تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 19-3-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
عودة حرب الإبادة… بغطاء أميركي: إسرائيل تنتظر «استسلام» المقاومة
تمثّل الهجمات الجوية الإسرائيلية الواسعة النطاق على قطاع غزة، نقطة تحوّل في مسار الصراع المندلع منذ 7 أكتوبر 2023، وهي ليست سوى انعكاس طبيعي لانهيار جميع الجهود الديبلوماسية والجولات التفاوضية التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد تسويف ومماطلة إسرائيليين، ومحاولات لفرض إملاءات على حركة «حماس»، عنوانها القبول باتفاق يقضي بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، من دون ضمانات أو عائد متناسب.
على أن من الواضح أن إسرائيل بدأت تصعيدها العسكري المتجدد بتنسيق كامل مع الإدارة الأميركية، لا بل يمكن القول إنها تلقت «الإذن» من الأخيرة بذلك، وربما حتى التشجيع والدفع إليه، خصوصاً أنه قبل ساعات من الهجمات، وجّهت الإدارة الأميركية تهديداً مباشراً إلى الحركة، محذرة إياها من أنها ستدفع «ثمناً باهظاً» ما لم تتراجع عن مواقفها «المتعنّتة»، في ما يعكس توافقاً إستراتيجياً واضحاً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على استخدام القوة كأداة ضغط رئيسية لإجبار الحركة على التنازل.
ويحمل افتتاح الجولة الحالية رسالة واضحة في اتجاهين: الأول، التأكيد أن الخيارات العسكرية لا تزال مطروحة على الطاولة، وأن إسرائيل لن تتردّد في استخدامها إذا استمرّت «حماس» في رفضها الإفراج عن الأسرى من دون مقابل وازن؛ فيما الثاني، هو التحذير من أن استمرار الحركة في موقفها سيؤدي إلى تصعيد أوسع وأكثر دموية، الأمر الذي أكدته البيانات الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع بدء الهجمات، فجر أمس، وكذلك التصريحات الصادرة عن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، الذي استخدم مفردات حادة مشابهة لتلك التي يعتمدها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منذراً الفلسطينيين بـ«فتح أبواب جهنم» عليهم.
إسرائيل تريد دفع «حماس» إلى التنازل بالقوة
ومع ذلك، فإن الذريعة المعلنة للعودة إلى الحرب، وهي «تعنّت حماس» ورفضها الإفراج عن الأسرى، لا تعكس الواقع؛ إذ الأسباب الحقيقية أعمق وأشمل، والتصعيد كان مخططاً له منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في كانون الثاني الماضي. إذ منذ إجبار إسرائيل على قبول الاتفاق مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتحديداً ما جرت تسميته بالمرحلة الأولى من الصفقة (أسرى مقابل أسرى ومساعدات إنسانية)، اجتهدت تل أبيب في تأجيل أي خطوات نحو المرحلة الثانية، والتي كان من المفترض أن تتضمّن بنوداً تلزمها بالانسحاب من القطاع والوقف الدائم لإطلاق النار.
وقد نقل الإعلام العبري عن نتنياهو تأكيده لشركائه في الائتلاف، وقتذاك، أن «المرحلة الثانية من الاتفاق لن تتحقّق، وأن العودة إلى الحرب أمر حتمي». وبالفعل، لم تدخل إسرائيل في أي من مفاوضات جدية حول المرحلة الثانية، وتناغم معها في هذا الأمر الوسيط الأميركي، ليركّزا سوياً على الضغط على «حماس» لإطلاق العدد الأكبر من الأسرى لديها، تمهيداً لاستئناف القتال في ظروف أفضل تكون فيها الحركة مجرّدة من ورقة قوتها.
وعليه، وُضعت «حماس» أمام خيارَين اثنين: إمّا الموافقة على التنازل عن ورقة الأسرى مقابل هدنة مؤقتة، لتعود في أعقاب ذلك عمليات القتل والقتال بلا ضوابط، أو أن تتجدّد المعركة من دون هدن مؤقتة، ومع احتفاظ «حماس» بالأسرى كرافعة ضغط؛ وقد آثرت الحركة الخيار الثاني، باعتباره «أهون الشرور»، خصوصاً في ظلّ تقديرها أن التصعيد العسكري عائد في كلتا الحالتين، إنما الفارق يتعلّق بالتوقيت فقط. إذ كان في نية إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة، العودة إلى القتال في وقت لاحق، بعد أن يجري إخضاع «حماس»، وهو ما تنبّهت إليه الأخيرة، رافضةً التوقيع على صفقة استسلام، لتستعجل تل أبيب وواشنطن، بالتالي، استئناف القتال.
لكن، ما أفق هذا التصعيد؟ في المدى المنظور، ستنتظر إسرائيل والولايات المتحدة رد فعل حركة «حماس»، ومدى تأثير الهجمات الأخيرة على قرارها، ليعاد في أعقاب ذلك درس الخيارات؛ وإذا تبين إصرار الحركة على مواقفها، سيصار على الأرجح إلى تكثيف الهجمات، وتسريع وتيرة القتل وتوسيع رقعته، بما يشمل خطوات لإعادة تهجير المدنيين. وعلى أي حال، فإن التصعيد العسكري الإسرائيلي الحالي يعكس إستراتيجية واضحة تقوم على استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية، مع التأكيد أن إطلاق الأسرى ليس الهدف الرئيسي، على أهميته، بل هو استسلام «حماس» وقبولها الإملاءات كما ترد إليها من تل أبيب. وتلك إستراتيجية تحظى بدعم أميركي كامل، يصعب من الآن تحديد سقوفه، التي قد تتبدّل أو تُعدّل وفقاً للمتغيّرات المقبلة والتدخّلات، وإن كان الأصل أن الدعم غير مشروط ابتداءً.
تحوّلات ما بعد 7 أكتوبر: العدو متمسّك بـ«المنع الاستباقي»
استأنفت إسرائيل حربها على قطاع غزة، عبر «ضربة افتتاحية» أريد لها أن تكون صادمة ومكلفة للفلسطينيين، وهي أدّت بالفعل إلى استشهاد المئات منهم، ومن بينهم عدد من المسؤولين السياسيين في حركة «حماس» مع عائلاتهم. وإذ تلوح في الأفق تهديدات بإمكان توسيع العمليات العسكرية، ومن بينها البرية، لتحقيق أهداف الحرب التي عجزت إسرائيل عن تحقيقها طوال 15 شهراً، إلا أن صعوبة، وربما أيضاً تعذّر تحقيق أهداف كتلك، أمر لا يتغيّر مع الوقت، وإن كان الدعم الأميركي شبه مطلق، انطلاقاً من اعتقاد الولايات المتحدة بأن هذه الحرب هي حربها، التي تريد لها أن تكون «درساً» لخصومها في الإقليم والعالم.
وأياً يكن مصير هذه الجولة، فإن ربطها الآن، كما حدث في الأشهر الماضية، بالدوافع الشخصية لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وسعيه الحثيث للبقاء في السلطة، يبدو تبسيطاً مفرطاً لمسألة معقّدة ذات أبعاد استراتيجية عميقة، إذ على الرغم من أن نتنياهو يسعى لتعزيز موقعه السياسي عبر استغلال السياق الأمني، خصوصاً في ظلّ احتجاجات داخلية متزايدة وأزمات سياسية متفاقمة تتعلّق بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، وغيره من المسؤولين؛ وعلى الرغم كذلك من محاولات رئيس الحكومة إعادة بناء تحالفه واسترضاء الأحزاب المتطرفة – وعلى رأسها «قوة يهودية» بقيادة الوزير السابق، إيتمار بن غفير -، فضلاً عن معالجة تهديدات تصدر عن الأحزاب الدينية «الحريدية» بإمكان منع إقرار الميزانية وبالتالي إسقاط الحكومة، إلا أن تلك العوامل لا يمكن النظر إليها كأسباب منعزلة أو وحيدة وراء قرار استئناف الحرب.
ما يقف فعلياً خلف هذا القرار، هو تحوّل استراتيجي عميق طرأ على السياسة الإسرائيلية منذ عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، والتي شكّلت صدمة غير مسبوقة للدولة العبرية، وأدّت إلى ما تصفه المؤسستان الأمنية والسياسية في إسرائيل بـ»الكارثة الوطنية». صدمة كهذه لم تكن تعبيراً عن مجرّد هزيمة أو فشل عسكري وأمني واستخباري، بل بدت انعكاساً لفشل السياسات السابقة التي اعتمدت على مبدأ الردع والاحتواء، وهي الاستراتيجية المرفوضة من قبل كل مَن في إسرائيل اليوم، على خلفية تأكيد الميدان والواقع قصورها عن التعامل مع التهديدات المتنامية في البيئة الإقليمية.
