جاءت العملية البطولية في المسجد الاقصى المبارك التي نفذها ثلاثة شبان من آل جبارين من مدينة أم الفحم الفلسطينية المحتلة، لتعيد التذكير بمركزية القضية الفلسطينية والمقدسات فيها وتلفت نظر بعض الانظمة والشعوب العربية والإسلامية التي غضت الطرف عن القضية المركزية للامة، وقد أعلنت هذه العملية للعدو الاسرائيلي ان القضية ما زالت حاضرة ولن تغيب عن القلوب والعقول والعمل الحركي الجهادي المقاوم بصورة يومية.
واهمية العملية تبرز في العديد من النقاط لا سيما من حيث التوقيت والمكان وحتى في الرمزية الموضوعية لها بما تحمله من أبعاد امنية وسياسية ودينية، ولن نخوص هنا في كيفية وصول الشبان من الاراضي المحتلة عام 48 الى المسجد الاقصى بسلاحهم لتنفيذ هذه العملية وسط اجراءات امنية مشددة ينفذها العدو الاسرائيلي بالتحديد يوم الجمعة، فالعملية بحد ذاتها تشكل صدمة إيجابية للامة والشعوب العربية والاسلامية ولحركات المقاومة على امتداد الارض الفلسطينية وتشكل نبضا جديدا وهاجا من الانتفاضة العصية على الكسر والالغاء.
والمتابع للأخبار اليومية في فلسطين يرى انه في خضم كل ما يجري من احداث في المنطقة يستمر العدو الاسرائيلي على وتيرة واحدة من الاعتداءات اليومية بحق الشعب الفلسطيني في امتداد الاراضي المحتلة لا سيما في القدس والضفة الغربية المحتلتين وقطاع غزة المحاصر.
عملية القدس والاعتداءات الاسرائيلية..
ومن يرصد حركة الاعتداءات الاسرائيلية يرى سلسلة لا تتوقف من الممارسات بل تتكرر بصورة شبه يومية وتأخذ اشكالا متعددة أبرزها: المداهمات والاعتقالات في الضفة الغربية والقدس، التوغل والدخول المستمر الى الاراضي الزراعية في قطاع غزة، اطلاق الرصاص على منازل المواطنين الآمنين في غزة، إطلاق الرصاص على الصيادين في بحر غزة، الاعتداءات على الفلسطينيين داخل حدود الـ48 من جرف للمنازل، تكرار استهداف قرى بعينها وجرف بصورة تامة، تهجير المواطنين من أرضهم ومنازلهم ومنع وصولهم لأراضيهم، وصولا لاغتيال الفلسطينيين من كل الأعمار والفئات بزعم قيامهم او محاولة القيام بعمليات طعن او دهس، بالاضافة للاعتداءات في المسجد الاقصى والتضييق على المصلين والاقتحامات الدائمة لباحات المسجد المبارك، ناهيك عما يجري في السجون والمعتقلات الاسرائيلية من اعتداءات بحق الاسرى ما يستتبع بين فترة وفترة من اعتصامات داخل السجون واضرابات عن الطعام واخرها كان الاضراب الاخير الذي حقق من خلاله الاسرى العديد من المطالب المحقة.
ولكن لماذا يواصل هذا العدو الاعتداءات بهذه الوتيرة المتصاعدة؟ واي اهداف يسعى الى تحقيقها؟ هل العدو يقوم بكل ذلك انطلاقا من موافقة صريحة او ضمنية من قبل بعض الانظمة العربية التي تخلت عن القضية الفلسطينية؟ أليس العدو يستغل كل ما يجري وغفلة الشعوب والانظمة على حد سواء ليعمل على إنهاء هذه القضية التي يجب ان تبقى القضية المركزية للامتين العربية والاسلامية؟ ولكن هل يعتقد العدو ان كل هذه الممارسات قادرة على جعل الفلسطيني يتخلى عن ارضه وقضيته؟ هل يعتقد الاسرائيلي ان الفلسطيني يترك قضيته ولو تخلى عنها العالم كله وليس فقط بضعة حكام يلهثون خلف مصالحهم الصغيرة والآنية؟ وكيف يمكن فهم ان الانتفاضة المستمرة في كل الارض الفلسطينية يقوم بها أفراد من الأجيال الشابة الناشئة ما يؤكد استمرار هذه القضية؟ وماذا تعني عملية الاقصى امام كل ممارسات العدو؟ ما هي الرسائل التي تحملها هذه العملية سواء بالنسبة للعدو الاسرائيلي او للانظمة العربية او حتى للسلطة والفصائل والحركات الفلسطينية؟
حول كل ذلك قال عضو المكتب السياسي لـ”الجيهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” ومسؤولها في لبنان علي فيصل إن “هذه العملية البطولية تؤكد ان مقاومة الشعب الفلسطيني لن تسلم بالوقائع التي يريد ان يفرضها الاحتلال على شعبنا في الاراضي المحتلة وخاصة في القدس والمسجد الأقصى”، ورأى ان “هذه العملية هي الرد الطبيعي على سياسة التهويد والاستيطان والقتل التي تسلكها حكومة التطرف الصهيونية برئاسة بنيامين نتنياهو وجيشه الفاشي على شعبنا”.
