مشهد رفع العلمين العراقي والسوري عند الحدود المشتركة كان إشارة النصر الذي تحقق على الارهاب وداعميه في الاقليم والعالم ، وهو ما قلب المشهد السياسي والميداني في الشرق الاوسط لصالح محور تمكن من احباط مشاريع ومخططات لتعميم الارهاب والفتنة والتقسيم وصولاً الى اسقاط بغداد ودمشق وضرب المقاومة بكافة فصائلها ، وذلك خدمة لمشروع صهيوني -عربي-امريكي من اهدافه بعد ضرب العراق وسوريا تصفية القضية الفلسطينية ، وهو ما تجلى مؤخراً في الاعتراف الاميركي بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني.
سورية تنتصر…
إنتهى العام 2017 بضربة جديدة وجهتها سوريا والحلفاء ضد حلف الارهاب عبر الانجازات الميدانية المتلاحقة على جبهة ريف دمشق الغربي – محور بيت جن حيث تكبد ارهابيو النصرة هزيمة جديدة.تطورٌ سبقه انتصارات متلاحقة على امتداد الجغرافيا السورية وشملت تأمين الحدود اللبنانية (القلمون) والاردنية (البادية) والعراقية (البوكمال) مروراً باستكمال تأمين ارياف حلب وحماه المتداخلة مع ريف ادلب الجنوبي.
معارك في سطور…
منذ سيطرته على كامل مدينة حلب في نهاية العام 2016. استعاد الجيش السوري بدعم من حلفائه وبغطاء جوي روسي غالبية الأراضي في مواجهة تنظيم داعش والجماعات المسلحة على حد سواء.
وبات الجيش يسيطر حاليا على أكثر 55 في المئة من مساحة البلاد. مقابل 34 في المئة بداية العام 2017.
-في 29 كانون الثاني/يناير سيطر الجيش السوري على منطقة وادي بردى ، خزان المياه المغذي لدمشق. بعد معارك دامت أكثر من شهر، وتم ذلك إثر اتفاق مع الجماعات المسلحة قضى بخروج المسلحين غير الراغبين بالتسوية مع عائلاتهم الى محافظة ادلب.
-في الثاني من آذار/مارس. تمكنت قوات الجيش السوري والحلفاء من استعادة مدينة تدمر الأثرية في وسط البلاد.
– سيطر الجيش السوري في أيار/مايو على ثلاثة أحياء كانت تستولي الجماعات المسلحة على أجزاء منها هي القابون وبرزة وتشرين. وكانت الاحياء الثلاثة تعد ابرز معاقل المسلحين في دمشق منذ العام 2012.
– في 21 ايار/مايو سيطر الجيش السوري على كامل مدينة حمص بعد تأمين حي الوعر. آخر حي كان يستولي عليه المسلحون في ثالث أهم المدن السورية.
– في الخامس من آب/أغسطس ، سيطر الجيش السوري والحلفاء على مدينة السخنة ، آخر معقل لارهابيي داعش في محافظة حمص.
-في الرابع من حزيران/يونيو سيطر الجيش السوري على بلدة على مسكنة احدى اهم البلدات التي كان استولى عليها تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي. واثر مسكنة. تمكن الجيش السوري من طرد التنظيم الارهابي من ريف حلب الشرقي.
– في أيلول/سبتمبر واثر عملية عسكرية واسعة فك الجيش السوري حصار محكم فرضه تنظيم داعش قبل نحو ثلاث سنوات على الأحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور لها.
واثر ذلك ، استكمل الجيش السوري عملياته العسكرية في المنطقة الواقعة على الضفاف الغربية لنهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى قسمين.
وتمكن في 14 تشرين الأول/أكتوبر من السيطرة على مدينة الميادين. ثم في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر على كامل مدينة دير الزور.
وواصل تقدمه شرقا ليسيطر بدعم من الحلفاء في 19 تشرين الثاني/نوفمبر على البوكمال الحدودية مع العراق. وآخر مدينة كانت لا تزال في أيدي التنظيم الارهابي في سوريا.
أمام هذه الإنجازات، تدخل الطيران الاسرائيلي لمصلحة الجماعات المسلحة، واستهدف مواقع عسكرية للجيش السوري، وتصدت المضادات السورية لهذه الإعتداءات أكثر من مرة.وآخرها مطلع الشهر الحالي في الكسوة وجمرايا بريف دمشق.في وقت صعد العدو الصهيوني من هجماته ضد مواقع الجيش على جبهة القنيطرة ونفذ اكثر من اعتداء طوال العام وفي إطار التنسيق بين الاحتلال والمجموعات الإرهابية المدعومة منه في المنطقة.
وحاولت اميركا عبر التحالف الذي تقوده في سوريا عرقلة تقدم الجيش والحلفاء خصوصاً في المنطقة الشرقية، فأمنت الغطاء الجوي لإرهابيي داعش ، ودعمت الولايات المتحدة ما يسمى قوات “قسد” للسيطرة على حقول النفط شرق نهر الفرات.
تبعها اعلان واشنطن ابقاء قوات لها شرق سوريا وهو ما ردت عليه دمشق وموسكو وطهران محذرة من محاولات الاميركية لدعم جماعات ارهابية اخرى بعد افشال مشروع داعش.فيما رفع الرئيس السوري بشار الاسد من تحذيره للمجموعات المدعومة اميركيا في الشرق السوري بالقول ” كل من يعمل تحت قيادة أي بلد أجنبي في بلده وضد جيشه وضد شعبه هو خائن، بكل بساطة، بغض النظر عن التسمية. هذا هو تقييمنا لتلك المجموعات التي تعمل لصالح الأميركيين.”