صدمة 7 أكتوبر لم تكن تعبيراً عن مجرّد فشل عسكري وأمني واستخباري بل انعكاسٌ لفشل مبدأ الردع والاحتواء
في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر، تغيّرت الأولويات الإسرائيلية بشكل جذري؛ إذ لم تعد إسرائيل قادرة على التعايش مع وجود حركة «حماس» أو أي فصيل مقاوم في قطاع غزة، بما يشمل وجودها السياسي أو البنية التنظيمية والعسكرية، أو حتى قدرتها على التعافي وإعادة البناء بعد كل جولة تصعيد. لا بل ثمة إرادة واضحة لدى المؤسستين الأمنية والسياسية في إسرائيل لإنهاء هذا التهديد «إلى الأبد»، عبر اتّباع استراتيجية تقوم على العمل الاستباقي، بدلاً من سياسات الردع التقليدية. وعليه، تسعى إسرائيل الآن إلى التغيير الشامل، والمتمثل بإعادة تعريف العلاقة مع قطاع غزة، بما يضمن إنهاء أي قدرة للمقاومة على تنظيم صفوفها أو تطوير قدراتها العسكرية.
ويعني ذلك أن الحديث اليوم ليس عن ضربة عسكرية مؤقتة فقط، بل عن محاولة لإعادة تشكيل الواقع على الأرض، بما يخدم رؤية استراتيجية طويلة الأمد. على أن المفارقة أن هناك إدراكاً متزايداً – وإن مع إنكار في الوقت نفسه -، لحقيقة أن هذا الطموح يصطدم بتحديات كبيرة وعقبات، ويمكن أن يفضي إلى مستنقع طويل الأمد من العنف وعدم الاستقرار والتكلفة.
وفي معادلة كهذه، تبرز الساحة الداخلية الإسرائيلية وتجاذباتها والتنافس السياسي فيها، كعامل حاسم يؤثّر على القرار، لكن ليس منطلقاً وحيداً له. ذلك أن الضغط الشعبي والسياسي والمزايدات، واختلاف المعايير والأهداف بين الأطياف والأيديولوجيات، كلها أمور تضغط على نتنياهو لتقديم إجابات حاسمة، قد لا يكون في وسعه تأمين أيّ من مستلزماتها حالياً، ما يدفعه إلى المراوحة ومحاولة تجنّب الاستحقاقات والتركيز أكثر على المزيد من القوة، على رغم فشل الخيارات المستندة إلى القوة نفسها. وفي الوقت عينه، يتداخل كل ذلك مع مصالحه الشخصية للبقاء في السلطة، ما يجعل استئناف الحرب ليس مجرد خيار استراتيجي فحسب، بل أيضاً ورقة سياسية تُستخدم لمعالجة الأزمات الداخلية وتهدئة المعارضة المتزايدة، والمزايدات من داخل ائتلافه وحكومته.
وعلى هذه الخلفية، لا تكون البيانات الصادرة عن مكتب نتنياهو، أو عن الناطق العسكري للجيش الإسرائيلي، مبالغاً فيها، وتحديداً ما يقال عن السعي عبر استئناف القتال لتحقيق أهداف الحرب. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن الإنكار، كما ورد في صحيفة «هآرتس»، أن تجديد التصعيد هو «عملية لسلامة نتنياهو»، في إشارة إلى الدوافع الشخصية لرأس الهرم السياسي في إسرائيل.
وبهذا المعنى، فإن الحرب على غزة ليست مجرّد مواجهة عسكرية، بل هي جزء من عملية إعادة تعريف شاملة للاستراتيجيات الأمنية في إسرائيل، والتي شهدت تحوّلاً واسعاً في أسلوب مواجهة التهديدات الإقليمية وأهدافها. لكن في الوقت نفسه، فإن حرباً كالتي تدور رحاها اليوم هي انعكاس مباشر للصراعات الداخلية في تل أبيب بين مختلف مركّبات القوس السياسي، والتنافس على السلطة والعمل على تحقيق المصالح الشخصية الضيقة، أو إنفاذ الأيديولوجيات المتناقضة.
اختلاسات رياض سلامة: هكذا اشترى الحاكم السابق سكوت HSBC في سويسرا
في وقت يكتفي القضاء اللبناني بالتحقيق في شيكات مالية بقيمة 44 مليون دولار، حوّلها الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة من حساب الاستشارات في المصرف إلى حساب المحامي ميشال تويني، ومنه إلى حساب مروان عيسى الخوري (ابن شقيقة سلامة)، لتنتهي في الحساب الخاص للحاكم السابق في البنك المركزي مجدّداً، ثبّت القضاء السويسري عمليات تبييض أموال نفّذها عبر مصرف HSBC في جنيف.
وتوصّلت التحقيقات التي شارك فيها إلى جانب السويسريين محقّقون فرنسيون ولبنانيون إلى أدلّة موثّقة حول تجاوزات خطيرة ارتكبها المصرف السويسري عبر «غضّ النظر» عن أكثر من 300 معاملة وصلت قيمتها إلى 330 مليون دولار (راجع «الأخبار» الجمعة 23 كانون الأول 2022)، ونُفّذت على مدى أكثر من 13 عاماً بين مصرف لبنان وHSBC في سويسرا وحسابات شركة «فوري» (يملكها شقيق الحاكم السابق رجا سلامة ومسجّلة في جزيرة تورتولا أكبر الجزر في الجزر العذراء البريطانية).
واتّهمت هيئة الرقابة على الأسواق المالية السويسرية (FINMA)، قبل نحو عام، بنك HSBC Private Bank بالفشل بشكل خطير في الوفاء بالتزاماته المتعلّقة بمنع غسل الأموال، وعوقب بحرمانه مؤقّتاً من إقامة علاقات تجارية جديدة مع فئة العملاء ذوي المخاطر العالية، على أن يقدّم بياناً كاملاً بالمسؤوليات داخل مجلس إدارته.
غير أن الفضيحة لم تطاول المصرف المركزي السويسري الذي مُنعت أي ملاحقة جنائية بحقه رغم الدور الأساسي الذي لعبه في قضية سلامة. ويبدو أن حال سويسرا ولبنان واحد في هذا الاطار، إذ يحقق القضاء اللبناني بخجل في اختلاسات سلامة، لكنه يمتنع عن فتح ملفات مصرف لبنان بالكامل بما يطاول حكماً نواب الحاكم المتعاقبين ورؤساء الدوائر الإدارية والمالية فيه، إلى جانب المصارف الخاصة اللبنانية وعدد كبير من الشركاء السياسيين وغير السياسيين.
غير أنه على الأقل في سويسرا، انكشفت خارطة الاحتيال الإجرامي بشكل واضح أمام القضاء، وبات من الصعب جداً الاستمرار في إخفاء الأوساخ تحت السجادة، خصوصاً بعد دخول لبنان على خطّ هذه القضية إثر ادّعاء الرئيسة السابقة لهيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلين إسكندر (نيابة عن الدولة)، قبل تقاعدها، على مصرف HSBC في سويسرا، وطلبت دخول الدولة اللبنانية طرفاً في الدعوى مستغلّة إتاحة القانون السويسري لممثّل أيّ دولة الادّعاء بشكل مباشر.
وهو ما سيتيح للدولة الحصول على مبالغ كبيرة جرّاء الضرر المالي والمعنوي الذي أُلحق بها خلال أكثر من 13 عاماً بسبب غضّ المصرف النظر عن التحويلات غير الشرعية، علماً أن خطوة إسكندر لم ترق يومها لوزيرَي المال والعدل السابقين يوسف خليل وهنري خوري اللذين سبق أن عطّلا إجراءات عدة لإسكندر وحاولا منعها من التدخل في التحقيقات الخارجية!
شريك آل سلامة السويسري
في سويسرا، وصل التحقيق القضائي إلى خواتيمه ونشرت منظمة Public Eye أولَ أمس التفاصيل الكاملة لعمليات تبييض الأموال، بما فيها هويات الأشخاص الذين سهّلوا مهمة الأخوين سلامة داخل المصرف السويسري بين نيسان 2002 وآذار 2015.
التحويلات التي قاربت 330 مليون دولار انتقلت من مصرف لبنان إلى حساب شركة Forry Associates في بنك HSBC الخاص في جنيف. هذه الشركة التي يستفيد منها اقتصادياً رجا سلامة، والتي أظهرت متوسط إيرادات سنوياً بقيمة 25 مليون دولار رغم عدم وجود مكاتب خاصة لها ولا موظفين، أصبحت بكبسة زر من الحاكم مخوّلة بيع وشراء سندات الخزينة واليوروبوند الصادرة عن مصرف لبنان لقاء منحها عمولات.
لذلك، كان لا بدّ لعمل مماثل أن يثير شكوكاً في البنك السويسري الذي أطلق نظام المراقبة الداخلي فيه أول تنبيه حول الأمر عام 2006. فبين حزيران وأيلول من ذلك العام، وصلت خمسة تحويلات مالية من مصرف لبنان إلى المصرف الخاص في جنيف فاقت قيمتها 8 ملايين دولار تحت عنوان «قرار المجلس المركزي/ رسوم وعمولات».
على مدى أكثر من 13 عاماً غضّ المصرف السويسري النظر عن 300 معاملة مشبوهة بقيمة 330 مليون دولار
وحين طلب القسم المختص بهذه القضايا في HSBC توضيحات، أكّد مدير الحسابات فيه أن لا شيء يدعو للريبة، مشيراً إلى أن رجا سلامة عمل في Republic National Bank of New York في بيروت قبل إنشاء Forry Associates، وهي شركة استشارات مالية مفوّضة من قبل مصرف لبنان لتسويق سندات الخزينة واليوروبوندز.
وحول المبالغ المالية الخارجة من حساب الشركة، طمأن «المسؤول الكبير» بأنها من استثمارات رجا العقارية في لبنان، موضحاً أنه تفقّدها خلال زياراته إلى لبنان وهي موزّعة بين عقارات وشاليهات. وأظهرت التحقيقات أن هذا المدير كان رجل الأخوين سلامة في المصرف وأمّن لهما الطريق أمام عمليات التبييض على مدى سنوات.
في ذلك الوقت، كانت إجراءات KYC (اعرف عميلك) لا تزال في بدايتها، وكان يُفترض بالرابط العائلي بين رجا ورياض أن يصنّف الأول مباشرة ضمن العملاء الذين يشكّلون مخاطر أكبر من غيرهم في ما يتعلق بغسل الأموال، ما يتطلب التعامل معهم بإجراءات أكثر صرامة. وهنا تكمن المخالفة الأساسية للمصرف السويسري نتيجة غضّ النظر عن هذا الإجراء وعدم تصنيف رجا ضمن هذه الفئة إلا بعد 11 عاماً!
المجلس المركزي في دائرة الاتهام
وبحسب ما عرضته المنظمة السويسرية نقلاً عن القضاء، فإن مئات ملايين الدولارات تدفّقت إلى حساب شركة «فوري» الجاري من مصرف لبنان، من بينها 207 ملايين دولار أعاد رجا تحويلها مجدّداً إلى حسابات خاصة له في أربعة مصارف مختلفة في لبنان بحجة «النفقات الشخصية».
أما الجزء الآخر من هذه الأموال، فكان يُغذّي حسابات شركات وهمية أخرى في سويسرا وخارجها تصبّ جميعها في جيب مالك واحد هو رياض سلامة.
وقد حوّلت «فوري أسوشيتس» أكثر من 26 مليون دولار و9.2 ملايين يورو و5.3 ملايين فرنك سويسري من حسابات الشركة في سويسرا إلى سلامة وشركاء يدورون في فلكه.
في نهاية 2007، عُرضت القضية على لجنة مختصة في البنك (DDC) مؤلّفة من أعضاء إداريين ومن الدائرة القانونية ودائرة الامتثال. اتّخذت اللجنة قراراً بسفر «المسؤول الكبير» إلى بيروت قبيل عيد الميلاد للحصول على جواب «دقيق» من مصرف لبنان حيال التحويلات المالية الكبيرة إلى Forry Associates، علماً أن مصرف لبنان كان قد زوّد HSBC بعقد وساطة بينه وبين «فوري» موقّع عام 2002 من قبل رياض سلامة.
لكن، في ربيع 2009، أرسل أحد المسؤولين في المصرف رسالة إلكترونية إلى مصرف لبنان يطلب فيها تزويده بوثائق إضافية كان قد وُعد بها قبل عام ونصف عام.
وبعد أسابيع، أرسل سلامة رسالة عبر نظام «سويفت»، يؤكد فيها موافقة المجلس المركزي المؤلّف من نوابه الأربعة ووزير المال والممثّل المنتدب عن وزارة الاقتصاد، على دفع كامل رسوم وعمولات شركة «فوري أسوشيتس»، ما يحمّل هؤلاء جميعاً مسؤولية الاختلاسات باعتبارهم شركاء في الجرم، رغم إعلان نواب الحاكم عدم علمهم بدور الشركة الوسيطة.
أما مدير حساب رجا سلامة في جنيف، وهو مسؤول مهم في HSBC، فقد حرص على منع زملائه من طلب تفاصيل إضافية مؤكداً أن تصرفاً مماثلاً سيكون «غير مناسب أو لطيف» خصوصاً بعد التفسيرات التي قدّمها مصرف لبنان.
في هذا الإطار، أحصت Public Eye نحو عشرين طلب توضيح أرسلها قسم الامتثال إلى مدير حساب شركة Forry Associates بين عامي 2006 و2013، نظراً إلى التدفق السريع للأموال والتحويلات إلى شركات أخرى غامضة، منها شركة West Lake Commercial Inc البنمية التي تمتلك حسابات في مصرف Julius Baer Zurich، قبل أن يثبت المحقّقون السويسريون أن مالك هذه الشركة التي تلقّت أكثر من 7 ملايين دولار من «فوري»، ليس سوى سلامة نفسه.
هل يتحرك «العهد الجديد»؟
مطلع عام 2013، دقّت إحدى الموظفات في دائرة الامتثال ناقوس الخطر وأرسلت بريداً إلكترونياً إلى فريق التحقيق في الجرائم المالية، مشيرة إلى «الدورة غير العادية للأموال الخارجة والداخلة إلى حساب فوري». ونتيجة التدقيق في مسار الأموال، صُنّف رجا لأول مرة كـ«شخص مرتبط بشخصية بارزة سياسياً» PEP Associate، وهي فئة أكثر عرضة للمخاطر المتعلقة بالفساد أو غسيل الأموال أو التعاملات المالية المشبوهة.
لكن، مرة أخرى، تدخّل مدير حساب سلامة في المصرف السويسري لإعطاء التطمينات اللازمة ليبقى شقيق الحاكم عميلاً مميزاً غير قابل للمسّ به… إلى أن تولى المحققون في لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) إجراء تحقيق داخلي عام 2015 حول حساب فوري وكل «الإشارات السلبية» التي لم يلتقطها المصرف السويسري الخاص. وفي المحصّلة، طلب المحققون من «المصرفي» المكلّف بمعالجة حسابات رجا أن يتوجه مجدداً إلى مصرف لبنان ليلتقي حاكمه ويحصل منه على توضيحات.
نتيجة ذلك، تلقّى HSBC نسخة جديدة من العقد الموقّع بين مصرف لبنان و«فوري»، وهو مختلف عن نسخته الأولى التي كان تحمل توقيع شخص يُدعى كيفن والتر، بينما حملت النسخة المحدثة توقيع رجا سلامة كمدير عام إلى جانب توقيع شقيقه، في حين أن المصرف لا يذكره سوى كصاحب الحق الاقتصادي للشركة. جراء كل ما سبق، أوصت لجنة التحقيق في الجرائم المالية عام 2016 بقطع المصرف علاقته مع شقيق الحاكم وإغلاق حسابه المصرفي. إلا أن HSBC تمنّع عن القيام بالإجراءات الروتينية اللازمة في حالة مماثلة، وهي إبلاغ مكتب مكافحة غسل الأموال بكل الحسابات التي تثير الشكوك فور حصولها، وفقاً لـ public eye.
مرّت 4 سنوات قبل أن يتحرك مكتب مكافحة تمويل الجرائم ويعدّ تقريراً يفصّل فيه كل التنبيهات والإشارات السلبية التي حامت حول الأخوين سلامة ومرّرها المصرف السويسري، ما اضطر المصرف إلى تقديم بيانات متعلقة بثلاثة حسابات: حساب رجا الشخصي وحساب «فوري» الذي أُغلق وحساب رياض سلامة.
وحتى اللحظة الأخيرة، حاول «المسؤول المصرفي» في البنك السويسري حماية الأخوين سلامة عبر الادّعاء بأن الإجراءات القضائية بحق الحاكم السابق في لبنان تحمل بصمات «سياسية». وقد استدعي هذا المسؤول إلى التحقيق كشاهد أمام المحاكم السويسرية في حزيران 2021. إلا أن مسار المحاسبة الحقيقية لم يطاول HSBC بعد، ولا الموظف الذي سهّل وقنّن كل تجاوزات الأخوين وساعدهما في تبييض الأموال.
