تتجه الأنظار في لبنان الى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان إيف لودريان المرتقبة إلى بيروت الإثنين المقبل، والتي يٌفترض أن تتضمّن إشارات ورسائل إلى القوى المحلية من أطراف “اللقاء الخماسي” (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر)، إذ لفت رئيس مجلس النواب نبيه بري الى أن “لودريان من المفترض أن يحمل معه دعوة للحوار”.
هذا ولا تزال قضية انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمقترحات التي ستلي المرحلة المقبلة تتفاعل، إذ لفتت الى حسم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه “لن يغطي التمديد لسلامة”، وأن “الحل لملء الشغور هو في تطبيق القانون الذي يخوّل صلاحياته لنائبه وسيم منصوري”.
لودريان في بيروت الإثنين
تتّجه الأنظار إلى ما سيحمله الموفد الرئاسي الفرنسي معه إلى بيروت، في زيارته الثانية الإثنين المقبل، ولم تبدِ مصادر معنية تفاؤلاً بإمكان حدوث أي اختراق قريب، معبّرة عن شكوك واضحة حيال قدرة لودريان على التوصّل إلى توافق سياسي تحديداً حول فكرة الحوار التي يطرحها. وعليه سيشكل الأسبوع الآتي محطة مفصلية من شأن خلاصاتها رسم اتجاهات المأزق السياسي الذي سيصبح أكثر دراماتيكية مع الشغور في حاكمية مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة نهاية الشهر الجاري. وينطلق طرح لودريان للحوار من “التوازن السلبي” الذي انتهت إليه جلسة انتخاب الرئيس في 14 حزيران الماضي.
الرئيس بري: طاولة الحوار “ركبت” في المجلس
ونقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس عنه أن “لودريان عائد في 17 الجاري ومن المفترض أن يحمل معه دعوة للحوار”، مشيراً إلى أن “الحوار سيكون عاماً وليس ثنائياً، وقد ركّبنا طاولة الحوار في مجلس النواب ونفضّل أن يكون هناك، علماً أن الفرنسيين اقترحوا أن يكون في قصر الصنوبر، والبعض اقترح أن يكون خارج لبنان”. ولفت الرئيس بري إلى أنه “سيشارك في الحوار عبر ممثل عنه (…) وأبلغت لودريان أنني لن أدعو إلى الحوار أو أرعاه لأنني طرف”. وعما إذا كان المبعوث الفرنسي حاز موافقة بقية الأطراف على الحوار، أجاب: “بس يجي منشوف”. فيما أكّدت مصادر رئيس المجلس أنه يعلق آمالاً على الاتفاق السعودي – الإيراني لأن “تداعياته الإيجابية تتظهّر في كل ساحات المنطقة وبدأت آثاره تتوالى، ومن لا يرى المتغيّرات فهو أعشى إن لم أقل أعمى”، معتبراً أن “هذه الآثار لا بد أن تظهر في لبنان مهما تأخّرت”.
لا حل في ملف الرئاسة إلا الحوار
كما تحدّث الرئيس بري أمام مجلس نقابة المحررين عن الملفات الساخنة، محذراً من العبث باتفاق الطائف داعياً إلى استكمال ما لم ينفّذ منه من إصلاحات، خصوصاً لجهة قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس الشيوخ، مضيفاً أن لا حل في ملف الرئاسة إلا الحوار.
وأكد رئيس مجلس النواب، رداً على سؤال حول اتفاق الطائف ورغبة البعض بالانقلاب عليه رفضه المطلق لأي مسّ بهذا الاتفاق قائلاً: “عشنا ومتنا حتى أنجزنا هذا الاتفاق وأقول لمن يريد تغييره فليقعد عاقل أحسن له”. وأضاف إن “دعوات البعض لتغيير النظام يضع لبنان في مهب مخاطر لا تحمد عقباها”. وسأل هل طبقنا الطائف كي ندعو إلى تغييره؟ فلنطبق هذا الاتفاق بكل بنوده وخاصة الإصلاحية منها لا سيما اللامركزية الإدارية وقانون للانتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ.
