كشف المحامي خالد محاجنة عن أنّ أكثر من ألف فلسطيني من قطاع غزة محتجزون في معتقل “سدي تيمان”، ويعيشون ظروفا مأساوية، وذلك عقب السماح له بزيارة السجن، كأوّل محامٍ يتمكن من دخول هذا المعتقل ذي السمعة السيئة.
وكانت وسائل إعلامية، منها قناة “سي إن إن” الأمريكية، أوردت شهادات عن انتهاكات جسيمة تمارسها سلطات الاحتلال في السجن المذكور، بحقّ المئات من الأسرى الذين اختطفوا من غزة خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وفي وصفه لأوضواع الأسرى في السجن، أوضح المحامي محاجنة، في لقاء مع “التلفزيون العربي”، أنّ المعتقلين ممنوعون من الوقوف، ومقيدو الأيدي، ومعصوبو الأعين طوال الوقت، حتى أثناء النوم.
وعن كيفية توزيع الأسرى داخل السجن، أوضح المحامي أنّ الأسرى محتجزون في أربعة “براكيّات”، كل منها يحتوي على ما بين 100 إلى 150 معتقلاً. وأضاف أنّ المعتقلين ينامون على الأرض، دون أغطية تدفئهم، أو وسادات يريحون عليها رؤوسهم. أمّا بالنسبة للصلاة، فقد أكّد محاجنة أنّ الاحتلال يمنع الأسرى من ممارسة الشعائر الدينية.
وشدّد المحامي على أنّ تنكيل الاحتلال بالأسرى في معتقل “سدي تيمان” ليس لانتزاع اعترافات منهم بشأن المقاومة فحسب، بل من أجل الانتقام منهم، لأنّهم من قطاع غزة. وذكر محاجنة أنه التقى الصحفي المعتقل محمد عرب، المعزول في معتقل “سدي تيمان” عن العالم الخارجي منذ أكثر من 100 يوم.
وأشار المحامي، نقلاً عن الصحفي محمد عرب، إلى أنّ المحققين في “سدي تيمان” هم من وحدات الجيش الخاصة، وليس محققي المخابرات أو الشرطة الإسرائيلية كما هو معتاد. وأضاف أنّ سلطات الاحتلال حققت مع الصحفي محمد عرب مرتين، أولاهما بعد أربعين يوماً من اعتقاله، والثانية قبل نحو شهر، حيث تركّزت تحقيقاتهم حول علاقته بالمقاومة.
وأكّد المحامي أنّ قاضي التحقيق أبلغ الصحفي محمد عرب أنه معتقل لأجل غير معلوم، وأنّ محكمة إسرائيلية تنوي تمديد اعتقاله. وحذّر من أنّ الأسرى الفلسطينيين لا يحظون بمحاكمات عادلة في المعتقلات الإسرائيلية، لافتاً إلى أنّ المؤسسات الحقوقية في عجز تام أمام الإجراءات الإسرائيلية.
وشدّد محاجنة على أنّ معاناة المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة في سجن “سدي تيمان” ليست أقل مما يواجهه سكان قطاع غزة أنفسهم. ويرى المحامي أنّ إسرائيل استغلت وضع الطوارئ لتنفيذ كل وسائل التنكيل بحق الأسرى، كما تحدث عن وجود اعتداءات جنسية واغتصاب داخل المعتقل.
وأكّد هناك 6 أسرى على الأقل استشهدوا داخل معتقل “سدي تيمان” خلال الفترة الماضية نتيجة للتعذيب الذي تعرضوا له من قِبَل سلطات الاحتلال.
وفي تفاصيل الشهادة التي نقلها محاجنة عن الزميل محمد عرب، التي أوردتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، جاء أن “إدارة المعسكر تبقي المعتقلين مقيدين على مدار 24 ساعة، ومعصوبي الأعين، فمنذ خمسين يومًا لم يبدل محمد ملابسه، وقبل الزيارة فقط سُمح له باستبدال بنطاله، بينما بقي بسترة لم يستبدلها منذ خمسين يومًا”.
وأوضح في شهادته “أنهم يتعرضون على مدار الوقت لعمليات تعذيب، وتنكيل، واعتداءات بمختلف أشكالها ومنها اعتداءات جنسية، ومنها عمليات اغتصاب، والتي أدت مجملها إلى استشهاد معتقلين، كما أنّ عمليات الضرب، والتنكيل، والإذلال، والإهانات لا تتوقف، ولا يُسمح لأي معتقل الحديث مع أي معتقل آخر، ومن يتحدث يتم الاعتداء عليه بالضرب المبرح، حتى أصبح المعتقلين يتحدثون مع أنفسهم، ويستمرون بالتسبيح والدعاء في سرهم، وهم محرمون من الصلاة، ومن ممارسة أي شعائر دينية”.
أما بالنسبة لظروف احتجاز المرضى والجرحى منهم هناك من بُترت أطرافهم، وتمت إزالة الرصاص من أطرافهم دون تخدير. ونقل المعتقل عرب المزيد عن أبرز ظروف الاحتجاز التي يخضعون لها، فعدا عن عملية التقييد والتعصيب التي تتم على مدار الوقت، فهم محاطون بالكلاب البوليسية على مدار الوقت، ويُسمح لكل أربعة معتقلين استخدام دورة المياه لمدة دقيقة، ومن يتجاوز الوقت يتعرض لـ”العقاب”.
وينام الأسرى على الأرض، ويستخدمون أحذيتهم كمخدات للنوم، وبالنسبة للاستحمام فإنّ الوقت المتاح مرة واحدة في الأسبوع لمدة دقيقة، ويُمنع النوم خلال النهار، ولفت إلى أنّه وبعد اعتقاله بخمسين يومًا تم السماح له بحلاقة شعره، أما على صعيد الطعام فهو عبارة عن لقيمات من اللبنة، وقطعة من الخيار أو البندورة وهي الوجبة التي تقدم لهم على مدار الوقت”.
ووجه عرب رسالة عبر المحامي محاجنة إلى العالم وإلى كافة المؤسسات الحقوقية الدّولية، بأنّ “ما يتعرضون له لا يقل بمستواه عن الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في غزة”، ووجه مطالبته بضرورة التّحرك الفوري لإنقاذهم والاستمرار في نقل معاناتهم.
وأكدت هيئة الأسرى ونادي الأسير، في بيان، أنه “في ظل هذه الزيارة التي حملت تأكيدًا جديدًا على مستوى الجرائم المروّعة التي يتعرض لها الأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال، وتحديدًا ظروف الاعتقال التي يتعرض لها معتقلو غزة منذ بدء حرب الإبادة، حيث جاءت هذه الزيارة بعد تعديلات جرت على اللوائح الخاصة بلقاء المحامي بمعتقلي غزة مؤخرًا”.
وأشارت إلى أن “الاحتلال فرض سياسة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة منذ بدء حرب الإبادة، ورفض الإفصاح عن مصيرهم، وأعدادهم، وأماكن احتجازهم، إلا أنّه وبجهود من المؤسسات المختلفة والتي تتم بصعوبات وتحديات كبيرة، تمكّنت بمستوى معين معرفة بعض التفاصيل المتعقلة بقضية معتقلي غزة، علمًا بأنّ معرفة بعض أماكن احتجازهم، لا ينفي عدم وجود سجون سرية أقامها الاحتلال لاحتجاز معتقلين من غزة”.
وحمّلت هيئة الأسرى ونادي الأسير، “سلطات الاحتلال والدول الداعمة لها في حرب الإبادة المستمرة بحق شعبنا، المسؤولية الكاملة عن مصير الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، لا سيما في ظل مستوى الجرائم المروّعة وغير المسبوقة بمستواها راهنا والتي تشكل أحد أوجه الإبادة المستمرة”، وأكدت الهيئة والنادي على أنّ “كافة السياسات والجرائم التي نرصدها اليوم، ما هي إلا سياسات ثابتة وممنهجة استخدمها الاحتلال على مدار عقود طويلة إلا أنّ المتغير فقط بكثافتها”.
المصدر: عرب 48 + المركز الفلسطيني للاعلام