شهد العام 2017 أحداثا وتطورات جديدة في المنطقة سيكون لها الأثر على المرحلة المقبلة لا سيما عودة السخونة الى الاراضي الفلسطينية ، إضافة الى أحداث بارزة في الخليج لناحية بعض الدول العربية الخليجية، وتطورات بارزة متعلقة بالتطبيع مع العدو.
القدس وفلسطين
6 كانون الاول:
الحدث الأبرز على صعيد قضايا الأمة هذا العام وقضيتها المركزية جاء في أواخر 2017. ففي ظل انتصارات محور المقاومة في اكثر من ميدان ضد الارهاب ومن يقف خلفه، والتي اربكت “اسرائيل” وحلفاءها وداعميها، نفذ دونالد ترامب وعده حول القدس باعترافه بها عاصمة للكيان الصهيوني واعلان نيته نقل السفارة الاميركية اليها، لاعطاء دفع مقابل لكيان الاحتلال ومحاولة ضرب القضية.
قرار أثار مواقف دولية واسعة منددة لا سيما من الدول الاوروبية التي توحدت على رفضه، اضافة الى روسيا والصين وغيرها.
في بريطانيا اعتبرت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي إنه يجب أن تكون القدس في النهاية “العاصمة المشتركة” للدولتين، ونعتبر القدس الشرقية جزءًا من الأراضي الفلسطينية.
في فرنسا اعتبر الرئيس ايمانويل ماكرون قرار ترامب احاديا ومؤسفا ويتناقض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
اﻹتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه الشديد من ان يكون للقرار انعكاسات على فرص السلام.
في كندا أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن سفارة كندا ستبقى في تل أبيب، وكرر دعمه قيام دولة فلسطينية “إلى جانب دولة إسرائيل”.
في الصين اكدت الحكومة الصينية تأييدها لاستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة وبناء دولة مستقلة كاملة ذات سيادة على طول حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
في روسيا اعتبرت الخارجية الروسية أن القرار الأمريكي يعقد الأوضاع في العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية وفي المنطقة بشكل عام وقالت أنها تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والشرقية عاصمة لفلسطين.
في إيران قالت وزارة الخارجية إن القرار انتهاك للقرارات الدولية، وطالبت المجتمع الدولي والدول الإسلامية بمنع تطبيق القرار الأميركي. وقال الامام السيد الخامنئي إن الولايات المتحدة تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة.
في لبنان قال الرئيس ميشال عون إن قرار ترامب يهدد عملية السلام واستقرار المنطقة، واعتبرت الخارجية اللبنانية القرار خطوة مدانة ومرفوضة تتنافى مع مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
هذه عينة من المواقف الدولية والعربية الرافضة ومنها مواقف صدرت عن مصر والعراق وسوريا والاردن وتركيا وغيرها. لكن بقي موقف معظم الدول الخليجية ضعيفا ازاء هذا الموقف جراء الحلف التاريخي المعروف مع واشنطن.
بالخلاصة وجد ترامب نفسه معزولا من العالم بخصوص القرار. لكن الادارة الاميركية استخدمت الفيتو ايضا امعانا في هذا القرار بوجه مشروع تم تقديمه الى مجلس الامن لالغاء هذا القرار. لكن الجمعية العامة للامم المتحدة وبعد ايام صوتت بالاغلبية الساحقة ضد القرار الاميركي رغم كل الضغوط الاميركية والاسرائيلية التي سبقت التصويت.
7 كانون الاول: الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اعلن أن اهم رد على القرار الاميركي بحق القدس انتفاضة فلسطينية جديدة ، وقمة اسلامية تقرر أن القدس عاصمة ابدية لفلسطين بشكل غير قابل للتنازل.
11 كانون الاول: الأمين العام لحزب الله جدد خلال تظاهرة كبرى في الضاحية دعما للقدس أنَّ أهم رد على القرارِ الاميركي العدواني بحقِ القدس هو إعلان انتفاضة فلسطينية ثالثة على كامل الاراضي الفلَسطينة المحتلة، داعياً كلَ العالمِ العربي والاسلامي للوقوف الى جانب الفِلَسطينيين.
13 كانون الاول: وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل يدعو القمة الاسلامية الطارئة للخروج بقرارات واجراءات تنفيذية تتناسب وحجم الخطر المحدق بالقدس بما ترمز اليه اسلاميا ومسيحيا ويهوديا. كلام باسيل جاء خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية “منظمة التعاون الاسلامي”.