ما سبق يرسم مساراً واضحاً للقضاء اللبناني حول جزء من جريمة اختلاس الأموال العامة التي قام بها الحاكم السابق بالتعاون مع شقيقه والمجلس المركزي وكبار الإداريين في مصرف لبنان، إضافة إلى دور مكمّل لوزارة المال، ولا سيما أن العملية موثّقة بشكل كامل في القضاء السويسري. وثمة تعاون منذ عام 2020 بين القضاءَين اللبناني والسويسري وتبادل للمعلومات يسمح بوضع اليد على كل تلك الوثائق، فضلاً عن إمكانية استعادة الأموال المنقولة وغير المنقولة التي جمّدتها المحكمة في جنيف.
فهل يتحرك القضاء اللبناني لاستعادة أمواله المنهوبة ومحاسبة الناهبين بشكل جدّي وفق ما جاء في خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزيف عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام؟ أم أن كل ما كُتب لا يعدو كونه شعراً جميلاً يُتلى على مسامع اللبنانيين وأصحاب الودائع، فيقتصر التحقيق على 44 مليون دولار فقط، لـ«ينفد» سلامة فور تسديدها ويُغلق ملفه وملف شركائه الممثّلين الحاليين والسابقين في السلطة ويضيع حق المودعين والمواطنين؟
Public Eye
تضم Public Eye، وهي جمعية مستقلّة مقرها سويسرا، 29 ألف عضو. بدأت عملها عام 1968 لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشركات السويسرية وإجراء تحقيقات لكشف حالات الفساد والنماذج التجارية غير القانونية وغير المشروعة التي تلحق الضرر بسكان البلدان الأخرى. ومن أهدافها حثّ السلطات السياسية والقضائية السويسرية على مكافحة الفساد وسوء الإدارة والتهرب الضريبي حتى لا تكون سويسرا ملاذاً لمن يجمعون ثرواتهم بطرق غير مشروعة.
ترامب يقفل «الحرة»: لا نصر يرجى من الحرب الناعمة!
قبل حوالى أربعة أعوام، كانت الذراع الإعلامية للسياسة الأميركية في المنطقة مهدّدة بالإغلاق، لكنّ الخطوة تأجّلت بسبب تداعيات جائحة كورونا، ليعود قرار الإغلاق ويخيّم على استديوهات «الحرة»، وهذه المرة سيكون تاماً وليس على مراحل
حُسم الأمر! ستغلق قناة «الحرّة» الأميركية الناطقة بالعربية والمموّلة من الكونغرس الأميركي، أبوابها بشكل كامل، على أن يُبتّ القرار النهائي في الساعات القليلة المقبلة بعد اجتماع يضم أعضاء «شبكة بث الشرق الأوسط» (MBN). وكانت الشبكة تضمّ سابقاً مجموعة من القنوات والإذاعات من بينها «الحرة» و«الحرة – عراق»، وإذاعتا «سوا» و«سوا – عراق»، إلى جانب المنصات الرقمية التابعة لها، مثل «ارفع صوتك»، و«أصوات مغاربية»، و«الساحة».
تملك تلك الوسائل مكاتب ثابتة لها في الولايات المتحدة وأخرى منتشرة حول العالم، وتضم مئات الموظفين. وبهذه الخطوة، سيكون مصير «الحرة» مشابهاً لـ «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» (usaid) التي أغلقت أبوابها أخيراً بقرار من دونالد ترامب أيضاً، فوجد آلاف الموظفين أنفسهم عاطلين من العمل بشكل مفاجئ.
لكن من كان يتابع أخبار «الحرّة» في السنوات الأخيرة، يعرف جيداً أنّ خبر الإغلاق لم يكن مفاجئاً. فقد مرّت الشبكة في مطبّات اقتصادية عدة في الأعوام الأخيرة كادت أن تودي بها.
يعيش الموظفون في مكتب بيروت حالة ضياع بسبب التخبّط السائد في الشبكة
وكان آخرها إغلاق «الحرة عراق» في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، بعدما أعلنت القناة تقليص الميزانية بنحو 20 مليون دولار أميركي وتسريح ما يقرب من 160 موظفاً.
أتت هذه الخطوة بعدما كانت القناة العراقية بمنزلة الذراع الإعلامية للسياسة الأميركية في بغداد، وعملت على بث الفتن وتفرقة الشعب. وقبل أربعة أعوام تقريباً، كانت «الحرة» مهددة بالإغلاق، لكن الإدارة الأميركية أجّلت الخطوة بعد انتشار جائحة كورونا، ليعود قرار الإغلاق ويخيّم على استديوهات «الحرة»، وهذه المرة سيكون تاماً وليس على مراحل.
في هذا السياق، كانت قناة «الحرة» تعيش ما يشبه حالة «فصام» في المدة الأخيرة، عاكسةً بهذا التخبّط الصراع في مراكز القرار الأميركي. من جهة أعلن الكونغرس أخيراً عن ميزانية العام الحالي للمحطة، ما طمأن الموظفين بشأن مستقبلهم. من جهة أخرى، اصطدم القائمون على القناة بإعلان كاري ليك، كبيرة مستشاري الرئيس الأميركي ترامب في «الوكالة الأميركيّة للإعلام العالمي» (USAGM)، عن تجميد التمويل وإغلاق القناة بشكل نهائي.
هكذا، تلقّى موظفو «شبكة بثّ الشرق الأوسط» (MBN) يوم الأحد الماضي رسالةً بريديةً من إدارة الشبكة، تؤكّد لهم على استمرارها في العمل حتى تتضح الصورة. وأكد مدير الشبكة جيف غيدمن على عدم التوقف عن «النضال من أجل المؤسسة ومن أجل دافعي الضرائب الأميركيين» على حد تعبيره.
وتابع أنّ قرار استمراره في منصبه يضمن الموافقة على استمرار التمويل.
من يومها، تتوالى الاجتماعات في القناة، من دون الخروج بموقف واضح يحدد مصير الموظفين، على أن يتخذ القرار النهائي قريباً، ليشكل نقطة تحول في الصراع بين الكونغرس وإدارة ترامب. مع العلم أنّ الموظفين يجمعون على أن قرار الإغلاق لا عودة عنه إلا بـ«معجزة»، متسائلين عمّن سيخالف «أوامر الرئيس ترامب»!
على الضفة نفسها، من المتوقع أن ينعكس قرار إغلاق القناة على مستقبل الموظفين، وتحديداً العرب منهم الذين هاجروا بعقود عمل إلى الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يصدموا بقرار الإغلاق، الذي سينهي عقودهم.
وبالتالي سيكون مصيرهم في مهبّ الريح. أما بالنسبة إلى مكتب «الحرة» في بيروت، فإنه يعيش حالة الضياع التي ضربت كل مكاتب القناة الأميركية الناطقة بالعربية. بعدما كان الموظفون يشعرون بأمان بأنّ الإعلام الأميركي في حالة «بحبوحة» مالية، استفاقوا صباحاً على خبر إغلاق القناة.
وترى مصادر أنّ قرار إغلاق «الحرة» خطوة إيجابية بالنسبة إلى الشعب الأميركي وتحرّره من أعباء الضرائب، لأنّ القناة تتلقّى تمويلاً حكومياً أميركياً من أموال دافعي الضرائب الأميركيين. ورأت بعض المصادر بأن قرار ترامب يثبت بأنه غير مهتم بالرأي العام العربي، بحجّة تقليص مصاريف الحكومة وتجفيف منابع الهدر المالي.
ويختتم السؤال: كيف تخلى الرئيس الأميركي عن إحدى الأذرع الإعلامية في الشرق الأوسط، وسط النيران التي تهدّد بالتهام المنطقة ووحدها الولايات المتحدة مسؤولة عنها؟.
الكل لديه خطّة كهرباء لـ24/7: ليس بتوسيع الإنتاج تحل المشكلة
يعود ملف الكهرباء إلى النقاش، ولا سيما مع خروج وزارة الطاقة، للمرة الأولى منذ عام 2009، من يد التيار الوطني الحرّ، ووعود الفريق الجديد («القوات اللبنانية») الذي تسلّم الوزارة بتأمين الكهرباء 24/7 خلال سنة.
