تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الجمعة في 4-11-2016 ملف تشكيل الحكومة اللبنانية، بعد تكليف النائب سعد الحريري في الإستشارات النيابية الملزمة.
السفير
جشع «قواتي».. و«تيار» محرج بتفاهماته و«وزرائه» و«فيتوات» سياسية متبادلة
إلى حكومة الثلاثين در.. هذه «فخاخها» وأسئلتها
للبنان رئيس جمهورية سيطل يوم الأحد المقبل من على شرفة «قصر الشعب» ويقول الجملة السحرية التي لطالما دغدغت مشاعر كثيرين من اللبنانيين قبل أكثر من ربع قرن: «يا شعب لبنان العظيم». بعدها، ينتهي موسم التهاني والتبريكات ويبدأ «الجد».
لقد تمكن ميشال عون من «الثأر». ثأر من داخل وخارج. من موارنة أولا ومن لبنانيين كثر حاولوا إبعاد «لقمة» الرئاسة عن فمه، لكنه، بعناده المستحيل، تمكن من خطفها في لحظة تخل حريرية، فكان أن صار عضواً في نادي رؤساء الجمهورية، فهل سيكون بمقدوره أن يترك بصمته الإصلاحية، على غرار فؤاد شهاب، أم أنه سيكون شبيهاً بمن توالوا قبله على كرسي الرئاسة الأولى، من بشارة الخوري الذي فرضت عليه عوامل داخلية وخارجية الاستقالة، الى ميشال سليمان الذي تسلم من الفراغ وسلّم الى الفراغ وورّث «إعلان بعبدا» الذي صار اعتبارا من أمس.. من الماضي.
وللبنان اعتبارا من أمس أيضا رئيس حكومة كاد يطير فرحاً عندما خرج يخاطب الصحافيين من موقع «الرئيس المكلف». لقد تمكن سعد الحريري من «الثأر» أيضا. الثأر من طريقة إخراجه المهينة من رئاسة الحكومة، لحظة دخوله الى البيت الأبيض للقائه باراك أوباما، قبل أكثر من ست سنوات. وقتذاك، أعلن وزراء «8 آذار» استقالتهم من الحكومة من دارة ميشال عون في الرابية. كان للرسالة وقعها الكبير على الحريري.. وحتى على الأميركيين.
انقضت ست سنوات على تلك الواقعة، تبدلت معها خرائط المنطقة والعالم، من سوريا التي تكتوي بنار حرب لا بل حروب، الى أميركا التي قررت أن تنطوي على نفسها، فلا تفرط في استخدام فائض قوتها بتدخلات عسكرية على هذه الأرض أو تلك، ولا تحارب نيابة عن هذا الحليف أو ذاك، ولا تستعجل إنهاء حرب إذا كان احتدامها يضعف «أعداءها» ويقلل المخاطر الإستراتيجية على حلفائها مثل إسرائيل في المنطقة.
ست سنوات جعلت الحريري يعيد صياغة الكثير من مواقفه ومعادلاته. نظرته الى «حزب الله» تبدلت، ولو أنه يجاهر بعكسها في العلن، لأجل «احترام» مشاعر حلفائه الخليجيين. نظرته الى حلفائه المسيحيين، ولو أنه مضطر الى مسايرة سمير جعجع وسامي الجميل. نظرته الى بيئته. من كانوا خصومه في طائفته، ويريد تحيّن الفرصة لتصفية الحساب معهم، أو بالنيابة عن والده رفيق الحريري.
هؤلاء كلهم ذهب إليهم أمس يعلن أنه جاء ليأخذ «النصائح» منهم. نصائح سليم الحص الذي يقف على ضفة نقيضة، وطنياً وقومياً، كما في مجمل النظرة الى الشأن العام. نصائح نجيب ميقاتي الذي لطالما حورب من «تيار المستقبل» فقط لأنه قَبِل أن يكون رئيسا للحكومة في زمن صعب سياسيا محليا وإقليميا. نصائح من سمع من السعوديين كلاما مباشرا يتصل بحماية سعد الحريري من جهة وبأن رئاسة الحكومة لن تكون مطوّبة لبيت سياسي واحد بعد الآن من جهة ثانية.
112 صوتاً لـ «العهد»!
ولحظة تبلغه من رئيس الجمهورية أنه حصل على أصوات 112 نائبا، أي بفارق 29 صوتا عن الأصوات التي نالها عون في مجلس النواب، بادر سعد الحريري إلى القول لـ «الجنرال»: «هذه النسبة العالية هي تعبير عن ثقة النواب العالية بفخامتك وبالعهد الجديد وليس بي أنا وحسب».
بعد هذه الجملة، انفرجت أسارير «الجنرال» ـ الرئيس، بينما كان الرئيس نبيه بري يتأملهما ويتأمل معهما مشهد «الترويكا» الجديدة. «ترويكا» لن يكون عمرها من عمر الحكومة التي ستؤلف، من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، بل من عمر المجلس النيابي الذي ستفرزه تلك الانتخابات على الأرجح.
صحيح أن الجفاء سيطر بداية على لقاء نبيه بري وسعد الحريري، بحضور رئيس الجمهورية، غير أن الأخير قرر أن يضع نفسه للمرة الأولى في موقع دستوري وسياسي جديد. بادر، من موقع «الحكم» هذه المرة، إلى ترطيب الأجواء بين الجالسين إلى يمينه وشماله، ليدخل الجميع في نقاش بعدها بشأن «حكومة الوفاق الوطني والسياسي التي لن تستثني أحدا أو تصفّي حسابا مع أحد»، بتأكيد مشترك من الرؤساء الثلاثة.
