انسحبت القوات الكردية من مواقع عدة في شمال شرق سوريا حدودية مع تركيا، تطبيقا لاتفاق أبرمته موسكو وأنقرة مكنهما من فرض سيطرتهما مع دمشق على مناطق كانت تابعة للإدارة الذاتية الكردية. وبدأت القوات الروسية منذ الأربعاء بموجب الاتفاق تسيير دورياتها في المناطق الشمالية قرب الحدود مع تركيا.
ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا بانسحاب القوات الكردية من منطقة حدودية مع تركيا بعمق 30 كيلومترا وطول 440 كيلومترا. وقال مدير المرصد السوري المعارض لوكالة فراس برس الخميس “انسحبت قوات سوريا الديموقراطية من ست نقاط بين الدرباسية وعامودا في ريف الحسكة عند الشريط الحدودي مع تركيا”. ولا تزال القوات الكردية تحتفظ بمواقع جنوب الدرباسية، وفق المرصد.
وسيرت روسيا الخميس دورية في منطقة عامودا ضمت مدرعتين رفعتا العلم الروسي بعد وصولهما إلى مطار مدينة القامشلي. ورافق الدورية مقاتلون من قوات الأمن الكردية (أساييش)، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس. ويتعين على الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في سوتشي في روسيا “تسهيل انسحاب” قوات سوريا الديموقراطية التي تعد الوحدات الكردية عمودها الفقري، مع أسلحتها من المنطقة الحدودية، خلال مهلة 150 ساعة تنتهي الثلاثاء.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية انسحبت في وقت سابق هذا الأسبوع من منطقة حدودية ذات غالبية عربية تمتد بطول 120 كيلومترا من رأس العين حتى تل أبيض، على وقع تقدم أحرزته القوات التركية والفصائل الموالية لها في إطار هجوم بدأته في التاسع من الشهر الحالي. وأفاد المرصد الخميس عن اشتباكات اندلعت بين قوات سوريا الديموقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة قرب بلدة تل تمر في الحسكة (شمال شرق) وفي ريف تل أبيض في محافظة الرقة شمالا.
واتهم قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي في تغريدة على “تويتر” تركيا بـ “خرق” اتفاق وقف إطلاق النار، وشن هجمات شرق رأس العين، ودعا “الجهات الضامنة لوقف إطلاق النار إلى القيام بمسؤولياتهم في لجم الأتراك ووقف عملياتهم”.
نزوح
وترغب تركيا في مرحلة أولى بإقامة “منطقة آمنة” بين رأس العين وتل أبيض تنقل إليها قسما كبيرا من 3.6 مليون لاجئ سوري يقيمون على أراضيها منذ اندلاع النزاع في العام 2011. وبموجب اتفاق سوتشي. ستبقى هذه المنطقة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، بخلاف المناطق الحدودية الأخرى حيث ستسير تركيا وروسيا دوريات مشتركة.
ومنذ بدء تركيا هجومها، فر أكثر من 300 ألف مدني من بلداتهم وقراهم الحدودية، وفق الأمم المتحدة. وتعد تركيا الوحدات الكردية منظمة “إرهابية” وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود. وراهن الأكراد على أن يكون لتضحياتهم في قتال تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية مقابل، لكن عوض دعم مشروعهم السياسي، بدأت الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، واضعة بذلك حدا لطموحات الأقلية الكردية في سوريا بالحكم الذاتي.
وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي واجه قراره سحب قواته من شمال سوريا انتقادات شديدة واتهم بتخليه عن الأكراد، بالاتفاق الروسي التركي الأربعاء. وفي كلمة في البيت الأبيض اعتبرت إعلانا رسميا عن تخلي بلاده عن المنطقة التي كان لواشنطن تواجد عسكري فيها مع المقاتلين الأكراد لصالح تركيا وروسيا، قال ترامب “لندع الآخرين يقاتلون” من أجل البلد “الملطخ بالدماء”.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية