لم يستطع آل سعود إخفاء حجم احتفائهم بنتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، وهو ما عكسته الصحف السعودية، صفحات من الاحتفال والتهليل بالنصر الوهمي المزعوم، تخال معها أن الانتخابات خيضت على أراضي المملكة، ويتولد لديك إحساس بلهفة سعودية عارمة لخوض غمار التجربة الانتخابية اللبنانية واستنساخها على أراضيها، والمقصود هنا فكرة اجراء انتخابات ، دون ان ننسى الشوائب والتدخلات والمال الانتخابي في الانتخابات اللبنانية ولكن تبقى تجربة فيها هامش الاختيار الشعبي.
مظاهر الاحتفالات تمظهرت في الصحف السعودية انتصارًا مزعومًا حققه حلفاؤها في لبنان، استعرضته بعناوين عبّرت فيه عن سعادتها وعن شغفها لتذوق طعم الديموقراطية، وإجراء انتخابات ديموقراطية في السعودية . ما يطرح تساؤلاً لماذا لا تقيم الرياض هذا العرس الديمقراطي في المملكة، لا سيما وأن الشعب يتوق لتجربة هكذا استحقاق؟!.
وإذا كانت دولة لبنان شبه مفلسة ونجحت بتنظيم انتخابات نيابية فما بالك بدولة مقتدرة مثل السعودية، أضحى لدى سفيرها في بيروت وليد البخاري قدرة عالية وخبرة انتخابية، امتهنها من تحضير المرشحين وتشكيل اللوائح، مروراً بتنظيم المهرجانات والإفطارات والجولات والضغوطات وشراء الضمائر والأصوات لتأمين الحواصل للهيمنة على الأكثرية النيابية في لبنان.
إذا ما استنسخت السعودية التجربة اللبنانية، لن ينسى الشعب اللبناني بالتأكيد أيادي المملكة البيضاء ومساهمات سفيرها الكبيرة، ولن يبخل عليها بتصدير خبراته الانتخابية، كما بإمكانها الاستعانة بوكيلها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، لتأهيل الماكينات لدى مرشحيها لإدارة العملية الانتخابية في السعودية.
وإذا كانت ثقة السعودية المطلقة بجعجع المسيحي دفعت سفيرها البخاري للاستشهاد بآية قرآنية لإعلان نصر القوات بالانتخابات، إلا أنه يبدو أن الثقة السعودية بشعبها مفقودة، لذا فهي لا تجرؤ على إجراء انتخابات ديموقراطية نزيهة وشفافة في المملكة، وهذا ما يفسره تجاهل الإعلام السعودي لانتخابات المغتربين اللبنانيين على أراضيها في 3 أيار الماضي، من خلال تغييب أي خبر عنها على صفحاته وشاشاته.
خلاصة الأمر، فإن السعودية التي لطالما نظّرت في تحليلاتها لاستنساخ التجربة العراقية في لبنان، باتت مدعوة بعد كل ما أبدته من حماس للانتخابات وللديموقراطية، لاستنساخ التجربة الانتخابية اللبنانية النيابية والرئاسية. فهل تجرؤ السعودية حيث لا يجرؤ الآخرون؟!.