ترك الحريري انطباعا عند من التقاهم من رؤساء الحكومات أنه مستعد لتقديم تنازلات من أجل التسريع بولادة حكومة وحدة وطنية جديدة تأخذ على عاتقها أولوية وضع قانون انتخابي جديد والتحضير لإجراء الانتخابات النيابية.
في الوقت نفسه، أكد الرئيس نبيه بري أن جواً من التفاهم والتعاون يسود هذه المرحلة، مشيرا إلى انه لمس إيجابية لدى عون والحريري وقال: «نحن نبادل النيات الحسنة بمثلها»، وأوضح أن لقاءه مع عون في القصر الجمهوري، أمس، كان ودياً للغاية، لافتا الانتباه إلى أن تسميته الحريري كانت موضع ترحيب من رئيس الجمهورية الذي أبدى إصرارا على مقاربة الملفات الملحة والدفع في اتجاه معالجتها، وأمل أن يتم تشكيل الحكومة سريعا وعدم وضع تعقيدات أمامها، لافتا الانتباه الى انه سينتظر ما سيُعرض عليه «حتى يبني على الشيء مقتضاه». وشدد بري على ضرورة إنجاز قانون جديد للانتخاب قبل نهاية ولاية المجلس الحالي، معتبرا أنه يجب ان يتصدر ذلك جدول أعمال الحكومة الجديدة.
قضية القانون الانتخابي تتصدر جدول أعمال رئيس الجمهورية، وهو لمس من خلال الاتصالات الدولية التي تلقاها، وخصوصا من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند (اتصل أمس بسعد الحريري وهنّأه بالتكليف) والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وقادة دوليين آخرين اهتماما استثنائيا بإنجاز الاستحقاقات في مواعيدها، سواء تشكيل الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن، أو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري في الربيع المقبل.
الى حكومة الثلاثين در
ومن التقى عون والحريري، أمس، خرج بانطباع مفاده أن خيار حكومة الثلاثين وزيرا يتقدم على خيار الأربعة والعشرين وزيرا بسبب تخمة مطالب الكتل النيابية على صعيد الأرقام والحقائب، غير أن «الفجع الوزاري»، لم يمنع أوساط الحريري من القول إن الحكومة ستولد قبل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، فيما رجح مرجع واسع الاطلاع أن تحتاج عملية التأليف إلى حوالي شهرين على أقل تقدير.
وما يساعد في تسريع عملية التأليف الحكومي أو تأخيرها، ستبيّنه مطالب الكتل النيابية والنواب المستقلين، في استشارات التأليف، مع الرئيس المكلف، اليوم وغدا، في مجلس النواب، وكذلك قدرة الحريري على الإجابة عن الأسئلة الآتية:
• هناك معادلات سياسية جديدة فرضت رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة، فهل ستكون الحكومة الجديد محكومة بالتفاهم السياسي المبرم بين عون والحريري، وما هي طبيعته، وكيف سيتمكن «التيار الوطني الحر» من التوفيق بين تفاهمه مع الحريري من جهة وتفاهمه، من جهة ثانية، مع «القوات» التي تتصرف كمنتصرة رئاسيا وبشهية وزارية مفتوحة (4 وزراء على الأقل مع حقيبة سيادية)؟
• اذا كانت الحكومة ثلاثينية، فكيف ستتوزع أرقامها؟ ما هي حصة رئيس الجمهورية الذي يريد أن يحظى بفريق وزاري، مثله مثل ميشال سليمان وإميل لحود والياس الهراوي، وإذا حُسمت الحصة الرئاسية، فماذا سيكون عددها وهل سيكون جميع الوزراء (ثلاثة أو أربعة) من لون طائفي واحد (مسيحي) أم يتم تلوينهم بوزراء مسلمين (شيعي واحد وسني واحد)؟ ومن يضع الضوابط والفواصل بين دور وتصويت وزراء رئيس الجمهورية ووزراء «تكتل التغيير»؟
• اذا كانت قاعدة «8 آذار» و «14 آذار» التي حكمت كل البنيان الحكومي منذ 11 سنة حتى الآن، باتت غير سارية المفعول مع إبرام الصفقة الرئاسية ـ الحكومية، فعلى من سيحتسب وزراء «التيار الوطني الحر»، على «8 آذار» أم رئيس الجمهورية أم يشكلون مع وزراء «القوات» متساوين «شراكة العهد»، وماذا عن شراكة «التيار الحر» مع «تيار المستقبل» حكوميا، وكيف سيصرف «التيار» تفاهمه السياسي مع «حزب الله» المتفاهم سياسيا مع حركة «أمل» التي لن تبصم على حكومة لا تضم وزراء لـ «المردة» و «القومي»؟
• على من يُحتسب وزراء وليد جنبلاط في مجلس الوزراء، وهل سيكون مسموحا لجنبلاط أن يتمثل بوزيرين درزيين (الثالث لطلال أرسلان)، على أن يعوض بوزير مسيحي ثالث؟
• ماذا عن التوجه السياسي الواضح الذي يعبّر عنه «حزب الله» و «أمل» هذه المرة بوجوب أن يتمثل «القومي» في الوزارة الجديدة بمقعد مسيحي وليس شيعيا كما جرت العادة في السنوات الماضية؟
• كيف سيتم توزيع المقاعد السيادية الأربعة (الداخلية والخارجية والمالية والدفاع) في الحكومة، وماذا عن الحقائب الخدماتية التي تبيض ذهباً كالأشغال والاتصالات والطاقة، وماذا عن الحقائب الحيوية كالصحة والتربية والعمل والشؤون الاجتماعية، ولمن ستكون حقيبة وزارة العدل؟
