تواصل إهتمامُ المستوى السياسي بالتصعيد الأمني في الساحة الفلسطينية عقب عمليتي حوّارة وأريحا، وفي ضوء اعتداء نحو 400 مستوطن يهودي على بلدة حوّارة.
وصبّت مجمل الفعاليات والتصريحات السياسية في اتجاهات عدّة: الأوّل التنبيه إلى صعوبة المرحلة الحالية، عبر الحديث عن حرب “ضدّ الإرهاب” لا تظهر نهايتها؛ والثاني تجلّى في السعي إلى تهدئة الأرض، بعد أحداث بلدة حوّارة، ودعوات المسؤولين الصهاينة ، ومن بينهم الأشدّ تطرّفاً (رئيس حزب قوّة يهودية إيتمار بن غفير)، المستوطنين “الغاضبين” إلى عدم “أخذ القانون بأيديهم”، وترك المهمة إلى قوّات الأمن والجيش.
وبما يتّصل بالتوتّر الأمني، سُجّل تطوّر بارز تمثّل بانتقادات وجّهها وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش (الوزير في وزارة الأمن أيضاً)، إلى طريقة تعامل المؤسّسة الأمنية والعسكرية مع موجة العمليات، وانتقد سموتريتش ما أسماه “سياسة التهدئة والاستيعاب” التي تنتهجها المؤسّسة الأمنية
المستوى الامني يحذر من الثمن الباهظ للعمليات الفلسطينية
سَجَّل المستوى الأمني حضوراً قوياً على خطّي الفعاليات والتصريحات المتّصلة بالتصعيد الأمني الأخير في الضفّة الغربيّة، بعد عمليتي حوّارة وأريحا التي قُتل فيهما 3 مستوطنين، واعتداءات المستوطنين على بلدة حوّارة الفلسطينية.
ميدانياً حضر رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، أمس، في منطقة عمل لواء غور الأردن، حيث جرت عملية أريحا، وأجرى من هناك تحقيقاً أوّلياً في الأحداث الأخيرة في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي. ذلك في ظلّ استمرار عملية مطاردة منفّذي العمليات في حوّارة وأريحا.
ونقل موقع معاريف عن هاليفي قوله ان العمليات الفلسطينية الأخيرة “جبت ثمناً إسرائيلياً باهظاً”، وأدان حوادث عنف المستوطنين ضدّ جنود الجيش ورجال الأمن. أما بشأن الاعتداء على بلدة حوّارة، فوعد هليفي بأنّه سيتمّ التحقيق بعمق بما وصفه “أعمال الشغب الخطيرة”.
من جهة ثانية، قال قائد المنطقة الوسطى في الجيش الصهيوني، يهودا فوكس للقناة 12 العبرية ، إنّ الكيان الصهيوني موجود في ذروة “موجة إرهاب منذ فترة طويلة في الضفّة الغربيّة والقدس”، وبشأن أحداث حوّارة أعرب “فوكس” عن اعتقاده بأنّ عمليات العقاب الجماعي التي نفّذها مستوطنون يهود لا تُساعد في “محاربة الإرهاب” بل على العكس، قد تثير ردود فعل فلسطينية، وتعرقل جهود اعتقال المنفِّذين.
خروج قطار التصعيد الامني عن مساره
التوتّرات الأمنية الأخيرة في الساحة الفلسطينية، وانعكاساتها على الجيش الصهيوني والمستوطنين، كانت الحاضر الأبرز في الإعلام الصهيوني خلال الساعات القليلة الماضية. وعكست القراءة الإعلامية أيضاً حالةً من اليأس التي انطوت عليها المقاربة السياسية، بفعل الإقرار المتزايد بالعجز عن قطع سلسلة العمليات الفلسطينية القتّالة التي تُغذي بعضها بعضاً عبر “الإلهام والمحاكاة”.
وفي ظلّ الحديث الإعلامي عن دخول الكيان الصهيوني في دوّامة من عمليات الإحباط التي ينفّذها الجيش الصهيوني في الضفّة وردود الفعل الفلسطينية، والحديث عن خروج قطار التصعيد الأمني عن مساره، برز إجماعٌ لدى المُحلّلين والمُعلّقين حول صعوبة المرحلة الحالية لناحية “الثمن البشري الباهظ” الذي جبته عمليات فلسطينية عدّة (14 قتيلاً منذ بداية العام)، كما حول صعوبة التنبّؤ بمسارات هذا التصعيد ومآلاته.
ورأى خبراء ومُعلّقون أنّه ، ثمة عوامل داخلية تسهم في تحفيز موجة العمليات، منها ما يرتبط بعمليات “الثأر” التي ينفّذها المستوطنون اليهود ضدّ الفلسطينيين ولاسيّما “الردود الانفعالية” التي تأخذ طابع العقاب الجماعي، كما حدث في حوّارة.
يُذكر أنّ الإعلام الصهيوني، لاسيّما القنوات المصنّفة غير يمينية، خصّص حيّزاً واسعاً لحادثة الاعتداء على حوّارة، لجهة عدم قيام الجيش بمنع المستوطنين من الوصول إلى البلدة وإحراقها، وتساءل مُعلّقون عن سبب تراخي الجيش مع المستوطنين الذين قيل إنّهم 400 مستوطن، لم يُعتقل منهم أحد وأُبقي قيد الاعتقال حتى الآن.
وعدا عن الضرر الدولي في أحداث مثل حوّارة (الولايات المتحدة تطلب توضيحات وتعويضات للفلسطينيين)، أكّد خبراء عسكريون أنّ هذه الأعمال تُلحق ضرراً بقدرة الجيش على ملاحقة من يجب فعلاً ملاحقتهم.
وأشار مُعلّقون إلى أنّه سيكون من الصعب كبح قطار التصعيد، إذ إنّ “أعمال شغب المستوطنين في حوّارة، وخروج قطار التصعيد عن مساره لم يعودا مجرّد حدثٍ إضافي في سلسلة الأحداث والتصعيد الأمني، المستمر منذ ما يقرب من عام”.
ولفت آخرون إلى أنّ الأحداث الأخيرة تنطوي على بُعدٍ إضافيٍ يتمثَّل في ارتفاع سخونة قطاع أريحا، بصورة غير مسبوقة، وربّما منذ بدء الألفية الثانية”، وشدّد إعلاميون على أنّ “الأزمة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة، ربّما هي الأخطر منذ الانتفاضة الثانية”.
المصدر: اعلم العدو