ملف الحاكمية
مع ان ملف خلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بات محسوما لجهة عدم تعيين حاكم جديد قبل انتخاب رئيس الجمهورية العتيد وعدم التمديد حتما لسلامة وتاليا تنفيذ ما ينص عليه قانون النقد والتسليف في هذه الحالة بتسلم النائب الأول للحاكم المسؤولية بدءًا من الأول من آب، يبدو ان مسلسل المفاجآت المتصلة مباشرة او مداورة بهذا الملف يتضمن حلقات يومية متواصلة.
وعن أزمة حاكمية مصرف لبنان، قال الرئيس بري إن “هناك مبدأ في كل دول العالم بأن الضرورات تبيح المحظورات وهناك نص دستوري يتحدّث عن المعنى الضيق لتصريف الاعمال، فتصريف الأعمال لا يعني بأي شكل من الأشكال الانحدار نحو الفراغ”. وأشار الرئيس بري الى أن رئيس الحكومة قد اختار موقفاً آخر ورغم أنني على موقفي بتطبيق الدستور بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، لكنني سوف أحترم ما أعلنه رئيس الحكومة في هذا المجال لجهة أن لا تعيين ولا تمديد.
خيارات بديلة
إلى ذلك وبعد أن أسقط ميقاتي خياري التمديد للحاكم الحالي وتعيين حاكم جديد، بدأ البحث عن خيارات بديلة وتنحصر بين اثنين وفق معلومات “البناء”: إما تحمل نائب الحاكم الأول وسيم منصوري المسؤولية وتسلم صلاحيات الحاكم وفق ما ينص عليه قانون النقد والتسليف، وإما الاستقالة الجماعية لنواب الحاكم الى الحكومة وترفض الأخيرة قبولها وتكلف نائب الحاكم الأول والآخرين تصريف الأعمال فيبقون تصريف أعمال حتى يتم تعيين حاكم جديد، علماً أن خبراء قانونيين يشيرون لــ”البناء” الى أنه بمجرد رفض الحكومة استقالة النواب فتصبح غير قانونية ولا تتغير صفتهم القانونية والإدارية، وبالتالي تندرج استقالتهم بهذه الحال في الجانب المعنوي وإبراء الذمة عن ما سيحصل في الأشهر المقبلة في مرحلة ما بعد نهاية ولاية الحاكم والتي ستكون مرحلة ساخنة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، وفق ما يتوقع خبراء اقتصاديون لــ”البناء”. لكن الخلاف يكمن في الجهة التي ستطلب من نواب الحاكم تصريف الأعمال بحال استقالوا، ففي حين يشير ميقاتي الى أن وزير المال يوسف خليل هو المخوّل بهذه المهمة بقرار، ترفض عين التينة هذا الأمر وتؤكد بأن الحكومة هي المرجع الصالح للطلب.
ووفق معلومات “البناء” يعقد نواب الحاكم الأربعة اجتماعاً حاسماً اليوم لتحديد خيارهم النهائي بعد 31 الحالي في ضوء المواقف السياسية التي صدرت بعد بيانهم الأخير التلويح بالاستقالة، لا سيما موقف الرئيس ميقاتي والأطراف المسيحية. وأشارت أوساط “البناء” الى أن رئيس الحكومة أجرى سلسلة اتصالات مع المراجع المسيحية لا سيما القوات اللبنانية والبطريرك بشارة الراعي في محاولة لتأمين التغطية المسيحية السياسية والروحية لتعيين حاكم جديد، لكنه قوبل برفض جعجع وعدم حماسة الراعي، ما دفعه الى حسم موقفه الذي وزّعه ميقاتي مساء أول أمس لينشر بشكل واضح في الصحف صباح أمس.
لا تمديد
وكرر امس مكتب الرئيس ميقاتي تأكيده إنه “لن يُمدد لحاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة في منصبه”، عندما تنتهي فترة عمله نهاية الشهر الجاري. وقال مكتب ميقاتي في بيان أُرسل الى “رويترز” إن “للمنصب قانوناً ينصّ على أن النائب الأول للحاكم سيتولى مهام الحاكم حتى تعيين حاكم جديد”. وأضاف “القانون لا ينص على الفراغ والمؤسسات تستكمل أعمالها من خلال نائب الحاكم الأول والنواب الباقين”.وقال البيان “أهم شيء عدم حصول شغور في المصرف المركزي لأنه العصب المالي بالبلد”.
المصدر: موقع المنار + صحف