• كيف سيتعامل رئيس الحكومة مع «الفيتوات» التي بدأت تطل برأسها من أكثر من مكان، برفض إسناد هذه الحقيبة أو تلك لهذه الجهة السياسية أو تلك، والأخطر كيف سيتعامل مع إصرار رئيس الجمهورية على وضع «فيتو» على تسلم وزير المال علي حسن خليل لوزارة المال، مع إقراره بأن تبقى بعهدة الطائفة الشيعية ومن يسميه رئيس مجلس النواب؟ وماذا عن «الفيتوات» المضادة المحتملة والتي تتعلق بوزارات أخرى أبرزها الطاقة والتربية؟
• هل سيعتمد رئيس الحكومة المكلف قاعدة المداورة وبالتالي يوافق على وجهة نظر رئيس المجلس التي تستثني وزارة المال من هذه القاعدة ربطا بمحاضر ومناقشات اتفاق الطائف؟
• هل سينتظر رئيس الحكومة جلاء غبار المعارك داخل كل بيت حزبي أو سياسي، خصوصا أن ثمة «شهداء» كثراً على الطريق، ولعل أصعب عملية تلك الجارية في بيت رئيس الجمهورية، في ظل «الفيتوات» المتبادلة
ومحاولة تأجيل دفع بعض الفواتير المتأخرة، فهل يؤدي مسار التأليف الى تشظي بعض البيئات الحاضنة للحكومة قبل ولادتها، وأي أثر لكل المسار الحكومي، سواء بالتسريع أو التعطيل على صورة العهد الجديد؟
الاخبار
اتفاق رئاسي على رفض «الستين»
المستقبل يردّ على جعجع: تأليف الحكومات لا يتم على شاشات التلفزيون
انطلقت مفاوضات تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب. «صافرة الإيجابية» أطلقها الرئيس نبيه بري بتسميته سعد الحريري لرئاسة الحكومة. وفيما أكد رئيس المجلس أنه يرفض وزارة الطاقة «ولو عرضوها عليّ»، فإنه كشف اتفاقه ورئيس الجمهورية والرئيس المكلّف تأليف الحكومة على إقرار قانون جديد للانتخابات ورفض «الستين»
طُويت المرحلة الثانية من التسوية الرئاسية، بهدوء تام، وبلا «أضرار جانبية». بعد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف أولى حكومات العهد الجديد.
وفيما كانت الأنظار متجهة إلى موقف الرئيس نبيه بري من تسمية الحريري، حسم رئيس المجلس الأمر، وأعلن أنه سمّى الحريري، وأنه بذلك يسدّد الدَّين الذي في ذمته لرئيس تيار المستقبل عندما قال: أنا مع الحريري ظالماً أو مظلوماً.
وسيبدأ الحريري اليوم مشاوراته مع الكتل النيابية، وهي مشاورات شكلية. فالمفاوضات الجدية لتأليف الحكومة تدور في أماكن أخرى، في لقاءات الوزير جبران باسيل ونادر الحريري مثلاً، وفي اجتماعات الأخير والوزير علي حسن خليل كمثال آخر. خط الاتصال بين خليل ونادر الحريري لم ينقطع، رغم التوتر الذي شاب العلاقة بين رئيس المجلس النيابي ورئيس الجكومة المكلف. لكن هذا التواصل لا يعني أن التفاوض الجدي بين عين التينة ووادي أبو جميل على تشكيلة الحكومة قد بدأ، رغم الأجواء الإيجابية السائدة بينهما.
مصادر في تيار المستقبل وصفت كلام بري بعد لقائه عون أمس بأنه «فال خير»، وهي ترى فيه «الكثير من الإيجابية». أما بالنسبة إلى ما قاله رئيس المجلس عن دَين سدّده للحريري، فقالت مصادر الأخير: «لا نعتبر أن بيننا وبين الرئيس بري حساباً في الأساس. ما قام به يحمل الكثير من الإيجابية».
أما بشأن تشكيل الحكومة وتوزيع المقاعد «فحتى الساعة لا نعرف ماذا يريده بري. هناك يومان من الاستشارات على ضوئها يتضح العديد من الأمور». وبدا لافتاً أمس تأكيد الحريري نيته تأليف حكومة وحدة وطنية، فيما كان حليفه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع قد عبّر أول من أمس عن رفضه مبدأ تشكيلة «الوحدة الوطنية»، معلناً رغبة حزبه الحصول على وزارة المال، في ما بدا محاولة منه لعرقلة تأليف الحكومة. وعلّقت مصادر رفيعة المستوى على كلام جعجع بالقول: «من الطبيعي أن يرفع كل طرف طلباته»، ولكن بالنتيجة «تأليف الحكومات يتم بالتعاون والتنسيق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وليس على شاشات التلفزيون».
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن الرئيس الحريري والوزير باسيل بحثا قبل أيام في اقتراح أن تكون الحكومة من 32 وزيراً، بهدف إضافة مقعدين للأقليات (مقعد مسيحي وآخر لأحد أبناء الطائفة العلوية). لكن الحريري أصرّ على أن تكون الحكومة 30 وليس 32. وتفضّل غالبية القوى الرئيسية أن تكون التشكيلة الوزارية من 30 وزيراً. وفي حال استقرت النتيجة على ذلك، سينضم إلى الحكومة ممثلون عن كتل لم تتمثّل في حكومة الرئيس تمام سلام، كالنائب طلال أرسلان الذي سيكون مقعده الوزاري هو المقعد الدرزي الثالث، لا من حصة النائب وليد جنبلاط.
