تأتي أزمة وتذهب أزمة ، وتبقى أزمة ثابتة تعاصر كل التطورات والازمات وتأبى الذهاب، هي الكهرباء في لبنان. منذ سنوات خلت خرج وعد الى اللبنانيين بكهرباء 24 على 24 ساعة عام 2015، مر العام 2015 وسينقضي العام 2016 والحلم ليس ب24 ساعة بل نصف هذه الساعات بات حلما، وتطبيق الخطة الكهربائية واجه مجددا الخلافات السياسية فوضعت في الادراج. ويكتفي المسؤولون “بتوصيف الواقع” والمطلوب منهم الحلول.
لكن يبقى ملف الكهرباء من الازمات “العويصة” التي تعتبر فضيحة في التاريخ اللبناني واصبحت جزءا من الحياة اليومية للبناني حتى تهافت اللبنانيون على تطبيقات هاتفية تخبرهم بمواعيد انقطاع وحضور التيار الكهربائي في اليوم الذي يحدده مستعمل التطبيق وهي من المفارقات المضحكة المبكية.
في الشتاء لا كهرباء بسبب الاعطال والطقس العاصف كما يقولون وفي الصيف لا كهرباء بسبب الضغط على الشبكة مما يتسبب باعطال وتصبح رؤية الكهرباء من الامور النادرة خلال اشهر الصيف الثلاثة ، وكل عام يكون الوضع الى اسوأ. هل المبررات منطقية في ذلك وهل كل ما صرف على الكهرباء ليس كافيا لتلافي ضغط واعطال وهل دول العالم تعاني من كل هذه الاعطال في الشتاء والصيف ام ان هناك سوء ادارة وهدر اموال؟
نعم هناك تعديات على الشبكة ولكن من الذي يمنع الدولة من ازالتها وهي فعلا عمدت الى ازالة تعديات في مناطق عدة ولم يعترض احد. نعم هناك ازمة جباية ولكن من يمنع المؤسسة من الجباية؟
في مناقشة الموازنة في الايام الماضية قدمت ملاحظات تقول ان كهرباء لبنان كلفت الدولة اللبنانية ما بين العامين 2010 و2015 نحو 10 مليارات دولار. فيما يقول احد النواب ان كهرباء لبنان كلفت الخزينة حتى العام 2014، 29 مليار دولار تم تحويلها من الخزينة العامة الى كهرباء لبنان لتغطية العجز في الكهرباء. عدا عن خسائر غير مباشرة جراء التقنين تبلغ عدة مليارت ايضا. فهل هناك دولة في العالم تكلف الكهرباء فيها ثلث الموازنة ، ورغم ذلك لا نرى الكهرباء؟؟.
الوضع الحالي هو على الشكل التالي:
-العجز في توليد الكهرباء نسبته 40 في المئة من حاجة البلاد وقد ازداد بشكل كبير مع حصول النزوح السوري
-يدفع المواطن اللبناني فاتورتي كهرباء تضاف الى عشرات الفواتير والضرائب في ظل تراجع الوضع المعيشي
-عشرات الاف المولدات الكهربائية الخاصة تعمل في لبنان وبتعرفات عالية يتحكم اصحابها بها تصل الى 200 الف ليرة شهريا لل5 امبير
-تسبب هذه المولدات تلوثا بيئيا خطيرا يزيد من التلوث الخطير اصلا في المدن التي تضيق بسكانها
-يزداد الامر سوءا في ايام الصيف وفي ظل الحرارة العالية التي تفاقم المعاناة
-رغم الاستعانة بالباخرتين التركيتين وما خرج حينها من وعدو بانخفاض التقنين لم تخففا من التقنين بل يزداد سوءا.
يقول تقرير لصحيفة السفير أن الأزمة لن تنتهي في القريب العاجل وأن اللبنانيين سيضطرون إلى التعايش مع المزيد من العتمة. يضيف: تقدّر حاجة لبنان الكهربائية بين 3000 و3300 ميغاواط/ ساعة، فيما معدل الانتاج حالياً يصل إلى 1600 واط (بعد إصلاح أعطال معمل الذوق التي خفّضت الانتاج نحو 300 ميغاواط). وهذا الرقم مرشح للتحسن بشكل طفيف بعد زيادة قدرة الباخرتين التركيتين وإدخال المولدات العكسية التي أنجزتها شركة BWSC الدانمركية في معملي الذوق والجية، والتي يمكن أن ترفع التغذية ما بين 250 و300 ميغاواط.
وبحسب المعلومات المتوافرة للصحيفة يتوقع أن يكون مجلس الإنماء والإعمار قد أنجز ملف تلزيم معمل الجية مع نهاية العام الحالي. وعندها فقط يمكن البدء باحتساب فترة الأمل بتحسن التغذية بالتيار. علماً أنه لو أعلن اليوم عن حل الخلاف حول معمل دير عمار، وانتهى الإشكال المتعلق بمعمل الذوق، فإن على اللبنانيين أن ينتظروا ليس أقل من ثلاث أو أربع سنوات حتى يروا الكهرباء 24 على 24.
الى متى تستمر هذه الازمة الفضيحة وهل من المعقول ان لبنان الذي كان قبل الحرب يؤمن كهرباء 24 على 24 ويصدر الكهرباء يصبح رغم ما يقارب ثلاثين عاما على انتهاء الحرب اقرب الى العتمة الكاملة ومن المسؤول عن ذلك؟
لماذا تهدر كل الاموال هذه دون نتيجة فعلية فيبقى المواطن واصحاب المصالح في معاناة دائمة في خدمة هي من البديهيات وتتوفر في اقاصي البلاد المتخلفة ولا تتوفر في لبنان ولماذا سيبقى العديد من الاوتسترادات الكبرى مظلما في مشاهد مقززة للمواطن والسائح شبيهة بما حصل من ازمة نفايات اساءت لصورة هذا الوطن؟ ولماذا لم ينشأ معمل جديد منذ ثلاثين عاما ولم يتم تاهيل المعامل الاساسية وخطوط النقل والتوزيع وما سر العجز المالي المتواصل في مؤسسة الكهرباء…. امور لا يصح ان لا يجد المواطن اللبناني لها جوابا في زمن اصبحت فيه مسالة توفر الكهرباء من الامور الطبيعية التي لا يتحدث فيها احد في العالم الا في لبنان.
المصدر: موقع المنار