تشكل العمليات البطولية الفلسطينية في الضفة والقدس او الداخل المحتل كابوسا حقيقيا لكيان العدو الاسرائيلي، خاصة ان تلك العمليات تحصل بشكل فردي أو ثنائي في بعض الاحيان، فالشاب الفلسطيني هو من يقوم بالتخطيط والاستطلاع وتأمين الأمور اللوجستية من وسائل نقل أو أدوات تنفيذية، بالاضافة الى القيام بالتنفيذ على الأرض، فالعملية بمجملها من ألفها الى يائها تنحصر بشخص أو اثنين -هكذا ظهر حتى الساعة-، وهذا ما لا يمكن لأي جهاز أمني مهما تفوق من ناحية التدريب والامكانات البشرية او التكنولوجية والمعدات والتجهيز ان يعلم بحصول هذه العملية وكشفها قبل حصولها، ما يشكل أزمة حقيقية للعدو الإسرائيلي المصاب في صميم أمنه واستقراره.
وبالتالي هذا المسار الهام في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني يؤدي الى تفوق أمني واستخباراتي في المكان والزمان والأسلوب مع ما يحمله ذلك من رسائل خطيرة حول مصير كيان العدو ومدى القدرة على مواجهة العمليات الفلسطينية المتنقلة، وايضا مدى القدرة والامكانية على صمود الصهاينة من مستوطنين سواء باللباس المدني او العسكري والبقاء في هذه البلاد، فأيّا كانت التحليلات فالنقطة الأهم التي يمكن تسجيلها هنا ان العدو اليوم بات امام معضلة فقدان الامن والاستقرار فيه بشكل مستمر ومتصاعد، وهذا الوضع الأمني الهش والمتهاوي امام الذكاء والحيوية الفلسطينية على الارض يوصل الى طرح تساؤلات جدية عن مستقبل هذا الكيان على أرض فلسطين.
فالعامود الفقري لهذا الكيان منذ احتلال فلسطين هو الحالة الامنية القائمة العامة والشاملة لكل الساكنين فيه، من جنود او مستوطنين فالجميع هناك لديه ارتباطات أمنية او عسكرية مع مختلف الاجهزة داخل الكيان، هذه الاجهزة التي تعمل ليل نهار لضمان الحفاظ على أمن هذا “الكيان اللقيط” الغريب عن محيطه، ويجندون في سبيل هذه الخدمة دولا ومؤسسات وتُرسم المخططات والمؤامرات في محاولة للوصول الى مرحلة يصبح هذا الكيان آمنا على أنقاض الشعب الفلسطيني وقضيته ومقدساته، وبعد كل هذه الجهود تأتي العمليات الفلسطينية لتنسف كل المكر الصهيوني والاميركي ولتؤكد ان لا أمن او استقرار للصهاينة الذين عليهم الرحيل عن أرض فلسطين عاجلا ام آجلا، وهنا لا بد من الاشارة الى ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له يوم 30-4-2022 حيث أوضح ان “تحرير فلسطين قد لا يحتاج الى جيوش بل الى استشهاديين ينفذون عمليات شبيهة بالتي تنفذ اليوم في اراضي الـ48 والضفة والقدس”، ودعا “لدعم هذا المسار بكل المجالات السياسية والامنية الاعلامية التسليحية.. “.
وانطلاقا من أهمية هذه البطولية الفلسطينية على هز أركان كيان العدو تمهيدا لانهياره، لا بد من التأكيد ان كل من يستنكر هذه العمليات(سواء من أنظمة التطبيع العربي والخليجي او غيرهم) هو شريك في احتلال فلسطين وبالجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين والمقدسات هناك، وهذا الأمر يلقي واجبات مستعجلة على الأحرار في هذه الأمة لزيادة الدعم والمساندة للمقاومين في فلسطين والعمل لإيصال الدعم لهم ولعائلاتهم لتثبيتهم في أرضهم وقراهم ومدنهم.
هذا وسبق للمقاومة الفلسطينية ان ثبتت فكرة ترابط بين الساحات من غزة الى الضفة والقدس وأراضي العام 48 المحتلة، ومعركة “سيف القدس” رسخت هذا الترابط بين الساحات وما حصل في شهر رمضان من العام الجاري أكد هذه الفكرة، والعدو الاسرائيلي رضخ لهذه المعادلة ومنع المساس بالمسجد الاقصى من قبل المستوطنين الصهاينة نزولا عند الارادة الفلسطينية الحاسمة.
وبالسياق، هدد رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار خلال كلمة له في 30-4-2022 بشكل واضح ان استمرار الانتهاكات الاسرائيلية والاعتداءات على المسجد الاقصى والقدس المحتلة يعني ان “على كل فلسطيني تجهيز بندقيته أو سكينه أو فأسه ليكون على استعداد للمعركة”، وطلب من “الشعب الفلسطيني في الشتات الاستعداد للزحف إلى الحدود من أجل تغيير هذا الواقع المرير”، واكد أن “الأخوة في الشتات لديهم طاقات كبرى للتأثير في الرأي العالمي، الذي بدأ يتغير لمصلحة فلسطين”.
من كل ذلك لا بد للعدو الاسرائيلي العاجز عن إلتقاط إشارات وتوقع إمكانية حصول هذه العمليات البطولية لفلسطينية، على العدو ان يتوقع أعدادا لا متناهية من العمليات من هذا البحر الفلسطيني الهادر النابض بالثورة خاصة من الجيل الجديد الشاب الذي يعيش على حب القدس وفلسطين ويحير عقول الاعداء ممن يرسمون المؤامرات ويحلمون ان الشباب الفلسطيني سيتخلى عن وطنه وأرضه، بينما هؤلاء الأبطال يعيشون على وعد الآخرة الذي سيتحقق لا محالة عاجلا ام آجلا.. وإن غدا لناظره قريب.
المصدر: موقع المنار