“.. الامام الحسين (ع) ما زال يملك قدرة الاستنهاض وهذا ما حصل في الثورة الاسلامية في ايران والمقاومة الاسلامية وما يحصل من مواجهة كل الجماعات التكفيرية هذا المنطق والروح والعزم ما زال فاعلا وحاضرا..”، هذا ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته خلال المجلس العاشورائي المركزي في اللية الاولى لشهر محرم الحرام 1437 هجرية الموفقا ليوم الاحد 2-10-2016 ميلادي.
والواقع يظهر ان ثورة الامام الحسين(ع) تزداد تألقا وشبابا يوما بعد يوم بينما نرى ان الايام تفعل فعلها في كل شي وتزيده شيبة وترهلا، بينما يمكننا متابعة الحشود الحسينية التي تواظب على إحياء ذكرى عاشوراء لنعرف مدى حضور الامام الحسين(ع) وافكار كربلاء في يوميات أحباء أهل البيت(ع) والانصار.
وهذا الوهج الحسيني المتزايد على جماله وحسنه، إلا انه يثير الكثير من التساؤلات التي تتعطش للارتواء من هذا الفكر المعطاء الذي لا يبخل على الانسانية بإنارة الدروب للحرية، كيف يمكن لثورة عمرها مئات السنين ان تستنهض الاحرار في العالم وكأنها حصلت بالامس؟ وما هي مقومات هذه الثورة التي تجعلها تلعب هذا الدور الكبير في جذب القلوب والعقول والاجيال؟ علما ان هناك الكثير من الثورات التي حصلت عبر التاريخ ولم تؤثر بهذا الشكل، وقد تبقى هذه الثورات لفترات متفاوتة قبل ان تلقى نصيبها من الافول والاضمحلال.
تضحيات المقاومة الاسلامية من نتائج عاشوراء..
فكيف تؤثر ثورة الحسين(ع) في استنهاض الشعوب لمواجهة الظلم؟ وهل يمكن اعتبار ما نراه من تضحيات يقدمها اليوم شباب المقاومة الاسلامية صورة حية ونتيجة من نتائج ثورة كربلاء؟ وهل للامر أي بُعد غيبي ديني إلهي ام انه هو مجرد أمر انساني محض؟
حول كل ذلك، اعتبر الشيخ صادق النابلسي ان “هناك معجزة ايمانية متعلقة بالمؤمنين بالامام الحسين(ع) وثورته”، واضاف “لا يمكن لاحد ان يقدر قيمة هذه المعتقدات والافكار الا من يفهم هذه الافكار ويقتنع بها”، ولفت الى ان “محبي الامام الحسين(ع) لديهم مخزون هائل من القيم التي تمكنهم من ان يعبروا الى المستقبل بدون خجل او وجل او تردد بل هم يقدمون نحو الامام بخطوات ثابتة وبثقة تامة ويقين راسخ”.
وأوضح الشيخ النابلسي في حديث لموقع “قناة المنار” ان “من يقتنع بمبادئ ثورة عاشوراء تكون مصالحه مرتبطة بالقيم الثابتة ما يجعل لديه بصيرة ثابته وتجعله يرى المستقبل بمنظار مختلف عن الآخرين فهذا الانسان الحسيني ثابت الرؤى صلب المعتقدات”، واعتبر ان “هذه بحد ذاتها تعبر عن معجزة ترتبط بالوعي المرتبط بالعشق والايمان وفهم الشهادة”، واضاف “هذا ما يجعل بيننا وبين الامام الحسين(ع) شرارة تجعل كل منا يبدل ويغير ويصحح اي خلل في أعماقه كي يبقى على الالتزام الحسيني الصحيح”، واكد ان “كل ذلك يجعل من ثورة الامام الحسين قادرة على استنهاض الشعوب ضد الظلم ورفض اي مظهر من مظاهر الفساد والخضوع والركون للظالم”.