وجرى التداول أمس بمعلومات مفادها أن باسيل لن يدخل الحكومة، أو أنه سينضم إليها بصفة «وزير دولة»، بلا حقيبة، لكي يتمكن من مساعدة رئيس الجمهورية، فضلاً عن مهماته في رئاسة تكتل التغيير والإصلاح ورئاسة التيار الوطني الحر. كذلك يجري الحديث عن تعيين ابنة الرئيس ميشال عون، ميراي، في منصب استشاري رفيع في القصر الجمهوري، علماً بأنها كانت تؤدي دور مساعدة رئيسية لوالدها في الرابية.
وغير بعيد عن التشكيلة الحكومية، حُكي الكثير عن أن ملف قانون الانتخابات سيكون مدخلاً لاشتباك جديد مع الرئيس برّي، خصوصاً بعد الحديث عن اتفاق بين عون والحريري على إمكانية التمديد للمجلس أو السير بقانون الستين. إلا أن بري نفى صحة ما يُروّج، مؤكداً أنه اتفق مع الرئيسين عون والحريري خلال اجتماعهم في قصر بعبدا أمس «على ضرورة أن يكون هناك قانون جديد للانتخابات قبل موعدها المحدد»، وأنه «لمس خلال الحديث رفضهما أن تجرى على أساس قانون الستين أو أن يتم التمديد للمجلس النيابي».
ولجهة تأليف الحكومة، ردّ برّي على ما يشاع بشأن مطالبته بالحصول على وزارة الطاقة، مؤكّداً لـ«الأخبار» أنه «لم يسألني أحد عنها، لكنّهم حتى لو عرضوها عليّ، لا أريدها، أمّا وزارة المالية، فذلك موضوع آخر». وقال رئيس المجلس، إن «مسألة وزارة الطاقة وملفّ النفط ليس مسألة وزير، لو كنت في الحكومة أو كنت في المعارضة، وأنا لا أزال الآن في المعارضة، لن أقبل أن يتمّ التصرّف بملفّ الطاقة والنفط من دون هيئة وطنية تحفظ هذه الثروة وتشكيل صندوق سيادي وطني في المصرف المركزي للاستفادة من عائدات النفط لتسديد الدين العام».
النهار
زخم “إجماعي ” يعود بالحريري لحكومة وفاق
بوتيرة سريعة تعكس استعجال الدفع نحو تشكيل حكومة جديدة على نار الزخم الذي اكتسبه انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية مطلع الاسبوع، تبدأ اليوم الاستشارات النيابية للتأليف التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري وينهيها غداً بفارق ستة أيام فقط بين انتخاب الرئيس عون وبدء الرئيس الحريري مهمته في تأليف الحكومة. ولعل التطور البارز الذي اكتسب دلالة مهمة في اليوم الثاني والختامي من الاستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية تمثل في الغالبية الواسعة التي حازها الرئيس الحريري رئيساً مكلفاً والتي شكلت شبه اجماع على تكليفه إذ سمّاه 112 نائباً فيما امتنعت كتلة “الوفاء للمقاومة” (13 نائباً) والنائب البعثي عاصم قانصوه عن تسميته. هذه الغالبية الواسعة تعيد الحريري الى رئاسة الحكومة من الباب العريض مطلع العهد العوني الذي شكل الحريري رافعة اساسية لوصوله بما يشيع انطباعات أن عملية التأليف قد لا تكون معقدة بالقدر الذي يخشاه البعض اذا استمرت وتيرة الاجواء السائدة على زخمها وخصوصاً بعد الخرق الذي شكله موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس في موضوع التكليف وتسميته الحريري بالتوافق بينه وبين “حزب الله”. كما ان لقاء الرئيس عون والرئيس بري شكل كسراً لجليد العلاقة بينهما وبدء مناخ دافئ بفعل انضمام كتلة بري الى مؤيدي تكليف الحريري من منطلق “ايفاء دين بري للحريري منذ صرح انه معه ظالماً أو مظلوماً” كما صرح رئيس المجلس من قصر بعبدا.
الحريري مكلفاً
في أي حال، سارع الرئيس الحريري فور تكليفه الى ترجمة هذه الأجواء باعلانه العناوين العريضة لـ”حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي مستندة الى اجماع كل القوى السياسية حول خطاب القسم (للرئيس عون) بكل مندرجاته” وحدد أبرز هذه العناوين “بوضع حد لمعاناة الوطن والمواطنين وانجاز قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل ومعالجة الازمات المعيشية والاقتصادية”. كما حرص عقب جولته على رؤساء الحكومة السابقين ووصوله الى “بيت الوسط” وسط احتفالات الابتهاج بتكليفه التي عمت معظم المناطق على ابراز تفاؤله بعهد الرئيس عون وكذلك بالاستشارات التي سيجريها اليوم وغداً في مجلس النواب. وقال: “لقد أثبتنا اننا كلبنانيين قادرون على ان نستنبط الحلول”، مشدداً على ان الحكومة ستتشكل والانتخابات النيابية ستجري في موعدها “والخير لقدام”. وأعرب عن ثقته بأن كل الأفرقاء السياسيين “بمن فيهم الرئيس بري الذي كان متعاوناً راغبون في رؤية عهد الرئيس ميشال عون ناجحاً من البداية”. وأضاف: “هذا عهد جديد يجب ان نعطيه فرصة والحكومة ستضم كل الأطراف ويجب ان ننفتح وان نتكلم بعضنا مع البعض”. وتوقع الحريري ان يكون تشكيل الحكومة سريعاً مع مشاركة الجميع في الحكومة. وتلقى رئيس الوزراء المكلف مساء اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هنأه فيه بتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة وتمنى له التوفيق في مهمته.
