة قادرة على توجيه ضربات داخل العمق. وهذا يعني أن سياسة الردع التي يتغنّى بها العدو قد سقطت فعليًا. فبمجرد تنفيذ عملية واحدة، يتبيّن أن بالإمكان تنفيذ عمليات متتالية ومتكررة، بأساليب وطرق مختلفة.

ثانيا: رسائل إلى الإدارة الأميركية والأنظمة المتواطئة

إن الدعم اللامحدود لكيان العدو المؤقت لا يمنحه الحصانة المطلقة. فعملية راموت، وأي عملية مشابهة، نوعية وبطولية، تقول بوضوح إن استهداف بلدان وشعوب الأمة لن يمرّ دون ثمن. وهذا الكيان الصهيوني، مهما حاول تصوير نفسه بأنه “قوي ومحصّن”، سيطاله المقاومون طالما أن الإرادة موجودة، ونار المقاومة متقدة في النفوس.

ثالثا: رسائل إلى الشعب الفلسطيني وفصائله، وإلى الأمة ككل

المقاومة هي الأمل: كل عملية نوعية وبطولية تُعيد الأمل للشعب الفلسطيني الجبّار، الصامد منذ عشرات السنين في وجه المؤامرات. ومن خلف هذا الشعب، كل شعوب الأمة، تؤمن بأن المقاومة هي الردّ الحتمي على الغطرسة الصهيونية والأميركية.

المقاومة هي السدّ الحامي: المقاومة تشكّل السدّ المنيع لكل الأمة، شعوبًا ودولًا، وحتى حكّامًا. وكما قال الشيخ نعيم قاسم: “المقاومة بالنسبة لكم الآن سدّ منيع قبل أن يصلوا إليكم… اعلموا أنه إذا أنهوا المقاومة – لا سمح الله، ولن ينهُوها على الإطلاق – إذا أنهوا المقاومة، سيأتي الدور إليكم… ندعوكم إلى أن تدعموا المقاومة لتدعموا أنظمتكم وشعوبكم وبلدانكم… وإذا لم تقبلوا بهذا، فلا تطعنوا المقاومة في ظهرها، وإذا لم تدعموها، فلا تقفوا إلى جانب إسرائيل”.

المقاومة بكل الوسائل: المقاومة بجميع السبل المتاحة، لا سيّما العسكرية، وبكل الأسلحة المتوفرة – من السكين حتى الصاروخ – هي منظومة واحدة تهدف إلى كسر إرادة الطغيان لدى المحتل، وتؤكد أن الحق باقٍ لأصحابه مهما طال الزمن، وأن الأرض ستتحرر بأيدي المؤمنين الأحرار.

رفض الرضوخ للمحتل: العملية تؤكد على عدم التسليم أو الرضوخ أو الاعتراف بالمحتل، وعلى ضرورة مواجهته، ولو تخاذل الأقربون، وتواطأ العالم، وتخلّى الكثير عن مسؤولياته في الدفاع عن القيم الإنسانية والقانونية، ورفض الظلم والطغيان والقتل والإبادة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي يوميًا.

المصدر: موقع المنار