حذر خبراء المناخ من أن ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط هذا الصيف يشير إلى ما هو أسوأ من ذلك في المستقبل.
ويتوقع مسؤولو الأمم المتحدة وعلماء المناخ أن سكان المنطقة الآخذين في التنامي سيواجهون خطر ارتفاع درجات الحرارة لدرجة تهدد حياة الإنسان، وكذلك ندرة المياه وغيرها من عواقب الاحتباس الحراري.
وقال عادل عبد اللطيف، أحد كبار المستشارين في المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية والذي يعمل على دراسة تأثير التغييرات المناخية على الشرق الأوسط، :”إذا حدث ذلك فإن الصراعات وأزمات اللاجئين ستكون أكبر بكثير من الوضع الحالي. ويعد تغير المناخ واحدا من أكبر التحديات التي تواجه المنطقة في الوقت الراهن”.
وواجهت دول الشرق الأوسط ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة خلال فصل الصيف في السنوات الأخيرة، ولكنها شهدت ارتفاعا قياسيا هذا العام.
هذا وقد شهدت مناطق من دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة التي وصلت إلى 140 درجة في شهر يوليو/تموز، كما وصلت درجة الحرارة في جدة، السعودية إلى 126 درجة.
أما في جنوب المغرب الذي يعتبر أكثر برودة نسبيا، فوصلت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تتراوح بين 109 و116 درجة خلال الشهر الماضي، هذا ووصلت درجة الحرارة في مدينة البصرة جنوب العراق إلى 129 درجة يوم 22 يوليو/تموز.
وتشير آخر الأخبار إلى أن الحر الشديد مازال مستمرا في العراق خلال الأسبوع القادم، وأوضح مهندس في شركة نفط تديرها الحكومة في البصرة، أن الموظفين أمروا بالبقاء في المنزل لعدة أيام خلال الشهر الماضي.
وقال باسم أنطون، الخبير الاقتصادي العراقي، أن حالة الطقس أسفرت عن أضرار جسيمة في اقتصاد البلاد خاصة خلال حر الصيف، بالإضافة إلى انخفاض إنتاجية القوى العاملة العامة.
هذا وشهدت المستشفيات ارتفاعا في عدد الأشخاص الذين يعانون من الجفاف والإجهاد الحراري، كما يعاني عشرات الآلاف من العراقيين النازحين من الحرارة المرتفعة في الخيام وغيرها من الملاجئ المؤقتة، والمنظمات الإنسانية غير قادرة على الوصول إلى الجميع بسبب القيود المفروضة من قبل الحكومة العراقية والمخاطر المرتبطة بالعمليات الحربية.
وتوقع باحثون في معهد ماكس بلانك للكيمياء ومعهد قبرص في نيقوسيا، مصيرا مظلما يهدد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعتبر هذه المنطقة شاسعة وموطنا لنحو نصف مليار شخص.
وقالت الخبيرة فرانشيسكا دو شاتيل، المختصة بقضايا المياه في الشرق الأوسط، أن الحكومات في المنطقة غير قادرة على التعامل مع النمو السكاني الكبير والتغيرات المناخية، حيث فشلوا في معالجة هذه المشاكل لسنوات على الرغم من تحذير خبراء المناخ ووكالات الأمم المتحدة.
وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد سكان 22 دولة عربية مجتمعة سيرتفع من 400 مليون إلى ما يقارب 600 مليون نسمة بحلول عام 2050، وهذا الأمر سيكلف البلدان خسائر كبيرة في ظل توقع علماء المناخ أن معدل الأمطار سينخفض وكذلك ملوحة المياه الجوفية جراء ارتفاع منسوب مياه البحر.
جدير بالذكر، قيام مظاهرات في بغداد خلال العام الماضي بسبب عجز الحكومات عن توفير ما يكفي من الكهرباء خلال موجة الحر في الصيف، ووفقا للتقديرات فإن عدد سكان العراق (البالغ 33 مليون نسمة) سيتضاعف تقريبا بحلول عام 2050.
وأشار العلماء إلى أن الممارسات البشرية أثرت في تغير المناخ،. ومن المتوقع حلول فصول صيف حارة وخطيرة في الأماكن القريبة من المياه الدافئة في الخليج بحيث يمكن للحرارة أن تطغى على قدرة الجسم البشري في التغلب عليها من خلال التعرق والتهوية.
ومع استمرار ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة في آن واحد لأوقات طويلة فإن ذلك سيسبب ظروف غير قابلة للحياة وتحديدا لدى الأطفال والمرضى وكبار السن والعجزة، فيما يخشى بأن تصبح درجات الحرارة العالية لا تطاق حتى لدى البشر الذين لديهم أفضل الحالات الصحية.