وقبل نهاية العام بأيام سجلت الوحدات العسكرية نجاحاً جديداً على محور مغر المير – مزرعة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي الغربي، بعد استسلام “جبهة النصرة” والفصائل المرتبطة بها، ورضوخهم بالدخول في مفاوضات لنقلهم من المنطقة بعد إحكام الطوق عليهم.
في الميدان السياسي..
انتصارات ميدانية لاقت صداها سياسياً مع زيارة الرئيس السوري بشار الاسد قبل اسابيع الى روسيا ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين قبل ان يعقد الطرفان اجتماعاً موسعاً مع القادة العسكريين.
رد الزيارة لم يتأخر حيث قام بوتين بزيارة خاطفة لقاعدة حميميم في طرطوس واستكمل مع الرئيس السوري والقادة العسكريين التنسيق العسكري والميداني خاص بعد تأمين غالبية المناطق السورية.
بالتوازي كانت الزيارات المتبادلة ترتفع بين سوريا والجمهورية الاسلامية من جهة وبين دمشق وبغداد من جهة أخرى وهدفها تعميق التنسيق السوري-العراقي-الايراني-الروسي.
تنسيق تُرجم في اروقة مساري محادثات جنيف واستانا وصولاً الى سوتشي التي خطفت الانظار من مفاوضات المدينة السويسرية التي عُرقلت بفعل تضارب مطالب المعارضات السورية والاملاءات التي فُرضت عليها من قبل رعاتها الاقليميين والدوليين ، الامر الذي جعل الانظار تتجه الى جولات العاصمة الكازاخية استانا خاصة بعد مشاركة الطرف التركي كجهة ضامنة الى جانب الجمهورية الاسلامية وروسيا ، بالموازاة تقدم مسار سوتشي مع مؤتمر الحوار السوري – السوري المزمع عقده اواخر شهر كانون ثاني 2018 في المدينة الروسية ، حيث لا مكان للمطالبين برحيل الرئيس بشار الاسد وفق تأكيد موسكو.
الانجازات السياسية والعسكرية انعكست ايضاً على المستوى الاقتصادي فكان 2017 عام المؤتمرات الإقتصادية الكبرى في سوريا وجاء معرض دمشق الدولي حيث ارتفعت في ارجائه أعلامُ ثلاث وأربعين دولة.فيما أُطلق العنان لعجلة الاعمار واعادة الحياة الى العديد من المشاريع الاقتصادية والحيوية.
العراق ينتصر..
في مطلع العام 2017 واصلت قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي معاركها لاستعادة الاراضي التي احتلها داعش..معركة نجحت فيها الوحدات العسكرية من تحرير اراض واسعة، في مقدمتها الموصل ثم مناطق غرب الانبار وصولاً الى المناطق الحدودية مع سوريا والاردن وبعدها الحويجة ، ليُعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي طي صفحة داعش وهزيمته وتحرير كامل الاراضي العراقية.
تهاوي ارهاب داعش تزامن مع افشال مشروع تقسيم العراق الذي دعمته السعودية بحسب سياسيين عراقيين خاصة بعد احباط مساعي رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني في تحقيق “حلم” الانفصال عن العراق .. انفصال رفضته معظم دول العالم إلا الكيان الصهيوني فيما دعمته سراً الرياض وابو ظبي بحسب تقارير الغربية.
وحملت الاسابيع الاخيرة من العام تطورات دامية في إقليم كردستان الذي اجتاحته مواجهة اعتراضات شعبية رفضاً لسياسات الاحزاب الحاكمة في الاقليم السياسية والاقتصادية.
اما على صعيد الدولة المركزية ، فشهد العام 2017 حراكاً تمخض عنه توحيد للخطاب السياسي في مواجة التحديات فضلا عن قيام الحكومة باصلاحاتٍ رغم انشغالها بالحرب على الارهاب، وانخفاض اسعار النفط عالمياً، واللذان شكلا تحدياً استطاعت الحكومة من تخطيهما عبر مجموعة من الاجراءت منها تقليص النفقات وتعظيم موارد أخرى غير النفط ومنها تفعيل القطاع الخاص والسياحة الدينية وغيرها.
دولياً، انفتحت دول العالم على العراق.فتوافد الخصوم والأصدقاء لمباركة النصر العراقي،لمد جسر من التواصل مع بلاد النهرين الذي أصبح يملك جيشاً وحشداً باستطاعتهما افشال اي مخطط داخلي وخارجي يستهدف البلاد.
ازمات كردستان ترافقت مع رحيل الرئيس العراقي السابق جلال طالباني عن عمر يناهز (84 عاماً) الذي لطالما وُصف بانه صمام امان وجسر تواصل بين المكون الكردي وبقية الشركاء العراقيين اضافة الى علاقاته المميزة مع الدول الفاعلة في الاقليم وتحديداً الجمهورية الاسلامية الايرانية.
هزائم الارهاب في سوريا والعراق أتت عقب سنوات عجاف عانى فيها شعبا البلدين من حقد أعمى أُريد له ان يقتل ارادة الحياة ودفع السوريين والعراقيين الى الاستسلام ، لكن صمودهم والحلفاء ومسارعتهم الى مجابهة مشاريع التكفير والتقسيم والفتنة ، أفشلت مخطط بعض القوى الغربية والاقليمية والعربية ، التي يبدو ان محاولاتها مستمرة لزعزعة استقرار هذين البلدين ، سواء عبر استخدام تنظيم داعش او غيره من التنظيمات المسلحة…وهذا ما ستكشفه سنة 2018.
المصدر: موقع المنار