لعل من يشاهد حلقات أسرار التحرير الثاني على شاشة قناة المنار يدرك بعضا مما يقدمه شباب المقاومة الاسلامية منذ سنوات طويلة من تضحيات جسام على دروب حماية هذا الوطن من الأخطار المحدقة به من الأعداء سواء الصهاينة أو الأدوات التكفيرية، وكأننا في عرض لنموذج حي للملحمة الكربلائية العاشورائية الحسينية.
وعندما نشاهد هذا الشهيد في لحظة إصابته حيث يدركه الموت المقدر بإذن الله أو ذاك الجريح الذي يصاب بطلقة قنص أو رصاصة موجهة إليه لتؤخر تقدمه في تطهير المواقع من رجس الإرهابيين في تلال شاهقة وطرقاتها وعرة، والوصول إليها يتطلب مشقات جسام وعملا جبارا، ناهيك عن مشاهدتنا لبقية المجاهدين الرجال الرجال الذي يتقدمون بثبات ويسبقهم الرعب الى الأشرار الذين عاثوا فسادا وأرسلوا المفخخات الى المدنيين الآمنين في مختلف المناطق اللبنانية.
لعلنا عندما نشاهد كل ذلك نفهم بعضا من المعاني الكبيرة التي يختزنها هؤلاء الشباب ومدى ارتقائهم عن “سطحية” هذه الدنيا وملذاتها وعن ذوبانهم في الدفاع عن أرضهم وعرضهم وأهلهم، لعلنا نفهم حقيقة مدى نفاذ بصيرة هؤلاء الذين ما بخلوا بدمهم وحياتهم بل كانوا يتزاحمون للوصول أولا الى معشوقهم، وكل واحد فيهم يبادر للدفاع عن أخيه ويضحي بنفسه فداء لزميله ورفيق سلاحه، كما فعل الشهيد محمد سلامة (الذي قضى في معارك وتطهير جرود عرسال من إرهابيي جبهة النصرة) عندما أصرّ على حماية الضابط المسؤول عن الهجوم أو عندما نرى الشهيد المسعف حسين عساف يرتقي خلال عملية سحبه للجثمان الطاهر لشهيد آخر.
المقاومة تُفشل في كل مرة المؤامرات الصهيونية الاميركية..
هؤلاء بلا شك كانوا يتنافسون للدفاع عن أمتهم ووطنهم ودينهم ولا تأخذهم في الله لومة لائم، هؤلاء هم رجال الله الذين بهم نفتخر، وهم بالتأكيد أجمل وأهم وأغلى ما لدينا لأننا ببساطة لولاهم لما كنا وبقينا في هذه الارض سواء في بيروت او الضاحية الجنوبية او البقاع او الجنوب او كل قرية ومدينة في لبنان، نفتخر لانه بهؤلاء الأعزاء استطاعت المقاومة ومحورها رفض كل المؤامرات، ونعتز بأن هذه المقاومة تقف حجر عثرة امام كل المخططات الاستعمارية الجديدة المتجددة في هذه المنطقة، بما تحتويه المشاريع الاميركية والاسرائيلية التي تستخدم أدوات كثيرة في الحرب والسلم لمحاصرة هذه المقاومة من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية وغيرها، بينما تستطيع المقاومة في كل مرة من إفشال كل المؤامرات التي تستهدفها كما تستهدف شعبها ووطنها وبيئتها.
والحقيقة ان كل لمسناه من خلال خبايا وأسرار التحرير الثاني يظهر التطور العسكري النوعي والعملي للمقاومة وإرادات شبابها التي لا تهتز امام أزيز الرصاص او تحرير الجبال الشاهقة والمرتفعات الصعبة، ناهيك عن تراكم خبرات هذه المقاومة في مختلف الميادين، وغيرها من الامكانات مما لم يكشف ولن يكشف إلا بوجه العدو في لحظة الحسم المنتظرة، كل ذلك يدفعنا للاعتقاد ان من “حق” العدو الاسرائيلي ان يقلق كثيرا والى أبعد مدى ممكن، مما باتت عليه هذه المقاومة من جهوزية تقض مضاجع القادة الصهاينة عسكريين وأمنيين وسياسيين، فهذه المقاومة حاضرة وجاهزة لرد أي عدوان وحماقة اسرائيليين قد يفكر بهما العدو، وحول هذا الامر أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل ايام بمناسبة يوم شهيد حزب الله في 11/11/2020 حيث قال “أيام المناورة الاسرائيلية كان هناك وحدات في المقاومة بحالة استنفار بدرجات مختلفة بدون ان يشعر احد بأي قلق او خوف او ازعاج”، واوضح ان “الاسرائيلي كان يعرف ذلك ونحن يهمنا ان يعلم العدو بذلك، كي لا يرتكب اي حماقة وليعرف ان يدنا على الزناد.. والرسائل كانت واضحة للعدو”، ولفت الى ان “العدو يعاني من خلل في الجانب النفسي لدى القوة البرية لديه ولذلك يصر على اقامة المناورات لاعطاء ثقة لجنوده..”.
وعلى هذا العدو ان يفهم بأن كل المناورات التي يجريها لن ترفع من عزائم جنوده المنهارة منذ حرب تموز في العام 2006 وان قواته البرية تحتاج الى الكثير لتصل الى الجهوزية النوعية والنفسية العالية للقوات البرية للمقاومة الاسلامية، فجنود العدو يجرون المناورات خلف جدران محصنة وفي قرى إصطناعية تحاكي قرى جنوب لبنان او غيره، في حين ان شباب حزب الله يجرون المناورة بالرصاص الحي وبالقتال الحقيقي لانهم حقيقة ساطعة كالشمس في وضح النهار، بينما جنود العدو كما مناوراتهم كذبة وسراب سرعان ما ستختفي عند أول طلقة رصاص في ساعة الحسم.. وإن غدا لناظره قريب.
المصدر: موقع المنار