سبعٌ وأربعون عاماً على “يوم الأرض”. سبعٌ وأربعون، ولا زال الفلسطينيون في نضال مستمر من أجل أرضهم المسلوبة. نضال بكل الأشكال الممكنة، وفي كل الميادين.
ويحيي الفلسطينيون في الثلاثين من مارس/ آذار من كل عام، ذكرى “يوم الأرض”، حيث استشهد وأصيب واعتقل في هذا اليوم، العشرات من الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948م وهم يدافعون عن أراضيهم التي كانت تحاول قوات الاحتلال مصادرتها.
وترجع قصة يوم الأرض إلى عام 1976 عندما أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مصادرة نحو 21 ألف دونم، لتنفيذ مشروع أطلقت عليه “تطوير الجليل” وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع أهالي الداخل الفلسطيني للانتفاضة ضد هذا المشروع.
وفجرت إجراءات الاحتلال غضب الفلسطينيين آنذاك، ما دفعهم للخروج بمظاهرات عارمة رفضاً للمشروع الاستيطاني، فاندلعت مواجهات عنيفة، أسفرت عن ارتقاء ستة شهداء، وسقوط عشرات الجرحى، واعتقال المئات. وعلى الرغم من مرور 47 عامًا على ذكرى يوم الأرض، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال ماضٍ في ذات النهج من مصادرة الأراضي الفلسطينية في مدن الضفة الغربية ومدينة القدس والداخل المحتل.
ومنذ ذلك اليوم، بات “يوم الأرض” محطة مهمة وبارزة في تاريخ النضال الفلسطيني وتحول إلى مناسبة يؤكد فيها الفلسطينيون تمسكهم بالأرض وتصديهم لسياسة الاستيطان الإسرائيلية. وتبلغ مساحة فلسطين التاريخية نحو 27 ألف كيلومتر مربع، حيث يستغل الاحتلال الإسرائيلي نحو 85% من المساحة الإجمالية للأراضي، فيما لا تتجاوز النسبة التي يستغلها أهل فلسطين 15%.
فكيف كانت أجواء إحياء ذكرى “يوم الأرض” هذا العام؟
تضاعف الاستيطان
وتضاعف الاستيطان “الإسرائيلي” أكثر من سبع مرات منذ توقيع السلطة لاتفاق “أوسلو” مع الاحتلال عام 1993 والذي لم يضع حدًا للمستوطنات في أراضينا المحتلة، بل وفّر الحماية اللازمة للمستوطنين من خلال التنسيق الأمني. حيث شهد العام 2022 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستعمرات الإسرائيلية، وصادقت سلطات الاحتلال على نحو 83 مخططا استعماريا لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استعمارية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأوضح الجهاز المركزي للإحصاء في بيان صحفي أصدره بمناسبة الذكرى الـ47 ليوم الأرض، أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية “الإسرائيلية” بلغ 483 موقعاً حتى نهاية العام 2021 في الضفة الغربية، تتوزع بواقع 151 مستعمرة، و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و163 بؤرة استعمارية، و144 موقعا مصنفا أخرى، وتشمل (مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال). وبحسب بيان الإحصاء، فقد نفذت سطات الاحتلال والمستعمرون، بحماية جيش الاحتلال 8,724 اعتداءً بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2022، بواقع 1,515 اعتداء على الممتلكات والأماكن الدينية، و362 على الأراضي والثروات الطبيعية، و6,847 على الأفراد.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال نفذت خلال العام 2022 ما مجموعه 378 عملية هدم، طالت 953 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، وتركزت معظمها في محافظة القدس بواقع 118 عملية هدم بنسبة 31%. وبين الإحصاء أن عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب بلغ نحو مائة ألف شهيد، منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين)، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى 31/12/2022 حوالي 11,540 شهيدا، وخلال عام 2022 فقد بلغ عدد الشهداء في فلسطين 231 شهيداً منهم 56 شهيداً من الأطفال و17 سيدة.
