حين غادرت شيلا بارتلز عيادة طبيبها في أوكلاهوما جنوب الولايات المتحدة، كانت تحمل وصفة طبية لأكثر من 500 قرص مسكّن، وفي اليوم نفسه توفيت هذه السيدة البالغة من العمر 55 عاما بجرعة زائدة.
واليوم، تلاحق السلطات طبيبها ريغان نيكولز بتهمة قتل خمسة أشخاص بعدما أودت بحياتهم جرعات زائدة من أدوية مصنوعة من الأفيون.
ويقول ديفيد كلارك أستاذ علوم التخدير في جامعة ستانفورد: «الأطباء يتحملون مسؤولية كبيرة في أزمة الأفيونيات»
ويضيف: «لم تكن هناك أزمة إلى أن ظهر الاهتمام الكبير للأطباء بالأفيونيات والنظر إليها على أنها فعالة في تسكين الآلام المزمنة».
تشير الإحصاءات إلى أن مليوني أمريكي يعتمدون على الأفيونيات، وعدد منهم يضطرون إلى شراء جرعاتهم بشكل غير قانوني حين ينتهي مفعول وصفاتهم الطبية، وبعضهم يتحوّلون إلى الهيروين والمخدرات الصناعية.
وتودي الجرعات الزائدة من الأدوية الأفيونية بحياة ثمانين شخصا يوميا في الولايات المتحدة.
إزاء ذلك، أعلن الرئيس دونالد ترامب الخميس أن الحكومة سترصد مبالغ إضافية للتعامل مع هذه الظاهرة التي تصفها السلطات بأنها «حالة طوارئ وطنية».
يصف الأطباء الأمريكيون الأدوية الأفيونية أكثر مما يفعل الأطباء في أي بلد آخر من العالم، لكن الخبراء يرون أن المسؤولية لا تقع على الأطباء وحدهم.
ويقول مايك دوين وزير العدل في أوهايو في الشمال الأمريكي: «يستهدف قطاع الدواء أطباء الصحة العامة، لأنهم يعاينون أكبر عدد من الأشخاص المصابين بآلام». ويضيف: «أعتقد أنهم تعرضوا للتضليل وقيلت لهم أمور مغلوطة».
تعود هذه المشكلة إلى نحو عشرين عاما، حين صار الأطباء مطالبين أكثر بالاهتمام بآلام المرضى، في الوقت الذي كانت فيه المختبرات تشيد بمزايا المسكّنات الأفيونية. وهكذا صارت العلاجات المخصصة عادة للحالات الصعبة توصف للمصابين بأمراض مزمنة كانوا يسكّنون آلامهم في ما مضى بالأسبرين وما يشبهه، من دون أن يدركوا أن هذه العلاجات الأفيونية تعرّضهم للإدمان.
ويقول روبرت وير قائد الشرطة في بورتسماوث في أوهايو حيث تتركز الأزمة: «هناك أشخاص لديهم ألم عادي في الأسنان أو أجروا عملية في الركبة أو الظهر يتناولون هذه الأفيونيات لوقت طويل أو جرعات أكثر من اللازم». ومع ارتفاع أعداد من يدمنون على الأفيونيات، يزدهر عمل أطباء يصفون هذه المواد لأي كان مقابل المال.
ويقول وير إن هذا القطاع صار جزءا أساسيا من الاقتصاد المحلي، حتى أن المدمنين يأتون من الولايات المجاورة للتزوّد.
تحرّكت السلطات إثر شيوع أخبار العيادات التي تصف الأفيونيات لمن صاروا مدمنين عليها وأقفلتها وأوقفت الأطباء المتورطين فيها. وتعهدّت وزارة العدل في الآونة الأخيرة بتشديد ملاحقة المخالفين من أطباء وصيدليات.
والثلاثاء، قطع دونالد ترامب إجازته ليدعو إلى تحرك لمواجهة هذه «المشكلة الضخمة».
وقال: «لا أحد بمنأى عن هذا الوباء».
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية