في ظل أجواء عاشوراء التي يحييها العالم الاسلامي يبرز الحديث عن دور المرأة وأهميته على مستويات عدة، سواء خلال او قبل او بعد واقعة الطف في العام 61 للهجرة، بالتوازي يحيي لبنان ومقاومته الذكرى الـ17 للانتصار على العدو الاسرائيلي في تموز-آب 2006، حيث لعبت المرأة في مجتمع المقاومة دورها الفعال ما ساهم بالنصر على العدو.
وقد ساهمت المرأة في كربلاء، برفع مستوى التوعية، ذلك إما عبر الحثّ على المشاركة في المعركة ونصرة الامام الحسين (ع)، أو عبر إظهار مظلومية أهل البيت (ع)، أو بالتأكيد على مشروعية القضية التي خرج من أجلها الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه واستشهدوا في معركة غير متوازنة من الناحية العسكرية البحتة ولكن لها أبعادها التربوية والثقافية والسياسية ولها قيمها المتداخلة في كثير من مجالات القيم الانسانية والحضارية اللامتناهية في الزمان والمكان المفتوحة لكل بني البشر، وبالتالي كانت المرأة الكربلائية تعمل بقيادة السيدة زينب (ع) على تبيان الحق والباطل في هذه المعركة، التي شكلت محطة لمعارك وحروب لم تتوقف ولا ترتبط بوقت او سقف او قضية معينة، وفيها لا يُعترف بكثرة او قلة العدد كمعيار لتحديد مدى صدقها ونزاهتها.
وأدّت المرأة في واقعة الطف وما سبقها وما تلاها، دورا إعلاميا مميزا تجلى بأبهى صوره بنشاط السيدة زينب (ع)، لا سيما بعد واقعة الطف واستشهاد الإمام وأهل بيته وأصحابه، وخاصة ما نقل عنها في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد، وموقفها المدوي بالرد عليه أمام العامة عندما حاول “الاستخفاف” بما جرى، وما زالت كلماتها تترد حتى اليوم “.. ما رأينا إلا جميلا…”، وقد شكّل ردها صوتا إعلاميا صادحا ساهم ويساهم بنشر الوعي الحسيني لكل أحرار العالم منذ عام 61 للهجرة وحتى قيام الساعة.
وانطلاقا من كل ذلك كان للمرأة الحسينية والزينبية دورها في عاشوراء الامام الحسين (ع) كما في غيرها من مراحل النضال ضد الظلم والطغيان على مرّ العصور وصولا الى عصرنا الحاضر، حيث لعبت المرأة دورها في بيئتنا المقاومة من خلال تربية الأجيال على نهج الإسلام المحمدي الأصيل وخط آل البيت (ع) والسيرة الحسينية التي تجلت في أبهى صورها من خلال تضحيات مجتمع المقاومة امام العدو الاسرائيلي منذ العام 1978 ومن ثم خلال الاجتياح الاسرائيلي في 1982 وما تلاها من سنوات جهاد وتضحيات لا يمكن تلخيصها ببضعة سطور وصولا لتحرير العام 2000، ومن ثم الانتصار في تموز-آب 2006 وما تلاها لاحقا من انتصارات على العدو التكفيري في لبنان وسوريا والعراق.
ولا شك ان المرأة (الأم والزوجة والاخت والابنة) المقاومِة لعبت دورها في الإعداد والتربية والمتابعة الحثيثة والتوجيه والتعليم والصون من الآفات وإظهار القوة في الشخصية، بالاضافة الى دور المرأة في مختلف مجالات الحياة سواء في الاعلام او المجالين الطبي والاجتماعي وصولا للقطاع التربوي والتعليمي.. ناهيك عن الصبر على الغياب وتحمل الآلام والجراح وغيرها من صعوبات الحياة بغياب الرجل الذي يؤدي دوره في ميادين الجهاد، وايضا في التضحية بالصبر على الشهادة وعدم التهاون في تقديم الأنفس والأبناء في سبيل الله، وأحد الامثلة الحية على كل ذلك هم أمهات الشهداء الذين قدموا أولادهم ودفعوا بهم الى مواجهة الظلم الاسرائيلي أسوة بما فعلت أمهات الشهداء في كربلاء، وهناك العديد من الامثلة في مجتمع المقاومة حيث كانت الأم تقدم وحيدها كما فعلت “أم وهب” في معركة كربلاء، وغيرها من الامثلة التي لا تعد ولا تحصى مما شكلت تجسيدا حيا لكربلاء الامام الحسين (ع).
ومهما كتب عن قيم وفضائل وأهمية أداء ودور المرأة المسلمة في عاشوراء والمقاومة، لن توفى حقها، ويكفي ان نشير الى ما سبق ان قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة له fاحتفال ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع) يوم المرأة المسلمة في 18-3-2017 عن امهات وزوجات وبنات واخوات الشهداء والمجاهدين “.. تجد زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم وأمهاتهم، صابرات محتسبات مؤمنات واثقات بالله سبحانه وتعالى، هذا هو النموذج الفاطمي، هذا هو النموذج الزينبي. هؤلاء هنّ النسوة التي يفخر بهن الرسول محمد بن عبد الله (ص)، ويقول هؤلاء نساء أمتي: هؤلاء الشريفات العفيفات المجاهدات الصابرات المحتسبات. هكذا نحفظ عائلتنا ونسوّيها”. وأكد “اليوم نحن ندين ونعترف بفضل هؤلاء الشهداء، أبائهم، أمهاتهم، زوجاتهم، بناتهم، نفتخر ونعتزّ بهم، نشعر بالقصور والتقصير في التعبير عن مشاعرنا إتجاههم.. ولكن هذا نتاجكم ونتاج هذه التربية الفاطمية.. هذه القدوة، هذا الإصرار الزينبي، هذا الصمود، هذا الثبات، وإن شاء الله نحن وإياهم سوف نكمل هذا الطريق سويا”.
المصدر: موقع المنار