سلب 85% من أرض فلسطين التاريخية
وبلغ عـدد الفلسطينيين المقدر في العالم في نهاية عام 2022 حوالي 14.3 مليون، يقيم 5.4 مليون منهم داخل فلسطين، وحوالي 1.7 مليون فلسطيني في الداخل المحتل، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 6.4 مليون فلسطيني، وحوالي 761 ألفاً في الدول الأجنبية، في حين يبلغ عدد المستوطنين اليهود في فلسطين التاريخية 7.1 مليون فرد، وبذلك تساوى عدد الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية مع نهاية العام 2022 بواقع 7.1 مليون فرد لكل منهم.
ويستغل الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 85% من المساحة الكلية للأراضي في فلسطين التاريخية، مع العلم أن اليهود في عهد الانتداب البريطاني وحتى العام 1947 استغلوا فقط 1,682 كم2 شكلت ما نسبته 6.2% من أرض فلسطين التاريخية.
استغلال المساحة المصنفة (ج)
واستغل الاحتلال “الإسرائيلي” تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع قضايا الأمن والتخطيط والبناء بالكامل لسيطرة الاحتلال “الاسرائيلي”، حيث يستغل الاحتلال بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، إذ تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستعمرات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 537 كم2 في نهاية العام 2022، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمثل المساحات المصادرة لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية بواقع 1,016 كم2، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع الذي عزل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعاً فلسطينياً جراء إقامة الجدار والذي يبلغ طوله حوالي 714 كم، كما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967 بمصادرة حوالي 353 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية وتصنيفها كمحميات طبيعية تمهيداً للاستيلاء عليها.
483 مستعمرة وبؤرة استيطانية وموقعاً عسكرياً
بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2021 في الضفة الغربية 483 موقعاً، تتوزع بواقع 151 مستعمرة و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و163 بؤرة استعمارية، و144 موقعا مصنفا أخرى وتشمل (مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال).
أما فيما يتعلق بعدد المستعمرين في الضفة الغربية فقد بلغ 719,452 مستعمراً، وذلك في نهاية العام 2021، وتشير البيانات أن معظم المستعمرين يسكنون محافظة القدس بواقع 326,523 مستعمراً (يشكلون ما نسبته 45.4% من مجموع المستعمرين)، منهم 239,951 مستعمراً في منطقة J1 (تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي اليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية في عام 1967)، يليها محافظة رام لله والبيرة بواقع 143,311 مستعمراً، و95,279 مستعمراً في محافظة بيت لحم و50,067 مستعمراً في محافظة سلفيت. أما أقل المحافظات من حيث عدد المستعمرين فهي محافظة طوباس والأغوار الشمالية بواقع 2,629 مستعمراً وتشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 23 مستعمراً مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغت أعلاها في محافظة القدس حوالي 69 مستعمراً مقابل كل 100 فلسطيني.
مخططات استعمارية
ضمن سياسة الترحيل والإحلال تقوم سلطات الاحتلال “الاسرائيلي” بإجراءات تهويدية متسارعة في القدس وذلك لطمس المعالم الاسلامية والمسيحية وتشريد الفلسطينيين من مدينة القدس وإحلال “الاسرائيليين” القادمين من شتى بقاع الارض مكانهم، حيث صادقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2022 على نحو 70 مخططا استعماريا لبناء أكثر من 10 ألاف وحدة استعمارية في محافظة القدس ومحيطها، في الوقت الذي قامت فيه سلطات الاحتلال بهدم أكثر من 258 مبنى وأصدرت قرارات هدم لأكثر من 220 مبنى، منها 100 مبنى سكني في حي البستان ضمن سياسة الهدم الجماعي، ما أدى إلى تشريد 1,550 فرداً غالبيتهم من الاطفال والنساء، بالاضافة إلى زيادة وتيرة استهداف الفلسطينيين حيث استشهد 19 مقدسياً وأصيب نحو 2,486 برصاص الاحتلال خلال العام 2022. كما زادت عدد حالات الاعتقال والتي شنها الاحتلال “الإسرائيلي” في محافظة القدس خلال العام 2022 حيث بلغ عدد حالات الاعتقال نحو 3,504 حالات مقارنة بنحو 2,879 حالة في العام 2021 بزيادة بلغت نحو 22%.