ووسط أجواء الفرح التي سادت “بيت الوسط”، إستطلعت “النهار” أجواء زوار الرئيس الحريري الذين تابعوا طوال النهار وحتى ساعات الليل آفاق المرحلة التي ستلي الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف اليوم وغداً في ساحة النجمة. وفي رأيهؤلاء الزوار أن ولادة الحكومة الجديدة لن تتأخر بفعل الدينامية التي ترافق التطورات منذ إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وذهب أحد هؤلاء الزوار الى القول إن التشكيلة الحكومية باتت واضحة منذ أيام وهناك “رتوش” يتناول بعض الحقائب. وفي المعطيات الأساسية ان هناك توزيعاً للحقائب يأخذ في الاعتبار فريق الرئيس عون وإيجاد صيغة متوازنة للنصف المسيحي من الحكومة تأخذ في الاعتبار وزن العهد و”القوات اللبنانية” والنسبة المسيحية الوازنة في كتلة “المستقبل” والمرجعيات المسيحية التي لها كلمة خارج التصنيف الحزبي. وتردد ان هناك مرجعية دينية مسيحية في بيروت تريد ان يكون للطائفة كلمة في تمثيل العاصمة.
أما في المقلب الاسلامي، فيرى هؤلاء الزوار ان المشاركة الشيعية صارت محسومة بفاعلية بعد تسمية الرئيس بري الرئيس الحريري. وتقدر الترجيحات ان تكون وزارتا المال والطاقة من حصة هذا الفريق. ويحرص زوار الحريري على القول ان رئيس الوزراء المكلف يبتعد حالياً عن الدخول في تفاصيل من يراه مناسباً ليكون فريقه الحكومي وذلك حرصاً على إنضاج الصورة الكاملة التي تأخذ في الاعتبار الفريق الوزاري للنائب وليد جنبلاط.
ويخلص هؤلاء الوزراء الى القول إن أجواء التسهيل تتفوق على أجواء التعقيد مما يعني ان موضوع التأليف هو مسألة أيام.
“طي صفحة الماضي”
وفي المقابل، أبدى رئيس مجلس النواب أمام زواره ارتياحه الى لقائه رئيس الجمهورية أمس ووصفه بأنه كان ودياً.
وقال: “لمست عند الرئيس مناخاً إيجابياً في مناقشة ومقاربة ملفات ملحة عدة ومتراكمة في البيئة والنفايات. ويبقى التوجه الجدي عنده وعندي أيضاً هو التوصل إلى إعداد قانون للانتخاب قبل نهاية ولاية المجلس وهذا ما لمسته أيضاً عند الرئيس المكلف”.
وكان الرئيس سعد الحريري قد شكر بري على تسميته إياه وأجرى اتصالاً هاتفياً به.
وأفاد بري أن تسميته للحريري كانت محل ترحيب وتقدير عند الرئيس عون وقال: “قررنا طي صفحة الماضي بكل ما حملته من خلافات وتباينات واتفقنا على فتح صفحة جديدة”.
وأضاف: “إن الأهم عند الرئيس هو استعجاله تأليف الحكومة وهذا هو توجهي أيضاً وأريدها أمس قبل اليوم ولذلك أوعزت إلى الدوائر المعنية في مجلس النواب ليباشر الرئيس المكلف الاستشارات النيابية بدءا من غد (اليوم) وتستكمل السبت”.
وسئل بري كيف ستكون مشاركتك في الحكومة، فأجاب: “انتظر ما سيعرض علي والنيات حسنة وسأبادلها بأحسن منها ولا يجب أن تبرز تعقيدات تؤخر تشكيل الحكومة وانا في انتظار ما سيعرض علينا وعندها نبني على الشيء مقتضاه ونأخذ القرار المناسب”.
الجمهورية
الوئام الرئاسي يُعزِّز «التأليف»… والإيجابيات تحكُم الإستشارات
إنتهى مشوار التكليف بأكثرية نيابية موصوفة للرئيس سعد الحريري بـ 112 صوتاً منحَته الثقة لقيادة السفينة الحكومية في مستهلّ عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وانتقل البلد إلى المرحلة الثانية، لينطلق فيها مشوار التأليف، وأولى محطاته الاستشارات النيابية التي سينطلق فيها الرئيس المكلّف اليوم وغداً. يأتي ذلك في وقتٍ بقيَ لبنان ومستجدّاته الرئاسية محطّ أنظار العالم وتمنّياته في أن يفتح العهد الرئاسي والحكومي الجديد صفحةً جديدة، عنوانُها تعزيز الاستقرار العام في كلّ العناوين والملفات الداخلية.
الاجواء المريحة التي شاعت في البلد، على خط الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، تبدو وتيرتها مرشّحة الى مزيد من الارتفاع في الآتي من الايام، ربطاً بالنيات الحسنة والطيبة، المتبادلة بين الخطوط السياسية كافة، والتي ظهرت خصوصاً على خط استشارات التكليف، ما يشجّع على الاعتقاد بأنّ الحكومة ستبصر النور في وقت قياسي.