13 كانون الاول: بعد ذلك وفي خلال انعقاد القمة الاسلامية حول القدس كان لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف بارز قال فيه ان “الفكر الأحادي يسقط في كل العالم”. اضاف عون: “لا يمكن تصور المسلمين والمسيحيين من دون المسجد الأقصى، والرئيس الاميركي رونالد ترامب تجاوز القوانين الدولية وأسقط عن الولايات المتحدة صفة “الدولة العظمى”.
وسأل: “هل ننتفض في الجولة الأخيرة؟ هل توحدنا القدس مجددا فننقذ تاريخنا وإنساننا وتراثنا، أم نسقط وتسقط معنا القدس وتضيع فلسطين الى الأبد؟”، داعيا الى “التمسك بالمبادرة العربية للسلام وتفعيلها”. وقال: “الدعوة المشتركة لشعوب دولنا لتتحرك في بلدانها وأماكن انتشارها لتشكيل قوة ضغط شعبي تساند ضغطنا السياسي والدبلوماسي”، مشددا على “ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية موحدة ومتدرجة ودبلوماسية واقتصادية ضد أي دولة تنحو منحى الاعتراف بالقدس “عاصمة لإسرائيل”.
في 21 كانون الاول اعتبر وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، عبر صفحته الرسمية في توتير في موقف انه”ليس من المفيد افتعال معركة مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية”، في إشارة إلى قضية القدس. وأثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة شعبيا وعلى مواقع التواصل، في وقت كان الفلسطينيون يقدمون الدماء رفضا لقرار ترامب وتتواصل الاحتجاجات في مختلف دول العالم.
الاحتجاجات في الاراضي المحتلة والعالم:
في الاراضي المحتلة بدأت الاحتجاجات والتحركات تتزايد منذ قرار ترامب العدواني. ودعت القوى الفلسطينية الى جمعة غضب اولى ثم ثانية وثالثة وشهدت معظم اراضي الضفة وحدود قطاع غزة ومناطق القدس مواجهات يومية مع الاحتلال لا سيما في جمعة الغضب.
واجه الاحتلال هذه الهبّة بالقمع الشديد باستخدام الرصاص وقنابل الغاز ما اسقط العديد من الشهداء ومئات الجرحى . كما شن الاحتلال حملة اعتقالات يومية واسعة اعتقل خلالها المئات، لكن ذلك لم يخمد الحراك الفسطيني المستمر والذي كان اشبه ما يكون بانطلاق انتفاضة جديدة.
على الصعيد الشعبي العربي والاسلامي والعالمي كانت التحركات واسعة وعارمة في الكثير من عواصم العالم من آسيا الى أوروبا فأميركا اضافة الى مظاهرات وتحركات في العديد من الدول العربية والاسلامية لا زالت متواصلة.
السعودية
20 أيار : الرئيس الاميركي ترامب يصل الى السعودية في زيارة كان لها وقعها ودلالاتها على صعيد العلاقة بين الجانبين وعلى صعيد قرارات سعودية اتخذت لاحقا. والابرز خلال الزيارة كان اعلان ترامب عن صفقات بين السعودية والولايات المتحدة تجاوزت 400 مليار دولار وهو ما وصفه المتابعون بمكسب ضخم لترامب على حساب الاموال السعودية.
5 حزيران : ظهرت الأزمة الدبلوماسية الخليجية مع قطر ، وقررت كل من: السعودية، الإمارات ، البحرين، مصر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، متهمة اياها بدعم “الارهاب” وبتقوية العلاقات مع ايران واتهامات اخرى. وتفاقمت الازمة فيما بعد وصولا الى فرض حظر جوي وحصار تجاري واقتصادي على قطر لا زال مستمرا وسط مواقف متوترة بين الجانبين وتصعيد بالاتهامات.
21 تموز : في هذا التاريخ جاء الانقلاب في هرم الحكم السعودي.. الملك سلمان يطيح محمد بن نايف ويعين ابنه محمد وليا للعهد. وقالت وكالة الأنباء السعودية : أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، أوامر ملكية تقضي بإعفاء الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ومنصب وزير الداخلية.