ويبدو لوهلة، من كل الوعود التي تساق تحت شعار الـ24/7، أن المشكلة مرتبطة بالفساد أو التقصير على مستوى شراء الفيول، بينما المشكلة أعمق، إذ إن تشغيل الكهرباء يتعلق بتأمين كلفة الاستثمار والتشغيل بالعملة الأجنبية التي لا يكفي دفقها لتأمين كل الحاجات المحلية، ومن بينها تشغيل المعامل.
من المهم إعادة طرح الوقائع بشكل واضح، من مقدّرات الإنتاج الكهربائي (أي معامل الكهرباء المتاحة) إلى القدرة على استيراد الفيول اللازم لتشغيلها. كما أن من المهم معرفة حجم الطلب على الكهرباء، وهو ما يُحدد بشكل أساسي ساعات التغذية التي يمكن أن تؤمّنها المعامل. وإلى ذلك كله، تحتاج معالجة ملف الكهرباء إلى تشريح أقسام القطاع لمعرفة مكامن الخلل فيه، من الإنتاج إلى النقل فالتوزيع.
تراوِح القدرة الإنتاجية القصوى لمعامل الكهرباء القائمة حالياً بين 1800 و2000 ميغاواط ربطاً بفترات الذروة. عام 2021، بلغ حجم الطلب بين 3000 و3450 ميغاواط. نظرياً، يبلغ العجز نحو 1450ميغاواط، أي ما يوازي 42% من الطلب الإجمالي. إذاً، السعة الإنتاجية الموجودة قادرة على تأمين ما بين 12 ساعة و14 ساعة تغذية بالكهرباء. لكن، فعلياً، لم يحصل المشتركون على هذا المستوى من التغذية منذ أكثر من عشر سنوات.
من دون الاستثمار في النقل والتوزيع لن تحظى كل المناطق بالتيار 24 ساعة يومياً
ويعود ذلك إلى المشكلة الأساس المتمثّلة بتأمين العملات الأجنبية لشراء كميات الفيول اللازمة لتشغيل معامل الكهرباء. وقد مثّل الفيول المستورد لتأمين تغطية هزيلة بالكهرباء أكثر من 10% من قيمة الواردات اللبنانية لعام 2024. وبالتالي، فإن استيراد مزيد من الفيول سيزيد قيمة الواردات ويضغط على العجز التجاري الذي يشكّل جزءاً أساسياً من الحساب الجاري الذي سجّل عجوزات متواصلة منذ أكثر من عقدين.
ووفقاً للبنك الدولي، بلغ عجز الحساب الجاري عام 1999 نحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي، وسجّلت سنة 2006 التي كانت الأفضل عجزاً بنسبة 8.8%. وفي عام 2019 سجّل العجز 21.5%، مع تقديرات بوصوله إلى 25.3% في عام 2024. والعجز معناه أن حجم ما خرج من عملات أجنبية إلى لبنان أكبر مما دخل. وتُرجم هذا العجز التاريخي انكساراً للعملة الوطنية في عام 2019 وانهياراً في القطاع المصرفي وتبدّد كمية هائلة من المدّخرات أو الودائع.
إذا حُلّت هذه العقدة، فيمكن بكل تأكيد تأمين 12 إلى 14 ساعة من الكهرباء، كما تشير تقديرات إلى أن الفيول المتوفّر لدى مؤسسة كهرباء لبنان الآن يكفي للحصول على هذا العدد من الساعات، لكنّ الأمر يرتبط بقدرة المؤسسة على الاستدامة في حلقة التمويل. حلّ هذه العقدة يحتاج إلى تأمين العملات الأجنبية. ويمكن الحصول على هذه العملات من السوق، لكنّ الأموال ستأتي على حساب حاجات أخرى، أي إنها ستشكّل ضغطاً على سعر صرف الليرة من خلال ارتفاع الطلب على الدولار.
عملياً، يستعيض المقيمون في لبنان عن النقص الناتج عن قصور الدولة عن تأمين التغذية القصوى، بالمولّدات الخاصة التي تعمل بين الأحياء. وهذه المولّدات تعمل بالمازوت الذي تستورده شركات القطاع الخاص. بهذا المعنى، فإن رفع عدد ساعات التغذية بالتيار الرسمي، يعني انخفاض كلفة استيراد المازوت. ويؤكد وزير الطاقة السابق وليد فياض أن «الدولارات موجودة. فالتغذية بالكهرباء تتم الآن عبر استيراد المازوت للمولّدات الخاصّة، وهي كهرباء مرتفعة الكلفة ومموّلة بدولارات تخرج من البلد.
في الواقع، هذه النتيجة سببها التقييم الخاطئ للأولويات في هذا القطاع. وهناك دور مهم لوزارة المال والمصرف المركزي للتوجيه الأفضل في هذا الموضوع، لأننا نعلم أنه سيوفّر على الميزان التجاري نحو 1.2 مليار دولار سنوياً».
لذا قد يكون حلّ العقدة في قرار زيادة الإنتاج. وهو قرار لا يتعلّق بوزارة الطاقة فقط، فمن الواضح أن فياض اتخذ قراراً بالمضي في زيادة الإنتاج، لكنّ العقدة كانت في «حلقة التمويل»، أي ما تتطلبه المعامل من فيول للتشغيل الأقصى، وهذا يفترض أن يُدرج في الموازنة العامة مع الأخذ في الاعتبار إيرادات الجباية وكلفة تشغيل المعامل وصيانتها وسائر المصاريف ذات الصلة.
إذا عولجت مسألة الإنتاج الأقصى في المعامل القائمة، فيصبح الحديث عن الاستثمار ذا جدوى، ويمكن السير بالأمرين معاً لتوفير الوقت. لكنّ حساب هذا الأمر معقّد نسبياً. بلوغ تغذية بالتيار تصل إلى 24 ساعة يتطلب إغلاق الهوّة بين القدرة الإنتاجية والطلب، أي استثمارات في إنشاء معامل حرارية جديدة. في فترة ما كان النقاش في إنشاء المعامل يتعلق بكلفتها ومن يقوم بالاستثمار، وهل ستعمل بالغاز أو الفيول أو حتى بالفحم الحجري؟ وهل تستثمر الدولة من أموالها الخاصة أم بشراكة مع القطاع الخاص (خصخصة)؟
وهل تقتصر مثل هذه الشراكة على المعامل أم تشمل الشبكة والصيانة والجباية والتشغيل؟ استثمار مليارات الدولارات هو مفاضلة مع الكلفة المقدّرة في السنوات المقبلة.
كلما استثمرت باكراً، انخفضت الكلفة لاحقاً. بحسب مسوّدة طُرحت في مجلس الوزراء سنة 2022، يحتاج لبنان إلى استثمار نحو 3.5 مليارات دولار لتأمين الكهرباء 24 ساعة.
مردود هذا المبلغ قد يكون كبيراً جداً في المدى المتوسّط. وهذا الاستثمار ليس محصوراً بإنشاء أو توسيع المعامل الحرارية فقط، بل يشمل كلفة ترميم وتوسيع البنية التحتية للنقل والتوزيع، إذ تعاني كهرباء لبنان من مشاكل في شبكة النقل بسبب تقادم البنية التحتية ونقص الصيانة، وهو ما يسهم في زيادة الهدر الفني الذي يسهم في خسارة الإنتاج الكهربائي. أما بالنسبة إلى التوزيع فيعاني من خسائر تقنية وغير تقنية عالية تبلغ نحو 35%.
أما شبكة التوزيع فلا تتحمّل نقل كامل الحاجة إلى بعض المناطق. أساس هذه المشكلة هو ندرة الاستثمارات التي تصبّ في تطوير شبكات التوزيع، خصوصاً في بعض المناطق، مقابل الاستثمار المفرط في شبكات التوزيع في مناطق أخرى. على سبيل المثال، بحسب الباحث إيريك فيرديل في ورقته البحثية «أزمة البنية التحتية في بيروت والصراع من أجل (وليس) إصلاح الدولة اللبنانية»، فإنه في منطقة «سوليدير»، غطّت الاستمارات إعداد شبكة نقل لنحو 240 ميغاواط، بينما لا يتجاوز الطلب أكثر من 70 ميغاواط. في المقابل، تتحمّل الشبكة في الضاحية الجنوبيّة نقل 140 ميغاواط رغم أن الطلب يفرض وجود شبكة تتحمّل نقل وتوزيع 400 ميغاواط. التفاوت في الاستثمارات يعود إلى التفاوتات السياسية واعتبارات تتعلق بالمدينة والضواحي التي تسجّل نموّاً سكانياً كبيراً، إلى جانب تهالك الشبكة الموجودة.
