بسم الله الرحمن الرحيم
اشار نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى ان على اللبنانيين ان يعرفوا ان اميركا تخدعهم مهما حاولت ان تظهر بمظهر الحريص على مصلحة لبنان، لان الحريص على مصلحة لبنان لا يحاصره ولا يعاقبه ولا يمنع عنه المساعدات ولا يحرض اللبنانيين على بعضهم البعض ولا يضغط على لبنان في ملف ترسيم الحدود البحرية ليقدم التنازلات على حساب حقه للعدو الاسرائيلي، وهذا كله ما تفعله اميركا في لبنان.
وشدد: على ان أحد اسباب معاناة اللبنانيين هي الحصار الامريكي المفروض على لبنان والسياسات والاجراءات الامريكية المتبعة في لبنان، واولويتنا هي كسر هذا الحصار والتخفيف من تداعياته على اللبنانيين، وخدمة الناس ومساعدتهم بكل امكاناتنا وقدراتنا للخروج من هذه الازمة التي تضغط على الجميع.
واعتبر ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة التي يجب ان تتحمل كامل مسؤولياتها وان تعالج الاسباب التي لا تزال تحول دون اجتماعها، وليس صحيحا ان الثنائي الشيعي هو من يعطل جلسات الحكومة ، بل من يعطل جلسات الحكومة هو من يصر على تسييس القضاء وابقاءه رهينة التدخلات والاستخدامات السياسية والضغوط الداخلية والخارجية.
وراى ان هذه الاسباب هي التي تمنع حتى الآن من عودة الحكومة للاجتماع، وعدم المبادرة الى ازالتها يزيد الامور تعقيدا، لذلك لا بد من معالجتها وايجاد المخارج والتفاعل مع المخارج المناسبة التي تساعد على الحل وعلى الخروج من المشكلة
نص الخطبة
للشياطين سواء كانوا من الجن او الإنس، دور كبير في خداع الانسان وتضليله وتحريف الحقائق وتزويرها وفي اطلاق الاكاذيب والشائعات.
فإبليس يلعب دورا كبيرا في خداع الانسان، ومن أهمّ اساليبه ووسائله حسبما ذكرنا في الاسبوع الماضي: هو تّزيين المعاصي والذّنوب، والتشكيك بالمعتقدات والقناعات، والتلبيس والتيئيس، والأماني الخادعة، والوعود الكاذبة، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}فهو خدع أتباعه ولم يفي بوعده لهم.
وشياطين الإنس ايضا يتفنّنون بخداع الانسان، وقد باتت وسائل الإعلام ووسائل التّواصل تساهم في خداع البصر والسّمع، وفي تزوير الحقائق واختلاق الاكاذيب، وتضليل الرأي العام.
وهناك الكثير من الناس باتوا يقعون تحت تأثيرهذا الخداع، خداع الاعلام، ويستمعون إلى بعض السياسيين والاعلاميين والمحللين الحاقدين الذين يملكون فنّ التعبير، ويحسنون التّلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم .
هناك الكثير من مظاهر الخداع التي يتعرّض لها الناس في حياتهم:
الكلام المنمق الذي نسمعه من البعض ويخفي وراءه الكثير من السموم والنوايا السيئة هو من مظاهر الخداع .
المواقف الرنانة والوعود الكاذبة التي يطلقها بعض السياسيين او التي تطلقها بعض الدول الشقيقة وغير الشقيقة بهدف كسب تأييد الراي العام او بهدف الهيمنة والسيطرة او بهدف تحقيق غايات واهداف انتخابية وغير انتخابية هي من ابرز مظاهر الخداع.
التلاعب بمشاعر الناس وعواطف الناس واثارة الغرائز الطائفية والمذهبية بحجة الدفاع عن حقوق الطائفة الفلانية والمذهب الفلاني هو من مظاهر الخداع.
إيهام الناس بانك تحترمهم وتحبهم وتعمل لمصلحتهم بينما الواقع انك تخدعهم وتعمل لتحقيق مصالحك الخاصة ومنافعك الشخصية، هو من مظاهر الخداع ايضا.
وقد اشار الله تعالى الى بعض مظاهر الخداع بقوله تعالى عن المنافقين: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}.
ولذلك حتى لا يقع الإنسان تحت تاثير الخداع، وفي مكائد الآخرين والاعيبهم واضاليلهم هو بحاجة إلى البصيرة، البصيرة التي تعني ان يكون لدى الشخص القدرة على الرؤية الصحيحة والقدرة على فهم الواقع، وعلى التمييز بين الصح والخطأ وبين المستقيم والمنحرف وبين العدل والظلم وبين الحق والباطل.
ما هي معطيات البصيرة ؟
اهمية البصيرة انها تجعلك تميز بين الحقيقة والخداع (أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِۦٓ أَهْدَىٰٓ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ) فمن يمشي منكسا رأسه الى الارض لا يرى أمامه ولا عن يمنه ولا عن شماله يتعثر، بينما من يمشي قائما ينظر أمامه وما حوله يبصر الطريق ولا يقع في المطبات، وهذا هو الفرق بين البصير وبين الساذج المغفل، الذي ينظر الى ظواهرالامور ولا يكتشف ما وراء الاشياء.