الحريري لـ«الجمهورية»
ويبدو الرئيس المكلف متفائلاً بقرب صعود الجميع في المركب الحكومي، وقد سألته «الجمهورية» أثناء استقباله المهنئين في «بيت الوسط» عمّا اذا كان تأليف الحكومة سيتأخر؟ فأجاب: «كلا، إن شاء الله قريباً». وقيل له ايضاً: هناك من يقول انّ الحكومة قد تتأخر حتى بداية السنة الجديدة. فسارَع الى القول: «لا، لا، لن تتأخر».
يتقاطع كلام الحريري هذا مع تأكيد مرجع كبير لـ»الجمهورية» بأنه «إذا سارت الامور بالشكل الانسيابي الذي هي عليه حالياً، فإنّ الاجواء المحيطة بحركة الاستشارات تتوقع ان تولد الحكومة خلال مهلة اسبوعين على الأكثر، وقبل عيد الاستقلال، بحيث تكون الدولة كلها حاضرة في العيد هذه السنة، بعد غياب قسري طيلة فترة الفراغ الرئاسي الذي امتدّ لسنتين ونصف السنة».
واللافت في هذا السياق انّ نقطة مشتركة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وكذلك مع الرئيس المكلف سعد الحريري، هي التعجيل في ترجمة الايجابيات التي يعيشها البلد، بحكومة سريعة، من دون تسرّع، تعتبر بشكلها ومضمونها وبرنامجها عنواناً للشراكة الحقيقية والتوازن، بما ينفخ الروح مجدداً في بلد أصابه الشلل لسنوات طويلة، كما تشكّل فرصة ثمينة لا بدّ من قطفها لجَمع اللبنانيين على كلمة سواء: إنقاذ البلد اولاً، بعيداً من التعقيدات والمطبّات وكل ما من شأنه خلق التفسّخات في جسم الدولة.
ولقد شكّل اللقاء الثلاثي في القصر الجمهوري، أمس، بين الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري، مناسبة لرسم خريطة الطريق نحو التعجيل بتشكيل الحكومة الجامعة، علماً انّ الانفتاح الذي عَبّر عنه الحريري بعد تكليفه رسمياً، وكذلك إعلانه عن حكومة وفاق جامعة كل المكوّنات اللبنانية، كان محلّ ترحيب في الاوساط السياسية المختلفة، التي قرأت في موقف الحريري هذا، علامة اطمئنان، بإمكان انتقال البلد فعلاً من خلف المتاريس السياسية الى واحة التعاون، بما ينعكس تلقائياً على كافة القطاعات الداخلية، وخصوصاً الاقتصادية، التي لوحظ في هذين اليومين انّ نسمة انتعاش قد لفحتها.
وقد اكّد ذلك خبراء اقتصاديون قاربوا المرحلة المقبلة بشيء من الأمل في الانتقال من ضفة الانحدار الاقتصادي الى ضفة الصعود الاقتصادي والاجتماعي والمالي المنشود، وصفاء النيّات السياسية هو شرط أوّل وأساس لهذا الانتقال.
وعلى ما يبدو فإنّ «الجهاد الاكبر» الذي أشار اليه رئيس مجلس النواب، مرشّح في هذه الاجواء لأن يكون «الجهاد الاسهل»، لبناء حكومة تأخذ على عاتقها التصدي للأولويات الملحّة التي تتقدمها الموازنة العامة، وكذلك القانون الانتخابي الذي صار الوصول اليه محلّ إجماع بين القوى السياسية.
ويستنتج ذلك من اليد الممدودة التي تحكم العلاقة بين الرؤساء الثلاثة، وكذلك ممّا عبّروا عنه صراحة حيال صورة المرحلة المقبلة، فاللقاء الثلاثي في بعبدا كان محكوماً بالود، شكلاً ومضموناً، ورئيس الجمهورية كان حريصاً على التأكيد امام بري والحريري، على أهمية، بل ضرورة الاسراع في إطلاق عجلة العهد وتشكيل حكومة تبدأ العمل فوراً، لأنّ أمامنا عملاً كبيراً وشاقاً يجب ان يُنجز، لافتاً في هذا السياق الى انّ الاتصالات التي تلقّاها من قادة الدول والشخصيات السياسية والرسمية العربية والدولية، عبّرت عن وقوف جدّي مع لبنان، وحَضّت على التسريع بتشكيل حكومة جديدة حفاظاً على استقرار لبنان في شتى المجالات.
ماذا حصل في اللقاء الثلاثي؟
وعلمت «الجمهورية» انّ عون قدّم مداخلة سياسية ووجدانية أدت الى ترطيب الأجواء، وشدّد على أهمية التضامن في مواجهة التطورات داعياً الى مواقف جريئة تؤدي الى استيعاب الأجواء المتشنّجة تمهيداً لطَي الصفحة الماضية نهائياً وفتح صفحة جديدة.
وشدّد على أهمية التفاهم للإسراع بتشكيل الحكومة من دون تسرّع لأنّ ايّ تأخير يمكن ان يزيد من الخلل القائم ولا بد من خطوات عاجلة تطوي الصفحات السابقة وتؤسس لمستقبل من التعاون المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى.
وبعد مداخلة رئيس الجمهورية وملاحظات متبادلة بين بري والحريري تخللها عبارات ود متبادلة، طلب عون الدخول في تفاصيل المرحلة المقبلة والخطوات الواجب اعتمادها بدءاً بالإستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف، مشدداً على التعاون في إنجاز هذه المرحلة في افضل الظروف.