يحول هذا الأمر دون حصول بعض المناطق على التيار الكهربائي بحسب حاجتها، فحتى لو كانت القدرة الإنتاجيّة كافية لتأمين الطلب على الكهرباء، تمنع مشكلة التوزيع حصول هذه المناطق على حاجتها من التيار، وهذا ما شهدته مناطق عدة عندما كانت القدرة الإنتاجيّة مرتفعة، بين عامَي 2004 و2006، فالمناطق المهمّشة لم تحظَ بـ24 ساعة كهرباء حتى في أعلى معدلات الإنتاجية، في حين تمتّعت بيروت بها من عام 1996 حتى عام 2006. بمعنى آخر حتى لو عُمل على تأمين قدرة إنتاجية تغطي الطلب، فمن دون الاستثمار في النقل والتوزيع، لن تحظى كل المناطق بالتيار الكهربائي لمدة 24 ساعة يومياً.
الحدود الشرقية: استمرار التحشيد رغم وقف إطلاق النار
سيطر الهدوء المشوب بتوتر شديد أمس على الحدود اللبنانية – السورية، وخرقه استمرار المسلحين السوريين في إطلاق رمايات بالأسلحة المتوسطة على محيط بلدتي حوش السيد علي والمشرفة، عند الحدود الشمالية لمدينة الهرمل مع سوريا.
وقالت مصادر أمنية إن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين وزير الدفاع ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة، ليل أول أمس، ينص على انسحاب المسلحين السوريين الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم من الأجزاء التي احتلوها في القسم اللبناني من بلدة حوش السيد علي، على أن يسيّر الجيش اللبناني دوريات فيها فقط من دون الانتشار أو إقامة نقاط ثابتة، تحت عنوان أنها من المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين، علماً أن البلدة التي يسكنها لبنانيون تضمّ مدرسة رسمية لبنانية منذ أكثر من 50 عاماً، وهو ما يفتح ملف ترسيم الحدود البرية مع سوريا، وما قد يكون مصدر توتر دائم كون المنطقة الحدودية متداخلة إلى حدّ كبير، ولوجود ملكيات لبنانية داخل الأراضي السورية تعود إلى ما قبل 400 عام، حيث يسكن نحو 30 ألف لبناني هجّر المسلحون السوريون غالبيتهم العظمى، إضافة إلى عشرات آلاف الشيعة السوريين، إلى مناطق البقاع الشمالي، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي.
أكّدت مصادر أمنية سقوط بين 40 و50 قتيلاً من المسلحين السوريين
وقالت مصادر محلية لـ«الأخبار» إن المسلحين السوريين عملوا أمس على نسف بيوت وإحراق أخرى بعد نهبها في بلدة حوش السيد علي، فيما أعربت مصادر أمنية عن تشاؤمها بسبب استمرار «التحشيدات غير المطمئنة» على الجانب السوري، مشيرة إلى أن «عملية التطهير والحرق والنهب التي يشنّها المسلحون ضد أملاك اللبنانيين لا توحي بوجود نوايا للحل، وإنما تقطع الطريق على أي تواصل، ناهيك عن اختلاق الجانب السوري أعذاراً للعرقلة، كإثارة مسألة المناطق المتنازع عليها».
كما لفتت إلى «تعدّد الفصائل على الجانب الآخر من الحدود والخلافات في ما بينها حول الالتزام بالاتفاق، أو مواصلة القتال». وأشارت إلى أن الجيش اللبناني أرسل مزيداً من التعزيزات إلى المنطقة ولديه أوامر بالرد على مصادر النيران، لافتة إلى أن الجيش ضرب أولَ أمس بالمدفعية والطيران أرتالاً للمسلحين ومراكز أساسية لهم.
وبعد اتصالات أجرتها استخبارات الجيش، تمّت مساء أمس، عند معبر جوسيه الحدودي بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني، عملية تبادل جثمانَيْ لبنانييْن من آل مدلج استشهدا على أيدي المسلحين بعد أسرهما في بلدة الفاضلية التي يسكنها لبنانيون داخل الأراضي السورية، مقابل تسليم جثتي مسلحيْن كانتا في حوزة أبناء العشائر. فيما أبلغت المصادر «الأخبار» أن المسلحين لا يزالون يحتفظون بجثتي شهيدين لبنانيين أحدهما من آل الحاج حسن. ورست الحصيلة النهائية ليومي الاشتباكات على سبعة شهداء و52 جريحاً على الجانب اللبناني، بينما أكّدت مصادر أمنية سقوط بين 40 و50 قتيلاً من المسلحين السوريين، اعترفت صفحات المعارضين بمقتل 10 منهم.
وعلمت «الأخبار» أن الاتصالات السياسية التي استمرت حتى فجر أول أمس أدّت إلى إفراج المسلحين السوريين عن 22 مدنياً لبنانياً، بينهم نساء، تمّ أسرهم في بلدة الفاضلية، مقابل فدية بلغت 13500 دولار.
اللواء:
سلام يطلق مسارات الأولويات.. وآلية التغيير الإداري غداً
قلق أممي من انعكاسات تجدد الحرب.. واتصالات التهدئة لم تطوّق اشتباكات البقاع
دفعت اسرائيل مجدداً المنطقة الى حافة الانفجار الكبير، بعد تهدئة على جبهة غزة، وتوقيع اتفاقية تبادل الاسرى قبل شهرين بين دولة الاحتلال وحركة «حماس» والفصائل الفلسطينية، عبر الغارات الاجرامية بدءاً من فجر الاثنين – الثلاثاء، تحت مبررات، لا تخدم سوى العدوان، من أن القتل واستهداف المدارس والخيم والمنازل المرمَّمة، هي للضغط على حركة «حماس» للاذعان الى الشروط الاسرائيلية.
وفي الوقت الذي يدفع فيه لبنان، عبر مؤسسات الدولة المكوّنة حديثاً الخطر الاسرائيلي في الجنوب، والخطر الآتي من الشرق، وحتى الشمال، طغى مناخ الحرب المتجدّدة على الوضع الداخلي، مع تصريحات، غريبة وتخدم توجُّه الكيان الاسرائيلي المعادي ادلى بها المبعوث الاميركي الى المنطقة ستيف ويتكوف ، ويطالب فيها لبنان التوجُّه الى مفاوضة اسرائيل، عبر شخصية مدنية، ولا اعمار للجنوب او المناطق المتضررة قبل اطلاق السلام مع اسرائيل.
وفي نيويورك، حذرت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان بلاسخارت من الانعكاسات الخطيرة لما يجري على لبنان، في احاطتها حول القرار 1701، التي قدمتها الى مجلس الامن.
بإنتظار ان تبت الحكومة في جلستها ظهر غدٍ الخميس إعتماد الصيغة النهائية لمنهجية التعيينات الادارية، ومناقشة موضوع التحول الرقمي في القطاع العام، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك انها ستتوجه إلى لبنان اليوم الأربعاء.
وعلمت «اللواء» ان بيربوك ستزور لبنان زيارة قصيرة لساعات قليلة قادمة من سوريا، وتلتقي قرابة الثالثة بعد الظهر رئيس الجمهورية جوزاف عون بحضور وزير الخارجية يوسف رجّي.
مجلس الوزراء والآلية
وغداً، تعقد الحكومة جلسة ثانية في السراي الكبير، لاستكمال آلية التعيين في حين لم يتوضح بعد ما اذا كانت جلسة الجمعة، ستعقد لتعيين حاكم لمصرف لبنان، وفقاً للمعلومات، نظراً للخلاف المتجدد حول شخصية الحاكم واسمه، والجهات الدولية الداعمة له.
عون: لا إصلاح بلا قضاء مستقل
ورأى الرئيس جوزف عون انه «عندما لا يوجد قضاء عادل لا توجد محاسبة، وعندها لا تسود حتى «شريعة الغاب» لان الغاب له شريعة، اما هنا، فقد غابت كل الشرائع.. وربط بين الاصلاح والقضاء المستقل، مشيراً الى ان المظلة الكبيرة التي تحمي البلد هي المصلحة العامة.
سلام:أولويات متلازمة
وفي افطار «دار الايتام الاسلامية» الذي نظم غروب امس تحت عنوان «لبنان يبنيه تضامن بنيه»، بحضور ممثل الرئيس نبيه بري الوزير ياسين جابر والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ورؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وسعد الحريري (ممثلاً بأحمد الحريري) وحسان ذياب، اكد الرئيس نواف سلام «اننا سنبقى دائمًا إلى جانب كل لبناني يؤمن بأن الدولة هي الملاذ الأول والأخير»، مشددا على ان «تأمين الإنسحاب الإسرائيلي أولوية، وإطلاق ورشة إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت أولوية، وتأمين الكهرباء أولوية، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي أولوية، واستقلال القضاء أولوية، وإصلاح الادارة اولوية، وانصاف المودعين وهيكلة المصارف وإعادة رسملتها واستجلاب المستثمرين أولوية، والتزام برنامج مساعدات العائلات الفقيرة أولوية، على أن الأولوية المطلقة تبقى للعمل على إعادة بناء الدولة، بإداراتها ومؤسساتها، وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية، كما نص عليه اتفاق الطائف».
