الهجرة من “إسرائيل”.. الأسباب والنتائج – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الهجرة من “إسرائيل”.. الأسباب والنتائج

الهجرة من اسرائيل
ذوالفقار ضاهر

تتزايد المعلومات والأخبار عن ارتفاع أعداد المستوطنين الصهاينة الذين يغادرون كيان العدو الاسرائيلي، خاصة في الفترة التي تلت توقف العدوان على لبنان وغزة وسريان اتفاق وقف إطلاق النار على الجبهتين.

وبعد مرور عشرات السنوات على تأسيس الكيان الاسرائيلي على أرض فلسطين وعلى حساب حقوق شعبها، انفضحت الوعود الكاذبة التي كانت تطلق من قبل القيادات الصهيونية لليهود حول العالم لحثهم على السفر الى الكيان والإستيطان فيه، وتبين مع الوقت ان “جنة عدن” التي وعدوا بها ما هي إلا كذبة اخترعتها قيادات الصهيونية العالمية بالتنسيق مع الأنظمة الاستكبارية في الغرب، بينما الواقع فيه الكثير من الصعوبات والتعقيدات التي تفوق -في كثير من الاحيان- الأوضاع في البلدان الاصلية.

الهجرة من اسرائيلوهنا تطرح تساؤلات عديدة عن الأسباب الحقيقية التي تدفع المستوطنين للهروب من “إسرائيل” على الرغم من كل القوة التي تمتلكها بدعم اميركي غربي واضح؟ هل الأسباب الحقيقية تتعلق بالاوضاع الامنية بعد الحرب على جبهتي غزة ولبنان ام ان الامر يتعلق بالاوضاع الاقتصادية الضاغطة ام ان هناك اسباب اخرى؟ وهل الهدف من الرحيل هو العودة الى المواطن الأصلية أم ان الامر يتعلق بفترات مؤقتة قد يعود من بعدها الصهاينة الى أرض فلسطين المحتلة؟ وهل تسمح القيادات الصهيونية الحاكمة في الكيان باستمرار هذه الهجرة العكسية بما يؤدي الى ضرب كل المشروع والحلم الصهيوني بموطن لهم في المنطقة؟

حول كل ذلك، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي أيمن علامة إنه “عند تأسيس الكيان الصهيوني كانت هناك عدة مرتكزات لإستمرارية هذا الكيان والزعم بأنه كيان الأمن لجميع يهود العالم”، وتابع “إلا انه مرور الوقت وبروز تحولات في البيئة الإستراتيجية للكيان بدأ يبرز السؤال عن ماهية هذا الكيان ووظيفته الى أن وصل السؤال حول ضرورة وجوده؟”، واضاف “عندما صرح بن غوريون ان هذا الجيش هو جيش الشعب، يقصد بأن الجيش وظيفته الاولى اجتماعية وليست فقط عسكرية، لان هناك مشكلات مجتمعية بالكيان حول من هم الآباء المؤسسين للكيان بالإضافة الى الصراع الطبقي والصراع الاثني العرقي والصراع السياسي المتمثل بين اليسار واليمين”، واعتبر ان “كل ذلك أدى الى شعور المواطن اليهودي بعدم جدوى البقاء في الكيان الصهيوني”.

طوفان الاقصىولفت علامة في حديث لموقع قناة المنار الالكتروني الى انه “في 7 أكتوبر 2023 سقط مرتكز الردع وحماية مستوطني غلاف غزة”، وتابع “عاد السؤال عن الوجود يطرح بقوة في أوساط الكيان الصهيوني، وأيضا برزت إيحاءات وتصريحات عن عدم إعطاء سكان الأطراف في الكيان الأهمية نفسها كما هو حال سكان الوسط (غوش دان) وهذا برز ايضا عند مستوطني شمال فلسطين المحتلة”، بالإضافة الى ما سببته أزمة التعديلات القضائية وإجراء عدة انتخابات في الكنيست، على صعيد المجتمع الإسرائيلي من انقسامات حتى وصلت الى المؤسسة العسكرية”.

وأشار علامة الى ان “ما زاد من الخوف والتفكير بترك الكيان هو ما سببته جبهة الاسناد اللبنانية لقطاع غزة ومن ثم توسع الحرب من خسائر وأضرار وتهجير للسكان”، واوضح ان ذلك “أدى الى ازدياد الانقسامات المجتمعية والسياسية في الكيان وعدم حماية الجبهة الداخلية وخاصة من حيفا الى تل أبيب، حيث نجحت المقاومة بتغيير نمط العيش لدى المستوطنين وهذه نتيجة هامة من نتائج الإسناد”، ولفت الى ان “فشل الحرب الاسرائيلية على لبنان وغزة بتحقيق أهدافها، أعاد طرح التساؤلات الجدية حول البقاء وجدواه في هذا الكيان وعن جدوى وجوده”.

الحريديموقال علامة إن “إسرائيل تعيش عدة انقسامات مجتمعية عامودية حادة هي ليست وليدة اليوم بل هي انقسامات تاريخية بين الحريديم والعلمانيين من جهة وبين الغربيين والشرقيين من جهة اخرى”، واضاف “زاد من بروز هذه الانقسامات هزيمة الكيان الصهيوني في حربه الأخيرة وعدم تحقيق الجيش لأهدافه”، ولفت الى ان “ازمة تجنيد الحريديم تزيد من الانقسامات داخل الكيان وتشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر بالائتلاف الحكومي الحالي وبكل المستوى السياسي الاسرائيلي”.

بالمحصلة، فإن كيان العدو يعاني على صعد مختلفة أبرزها في المجال الامني حيث يعيش في حالة من التوتر الدائم، بالاضافة الى ضغوط اقتصادية جمّة ترفع من فاتورة المعيشة للفرد، فهذه الاسباب وغيرها تجعل فرضية “العيش الرغيد” في الكيان المؤقت أكذوبة ما عادت تنطلي على أحد، ما يؤكد انه على المدى البعيد هو كيان غير صالح للحياة ولو تم دعمه بشتى الطرق ، ما يؤكد ان تراكم النقاط سيدفع اكثر فأكثر باتجاه زواله في لحظة معينة تتجمع فيها كل العناصر المطلوبة لأفوله.

المصدر: موقع المنار