بسم الله الرحمن الرحيم
شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على انه بالوعي والصبر والامل والسعي استطعنا ان نتجاوز الكثير من المراحل الصعبة والقاسية وان نصنع الانتصارات لشعبنا، واليوم نصنع نصرا جديدا لبلدنا وشعبنا بكسر الحصار الامريكي المفروض على لبنان واستقدام النفط الايراني.
وقال: ان المستوى الخطير الذي بلغته الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية في لبنان بسبب الحصار الامريكي والذي بات يهدد الامن الاجتماعي للناس هو الذي دفع حزب الله الى اتخاذ قرار استيراد النفط من ايران في الوقت الذي كان الجميع يتفرج على طوابير الذل امام محطات الوقود من دون ان يحرك احد ساكنا .
واضاف: قافلة الصهاريج المحملة بالمازوت الايراني التي شاهدناها بالامس ما كانت لتكون لولا الدوافع الاخلاقية والانسانية التي يمتلكها حزب الله والتي تأبى المهانة لأهلنا وشعبنا، وما كانت لتكون لولا قوة المقاومة وبراعتها في ادارة الصراع وقدرتها على فرض المعادلات.
وراى: ان مشاهد الصهاريج سخفت تبجحات السفيرة الامريكية واستعراضاتها الاعلامية بمساعدة لبنان، وكشفت زيف الادعاءات التي كانت تقول بان حزب الله سبب المشكلة في لبنان، واكدت ان المقاومة هي مصدر حل لمشاكل الناس وليست سببا في مشاكلهم وازماتهم، وانها امانُهم وسندُهم واملهم ومستقبلهم، وانها كما كانت حاضرة في الاستحقاقات الداهمة للدفاع عن لبنان وحمايته من العدو الصهيوني والارهاب التكفيري، هي حاضرة بقوة في خدمة الناس وفي التخفيف من معاناة الشعب اللبناني بكل اطيافه من دون التفريق بين منطقة واخرى او طائفة و اخرى.
واكد ان ما ينتظره اللبنانيون اليوم بعد تشكيل الحكومة هو ان تكون هذه الحكومة بداية مسار لوقف التدهور والانهيار والانطلاق نحو معالجة الازمات التي يعاني منها اللبنانيون
معتبرا ان الأهم في هذه المرحلة هو أن يتعاطى الجميع مع الحكومة كاطار لمتابعة هموم الناس وحل مشكلاتهم ، وليس إطارا للمناكفة والمزيدات التي تضيع فيه هموم الناس ومصالحُهم .
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[سورة البقرة، الآية: 143]
هناك العديد من الازمات والضغوط والتحديات التي تطرأ على حياة الانسان فتربكه وتغير من نمط حياته وتزيد من اعباءه، فان لم يكن محصنا بالايمان والوعي والصبر قد يسقط امام تلك التحديات. ولذلك الانسان بحاجة إلى عناصر تقويه وتدعمه وتسانده وتساعده لمواجهة الضغوط والتخفيف من تداعياتها ، وهنا يأتي دور الإيمان بالله سبحانه وتعالى كأحد اهم العناصر التي تعين الانسان على مواجهة التحديات، فالانسان عندما يؤمن بالله الخالق القادر على كلّ شيء، الكريم الرحيم العطوف والرؤوف بعباده، فإنه يحصل لديه اطمئنان نفسي يساعده على تجاوز المشاكل، لانه يعتقد بان هناك جهة يلجأ إليها تدعمه وتسانده ولا يمكن ان تتخلى عنه، لان الله لا يتخلى عن عباده من موقع رحمته ورأفته بهم .
ولان الايمان بالله والارتباط به والأمل بالفرج مهما اشتدت الازمات يبقى حاضرا في وجدان الانسان المؤمن، نجد أنّ حالات الاكتئاب والانتحار واليأس من الحياة في المجتمعات المتدينة هي أقلّ منها في المجتمعات الأخرى كالمجتمعات الغربية ، مع أنّ الضغوط المعيشية والاقتصادية والحياتية كبيرة في مجتمعاتنا الإسلامية وفي بعض الدول الاسلامية، نتيجة الاستهدافات والحصار والعقوبات والسياسات الاستكبارية المتبعة ضد بعض الدول والمجتمعات الاسلامية.