وأكد الرئيس نواف سلام على ان آلية التعيينات ستقر الخميس، مشدداً على اهمية اللجنة الوزارية لمواكبة ملف الحدود ومكافحة التهريب على المعابر غير الشرعية.
وأكد العمل على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار في الخريف المقبل في بيروت لاعادة لبنان الى خارطة الاهتمام العربي والدولي، مشيراً الى ان العمل مستمر لرفع حظر سفر المواطنين السعوديين الى لبنان، ورفع الحظر عن الصادرات اللبنانية الى السعودية.
توغُّل سوري في حوش السيد علي
بقاعاً، توغل الجيش السوري في بلدة حوش السيد علي، مسيطراً على جزء منها، فيما الجيش اللبناني يقف عند مدخلها.
وكان الجيش اللبناني بدأ التحضير للدخول إلى أحياء حوش السيد علي من الجهة اللبنانية، بعد توغّل القوات النظامية من الجيش والأمن العام السوري فيها. ويأتي دخول الجيش اللبناني بناء على اتفاق بين أجهزة مخابرات البلدين على خلفية اتصال جرى بين الوزير منسى ونظيره السوري أبو قصرة، أفضى إلى وقف إطلاق النار وانسحاب المسلحين من الطرفين.
وعلمت «اللواء» ان وزير الخارجية يوسف رجّي مهّد للإتصال بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري خلال لقائه وزير خارجية السلطة السورية المؤقتة محمد الشيباني في بروكسل خلال لمؤتمر الخاص بالوضع السوري، وناقش معه ضرورة وقف اطلاق النار والمواجهات ومعالجة هذه الازمة المستجدة، وحاول الوزير شيباني القاء المسؤولية على حزب الله، لكن الوزير رجّي أصرَّ على معالجة الوضع وطلب منه الاتصال بوزير الدفاع السوري للتواصل مع نظيره اللبناني واعطاه رقم الوزير منسى، وفعلا تواصل وزيرا الدفاع وإتفقا على وقف اطلاق النار وبدء التنسيق بين مخابرات البلدين حتى توقف القتال، وبذلك انحصر العمل على التهدئة بالجهات العسكرية بعد التمهيد الدبلوماسي.
وكان يفترض بعد هذا الاتفاق انسحاب القوات السورية من الاراضي اللبنانية التي دخلتها في البلدة بعد انتشار الجيش اللبناني فيها. لكن افيد مع بداية المساء عن تجدد الإشتباكات عند الحدود اللبنانية – السورية لناحية حوش السيد علي.
وسيطر الهدوء الحذر نهار أمس على منطقة الحدود الشرقية الشمالية لجهة بلدة حوش السيد علي وبلدة القصر ومحيطها وغابت الاشتباكات. وشوهدت تحضيرات للجيش اللبناني للدخول إلى أحياء بدلة حوش السيد علي من الجهة اللبنانية.
وقال مختار حوش السيد علي اللبنانية: ان مسلحي «هيئة تحرير الشام» يحتلون 5 كلم من اراضي البلدة. ويسرقون المنازل.
وحلّقت طائرة استطلاع تابعة للجيش اللبناني في اجواء المنطقة الحدودية الشمالية اللهرمل مع سوريا التي شهدت معارك مساء امس الاول، لمراقبة الوضع.
من جهة ثانية، فرّ نحو 13 ألف سوري الى شمال لبنان منذ اندلاع أعمال العنف في منطقة الساحل، في غرب البلاد في السادس من آذار،وفق ما أفادت غرفة إدارة الكوارث والأزمات التابعة لمحافظة عكار اللبنانية.
وأحصت الغرفة وفق تقرير اطلعت صحفي وصول 12798 سورياً الى المحافظة الحدودية، توزعوا على 23 بلدة وقرية حيث يقيمون لدى عائلات أو في قاعات ومستودعات..
وليلاً سقطت قذيفة عند حاجز للجيش اللبناني عند مدخل حوش السيد علي.
البناء:
الرئيسان الروسي والأميركي يضعان إطار الحل الأوكراني والتشاور حول الملفات
نتنياهو بدعم ترامب يستأنف الإبادة في غزة: 350 شهيداً من النساء والأطفال
اليمن يستهدف قاعدة نيفاتيم الجوية… والحوثي: نذهب بالتصعيد إلى أعلى مستوياته
كتب المحرّر السياسيّ
تمكن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب من صياغة إطار للحل الأوكراني خلال اتصال هاتفي مطول بينهما، حيث تفيد المعلومات التي وزعها الكرملين عن مضمون الاتصال بين الرئيسين أن المبادئ التي يجب تثبيتها لانطلاق مسار التفاوض حول أوكرانيا في السعودية كما تم الاتفاق، قد جرى توضيحها، وأن موسكو تتصرف بعدما نجحت باسترداد كامل إقليم كورسك الروسي الذي كانت القوات الأوكرانية قد نجحت باختراقه بدعم أميركي في الصيف الماضي، تتصرف كمنتصر في الحرب، وأن واشنطن تسلم بهذا الانتصار الروسي وتدعو كييف للتعامل مع الأمور بواقعية، وتقول المعلومات الروسية إن الاتفاق خلال الاتصال تم على التشاور في كل الملفات الدولية إضافة للعلاقات الثنائية وخفض سباق التسلح وتفعيل اتفاقيات خفض التوتر النووي.
وعن المنطقة تفيد المعلومات الروسية بالتركيز على دور محوري للسعودية في حلول المنطقة سواء ما يتصل بالقضية الفلسطينية أو ما يمكن للتعاون الإيراني السعودي إنجازه في خفض التوترات الإقليمية، إضافة للتأكيد على حل تفاوضي لتعقيدات الملف النووي الإيراني.
في المنطقة استفاق الناس على حرب إبادة بدأها بنيامين نتنياهو فجراً على قطاع غزة مستأنفاً الحرب التي توقفت قبل شهرين. وقالت التصريحات الأميركية والإسرائيلية إن الحرب تتمة لما بدأه ترامب في حربه على اليمن، وإن الهدف هو استخدام المزيد من القتل والتدمير لفرض شروط جديدة على المقاومة في غزة، إضعاف قدرة اليمن على إسنادها بعدما خرج لبنان والعراق من القدرة على الإسناد وتغيّر الوضع في سورية، وكانت حصيلة اليوم الأول لحرب الإبادة قرابة 450 شهيدا منهم 350 امراة وطفلاً، بينما بدأت التظاهرات الحاشدة تخرج في شوارع المدن الغربية طلباً لوقف الإبادة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني والمقاومة في غزة، وبدأت مؤشرات خجولة في بعض المدن العربية ينتظر أن تتسع وتكبر حتى يوم الجمعة المفترض أن يشهد تحركاً عالمياً عربياً جامعاً لنصرة غزة.
اليمن واصل عملياته في البحر الأحمر، حيث استهدفت القطع البحرية الأميركية، وردا على استئناف حرب الإبادة قامت القوات اليمنية بإطلاق صواريخ فرط صوتية نحو قاعدة نيفاتيم الجوية في النقب، وانطلقت صفارات الإنذار في جنوب فلسطين المحتلة وهرع آلاف المستوطنين إلى الملاجئ، بينما قال قائد حركة أنصار الله، نؤكد أننا سنستأنف التصعيد في أعلى مستوياته وسنعمل كل ما نستطيعه ضد العدو الإسرائيلي.
يعقد مجلس الوزراء، جلسة غداً الخميس، لاعتماد الصيغة النهائيّة لمنهجية التعيينات الإدارية ومناقشة التحول الرقمي في القطاع العام في حين تشير أوساط سياسية إلى أن البحث بدأ في تعيين حاكم لمصرف لبنان وفي التعيينات القضائيّة. وبحسب هذه الأوساط فإن النقاش دائر حول اختيار اسم من اسمين وهما كريم سعيد ووزير المال الأسبق جهاد أزعور.