نتيجة لذلك بات بن سلمان عمليا الحاكم الفعلي وقد ادخل ذلك السعودية في مرحلة جديدة شهدت تطورات داخلية غير مسبوقة سعى من خلالها بن سلمان لتثبيت سلطته والتمهيد لتولي الملك بشكل اقوى، ولكن ذلك بحسب متابعين سيكون له اثر سلبي على سلطته وعلى السعودية في المدى البعيد.
4 تشرين الثاني: اعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته في كلمة ألقاها من السعودية. وجاءت الاستقالة ملتبسة بالشكل والمضمون واعتبرها لبنان بضغط سعودي دون ارادة الحريري.
في اليوم نفسه صدرت أوامر ملكية باقالات على مستوى عال، فصدرت بإقالة وزير الحرس الوطني متعب بن عبد الله من منصبه، وإنهاء خدمات قائد القوات البحرية وإقالة وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه.
تبع ذلك الإعلان عن تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد، فاصدرت قرارات سريعة باعتقال أمراء ومسؤولين كبار بتهم فساد ابرزهم الوليد بن طلال، ومتعب بن عبد الله، وتركي بن عبد الله، وخالد التويجري وغيرهم.
في هذ الوقت استمرت الرياض بإيغالها بالعدوان على اليمن وفرض الحصار الغذائي والصحي عليه ، وارتكاب مجازر عديدة، رغم كل المناشدات الدولية والاممية بفتح الموانئ ووقف العدوان وانهاء الحصار. واستمر بالمقابل الثبات اليمني في الرد في الميدان وعبر القوة الصاروخية والصمود الشعبي منقطع النظير.
البحرين
شهدت البحرين العديد من التطورات الهامة واستمر القمع من السلطة ضد الشعب ورموزه واستمر الشعب البحريني في حراكه السلمي دون توقف.
23 ايار : اقتحام منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم عقب مواجهات مع معتصمي الدراز سقط خلالها عدد من الشهداء وعشرات الجرحى ، واعتقلت السلطات حوالي 300 شخص، واستباحت بعدها السلطة ، منزل أكبر مرجعية دينية في البلاد.
27 تشرين الثاني: تدهور خطير في صحة اية الله قاسم الذي كان يعاني كل هذه المدة من اجراءات انتقامية وتضييق واقامة جبرية.
29 تشرين الثاني: سفارة البحرين في واشنطن تعترف بفرض إقامة جبرية على الشيخ عيسى قاسم.
الى ذلك استمر اعتقال الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق وتوجيه اتهامات مفبركة ضده.
التطبيع
بموازاة التصعيد ضد ايران ومحور المقاومة من قبل عدد من الدول الخليجية مثل السعودية والبحرين، كان التطبيع الصامت مع الكيان الاسرائيلي ينتقل الى العلن. ويمكن ايراد ما يلي:
- ورود معلومات في وكالات عالمية عن زيارات سرية لمسؤولين سعوديين الى الكيان الصهيوني، بل اوردت بعض الوكالات “معلومات” عن زيارة قام بها ولي العهد السعودي الى “اسرائيل”. وأكّد مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن اسمه، لوكالة “فرانس برس”، أن المسؤول السعودي الذي قام بزيارة سرية إلى “إسرائيل”، كشفت مصادر إعلام إسرائيلية عنها، هو “ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”.
- تطبيع غير مسبوق في الاعلام السعودي والمواقع الالكترونية ومقابلات مع مسؤولين صهاينة وفتح المنبر لهم لتأكيد الحرص على العلاقات بين الجانبين ولاطلاق التهديدات ضد العالم العربي ومحور المقاومة.
- في 9 كانون الأول، وصل وفد من البحرين رغم كل الاحداث الفلسطينية، الى الكيان الصهيوني في “زيارة” استمرت 4 ايام .
- قالت تقارير اعلامية صهيونية ان مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي للشؤون الإقليمية يعتزم زيارة البحرين في الأشهر المقبلة.
- كشف تحقيق “إسرائيلي” النقاب عن حجم التطبيع بين “اسرائيل” ودول خليجية تم نشره على موقع صحيفة ميكور ريشون وقال ان أهم مظاهر التطبيع بين الجانبين تتمثل في تعاظم مظاهر السياحة الطبية الخليجية إلى جانب سماح الخليج بفتح أسواقه أمام الشركات “الإسرائيلية”.
المصدر: موقع المنار