وتمّ التفاهم على البدء بها اعتباراً من اليوم، على ان تكون على مرحلتين: واحدة قبل صلاة الجمعة وثانية بعد الظهر وتستكمل قبل ظهر غد، لتبدأ عملية الجوجلة المطلوبة في المرحلة الأولى في عطلة نهاية الأسبوع.
واكد رئيس الجمهورية، في اللقاء، ضرورة تشكيل حكومة منتجة تهتم بأمور وأولويات الناس بدءاً بالأمن وسبل تعزيز الإستقرار وإعطاء الأولوية لملفات الكهرباء والماء والقضايا الحياتية اليومية وغيرها من الأمور التي يعانيها المواطنون، ذلك انّ التأخير في مقاربة هذه الملفات هو مُؤذ جداً لنا وللوطن.
كذلك عبّر عن اهمية ان نتجاوز الماضي ولا سيما المرحلة التي تَلت تَبنّي الحريري ترشيحه الى حين جلسة الإنتخاب وما رافقها من تشكيك ومخاوف ربما قَصد بها الحديث عن تفاهمات ثنائية وغير ذلك من الروايات، فما مضى قد مضى وانّ صفحة جديدة يجب ان تفتح بتشكيل حكومة لإنقاذ ما تبقّى واستعجال الخطوات الدستورية التي من شأنها استيعاب الجو الناتج عن المواقف التي رافقت الإنتخاب لتثميرها في مصلحة ورشة الأمن والاستقرار.
وتمّ التفاهم على مقاربة المطالب المطروحة والتي ستعبّر عنها استشارات التأليف لمواجهتها على أكثر من مستوى بروح إيجابية وتعاون.
وانتهى الإجتماع في أجواء إيجابية وستعكس الأيام المقبلة هذه الأجواء. وقد يزور الحريري عون عصر غد، فور الإنتهاء من الإستشارات.
عون وبرّي
وإذا كان عون، وكما يُنقَل عنه، شديدَ الحرص على النجاح في امتحان انتشال البلد من تعقيداته وأزماته، فقد عزَف رئيس مجلس النواب على الوتر ذاته، بالتأكيد على أنّه كان وما يزال ملتزماً بثابتةٍ لديه تتجلّى في أن يكون رافعةً للعهد ومسهّلاً لعمل الحكومة في كلّ مجال.
وقد عبّر بري عن ارتياحه للّقاء الذي جَمعه مع رئيس الجمهورية، وقال أمام زوّاره: «كان اللقاء ودّياً، وتناوَلنا كلّ المواضيع، حتى إننا تبادلنا الطرائف والنكات، ولمستُ لدى فخامة الرئيس مناخاً إيجابياً، وعزماً على مقاربة المواضيع الضرورية والملحّة، من البيئة، النفايات، وكلّ الملفات المتراكمة، والأهمّ توجّهه لمقاربة القانون الانتخابي الجديد، وضرورة إعداده قبل نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي، وهذا ما لمسته أيضاً لدى الرئيس المكلّف».
وبحسب الأجواء التي عكسَها بري عن لقائه بعون، فإنّ الطرفين قرّرا طيّ صفحة الماضي بكلّ ما فيها من تباينات واختلافات، وفتحَ صفحةٍ جديدة تخدم البلد. وكشفَ بري أنّه أبلغَ إلى عون أنّه سيسمّي الحريري لتشكيل الحكومة، وقد كان ذلك محلّ ترحيب وتقدير من رئيس الجمهورية.
وقال بري «إنّ الأهم هو الاستعجال في تشكيل الحكومة، وقد لمستُ ذلك عند رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وهذا هو توجّهي ايضاً، ولذلك، وبالتوافق مع الرئيسين أكدنا على تسريع استشارات التأليف التي سيجريها الرئيس المكلف مع النواب في مجلس النواب، وأوعزتُ إلى الدوائر المجلسية اتّخاذ الإجراءات اللازمة التي تسهّل هذه الإجراءات بما تتطلّبها اليوم وغداً».
وردّاً على سؤال حول مشاركته في الحكومة كرّر بري إشارته إلى النيّات الحسنة التي ظهرَت، وقال: «نحن نبادل النيّات الحسنة بمِثلها، ولذلك يجب أن لا تبرز أيّ تعقيدات تؤخّر تشكيل الحكومة، ومع ذلك يجب أن لا نستبق الأمور، فأنا أنتظر ما سيتمّ عرضه علينا، وفي ضوء ذلك نبني على الشيء مقتضاه ونتّخذ القرار».
أجواء إيجابية
وربطاً بما قاله بري، علمت «الجمهورية» من مصادر قصر بعبدا أنّ الأجواء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب كانت ودّية جداً ومريحة، وأنّ الطرفين أبديا حرصَهما على التعاون في المرحلة المقبلة. وقد أضفَت طريقة محادثة عون لبري أجواءً مِن الهدوء والارتياح بدَّد أيّ تشنّج. كذلك فإنّ بري تعاطى مع عون من رَجل دولة إلى رَجل دولة، بعيداً من الحساسيات وتصفية الحسابات.
وقالت المصادر إنّ الطرفين تبادلا الأفكار ووجهات النظر في ما يتعلق بالمرحلة التي تلي الاستشارات النيابية الملزمة، واتّفقا على التسهيل والتسريع. وأبدى رئيس مجلس النواب كلَّ استعداد ورغبة لتسهيل انطلاقة العهد الجديد وتشكيل الحكومة. وكانت التصوّرات مشترَكة في مقاربة الموضوع الحكومي.