البصيرة تجعل الإنسان يتأمل ويفكّر ويدقق فيما يرى وفيما يسمع وفيما يشاهد من افعال واحداث وفيما يتطلع عليه من اعمال ومعطيات وقضايا، البصيرة تجعلك تنظرالى بواطن الامور وخلفياتها واهدافها وابعادها، فلا تخدع بالمظاهر ولا بالكلام المعسول والمنمق ولا بالوعود البراقة ولا بالاعمال الطيبة ولا ينطلي عليه النفاق والاكاذيب، البصيرة تجعلك تنظر الى ما وراء الأشياء وما وراء الكلمات وما وراء المواقف، تجعلك تتطلّع إلى ما هو أبعد من الصّورة الظاهرة التي تراها، والبصيرة هي الّتي تدفعك في المقابل، إلى أن لا تتسرَّع في اطلاق المواقف والاحكام، تجعلك تفكر في كل كلمة تقولها، وفي كل قرار تتّخذه أو حكم تحكم به، وتفكر في عواقب الامور ونتائجها وتداعياتها قبل ان تقوم بها.
من يملك البصيرة في شخصيته لا يستطيع أحد أن يأخذه إلى حيث لا يريد، وينزلق الى ما يريد الآخرون ان يجروه اليه.
البصير يدقّق في كلّ شيء، فاذا قرأ يقرأ بوعي وإذا أبصر يُبصر بوعي، وإذا سمع يسمع بوعي، وإذا نطق ينطق بوعي، وإذا حكم على الأمور يحكم بوعي، بعيداً من العواطف والأهواء والمصالح.
وهذا ما ورد في الحديث: “فإنّما البصير من سمع فتفكَّر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر، ثمّ سلك جدداً واضحاً يتجنَّب فيه الصّرعة في المهاوي”.
يجب ان يكون هدف كلّ انسان مؤمن ومؤمنة الوصول الى البصيرة وتثبيتها وتقويتها وتعزيزها في الشخصية، والوصول إلى البصيرة يكون بتحكيم العقل وحضوره، بحيث يكون العقل هو الحاكم على حركة الإنسان، لا عواطفه ولا عصبيّاته، ولا انفعالاته، ولا شهواته، ولا مصالحه.
ومن الوسائل التي توصل الى البصيرة وتقوي البصيرة في شخصية الانسان، التفكر والعلم والمعرفة، فعن علي(ع) (من تفكرأبصر).
وايضا: قراءة القرآن (هَٰذَا بَصَٰٓائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍۢ يُوقِنُونَ). والتقوى ايضا من الوسائل التي تعزز البصيرة وتقويها في نفس الانسان{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}.
والتفقّه في الدّين ايضا، ففي الحديث: “الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة”.
اليوم وفي ظل الحملات الاعلامية ضدنا، وامام حفلات الكذب والتحريض على المقاومة، وفي ظل الانقسامات والتوتّرات والعصبيّات الطائفية والسياسية والحزبية نحن بحاجة الى البصيرة وإلى أصحاب البصائر الّذين يحكّمون عقولهم قبل أن تطغى غرائزهم ومواقفهم، فيشكّلون بذلك صمّام أمان للمجتمع وللناس من حولهم!
وقد دعانا الله الى تحكيم عقولنا والتفكر في كل ما يجري من حولنا لكي لا نخدع بالمظاهر عندما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
اليوم يجب ان يعرف اللبنانيون ان اميركا تخدعهم مهما حاولت ان تظهر بمظهر الحريص على مصلحة لبنان لان الحريص على مصلحة لبنان لا يحاصره ولا يعاقبه ولا يمنع عنه المساعدات ولا يحرض اللبنانيين على بعضهم البعض ولا يضغط على لبنان في ملف ترسيم الحدود البحرية ليقدم التنازلات على حساب حقه للعدو الاسرائيلي وهذا كله تقوم به اميركا في لبنان.
اليوم احد اسباب معاناة اللبنانيين هي الحصار الامريكي المفروض على لبنان والسياسات والاجراءات الامريكية المتبعة في لبنان واولويتنا هي كسر هذا الحصار والتخفيف من تداعياته على اللبنانيين وخدمة الناس ومساعدتهم بكل امكاناتنا وقدراتنا للخروج من هذه الازمة التي تضغط على الجميع.
لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة التي يجب ان تتحمل كامل مسؤولياتها وان تعالج الاسباب التي لا تزال تعطل جلساتها، وليس صحيحا ان الثنائي الشيعي هو من يحول دون اجتماع الحكومة ، بل من يعطل جلسات الحكومة هو من يصر على تسييس القضاء وابقاءه رهينة التدخلات والاستخدامات السياسية والضغوط الداخلية والخارجية.
هذه هي الاسباب التي تمنع حتى الآن من عودة الحكومة للاجتماع وعدم المبادرة الى ازالتها يزيد الامور تعقيدا، لذلك لا بد من معالجتها وايجاد المخارج والتفاعل مع المخارج المناسبة التي تساعد على الحل وعلى الخروج من المشكلة.
المصدر: موقع المنار