وأكد رئيس الحكومة نواف سلام العمل على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار في الخريف المقبل في بيروت، لإعادة لبنان إلى خريطة الاهتمام العربي والدولي، لافتاً خلال استقباله في السرايا وفداً من مجلس الأعمال اللبناني – السعودي إلى أن العمل مستمرّ لرفع حظر سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان ورفع الحظر عن الصادرات اللبنانية إلى السعوديّة.
وعلى هامش إفطارٍ أقامته دار الأيتام الإسلاميّة في بيروت، أكدّ رئيس الحكومة أن «معالجة كلّ أمراض جسمنا العليل تُعَدّ أولوية. لذلك سنعمل بطريقة الخطوط المتوازية، لنستطيع إنجاز أكثر من ملف في أسرع وقت ممكن. فتأمين الانسحاب الإسرائيلي أولويّة، وإطلاق ورشة إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت أولوية، وتأمين الكهرباء أولوية، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي أولوية، واستقلال القضاء أولوية، وإصلاح الإدارة أولوية، وإنصاف المودعين وهيكلة المصارف وإعادة رسملتها واستجلاب المستثمرين أولوية، والالتزام ببرنامج مساعدات العائلات الفقيرة أولوية». مشيرًا إلى أن «الأولوية المطلقة لإعادة بناء الدولة بإداراتها ومؤسساتها، وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانيّة بقواها الذاتيّة، كما نصّ عليه اتفاق الطائف»، مشدّداً على أن ذلك «يشعر المواطنين بالأمن والأمان، ويعزّز الاستقرار، ويطمئن بيئة الأعمال، وهي شروط ضروريّة للنهوض بالاقتصاد وتوفير فرص عمل لأبنائنا».
وقال سلام في كلمته: ولّت عهود الفرص الضائعة، وعلينا جميعاً أن نتعاون لإنجاح فرص الإنقاذ المتاحة في هذا العهد الجديد، لنكون على مستوى الثقة التي أولانا إيّاها اللبنانيون في الداخل، والأشقاء والأصدقاء في الخارج، والذين لن يبخلوا علينا بالدعم والمساعدة، إذا عرفنا نحن أن نساعد أنفسنا أولاً وأخيراً».
وتابع سلام: «من أهم مقوّمات الاستقرار الاجتماعي العمل بجدّية لتحقيق الإنماء المتوازن، خاصة في المناطق المحرومة تاريخيًّا، من عكار شمالًا إلى الناقورة والقرى المنكوبة جنوبًا، وصولًا إلى بعلبك والهرمل شرقًا. نريد لأبناء هذه المناطق أن يعيشوا في كنف الدولة العادلة والقادرة على تلبية حاجاتهم الإنمائيّة، ويتمتعوا بحياة كريمة في مناطقهم. في الشمال، نستعدّ لتفعيل المنطقة الاقتصادية وتشغيل مطار القليعات الذي يوفر آلاف الوظائف لأبناء المنطقة. وفي الجنوب، سنُعيد إعمار القرى المهدّمة بأسرع مما يتصوره كثيرون من خلال دعم ومساعدات الأشقاء والأصدقاء. وفي البقاع، سنشجّع الزراعات ذات الإنتاجية والمردود المالي العالي لأهلنا في محافظة بعلبك والهرمل، ليعيشوا حياة هانئة بعيدًا عن أجواء القلق والخوف التي عانت منها أجيال وأجيال».
وختم بالقول: «وعدنا في البيان الوزاري باستكمال تطبيق ما لم يُنفَّذ بعد من اتفاق الطائف، ومنه الهيئة الوطنية المولجة البحث في سبل الإلغاء التدريجي للطائفية السياسية التي نصّت عليها المادة 95 من الدستور. وذلك بهدف استئصال آفة الطائفية التي تضرب الحياة الوطنية، وتعطّل طموح الشباب في الوصول إلى دولة القانون والمؤسسات القائمة على العدالة والمساواة بين المواطنين، والتي تعتمد الشهادة العلميّة والكفاءة في الوظائف العامة بدل الهوية المذهبية أو الزبائنية السياسيّة».
في سياقٍ آخر، اجتمعت لجنة الدفاع الوطنيّ والداخلية والبلديات في مجلس النواب بدعوة من رئيس اللجنة النائب جهاد الصمد، في حضور وزيري الداخلية والدفاع والمديرين العامّين للأجهزة الأمنية اللبنانية، إضافةً إلى مدير المخابرات في الجيش اللبناني ومدير العمليّات في الجيش اللبناني. وتناول الاجتماع الأوضاع الأمنية المستجدّة، ولا سيّما في الشمال والبقاع. وتمّ الاتفاق على «إصدار توصية للحكومة تقضي بإيفاد وفد رسميّ لبنانيّ إلى سورية للقاءات فورية، على أن يتكوّن هذا الوفد من وزيري الداخلية والدفاع وعضويّة قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية، بهدف تشكيل لجان ارتباط وتنسيق مباشرة في النقاط الحسّاسة الحدودية، لا سيما في عكار والهرمل وعرسال والمصنع، بما يسمح باستدراك أي حوادث قبل وقوعها وتفاعلها». كما أكّد النوّاب الحاضرون ضرورة التزام تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، وألّا يُطبَّق من جهة واحدة، وإلزام الدول الراعية لهذا القرار ولاتفاق وقف النار، «إسرائيل»، بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وتطبيق بنود هذا الاتفاق».
وتمّ البحث في «ملفات عدة مثل النقص في عديد قوى الأمن الداخلي وما يؤدي إليه من بطء في سوق الموقوفين إلى القضاء، إضافة إلى نقص الآليات والمحروقات. وقد وعد وزير الداخليّة بخطة وتحرّك جديّ، بدءًا من إجراء المناقلات والتشكيلات الجديدة في الأجهزة الأمنية».
إلى ذلك توقف القصف والاشتباكات على جانبي الحدود بين لبنان وسورية، بعد وصول وزارتي الدفاع اللبنانية والسورية إلى اتفاق وقف إطلاق نار، بعد اتصال وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى بنظيره السوري مرهف أبو قصرة، بحثا خلاله «التطورات على الحدود اللبنانية – السورية». وشارك الجيش اللبناني، بعد تعليمات من قيادة الجيش، في الردّ على مصادر النيران من الجانب السوري، ما أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية عن قيام الوزير يوسف رجي ببحث التطورات على الحدود مع نظيره السوري أسعد الشيباني في بروكسل، حيث اتفق الجانبان على متابعة الاتصالات «بما يضمن سيادة الدولتين، ويحول دون تدهور الأوضاع. وكان سقط من الجانب السوري 11 قتيلاً، فيما سقط في الجانب اللبناني، 7 قتلى مدنيين وجرح عشرات آخرين، حسب وزارة الصحة اللبنانية.
وأمس، استمعت قاضي التحقيق في الشمال سمرندا نصار الى الوزير وليد فياض بصفة شاهد، لساعتين تقريباً. وقد تمّ خلال هذا الوقت استعراض المراحل التاريخية لمشروع سد المسيلحة والاستفسار عن نقاط أساسيّة تتعلق بالشركات المنفذة والاستشارية، هذا وتمّ الادعاء أمس، على الشركتين الإيطالية «مالتورو Maltauro» والفرنسية «»Coyne et bellier»». وحدد موعد الجلسة المقبلة في 8 نيسان المقبل، حيث ستشهد بدء التحقيق مع المدعى عليهم، وبعدها يستكمل الاستماع للوزراء المتعاقبين على الوزارة بصفة شهود في هذه القضية.
من جهة أخرى، دان حزب الله استئناف العدو الإسرائيلي حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأشار إلى أنّ «قرار حكومة نتنياهو الإرهابية بالانقلاب على وقف إطلاق النار واستئناف إشعال الحرب بشراكة كاملة مع الإدارة الأميركية وسط صمت دولي مخزٍ، يؤكد أنّ هذا الكيان المارق ومعه الإدارة الأميركية لا يحترمان أي تعهّدات واتفاقات، وأنّهما وجهان لعملة واحدة متعطشة للدماء لا تعرف إلا لغة القتل والتدمير. كما يفضح ذلك حقيقة الإدارة الأميركية في سعيها المستمر إلى زعزعة استقرار المنطقة عبر العدوان على فلسطين ولبنان وسورية واليمن، بدعمها المطلق لأداتها العسكرية الصهيونية، وسعيها لفرض سياسات ووقائع جديدة بقوة النار». وطالب ما تبقى من المجتمع الدولي الحر، ومن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتحرّك العاجل لوقف هذه الجريمة المتمادية ضد الإنسانية، ورفع الصوت عاليًا للجم التوحّش الصهيوني الأميركي.
المصدر: صحف