كذلك أكّدت المصادر أنّ الاجتماع الثلاثي بين عون وبري والحريري كان جيّداً جداً، خلافاً للانطباعات المسبَقة بوجود النفور والعرقلة. وتمنّى عون على رئيس المجلس والرئيس المكلّف التعاون والتفاهمَ في ما بينهما لتسريع تشكيل الحكومة التي تلاقت الأطراف الثلاثة فيها على أنّ تأخيرَها لا يصبّ في مصلحة البلد، في ظلّ الظروف القائمة.
أوساط الحريري
وأعربَت أوساط الحريري لـ«الجمهورية» عن ارتياحها للنسبة التي نالها الرئيس المكلف، وكذلك للأجواء الودّية التي سادت بين الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري.
وكشفَت الأوساط أنّه في مستهلّ اللقاء بين الرؤساء في القصر الجمهوري بادرَ الرئيس بري بتهنئة الرئيس المكلف قائلاً: «مبروك دولة الرئيس، ما شاء الله النسبة عالية 112 صوتاً». فردّ الحريري قائلاً: «شكراً دولة الرئيس، هذه الأصوات للعهد».
وأشارت المصادر إلى أنّ ما حصَل بالأمس من مواكب شعبية احتفالية بتكليف الرئيس الحريري ما هو إلّا تعبير عن شعور الناس باطمئنان حقيقي، خصوصاً بعد «الخبريات» التي رافقت مرحلة الترشيح، وخَلقت جوّاً لدى الناس دفعَهم إلى التشكيك بنجاح مبادرة الحريري وخوفِهم من أن تأتي نتائجها عكسيّة عليه وتفَشّل مبادرته وصولاً إلى عدم تسميته رئيساً مكلّفاً، ولكن مع وصولنا إلى ما وصلنا إليه، شَعر الناس بصدمةٍ إيجابية أخرجَتهم من ضفّة التشاؤم والإحباط إلى ضفة التفاؤل والأمل.
وردّاً على سؤال، قالت الأوساط: «علاقة الرئيس الحريري بالرئيس بري كانت دائماً جيّدة، والرئيس الحريري حريص جداً على هذه العلاقة، وقد أرسلنا للرئيس بري رسائلَ عدة في هذا المنحى حتى خلال فترة التوتر السياسي الذي ساد في فترة الترشيح، ونحن نعرف أنّ بري لا يحمل أيّ ضغينة للرئيس الحريري، نحن نعرفه كرَجل دولة وحكيم، وندرك أنّه يرفض تعريضَ بداية العهد للكسر أو لهزّ الاستقرار، شأنه في ذلك شأن الرئيسين عون والحريري وغالبية القوى السياسية، وهو يعرف كما نحن نعرف أنّ كلّ اللبنانيين توّاقون ليسير البلد بشكل طبيعي.
وإذ أعربَت الأوساط عن أملها في «أن تولد الحكومة في أقرب وقت»، لفَتت إلى «أنّ هذا الأمر في النهاية رهنٌ بالاستشارات التي سيُجريها الرئيس المكلف اعتباراً من اليوم، وكذلك بنتائج المشاورات السياسية التي ستعقبها، ونحن نأمل خيراً».
شكل الحكومة
إلى ذلك، لم ترشَح حتى الآن أيّ صورة دقيقة لشكل الحكومة المقبلة، أو لكيفية إشراك القوى السياسية فيها، وإذا كان الحريري يؤكّد على شراكة الجميع، فإنّه في المقابل لم يَحسم حتى الآن ما إذا كانت الحكومة من 24 وزيراً، أو حكومة ثلاثينية تكون نسبة التمثيل فيها أشمل وأكبر. وأمّا نوعية الحقائب، فهذا الأمر سيتمّ عرضه مع القوى السياسية.
شمعون
وفي المواقف، وبعد زيارته بعبدا ولقائه عون في إطار الاستشارات النيابية، قال رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون لـ«الجمهورية»: «أنا إبنُ الرئيس كميل نمر شمعون الذي كان يضعُ نفسَه في تصرّف رئيس الجمهورية فورَ انتخابه على رغم الخلافات السياسية، فمدرسة كميل شمعون علّمتنا دعمَ الرئيس الماروني والوقوفَ إلى جانبه ليستطيعَ الحكمَ ويستمدّ القوّة، لذلك زرتُ قصر بعبدا ووضعتُ نفسي في تصرّف الرئيس عون».
وأضاف: «منذ أن وطأت قدماي مدخلَ قصر بعبدا، فذلك يعني أنّ صفحة الخلاف طويَت مع عون وأصبحتُ أتعامل معه كرئيس للجمهورية، ورَمينا كلّ الخلافات السابقة، لأنّ التعامل مع عون الرئيس مغاير للتعامل مع عون رئيس «التكتّل» والتيار». وشدّد على أنّ «الإنسان المؤمن يخلعِ كلّ الخلافات لحظة دخوله الكنيسة والجامع ويصلّي، وقصر بعبدا يمثّل لنا رمزَ لبنان ورأس الجمهورية» .
وعن تصريحاته السابقة في حقّ عون، قال شمعون: «هذا كان قبل انتخابه وزيارتي بعبدا ولقائي به، أمّا الآن فنحن ندعم رئيسَ الجمهورية».
وأوضَح شمعون أنّه لم ولن يطلبَ حقائب وزارية من عون أو الحريري، وقال: «هناك عدد من الطامعين بالسلطة «يربَحون جميلة» رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بأنهم انتخبوهما وسمّوهما ويريدون في المقابل وزارات، أمّا نحن، فحزب كميل شمعون ولا نسعى لأخذ مراكز في السلطة» .
المصدر: الصحف اللبنانية