أكثر من 8700 اعتداء في 2022
سطات الاحتلال الاسرائيلي والمستعمرون تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي 8,724 اعتداءً بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2022، وتوزعت هذه الاعتداءات بواقع 1,515 اعتداء على الممتلكات والأماكن الدينية و362 اعتداء على الأراضي والثروات الطبيعية و6,847 اعتداء على الأفراد.
من جهة أخرى شهد العام 2022 محاولة مجموعات المستعمرين في 63 مناسبة لإقامة بؤر، أبرزها محاولة حركة نحلاه اليمينية إقامة أكثر من 10 بؤر في 20/7/2022، وكذلك شنت قوات الاحتلال والمستعمرون ما مجموعه 223 عملية مصادرة لنحو 294 ممتلكاً فلسطينياً منها 48 جراراً زراعياً، و53 سيارة للمواطنين، كما تسببت هذه الاعتداءات باقتلاع وتضرر وتجريف 10,291 شجرة زيتون، منها 2,400 شجرة في محافظة نابلس.
378 عملية هدم طالت 953 منشأة
نفذت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2022 ما مجموعه 378 عملية هدم، طالت 953 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، تركزت معظم عمليات الهدم في محافظة القدس بواقع 118 عملية هدم بنسبة 31%، خلّفت 178 منشأة مهدومة في مدينة القدس منها 98 عملية هدم ذاتي، كما أصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي 1,220 إخطاراً بالهدم، منها حوالي 33% في محافظة الخليل و18% في محافظة بيت لحم، و9% في محافظة رام الله والبيرة، بالإضافة الى تدمير العديد من مواقع البنى التحتية التي تخدم الفلسطينيين من طرق وشبكات المياه والصرف الصحي وأماكن ترفيهية …الخ.
نحو مئة ألف شهيد منذ النكبة
بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) نحو مئة ألف شهيد، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى 31/12/2022 حوالي 11,540 شهيداً، ويشار إلى أن العام 2014 كان أكثر الأعوام دموية حيث سقط 2,240 شهيداً منهم 2,181 استشهدوا في قطاع غزة غالبيتهم استشهدوا خلال العدوان على قطاع غزة، أما خلال العام 2022 فقد بلغ عدد الشهداء في فلسطين 231 شهيداً منهم 56 شهيداً من الأطفال و17 سيدة، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 10 آلاف جريح، أما عدد الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي كما هو في نهاية شباط 2022 فبلغ 4,700 أسير (منهم 150 أسيراً من الأطفال، بالإضافة إلى 29 أسيرة)، كما قامت سلطات الاحتلال خلال العام 2022 باعتقال نحو 7,000 فلسطيني في كافة الاراضي الفلسطينية من بينهم نحو 882 طفلاً و 172 سيدة منهنَ 129 سيدة من محافظة القدس، فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الاداري بحق مواطنين لم توجه لهم أي تهمة 850 امراً.
ولم تتوقف سياسة قوات الاحتلال عن هدم المباني المملوكة للفلسطينيين وما نتج عنها من تهجير للسكان من منازلهم في جميع أنحاء الضفة الغربية، إذ وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة (أوتشا) منذ عام 2009، أن قوات الاحتلال دمرت 9,353 منزلا او منشأة منذ عام 2009 منها 1,639 منشأة ممولة من المانحين مما أدى لتهجير 13,641 مواطنا، وتوزعت عمليات الهدم بواقع 19% في القدس الشرقية، و79% في المناطق المصنفة (ج) ونحو 2% من عمليات الهدم في المناطق المصنفة (أ) و (ب)، ووثقت أوتشا أن نحو 953 منشأة تم هدمها خلال العام 2022، منها 140 منشأة ممولة من المانحين مما أدى لتهجير 1,031 مواطناً وتأثر 28,446 مواطناً، مثلت المنشآت الزراعية والمنشآت السكنية المأهولة وغير المأهولة نحو 70% منها.
المصدر: وكالة شهاب+موقع المنار