فمثلا نحن في لبنان احد العوامل المسببة للازمة الاقتصادية هو الحصار الامريكي المفروض على لبنان وفي مواجهة هذا الحصار وما يسببه من ازمات معيشية نجد معظم الناس واعية وصابرة لانها تؤمن بالله الرؤوف وتلجأ الى الله وتثق بوعده بالفرج والنصر .
الايمان بالله يعمّق في نفس الإنسان الثقة بالله، والأمل برحمته وعونه وانه لطيف بعباده يفتح لهم ابواب الفرج والخير مهما كبرت الضغوط والتحديات.
ولذلك نجد ان القرآن الكريم يركز على ثلاثة امور في هذا المجال:
اولا: على ان الله رحيم بعباده رؤوف بهم ،يعطف عليهم ويعاملهم بلطف وحنان، ولا يمكن ان يتركهم او يتخلى عنهم، يقول تعالى: ﴿إنِّ اللّهَ بِالنَّاسِ لرَءوف رحَيمٌ﴾، وفِي آية أخرى: ﴿والله رءوفٌ بالعباد﴾. والرأفة هي المساعدة في دفع الشر ورفع الضر وإزالة المكروه عن الإنسان، والرحمة أعمّ، وهي إيصال الخير والمعروف للإنسان، الله تعالى يؤكد هذه الصفة دائمًا وأبدًا لذاته تجاه خلقه وتجاه عباده.
ثانيا: يؤكد القران الكريم على اللجوء الى الله في طلب الحاجات ورفع البلاءات والصعاب ودفع الشرور وصد الاعداء وحل المشكلات والازمات ، يقول تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي﴾.
فإذا كنت في ضيق بسبب الصعوبات المعيشية والمالية وبسبب كثرة الازمات، لا تيأس وأدع الله أن يكشف الهم والغم وان ياتي بالفرج، قال تعالى:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } وقال تعالى: { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }.
ثالثا: في القران الكريم الكثير من الآيات التي تدعو إلى التفاؤل والأمل والفرج، وان المحن والابتلاءات والازمات والمشاكل والظروف الصعبة على المستوى الاجتماعي او المعيشي او المالي او الامني التي يواجهها الناس في بعض المراحل ليست امرا ثابتا ولا قدرا دائما بل هناك دائماً فرصةٌ للتغيير وتبدل الظروف نحو الافضل وهناك فرصة دائما لننتقل من واقع سيء الى واقع احسن إن احسنا العمل وامتلكنا الجرأة والمبادرة وتوكلنا على الله .
هناك دائما فرصة لنقوى ويضعف الآخرون؛ لأنّ لله سُنناً في هذا الكون، فالله لم يجعل هناك ضعفاً خالداً ولا قوّةً خالدةً، فالاوضاع المأزومة اليوم قد تنفرج غدا والظروف الصعبة اليوم قد تنقلب غدا الى ظروف افضل والابواب المسدودة والموصدة اليوم قد تفتح غدا، والضعيف اليومَ قد يكون قوّياً غداً، والقويُّ اليومَ قد يصبح ضعيفاً غداً.
ولذلك على الانسان ان لا يياس ويستسلم للواقع او للظروف التي تحيط به بل عليه ان يعيش التفاؤل والامل بالفرج، والامل بتبدل الاحوال والظروف، وان الله انطلاقا من رحمته ولطفه ورافته بعباده لا يمكن ان يتركهم عرضة للشدة والضيق وللضغوط والتحديات والازمات او عرضة للحصار والعقوبات .
يجب ان يحسن الانسان ظنه بالله وان يثق به وان يلجا اليه في الشدائد وان يعيش الامل برحمة الله وبقدرة الله الذي بيده الخير وبيده النصر وهو على كل شيء قدير .
وهذا ما نقرأه في القران عندما يتحدث مثلا عن الصراع الذي يخوضه المؤمنون ضد القوى الكافرة أو المستكبرة، فنجده سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 139-140).
فالله يخاطب المؤمنين الذين منيوا بنكسة في احد واحاط بهم الاعداء من كل جانب يخاطبهم ويقول لهم ايا المؤمنون لا تغتمّوا ولا تحزنوا ولا تضعفوا، فالجرح الذي اصابكم اليوم قد يصيب العدو غدا والمشاكل والعقبات والازمات والفقر والجوع ومؤامرات العدو وحصاره وعقوباته لن تبقى على هذه الحالة، بل تتبدل وتتغير (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) .
