مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية ، تزداد حملات التشويه من اطراف طالما كانت بعيدة كل البعد عن محاكاة الواقع الوطني ، وطالما كانت اسيرة شعارات الانتفاخ غير الواقعي ، ان كان على مستوى قدراتها الشعبية ، او على مستوى الشعار الهادف الى جذب الغرائزيين نحوها .
الا ان اكثر ما يلفت هو الحملة المتصاعدة على المقاومة وحلفائها ، وكذلك على الشخصيات المستقلة عن التأثر بالمشروع التهويدي – التأمركي للسياسة اللبنانية ، مع استخدام كل ما في جعب البعض من اسلحة قذرة تمتد من الاعلام بقطاعاته المتعددة ، وصولا الى الاستفزاز لجر البلد الى اتون يمنع حصول الانتخابات كي لا يفوز حزب الله وحلفاؤه باغلبية اوسع مما هي عليه ، وهنا مربط الخيل .
لقد استشعرت النتيجة المحتومة ، الفئة التي ترعرعت على الفتن ، وقبلت ان تكون اداة لاسرائيل في مرحلة زمنية -ويمكن ان تكون مستمرة او استؤنفت تلك المرحلة التي جلبت الاحتلال الاسرائيلي الى قلب العاصمة ، ويبدو ان المجاهرة بذلك مباشرة ينتظر الظرف السياسي الذي يسعون اليه- استشعرت ما يمكن ان يكون ، لذلك قال رأسها على الملأ ان “معركتنا اليوم هي معركة وجود” فإما ان نسترد ما خسرناه أو نشهد زوال لبنان ، ويبدو ان المقصود بزوال لبنان تبخر احلام اولئك ، خوفا من العودة الى ما سموه “السجن الكبير”.
لذلك وغيره ايضا ، يتضح ان نتائج الانتخابات ستكون انعكاسا لمعركة سياسية هي الاشد منذ اتفاق الطائف ، ليس لما يستخدم فيها من قاذورات شعاراتية ، وتطلعات سياسية تريد تغيير موقع لبنان السياسي – الثقافي ، المنتمي الى الكرامة الوطنية ، ولذلك نرى تكرر معزوفة على اسطوانة مشروخة ، ان لبنان عمره مئة عام ولا نريد تغيير هويته ، اي ببساطة لبنان الذي لا هوية له، سوى الالتحاق بالمشروع الذي زرع الكيان الصهيوني في المنطقة ، والعين لا تقاوم المخرز، وطأطأة الرأس لما تسعى اليه الولايات المتحدة رغم التجارب المريرة في مسح الهوية والثقافة الوطنية ، ومنع لبنان من امتلاك وسائل القوة للدفاع عن نفسه ، وهذا يعني الفساد الثقافي والاخلاقي.
وعليه يمكن الاستنتاج انه لا يوجد شي اسـمه بعيداً عن السياسة ، كل القضايا هي قضايا سياسية . وكما قيل انه في الماضي كانت تمارس علينا سياسة التجهيل والتضليل ، وهي مستمرة ، والان يسعون الى ممارسة وتبني تصديق الخداع الاعلامي، مقابل سياسة من يمتلك القوة يستخدمها بصورة اقل لانه اصبح عظيما ، والاعظم انه يكتم غيظه كي لا تقع البلاد في ابتلاء غير ضروري.
ليس مستغربا ان تتعاظم الحملات على القوى التي تريد للبنان ان تكون له مكانة في الاقليم او في العالم ، ولكن من يتبنى الحق سبيلا للدفاع ، لن يتأثر ، وسيبقى بعد الانتخابات كما قبلها ، ولا يقول مثل اولئك الانتهازيين ، ان التحالف الانتخابي ينتهي بعد الانتخابات ، فالمعركة السياسية تكون عادة متكاملة ، ولو وصل البعض عن طريق الانتخابات نتيجة عدم فهم الواقع ، او ان البعض بقوا اسرى الغرائز ، او الوجود الاجتماعي المكبل بافكار، وقصص الاساطير .
ان خمسة اسابيع تفصلنا عن الاستحقاق الوطني الذي ينبغي ان يكون محطة تحول باتجاه معالجة القضايا الوطنية الملحة ، من الوضع الاقتصادي – المالي، الى ملف الفساد المتضخم ،الى مشاريع البنى التحتية ، وفي المقدمة الكهرباء والمحروقات ، الى مواجهة الغطرسة الاسرائيلية الاميركية ، في ملف الحدود البحرية ،وفي هذا الاخير ينطبق القول ان الحق الذي لا يستند الى قوة تحميه ، فهو باطل في شرع الساسة .
المصدر: خاص