وأكد فيصل في حديث لموقع “قناة المنار” ان “للعملية دلالتها في باحات المسجد الاقصى لتقول بوضوح انه لا مجال لتهويد هذه الاماكن الدينية ولا مجال لتحويلها او تقسيمها مكانيا وزمانيا بين الفلسطينيين واليهود”، وتابع “هناك مقاومون يدافعون عن هذه المقدسات ويناضلون من اجل احباط هذا المخطط الصهيوني الذي يريد ان يجري تحولا جغرافيا وديموغرافيا في القدس لتهجير اهلها واستقدام عشرات الآلاف من المستوطنين وتوسيع دائرة الاستيطان لتحويلها مدينة لاغلبية يهودية لتون عاصمة لمشروع الكيان”.
الرد على السياسة الاميركية الاسرائيلية.. والتخاذل الرسمي العربي
ولفت فيصل الى ان “العملية هي رد على السياسة الاميركية التي قدمت وعودا الى الصهاينة بنقل السفارة الاميركية الى القدس”، ورأى “ارد على محاولات اسرائيل لضم المناطق الواسعة في الضفة والقدس لاقامة مستوطنات وقطعا للطريق على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بهدف تصفية القضية الفلسطينية في ظل انشغال المنطقة بالصراعات الدموية السائدة وفي ظل التواطؤ الاميركي السافر وفي ظل الانقسام العربي والفلسطيني”.
وشدد القيادي في الجبهة الديمقراطية على ان “هذه العملية تجسد الارادة الفلسطينية وروح المقاومة خاصة اننا نعيش اليوم في ذكرى حرب تموز 2006 التي شكلت انتصارا بينا ومبينا وحاسما على الاحتلال الاسرائيلي ونقطة مضيئة رفعت من العزيمة والهمة الفلسطينية وشكلت دافعا للانتصار على العدوان في غزة والانتفاضة المتجددة”، ولفت الى ان “المقاومة في لبنان وفلسطين تشكل رافدا للروح النضالية والكفاحية للشعوب العربية ولاحرار العالم للتاكيد ان المنطقة ليست بيد الادارة الاميركية وان هناك شعبا ينتفض ايا كانت القيود”.
ونوه فيصل ان “المقاومة بهذه العملية استطاعت ان تخرق المنظومة الامنية الحديدية للعدو في القدس وفي محيط المسجد الاقصى خاصة يوم الجمعة واستطاعت ان تخترق منظومة الجيش الاسرائيلي الذي يتواجد بكثافة في القدس للتضييق على المصلين في الاقصى”، واكد “الشعب الفلسطيني يقول للعدو انه قادر على المقاومة بكل الاشكال والاساليب للحفاظ على قضيته وعلى القدس مدينة فلسطينية عربية موحدة”، وأشار الى ان “من دلالات هذه العملية انها تقول للانظمة العربية التي تهمش القضية الفلسطينية بينما البعض يلهث وراء العدو للتطبيع واقامة العلاقات معه، أعيدوا تصويب البوصلة باتجاه القضية المركزية للامة”.
واوضح فيصل ان “الذاكرة الفلسطينية حية ولا يمكن تدميرها عبر الاعتداءات المختلفة ومنها تدمير الرموز الوطنية كما جرى مع الاعتداء وتدمير النصب التذكاري للشهيد خالد نزال(من قيادي ومؤسسي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) في الضفة الغربية”، وتوجه الى السلطة الفلسطينية بالقول إن “طريق المفاوضات هو طريق مسدود لان اسرائيل تزداد شراسة ويجب عدم الاستجابة للضغوط الاميركية والاسرائيلية ووقف الرهان على السياسة الاميركية ووقف كل اشكال التنسيق الامني وكل قيود اتفاق اوسلو لان ذلك لا يخدم إلا العدو”.
وشدد فيصل على “ضرورة إنهاء الانقسام فورا بين الفصائل الفلسطينية لان الشهادة والمقاومة توحد فالدم واحد ويجب انهاء الانقسام والخلاف والذهاب الى الحوار الوطني الشامل”، ودعا “لوضع استراتيجية فلسطينية موحدة الثابت فيها هي المقاومة بكل أشكالها وانتفاضة شعبية عارمة ومعركة دبلوماسية قانونية دبلوماسية واقتصادية وقضائية ومقاطعتها بكل الاشكال”، ورأى ان “العدو الاسرائيلي اليوم ارتكب جريمة حرب بقتله الشهداء الثلاثة في المسجد الأقصى ولأنها حولت الاراضي الفلسطينية الى محمية لقتل البشر”، مؤكدا ان “الشعب الفلسطيني بكل شرائحه سيبقى يقاوم بكل الأشكال أيا كانت الظروف والصعوبات”.
وبانتظار الاعلان او الكشف عن كل التفاصيل المتعلقة بالعملية وكيفية تنفيذها وردود الفعل الاسرائيلية، يبقى ان الشعب الفلسطيني سيبقى حاضرا في كل ساحات المقاومة دفاعا عن قضيته العادلة التي لن تموت مهما فعل العدو وكل من يقف خلفه من أنظمة وإدارات غربية او عربية، وستبقى المقاومة هي الرد في كل الاوقات والظروف وبكل الاشكال والاساليب المتاحة.
المصدر: موقع المنار