أما لماذا استطاعت ثورة الامام الحسين(ع) ان تبقى كل هذا الزمن بهذه الحيوية والحضور والشباب، شدد الشيخ النابلسي على ان “هناك مسألة اساسية تتعلق بالسر الالهي لدعم مسيرة وخط الرسول محمد بن عبد الله(ص) وآل بيته(ع)”، وتابع ان “هذا الاستمرار مرتبط بالقضايا والمبادئ التي تحملها ثورة الامام الحسين(ع) والتي من أجلها قدمت كل التضحيات في كربلاء”، وأوضح ان “هذه المبادىء والقضايا هي قضايا عامة منها على سبيل المثال محاربة الظلم ونصرة الحق ورفض الاستبداد وغيرها، وهي قضايا لا ترتبط بزمان ومكان بل هي مسائل عامة مجردة ترتبط بالانسان أيا كان وفي اي زمان او مكان عاش فهي قضايا مستمرة بعامود الزمن”، ولفت الى ان “ارتباطنا بالحسين(ع) ليس فقط ارتباطا بالشخص وان كان هو مرتبط بالغيب وباستمرارية هذا الغيب انما ايضا نحن نرتبط بصدق وصوابية المبادئ التي رفعها هذا الامام العظيم”.
القتال ضد الارهاب التكفيري.. احد تطبيقات مبادئ عاشوراء
وأوضح الشيخ النابلسي ان “استمرار ثورة الامام الحسين حتى يومنا هذا يتعلق ايضا اننا هناك من يعيش ويتعلق ويرتبط بمبادئ الحسين والدين الاسلامي المحمدي الاصيل”، وتابع “اقتناعنا بالقضايا العامة يمكننا من تطبيقها على كل قضايا حياتنا التفصيلية واليومية”، واضاف “عندما نقاتل في سوريا ضد الارهاب التكفيري نحن نطبق مبادئ كربلاء بالدفاع عن المظلوم والوقوف ضد الظالم الذي يريد ان يغير معالم المنطقة ويبث الفتن فيها”، واكد ان “هذا ما جعلنا نقاتل اسرائيل وردعها فالمعركة واحدة وإن تعددت جبهاتها”، مشيرا الى ان “همّ الاعداء هو إسقاط هويتنا الاسلامية الحقيقية وهوية المجتمعات المتنوعة التي تعيش في هذه المنطقة”.
“.. سنقاوم حتى آخر لحظة كما قاتل الامام الحسين وستنتصر قضيتنا كما انتصرت قضية الامام الحسين..”، اكد الشيخ النابلسي، وقال “اليوم نحن نمشي في نفس السياق وعلى نفس الخط الذي خطه الامام الحسين مع الحق ضد الظلم”، واوضح “نحن في مرحلة تكاملية وصولا الى شمس الحقيقة وشمس الحق والعدالة”، واعتبر ان “كل ما يحصل اليوم هو نوع من الغربلة للأمور وصولا للمرحلة التي يشع فيها نور الايمان والحق بشكل كامل على كل البشرية”، ورأى ان “اليوم المواجهة في ظاهرها هي مواجهة مع فريق هنا وهناك ولكن في الحقيقة الاستكبار العالمي بأشكال مختلفة يقف خلف مواقع العداء”، واشار الى انه “عبر التاريخ كانت كل المعارك بين الحق والباطل وهذه المواجهة مستمرة اليوم وستبقى في المستقبل بينهما بأوجه مختلفة”.
يكفي للمتتبع ان يرى هذا الاشراق والتوهج الذي تزدان به عاشوراء في كل عام وكذلك مدينة كربلاء المقدسة وكل الاماكن التي تحيي هذه الذكرى العظيمة مواساة للرسول الاكرم(ص) ولآله بيته(ع)، وهي مسيرة عظيمة لن توقفها الاقلام المغرضة او تنال منها بعض وسائل الاعلام المثيرة للفتن التي تهدف لبث العداوة بين المسلمين ونشر ثقافة التكفير والقتل ورفض الآخر.
المصدر: موقع المنار