بل اننا نجد في القران تأكيد على ان الفرج يواكب الضيق وحالات الشدة حيث يقول تعالى (ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) دائما اذا كانت هناك ابواب مقفلة في وجه الانسان هناك افاق للحل والمعالجة، ودائما مسار الازمات والمشاكل وانسداد الافق يرافقه مسار للفرج والخروج من الازمات . فالله سبحانه وتعالى يريدنا ويحثّنا أن نعيش على أمل أن ننتظر الخير والفرج ويعدنا الخير والفرج، وإن كان يبتلينا ونحن في طريق الوصول إلى الخير والفرج بانواع البلاء، يقول تعالى (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق/ 7). ويقول في ايةاخرى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق/ 2-3).
أحياناً يَغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا باباً آخر أفضل منه، ولكن مُعظم الناس يضيع تركيزه، ووقته، وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلاً من باب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه،
ولذلك نجد في الاحاديث ما يدل ايضا على ان مسار الازمات يواكبه مسار الفرج وفتح الابواب للحلول والخروج من الضيق والازمات.
في دعاء الامام المهدي(ع):«يا مَنْ إذا تَضايَقَتِ الأُمورُ فَتَحَ لها (لنا) باباً لمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ الأوهامُ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْتَحْ لأُموري المُتَضايِقةِ باباً لمْ يَذْهَبْ إليْهِ وَهْمٌ يا أرحَمَ الرَّاحِمين».
لذلك لا بد ان يبقى لنا امل بالفرج والنصر والتغلب على التحديات والمشاكل والتوصل الى حل للازمات مهما كبرت ومهما تعاظمت ، فلا ينبغي ان يكون هناك مكان لليأس في صفوفنا وفي مسيرتنا.
فنحن بالوعي والصبر والامل والسعي استطعنا ان نتجاوز الكثير من المراحل الصعبة والقاسية وان نصنع الانتصارات لشعبنا واليوم نصنع نصرا جديدا لبلدنا وشعبنا بكسر الحصار الامريكي المفروض على لبنان واستقدام النفط الايراني.
المستوى الخطير الذي بلغته الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية في لبنان بسبب الحصار الامريكي والذي بات يهدد الامن الاجتماعي للناس هو الذي دفع حزب الله الى اتخاذ قرار استيراد النفط من ايران في الوقت الذي كان الجميع يتفرج على طوابير الذل امام محطات الوقود من دون ان يحرك احد ساكنا .
قافلة الصهاريج المحملة بالمازوت الايراني التي شاهدناها بالامس وهي تدخل الى لبنان ما كانت لتكون لولا الدوافع الاخلاقية والانسانية التي يمتلكها حزب الله والتي تأبى المهانة لأهلنا وشعبنا و ما كانت لتكون لولا قوة المقاومة وبراعتها في ادارة الصراع وقدرتها على فرض المعادلات.
مشاهد الصهاريج سخفت تبجحات السفيرة الامريكية واستعراضاتها الاعلامية بمساعدة لبنان، وكشفت زيف الادعاءات التي كانت تقول بان حزب الله سبب المشكلة في لبنان، واكدت ان المقاومة هي مصدر حل لمشاكل الناس وليست سببا في مشاكلهم وازماتهم، وانها امانُهم وسندُهم واملهم ومستقبلهم، وانها كما كانت حاضرة في الاستحقاقات الداهمة للدفاع عن لبنان وحمايته من العدو الصهيوني والارهاب التكفيري هي حاضرة بقوة في خدمة الناس وفي التخفيف من معاناة الشعب اللبناني بكل اطيافه من دون التفريق بين منطقة واخرى او بين طائفة وطائفة .
وما ينتظره اللبنانيون اليوم بعد تشكيل الحكومة هو ان تكون هذه الكومة بداية مسار لوقف التدهور والانهيار والانطلاق نحو معالجة الازمات التي يعاني منها اللبنانيون
والأهم في هذه المرحلة هو أن يتعاطى الجميع مع الحكومة كاطار لمتابعة هموم الناس وحل مشكلاتهم ، وليس إطارا للمناكفة والمزيدات التي تضيع فيه هموم الناس ومصالحُهم .
المصدر: موقع المنار