ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية،
وقال: “البداية من لبنان، فرغم التفاؤل الذي يشاع حول اقتراب التوافق على قانون انتخابي جديد، فإنه لا يزال بعيدا، بعدما أسقطت الحلول الواحدة بعد الأخرى، بسبب استمرار الخلاف حول الحسابات والمصالح السياسية، ليبقى القانون الناجز حتى الآن، والذي يراهن عليه الكثيرون، وإن لم يعلنوا ذلك.. هو قانون الستين.. ليعود معه الطاقم السياسي نفسه، وتسقط معه كل آمال التغيير التي يطمح إليها اللبنانيون”.
وتابع: “إننا أمام ذلك، سنبقى نراهن على اللبنانيين في أن يشعروا القوى السياسية بأنهم يرفضون الواقع السياسي القائم بكل رموزه، وبأنهم سوف يلفظونها إن لم تكن على قدر المسؤولية في إخراج الوطن من هذا النفق، والتوصل إلى قانون جديد يعبر عن خيارات الناس الحقيقية، بدلا من الإصرار على إغراق اللبنانيين في دوامة المماحكات، التي بات من الواضح أن أهدافها لا تصب في مصلحة الوطن، أو في مصلحة الطوائف التي يعبر هؤلاء عنها.. وخصوصا أن أغلب الفئات الاجتماعية في هذه الطوائف، هي التي تدفع الثمن الكبير جراء بقاء الوضع على حاله، حيث تتعمق المعاناة الاجتماعية، وتتسع يوما بعد يوم، في ظل استمرار الفساد، ونهب المال العام، وتبادل الصفقات، حتى وصل اللبنانيون إلى الحد الذي باتوا فيه مخيرين ما بين الرضا بالفقر أو الهجرة”.
وقال: “إلى فلسطين المحتلة، التي أحيا فيها الشعب الصابر والمجاهد الذكرى التاسعة والستين للنكبة التي سببها العدو من خلال الحرب التي شنها في العام 1948، وأدت إلى احتلال القسم الأكبر من فلسطين، وإعلان دولة الكيان الصهيوني، وتهجير القسم الأكبر من الشعب الفلسطيني من أرضه، لكن من دون أن يستطيع هذا العدو قهر إرادة الشعب، والحؤول دون تمسكه بحقه، ومنعه من استخدام جميع أشكال المقاومة في مواجهته.. وهي مقاومة مستمرة بألوان مختلفة، ومن دون أن تحظى بأي دعم دولي أو حتى عربي وإسلامي فاعل”.
اضاف: “وعلى وقع ذكرى النكبة التي شهدت مواجهات في أكثر من منطقة في فلسطين المحتلة، يخوض المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال حربا من نوع آخر مع العدو.. حرب الإرادات والأمعاء الخاوية التي تجاوزت الثلاثين يوما، ولكنها استطاعت، للأسف، أن تحظى فقط بعد كل هذا الوقت ببيان حي خجول من الجامعة العربية، بدلا من أن تعقد الاجتماعات واللقاءات، وتتحرك الفاعليات السياسية والشعبية لنصرة هؤلاء الذين يمثلون الرمز الحي لهذه القضية، والذين يواجهون وحدهم مع شعبهم، وبكل ما استطاعوا من إمكانات، تهويد ما تبقى من فلسطين، ويعملون على الحفاظ على المقدسات في القدس والأقصى”.
وأعلن انه “في هذا الوقت، يترقب الكثيرون خطاب الرئيس الأميركي في العاصمة السعودية الرياض، يوم الأحد المقبل، حيث سيجتمع ممثلون عن حوالى خمسين دولة مسلمة، وسط أنباء عن أن خطاب ترامب يهدف إلى “جمع العالم الإسلامي ضد الأعداء المشتركين للحضارة، وإبراز التزام الولايات المتحدة الأميركية تجاه شركائنا المسلمين”..
وقال: “إننا نرى أن السياسات الأميركية لا تزال تبيع الأوهام للعرب والمسلمين، حين تعدهم بأنها تسعى بشكل جاد إلى حل القضية الفلسطينية، أو حين تحاول استثمار أجواء التوتر في المنطقة، للإيحاء بأنها ستكون إلى جانبهم.. فيما بات واضحا أن المقصود من كل ذلك، هو المزيد من الاستنزاف للعالم العربي والإسلامي، حيث الحديث عن المزيد من صفقات السلاح، وعن 300 مليار دولار ثمنا لصفقات قادمة، مع الالتزام في الوقت نفسه “بتفوق إسرائيل النوعي”.
ورأى “ان المشكلة تكمن في الرغبة في تحسين اقتصادات العالم الغربي على حساب اقتصاداتنا، وشراء المزيد من الأسلحة لحروب الفتن، وضرب القوى العربية والإسلامية. وقد صدق البعض عندما قال: في السابق، كانت الأسلحة تصنع للقتال في الحروب، أما الآن، فتصنع الحروب لبيع الأسلحة”.
وقال: “نعيد التأكيد على العرب والمسلمين، أن يكون رهانهم على وحدتهم وتماسكهم، لا على الذين يريدون لهم أن يكونوا بقرة حلوبا لمصالحهم.. وهم في الأساس، ليسوا في حساباتهم”.
وختم: “أخيرا، نستعيد في السابع عشر من شهر أيار، ذكرى الانتفاضة على اتفاق السابع عشر من أيار، الذي أريد له أن يحقق أطماع إسرائيل ومصالحها، على حساب استقلال لبنان وحق اللبنانيين في أرضهم وثرواتهم.. هذه الانتفاضة انطلقت شرارتها من مسجد الإمام الرضا في بئر العبد، حين اجتمع العلماء، ومعهم سماحة السيد والحشود المؤمنة، لمواجهة الاتفاق، وكانت النتيجة سقوط الشهيد محمد نجدي والعديد من الجرحى والمعتقلين، وتأكيد قدرة اللبنانيين على إسقاط هذا الاتفاق، والتصدي لكل ما يحاك لبلدهم من مخططات تهدف إلى إخضاع لبنان لحساب الكيان الصهيوني..ونحن في هذه الأيام، مدعوون جميعا إلى الوقوف معا في مواجهة كل المشاريع التي ترسم للمنطقة، بدلا من أن تتوحد الجهود، وتتجه إلى غير موقعها الصحيح، فنبقى أسرى للفتن التي يراد منها استنزاف الأمة إلى الحدود القصوى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام