أجواء سلبية تسيطر على المفاوضات غير المباشرة في العاصمة المصرية القاهرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي. عكست الأخيرة عدم جدية واشنطن في ايجاد حل واقعي إذ إنها لا تزال تمارس ضغوطاً على المقاومة للرضوخ للمطالب الاسرائيلية بالكامل، وهنا عودة إلى معادلة “ما لم يؤخذ في الميدان، يؤخذ في السياسة”.
برز ذلك جلياً في ما أعلنه القيادي في حركة حماس، محمود مرداوي أن “المقترح الأخير المقدّم لنا، نعتبره عرضاً إسرائيلياً مرفوضاً، وهو لا يتطرق بأي حال من الأحوال إلى المطالب الفلسطينية المتمثّلة بالانسحاب الشامل ووقف إطلاق النار وإعادة النازحين دون قيد أو شرط والإغاثة والإعمار بما يلبّي مطالبنا مطلقاً”. يأتي ذلك بالتزامن مع اعلان الحركة أن قيادتها تدرس “المقترح المقدم بكل مسؤولية وطنية وستبلغ الوسطاء بردها حال الانتهاء من ذلك”، مع التأكيد على أن “موقف الاحتلال بشأن صفقة التبادل ما زال متعنتاً”.
في التفاصيل، التي نقلتها مصادر إعلامية، فقد أعلنت حركة حماس رفضها مقترحاً قدّمه مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز واصفة إياه بالمقترح الإسرائيلي، إذ إن المقترح الجديد. وفي هذا السياق، سُرّب أن المقترح الأميركي المذكور “التزم طلب العدو بعدم الحديث عن وقف نهائي للحرب، مشيراً إلى هدنة تليها مفاوضات من أجل هدوء مستدام”.
وبحسب ما هو متداول، فإن هذا المقترح “لا يلزم “إسرائيل” بالخروج من القطاع، بل بإعادة انتشار تجعل قواتها خارج التجمعات السكانية، مع بقاء قوات الاحتلال في وسط القطاع. كذلك يشير المقترح إلى أفكار بشأن المساعدات وتبادل الأسرى لكنها تبقى عامة جداً، وتحتاج بحد ذاتها إلى مفاوضات كبيرة”. كذلك المقترح الأميركي يتطابق مع الرؤية الاسرائيلية للوضع في شمال القطاع في فترة ما بعد الحرب، “من خلال الحديث عن عودة نازحين غير مسلحين، ويُقصد بذلك السماح للأطفال والنساء وكبار السن بالعودة إلى الشمال بعد التدقيق في أوراقهم، وترك الرجال بين عمر 17 و60 سنة في تجمعات النازحين في الجنوب، ما يسهّل قتلهم جميعاً بعد تصنيفهم كعسكريين”.
وبالرغم من كل هذا الحرص الأميركي على مطالب الكيان ورؤيته، بالرغم من أن الأخير حتى اللحظة لا يفاوض من منطلق المنتصر في الميدان، بالرغم من ذلك فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا زال يغرد خارج سرب واشنطن إلى حد كبير. فقد أعاد التأكيد أن “النصر يتطلّب الدخول إلى رفح والقضاء على كتائب القسام هناك”، زاعماً تحديده موعداً لذلك. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “نتنياهو غير موافق على المقترح الأميركي، في حين أيّده معظم أعضاء حكومة الحرب”. وأشارت المصادر إلى أن “نتنياهو وجّه فريق التفاوض بعدم موافقة إسرائيل على المقترح الأميركي”، مضيفة أن “نتنياهو جدّد عزمه على دخول رفح، على خلفية ضغوط اليمين وتصريحات (إيتمار) بن غفير و(بتسلئيل) سموتريتش”.
ضغوط مستمرة على نتنياهو
يأتي ذلك في وقت نقلت فيه القناة الـ12 الإسرائيلية عن وزير الحرب يوآف غالانت قوله “سنكون مستعدين لدفع بعض الثمن، وبعدها سنعود لنحارب”.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عائلات المحتجزين في قطاع غزة طالبت أعضاء الكابينت بعدم السماح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “بنسف صفقة التبادل”، داعية في الوقت ذاته إلى “عدم السماح لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإجبار نتنياهو على نسف الصفقة”.
من جهته، الوزير المستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي غدعون ساعر أكد أن “هناك حاجة إلى تصحيح وتجديد كبير في النظام السياسي”، موضحاً أنه “لا يمكن لقيادة 7 أكتوبر الاستمرار”، قائلاً “أنوي العمل مع الآخرين لدفع الانتخابات قدماً”.
وقال سفير الكيان لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان إن “الدعم الدولي لتل أبيب يضعف”، مضيفا أن “مواقف معظم الدول ترتبط بمصالحها الداخلية”، على حد تعبيره.
مباحثات بين غالانت وأوستن بشأن غزة
وأعلن البنتاغون أن وزير الحرب لويد أوستن بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت “الحاجة لزيادة وصول المساعدات إلى غزة”، حسب زعم البنتاغون. وقال إن “أوستن بحث مع غالانت تحقيق الجيش الإسرائيلي في الهجوم على عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي”.
وأوضح أن “غالانت قدم تفاصيل بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من أجزاء من غزة ومستقبل الحملة الإسرائيلية على حماس”، حسب قول البنتاغون.
بوريل: الحل العسكري في غزة غير ممكن… ودعوات أوروبية لادخال المساعدات
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أكد أن “القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عسكرياً لن يحل المشاكل الأساسية، ومن الضروري التوصل إلى حل سياسي”، لافتاً إلى أن “الحل العسكري لإنهاء الصراع في غزة غير ممكن”.
وطالب بوريل “بوقف إطلاق النار وعدم مهاجمة رفح وزيادة الدعم الإنساني لغزة والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن”.
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي سيباستيان سيغورنيه إنه “يجب الضغط وربما فرض عقوبات على “إسرائيل” لفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة”. وقال وزير الخارجية الدانماركي لارس راسموسن إن الكيان “يتحمل المسؤولية عن إيصال المساعدات إلى غزة”.
تطوارت العدوان
ولليوم الـ186 من العدوان على غزة، واصل الاحتلال ارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين. وأعلنت وزارة الصحة بغزة استشهاد 153 فلسطينيا وإصابة 60 آخرين جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية. وارتفع بذلك عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى 33 ألفا و360 شهيدا، و75 ألفا و993 مصابا.
وكشف الدفاع المدني الفلسطيني أنه تم انتشال جثامين 409 شهداء من مجمع الشفاء الطبي بغزة منذ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي. وما زالت الطواقم الطبية تواصل عملها بحثا عن مفقودين تحت الأنقاض في مجمع الشفاء.
#شاهد | شهادة طبيبة فلسطينية حول عمليات التصفية والاعتقال أثناء حصارهم في مجمع الشفا.ء بغز.ة pic.twitter.com/fmavrie82H
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 9, 2024
هذا وعاد بعض أهالي خان يونس إلى المنطقة لتفقّد حجم الدمار الذي حل بمنازلهم وأحيائهم السكنية بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي. ونقلت “أسوشيتد برس” عن خبراء في تتبع الدمار بواسطة الأقمار الصناعية أن نحو 45 ألف مبنى في منطقة خان يونس قد دمرت أو تضررت.
#صور | عائدون إلى خانيونس يتفقدون حجم الدمار بعد انسحاب الجيش منها pic.twitter.com/8YIDjAbE6X
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 9, 2024
وأفادت مصادر بانتشال جثامين 3 شهداء من شرق بني سهيلا في خان يونس ونقلها إلى مستشفى غزة الأوروبي.
⬅️ شاهد ..
سيدة لم تجد في ركام منزلها المدمر سوى أخشاب للطهي عليها pic.twitter.com/SIxZYolX5L— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 9, 2024
وفي وقت سابق، شنّت قوات العدو غارات على شمال قطاع غزة، كما أدّى سقوط جريح إثر قصف طائرة مسيّرة إسرائيلية شرقي مدينة رفح جنوبي القطاع إلى سقوط جريح، وشنت قوات الاحتلال غارة على حي التنور شرق مدينة رفح.
هذا وسقط شهيد وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف لجان العشائر المسؤولة عن تأمين المساعدات جنوب شرقي مدينة غزة. كما سقط شهيد و20 جريحاً في قصف جوي إسرائيلي على منزل في مدينة دير البلح وسط القطاع.
المصدر: موقع المنار+مواقع إخبارية